الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما يصبح الموت هو الغاية المقدسة

أحمد عدلي أحمد

2004 / 9 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


هناك رابط واحد خفي يجمع بين عمليات قتل الرهائن في العراق ، وخطف الأطفال في أوسيتيا الروسية ، وجرائم الشرف والثأر في المجتمعات العربية .....هذا الرابط هو اندحار قيمة الحياة الإنسانية لتصبح قيمة ثانوية وراء قيم أخرى أصبحت تحتل المقدمة في العقل الجمعي العربي والمسلم ، فالحفاظ على الشرف بمعناه الجنسي الذكوري ، وإغاظة الاحتلال ، وأقول إغاظته لا مقاومته إيمانا مني بأن ما يحدث لا يمكن أن يدفع باتجاه التحرير أصبحا ضمن أمور أخرى أيضا أهم من قيمة الحياة ، بحيث لا يتم التفكير في البشر إلا باعتبارهم أدوات لتحقيق غايات مثل النضال والمقاومة والحفاظ على النسب العربي الجليل ، بحيث فقدت هذه المثل الثلاثة طبيعتها باعتبارها وسائل واستحالت غايات تدمر حياة الإنسان بلا رحمة ، فالأصل أن الحرص على النسب وجد حتى يجد الأبناء أسرة تحتضنهم وتربيهم وأبا يلتزم بنفقتهم ليصبحوا أفرادا صالحين ضمن الجماعة، وبالمثل فإن النضال قد شرع باعتباره وسيلة للحفاظ على مقومات حياة الجماعة ، وأسس وجودها ، ولكن الحديث الأيدلوجي المتواصل سواء في التقليد الاجتماعي في حالة الشرف أو في التقليد الديني والسياسي في حالة النضال والجهاد قد جعل من هذه الوسائل قيما تطلب لذاتها بوصفها غايات سياسية و اجتماعية ، وبالتالي تحولت من وسائل دفاعية تحمي الحياة نفسها إلى وسائل عدمية انتحارية ، وتحول الموت إلى قيمة مقدسة فالمرء/المرأة يظل في المجتمع العربي مغمورا مهما عمل لصالح الحياة {كأن يصبح طبيبا ماهرا أو مخترعا عبقريا} فلا يجد الاهتمام الرسمي والجماهيري بإنجازه الهام لتحسين الحياة ولكنه ما أن يركب سفينة الموت ، ويجبر آخرين على ركوبها فيما يسمى بالعمليات الإستشهادية حتى يصبح بطلا ، وينصب شهيدا وهو اللقب الأكثر قداسة في العقلية الجمعية العربية والمسلمة .إن عالما فلسطينيا بارزا مثل الراحل إدوارد سعيد الذي شغل الوسط الأكاديمي الأمريكي بآرائه أو مؤرخا حمل رسالة البحث في التاريخ الخفي للمجتمعات العربية القديمة والقروسطية على مدى ما يقرب من قرن مثل نيقولا زيادة ليسا سوى كويكبين يدوران في فلك رجل مثل أحمد ياسين الذي عاش يدفع الفلسطينيين والفلسطينيات نحو موكب الموت الجماعي بدون نتيجة ملموسة واحدة على أرض الواقع السياسي . لقد كافح الاثنين من أجل الحياة سائل الأول اللغة والأدب محاولا البحث عن خطاب عالمي إنساني ، وسبح الثاني داخل أسرار الماضي محاولا البحث عن المجتمع العربي الحقيقي وسط كتب لا تتحدث إلا عن الخلفاء والقادة والأعيان ،نبش داخل السطور باحثا عن الإنسان العربي العادي عبر التاريخ ، بينما تفرغ الشيخ ياسين لإنتاج خطاب عدمي ، والسباحة في مستنقع نضال لا يفضي إلى شيء سوى الموت المقدس الذي يحمل صاحبه إلى حيث يسبح على أجنحة الملائكة بين الحور العين ، وبالتالي فقد أصبح الموت هو الطاقة المؤثرة الوحيدة للإنسان العربي ، فالأيدولوجيا السائدة تعتبر القتال هو المجد الأكبر ,و القتل هو الغاية المنتظرة ، لذلك لا تسل عن إسهام عربي وإسلامي في الاقتصاد والعلم والأدب العالمي ، فقد تفرغت القوى العربية المؤثرة لشيء واحد: للموت ، والدعوة إليه ، والتمجيد له ، لا يهم ما هي الغاية التي يؤدي إليها سياسيا طالما أنه يؤدي إلى الجنة ، وبالتالي ليس مهما أن نسعى لحياة أفضل على هذه الأرض ، فالأسهل أن نذهب إليها في الدار الآخرة ...الشرط الوحيد حتى نضمن الوصول بسلام أن نقتل معنا عددا من غير المسلمين ، أو نحاول أن نفعل ذلك على الأقل ،لا يهم إن كانوا رجالا أم نساء ، كبارا أم صغارا، جنودا أم موظفين عائدين إلى منازلهم ، فهم أعداء الله ، والغريب أنه رغم قدرته الخارقة التي لا تقف أمامها قدرة لم يستطع إفناءهم ، وبالتالي فقد دعانا نحن المسلمين لمساعدته في ذلك








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح


.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير




.. النشيد الوطني الفلسطيني مع إقامة أول صف تعليمي منذ بدء الحرب


.. بوتين يؤدي اليمين الدستورية ويؤكد أن الحوار مع الغرب ممكن في




.. لماذا| ما الأهداف العسكرية والسياسية التي يريد نتنياهو تحقيق