الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صهيل العباءات العراقية

جابر جنزيل

2004 / 9 / 24
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


في جلسة المجلس الوطني العراقي المؤقت ليوم أمس، نوقشت موضوعة ( اجتثاث البعث)، لقد تتبعت الجلسة بكل تفاصيلها، الأمر المفرح الذي جلب انتباهي هو تلك المشاركة الواسعة والمضمخة بالغضب العراقي الأصيل للنساء لابسات العبي. اللواتي اعتمدن على الارتجال في الإلقاء على عكس أصحاب الأوراق المكتوبة والنظارات الموضوعة على الأنوف. أعتقد أن كل من شاهد وسمع الجلسة سيخرج بذات النتيجة التي خرجت بها أنا، حقاً، أن النساء أقدر على التعبير عن المأساة والظلم وتلمس المعانات من الرجال،. قد تكون هي الخصلة التي زرعها الله فيهن منذ الأزل، استشعار الخطر المدفون. ألم يكن على مدى سنين البغي والظلم هن الضحية القريبة من الجلاد.. ألم نترك مجبرين، الأم والزوجة والأخت و الأبنة.. رهائن عانت من رعب البعث، وقساوة البعد والفراق وحنين الشوق وكم من الأشواق والرغبات والأحلام، قد دفنت في نفوسهن وكم كظمن من الآه كي لاتيبس الروح ويجف ماء الحياة فيها.
إحساس بالزهو تملكني، وأنا أشاهد العباءات العراقية تصهل في المجلس، تحتج وتندد وتحذر كل من أراد أن يخفف من بشاعة البعث، والمساواة بين الجلاد وضحيته. لقد حاول البعض وبكل وقاحة من أجل تنزيه البعث ورجاله من كل المداهمات، التي كانت تروع العوائل العراقية، وإلصاقها بأجهزة الأمن والمخابرات فقط، وكأن من كان يتسلق جدران المنازل بالسلالم ، ويطأ سطوح البيوت هم أشباح المخابرات فقط وليسوا من جرذان الفرق الحزبية، والبعض الآخر راح يستدر عطف المجلس، للعوائل البعثية التي لم تصرف لها رواتب منذ أشهر، ومنهم من طالب بكل وضوح للكف عن إيذاءهم، لكن أحداً من هؤلاء لم يتجرأ على الإجابة على صرخة إحدى العضوات الملوحة بالغضب ( دِلوني على بعثي واحد حُوكم حتى الآن).
ما أغاضني ذلك التدليس، وخلط الأوراق الذي مارسه نفر من أعضاء المجلس، وتلك الرخاوة التي قيلت من ممثلي بعض الأحزاب التي كانت هي قبل غيرها من اكتوى بنار البعث. أنا أعتبر أن الأمر ليس أمر تسامح بل هو صلافة اقترفها ممن ادعوا أنهم يمثلون الشعب العراقي.
وأخيراً وليس آخراً، أليس من المفارقة أن نشغل أنفسنا بترتيب أماكن محترمة وحياة لائقة لمن أجرم بحق العراقيين، ونترك في ذات الوقت ضحاياهم للعوز والفقر. ألم توصد الأبواب بوجه المفصولين السياسيين بيد من كانوا حتى الأمس القريب هم السجانين.. ثم من يُقنع العراقي بأن العراق أصبح جديداً، وهو يرى بعثيي الأمس يمتطون العهد الجديد، وكأن شيئاً لم يكن. ألم يمسك السيد عبد الكريم المحمداوي عضو المجلس يد الحقيقة ،حين قال؛ ذهبتُ إلى وزارة الداخلية ، ورأيت الكل ما عدا وزير الداخلية وطبان الحسن ..!!
ثم ما هي هذه النغمة التي يراد بها تهديد المجلس وعبره تخويف الشعب العراقي، من مخاطر التعرض للبعثيين وتقديمهم للمحاكمة كي لا ينخرطوا في عصابات الإرهاب!! أنسينا أن البعثيين جبلوا على القمع وإيذاء الآخر وأن الحبال التي يمسكونها بأيديهم لم تكن يوماً لمساعدة الناس بل لصناعة الموت.
حدس الناس اليوم يتصاعد، بالخوف من عودة البعث، بلباس، ومسميات عدةت. أن من يتكأ على كتف الأمريكي كي يتحصن به، لابد أن يعي أن الأمريكي يضع قدمه حين تكون مصالحة مضمونة، دون الالتفات إلى ملامح صاحبه إن كان بشعاً أو حسنا.
ما رأيته أمس أن صهيل تلك العباءات العراقية كان مغسولاً بسواد الليل الطويل الذي خيم على بلادنا ومجبولاً بحزن أزلي، سمعت فيه أصوات ضحايا المقابر الجماعية تلعن قاتلها الطليق، وتحكي لوعة النسيان، وأصوات أنين من تيتم وشوه وعانى.. أصوات أرادت أن تذكي ذاكرة من أراد النسيان أو أنساه المنصب.. أن تفتح عيون من أعمته الرؤية عما يدور في العتمة.. صهيلها أ يقظ مآسي الأمس المكلومة.. صهيل كان نذيراً لنا من قرب إنتاج ظاهرة البعث مرة أخرى..
24/9/2004








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اشتباكات بين الشرطة في لوس أنجلوس وطلاب محتجين ضد حرب غزة في


.. الشرطة الأمريكية تفض اعتصاما تضامنيا مع غزة بجامعة أريزونا




.. ناشطون يعدّون -المقلوبة- أمام السفارة الإسرائيلية في واشنطن


.. مراسل الجزيرة: 6 شهداء في قصف إسرائيلي استهدف مدينة الزهراء




.. مظاهرة لطلبة جامعة ولاية كينيساو الأمريكية تضامنا مع غزة