الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منهجية الثيوقراطية العراقية الحاكمة

عبد علي عوض

2010 / 12 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


إنَّ تجارب الأنظمة الفاشية والنازية ، أصبحت مدارس غنية لكل حزب أو تيار أو حركة سياسية أوتكتّل سياسي ، تطمح في الإستيلاء على السلطة وبسط نفوذها على أجهزة الدولة وإدارتها لها من خلال مفاهيم معتقداتها الضيقة ، حتى لو كانت تلك المفاهيم تؤدي بالمجتمع الى الدمار والهلاك .
عندما إعتلت تلك التظيمات السياسية القمعية ناصية الحكم ، كانت أولى إجراءاتها هي السيطرة على الأقلام الحرة الوطنية المنادية بالحرية والعدالة الإجتماعية ، ومَن يعارض منها ، يكون مصيرة أما الإعتقال أو التصفية الجسدية ( غيلةً ) ، والخطوات بالتتابع هي الهجوم بحملات إعلامية تسقيطية ملفقة مِن قِبل إعلام السلطة ، مِن أجل إسقاطها جماهيرياً ، تعقبها مباشرةً حملة إعتقالات للقوى اليسارية خاصةً والديمقراطية عامةً . هذا ما سلكته العسكرتارية الفرانكوية في اسپانيا عندما قمعت كل مَن نادى بالحرية ورفع شعاراتها ، ونفذت حكم الإعدام بالشاعر الشيوعي الشاب ( لوركا ) ، الذي كان سلاحه الوحيد هي قصائده الشعرية ، وذات الحال مع الفاشية الإيطالية الموسولينية ، عندما طاردت الحزب الشيوعي الإيطالي والوطنيين الأحرار ، وعانوا ما عانوا من الملاحقات والإعتقالات ، ونفس الصورة تتكرر في المانيا النازية ، عندما صنع هتلر آلة إعلامية عملاقة بقيادة
( غوبلز ) ، ثمَّ تلاها بمطاردة الوطنيين الألمان وإعتقال سكرتير الحزب الشيوعي الألماني ( تيلمان ) ، ونعلم جميعاً ماذا حلَّ بألمانيا وأورپا جرّاء سياسات تلك الأنظمة الإستبدادية الشمولية الدموية الهيجيمونية ( نزعة الزعامة والسيطرة ) .
لقد كان ينظر طاغية البعث الفاشي الى تلك التجارب المريرة بمثابة دستور ، يلتزم به ويطبِّق مفرداته في إدارة حكمه ، مضيفاً اليها إبتكاراته في أساليب القمع والتعذيب ، بحيث أصبح الشعب العراقي منقسم الى أربع شرائح :- شريحة هامت في المنافي ، وثانية قابعة في السجون ، وثالثة مدفونة تحت الأرض في المقابر الجماعية ، ورابعة تتحرك فوق الأرض كالأشباح فاقدة الشعور، إدراكها لايتعدى التفكير في الحصول على رغيف الخبز .
إنَّ المجسّات الأولى لسلوك ونهج الأحزاب الدينية الحاكمة ، تؤكد أن تلك الأحزاب عازمة على السير في ذات الطريق لإحكام قبضتها على السلطة بغلاف ديمقراطي مزيّف ، واليكم بعض المؤشرات التي تثبت ذلك :
1- قرارات مجالس محافظات بغداد وبابل والبصرة والهجمة الممنهجة ضد إتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين ، المصحوبة بشَن حملة إعلامية مسعورة وموتورة ، الغرض من تلك الحملة هو المساس بسمعة تلك المؤسسة العريقة ، التي تمثل وجدان وضمير وعطاء الثقافة العراقية والشعب الحي المعطاء ، أبطال تلك الحملة عناصر رضعت حليب مدرسة الإعلام البعث الفاشي الصدامي ، وبالأمس كانت مجرد كلاب تنبح دفاعاً عن الصنم . كل هذه الأمور حدثت بعلم ودراية رئيس الوزراء ، والذين قاموا بها هم من أعضاء حزبه ، فماذا يعني سكوته ! .
2- القى رئيس الوزراء السيد المالكي كلمة بمناسبة عاشوراء ، ضمّنها الحديث عن الديمقراطية وبنائها ، لكن جاءت كلمات لاحقة مغايرة لكل مفاهيم الديمقراطية ، إذ ذكَرَ وبالنص ( تباع كتب الإلحاد والخلاعة بحرية .... نحن نريد أن نبني مجتمعاً إسلامياً !!!! ) سؤالي هو هل أنّ هذا التصريح يعبِّر عن موقف تكتيكي أم توفيقي ؟ الأيام القادمة ستكشف ذلك .
3- إصرار الصدريين على تولّي منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الأمنية ! . كل الدلائل تؤكد على أنهم عازمون على شَن حملتهم ، رد على صولة الفرسان ، والويل لكل مَن يحتج ويعترض ، يعني سيل الدماء سيعود لامحال ، بسبب تنازلات خفية ، لم يُعلَن عنها ، قدمها السيد المالكي لهم مقابل دعمهم له وبقائه في رئاسة الوزراء – هذا ما أجمعت عليه مصادرعديدة . فالمرحلة القادمة هي مرحلة الصدريين ! .
4- طالبت إحدى عضوات مجلس النواب الجديد ، من اللواتي جيءَ بهُنَّ ( بالگوترَه ) ، بوجوب تخلّي طلبة الجامعات العراقية عن الزي الموحد ، وإرتدائهم الملابس السوداء بمناسبة عاشوراء ! .. لا أدري هل أنّ الزي الموحد هو بدعة أم تبطُّر... وعلى مقياس هذه المتخلفة ، يجب أن تتخلّى القوات المسلحة العراقية عن اللون الخاكي وتلبس الأسود ، حتى تصبح شبيهة بالحرس الثوري الإيراني !! ... ما هذا التطرف الأعمى ، مبروك علينا بهكذا عقليات متخلفة في البرلمان الجديد .
5- نشرَ أحد الأصدقاء مقالاً رفيعاً وناضجاً ، مبيناً فيه رأيه حول فلسفة مفهوم حرية الفرد ، مِن دون ذِكرالأسماء أو الإساءة الى جهة محددة ، لكن بعد فترة فوجيءَ بتهديد صريح ، وصله من بعض أعضاء مجلس محافظة بغداد ، ينذره – إنْ كرَّر نشر مثل هكذا مقال ، فسيندرج إسمه في قائمة إجتثاث البعث !!!!! ... هكذا تفهم إحزاب الدين السياسي الديمقراطية .
إنَّ نبتة الديمقراطية لن تنمو ، ما لم تتحر وزارات التربية والتعليم العالي والثقافة والسياحة والآثار من هيمنة الأحزاب الدينية و العرقية ، لأنَّ تلك الوزارات هي المعنية ببناء الإنسان وتطوير ذهنيته في طريق الإبداع الحضاري .
لقد إتّفقت جميع الأطراف على تشكيل الحكومة القادمة ، لكن هذا لايعني أن الحكومة القادمة ستكون قوية في أدائها وتحرص على تطبيق القانون على الجميع ، إذ ستشوبها التجاذبات وتمرير الصفقات ، سيما ونحن نعلم أنّ مجلس الوزراء شَكَّل لجنة من أجل إعفاء مزوري الشهادات الدراسية ( يا للعدل والنزاهة ) ، وهؤلاء المزورون باقون في السلطتين التشريعية والتنفيذية . المستقبل القريب سيكشف كل ما هو مستور .

















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10. June 2024


.. الانـتـخـابـات الأوروبـيـة: مـن سـيـحـكـم فـرنـسـا؟ • فرانس




.. -صفعة- عمرو دياب تتصدر المشهد وليدي غاغا تنفي شائعة حملها..


.. هل تكون مقامرة ماكرون.. جائزة لبوتين؟| #التاسعة




.. صفعة عمرو دياب.. بين القضاء وتوقعات -ليلي عبد اللطيف-!| #منص