الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأعور والعميان

ناصرقوطي

2010 / 12 / 19
الادب والفن


ان الطريق الواحد الأحد الذي سيقودنا _ وبسرعة الضوء _ الى النجاة والالتحام بمؤسسات الثقافة العربية ، هو أن نبارك قاتلينا ولاعنينا ، أن نقبّل أكف الحكومات الدكتاتورية ، ونغض الطرف عن الغربان وضباع التاريخ ونهلل لكل كذبة تقال . أن نغدو مثل النمور في يومها العاشر في قصة الكاتب السوري زكريا تامر ونأخذ باجترار الحشائش والخطب الوطنية الرنانة ، تلك النمور التي اعتادت ، أو عودها الجلاد على المواء كالقطط .!. طبيعة المثقف الحقيقي _ لا الذنب _ طبيعة متمردة على كل مايمت بصلة الى القبح والتشويه ، وكل ما يحط من قيمة وقدر الانسان ، وعلى حد تعبير الفيلسوف الألماني فردريك نيتشة ( كل من ينهق بالرضا حمار بين الحمير ) . فليعطني أحد العربان المتباكين على الطاغية الساقط من روزنامة تاريخ العروبة الممتلئة بأمثاله ، ليعطني مثلا واحدا ، وعن حكومة واحدة تنظر إلى شعوبها برفعة وشفافية ، وتعامل أفراده معاملة ترتفع عن التعامل مع الغنم ، مواطن له رأيه وله امتيازاته التي نصت عليها منظمة حقوق الإنسان ، اعتقادا وأعرافا وعرقا ، ولنسأل أنفسنا ..ترى أي بلد عربي لم يهجر _ بكسر الجيم _ ويقصي مفكريه ومبدعيه الحقيقيين ، ويقوم بتصفيتهم بكواتم الصوت مرة ، والسجون مرات ، والإقصاء وتكميم الأفواه والنفي ملايين المرات ، والاسماء والوجوه كثيرة لاتحصى وقد تحتاج الىمجلدات لذكر الشهداء الشرفاء ممن لم يساوموا على كلمة حق ، أوليس الحجاج بن يوسف الثقفي ، هذه الشخصية الدموية التي يعتز بها الكثير من أبناء عمومتنا صورة صارخة حين يقول ( من تكلم قتلناه ومن سكت مات بدائه غما ) . عراق اليوم ليس عراق الأمس ، وان كان ثمة طغاة جدد فأول ما ستطاردهم وستفضحهم أقلامنا ، ولكن هل كان المثقف والأديب العراقي قبل السقوط ، صادقا مع نفسه وهو يرمم ماتخربه الأيادي الآثمة ، ويترجم بصدق ومسؤولية معاناة الناس والكوارث والحروب العديدة ، أم كان يزيف ويكذب ويجمل صور الخراب التي يراها . في وسط الثمانينيات وأيام الحرب مع ايران قرأت عدة مقالات في صحيفة الدولة لفنان عراقي معروف ، صدمت حينها من هول ماقرأت ، وكيف كان يصف صور المعركة ويصور الجثث المتفسخة والأشلاء المتناثرة ، من أنها أجمل الصور ، أيامها شعرت بالغثيان بل القيء ، ولم يعد ذلك الفنان الذي يرسم أجمل الصور بفرشاته والذي كنت معجبا به الا صورة للانتهازية ، فأي ازدواجية لمثقف هذه وأي تزييف للحقيقة هذا ، وأي مسؤولية يتمترس خلفها مثل هذا الفنان الذي يجب ان يكون مرآة لعصره ، وما أقرب حالة بلادنا الى حالة ذلك المبصر في رواية ( بلاد العميان ) للانكليزي هربرت ويلز ، حين كان يتخيل نفسه سيغدو ملكا عليهم لانه الوحيد الذي يرى بينهم ، غير انه يفاجأ بأنهم أكثر فطنة منه وهم المبصرون ليقودوه في النهاية الى التضحية ببصره ليغدو مثلهم . العراق الآن أول من تنفس الديمقراطية ، ولكل تجربة مخاضاتها وأخطائها ، فما ان تغير الحال بعد سقوط الدكتاتور ، حتى فوجئنا بموقف اتحاد أدباء العرب من عدم أهلية اتحاد أدباء العراق ، بحجة أوهى من خيط العنكبوت تلك الحجة التي تتعلق بالتحالف وقوات الاحتلال . ثمة سؤال يطرح نفسه ، ، هذه الجيوش المتعددة الجنسيات .. من باركها وخضب أكفها بحناء الدخول إلى العراق ..!!.. هذه الجيوش التي وطأت تربة الوطن ، لتلغي أكبر خطأ في تاريخ العروبة وهو ايقاف أكبر طاغية في المسرح العربي ، إيقاف استخفافه بالناس والقوانين الوضعية والسماوية ، هذه الجيوش كأنما لم تباركها الدول العربية ولم تسمح لسمائها بمرور طائرات العدو ، وتسخر أراضيها لسرفات مجنزراته ، قطعا نحن لسنا مع الاحتلال ولن نكون ، بعد ان كنا محتلين من أزلام الطاغية وأذنابه ، إلا اننا _ وخاصة من عاش في الداخل _ قد وصلنا إلى حافات الانهيار واليأس الشامل إزاء صمت الحكومات العربية وفي أشد المراحل قسوة ووحشية لم يحرك أحدهم ساكنا ، فأي مسوّغ هذا يجعل مثقفا وأديبا ، يرفع اصبعه ضدنا ، نقول .. لقد تركت آثار أقدام حفاة العُرب على وجه العراق ندوبا أكثر مما تركته سرفات الدبابات وللفوضى طريق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المايك باظ من قوة صوت أم كلثوم !


.. ليه أم كلثوم كانت بتلبس نضارة سوداء دايمًا؟.. معلومات هتبهرك




.. سر مناديل أم كلثوم .. وحكاية دستة المناديل


.. عمرو دياب يحتل التريند بعد طرح ألبومه الجديد -ابتدينا-




.. الفنانة زينة تطلب 100 ألف جنيه تعويضا بعد هجوم كلب شرس على أ