الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البنطلون الذي وصل للخيمة

شوقية عروق منصور

2010 / 12 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


حين كانت تصرخ وتحاول الاختباء ، كانوا يضحكون ويقهقون عليها ، يعتبرون ضربها رجولة وحماية للأخلاق الحميدة التي تريد ان تتسرب من أرجل البنطلون ، لم تجد المرأة أي رجل يوقف الجلد الدامي ، ولم تجد من يعترض ويحاول الاستنكار ، لكن من نعم الهواتف الخليوية انها تحولت الى كاميرات تسجل المواقف الهاربة من اللحظات المخبئة ، او اللحظات التي تكون في قمة تفاصيلها مذهلة ، لكن اصحابها يحاولون كسر ذهولها على عتبة الخوف من انتشارها .
لم نعرف اسم الشابة السودانية التي كانت تجلد بحرارة الكرباج الذي يريد ان يصيغ " النقاء والفضيلة " في مجتمع يعاني من الفوضى والفقر والنزاع والانقسام ، لكن رأينا وجه الشرطي الذي كان يجلدها ، وهو يتمتع بالجلد وأصوات الصراخ والتوسل ، وقد انضم إليه شرطي آخر حتى تكتمل مهمة تلقين دروس الأخلاق للفتيات اللواتي يخرجن عن عادات وتقاليد المجتمع السوداني .
من حق كل مجتمع ان تكون له خصوصياته ، لكن عندما يتحول البنطلون الى جريمة العصر ، تصبح حياة المرأة شاشة يجب ان يحدق فيها الآخرون حتى يروا خطوط العذاب الذي قد ينالونه إذا تمردوا على الخصوصية .
تلك المرأة (أذنبت) حين ارتدت البنطلون ، نالت عقوبة الجلد المبرح ، ولم يرحمها الناس الذين كانوا يتمتعون بمشاهد الجلد بفرح وانبساط، لان جلد المرأة من جلد الشيطان الذي يعبث في المجتمع .
سابقاً ظهرت قصة الصحفية (لبنى احمد الحسين) ، التي أدانتها محكمة سودانية بتهمة (ارتداء زي فاضح ) بنطلون تحت العباءة ، لكنها أثارت قرار الإدانه على الملأ عبر الفضائيات وقررت ان تذهب الى ساحة المحكمة وتتلقى الجلد ، وقد قامت بدعوة الجمعيات النسائية وجمعيات حقوق الانسان ، وعلى خجل تنازلت المحكمة عن الجلد خوفاً من تداعي هذا الحكم على الرأي العام العالمي .
فجأة رجعت قصة البنطلون الى ساحات مسح العار في السودان، ورجعت المرأة التي تجرأت وارتدته الى إطار الصورة المخزية، التي تجعل من قطعة قماش هماً وطنياً ، في الوقت الذي يتعرض الوطن الى جوع وتقسيم وهجرة وهروب الى إسرائيل .
بينما كان يعرض شريط الجلد على الفضائيات ويوزع على (اليوتيوب ) وبين رافض لعملية الجلد ومؤيد لها ، القت السلطات المصرية في صحراء سيناءعلى مجموعة من السودانيين في طريقهم الى اسرائيل للبحث عن عمل - هروب الى اسرائيل لا يهم ، ولا احد يجلد السلطات السودانية على صمتها المزري على هذا الهرب ..!
وقد رأينا ، ولا نزال نرى الكثير من العمال السودانيين في شوارع تل ابيب وحيفا وغيرها من المدن الإسرائيلية ، وأيضاً ينتشرون في القرى والمدن العربية ، انهم ينتظرون على الأرصفة اصحاب الأعمال والمقاولين، حتى اصبحوا يحاشرون العمال الفلسطينين الذين يهربون من الحواجز عبر طرق خطرة للعمل وتوفير لقمة العيش . .
ان البنطلون يثير حفيظة النظام السوداني ويد النظام ، الشرطة تريد قطع دابر البنطلون الاستعماري الذي يغتال كرامة الوطن !!! .فإاذا كان البنطلون يشعل الحذر ويخيف الذين يحرصون على نقاء الأمة، فان الخيمة تشعل في الرأس السؤال ، هل يوجد زعيم عربي يتنازل عن قصره من اجل فقراء ومشردي شعبه ؟
(هوجو شافيز) رئيس فنزويلا ، تنازل عن قصره الرئاسي من اجل الذين دمرت بيوتهم في الفيضانات التي اجتاحت البلاد مؤخراً، موقف وطني من زعيم يحترم الآم شعبه ، شعر ان واجبه حمايتهم من البرد والمطر ، فقدم بكل طيبة الإنسان الرفيع قصره ،هذه قصة من قصص التاريخ الملىء بالقادة الذين نصفهم قيادة ونصفهم الآخر انسانية .
(شافيز) سكن في الخيمة التي اهداها له الرئيس الليبي معمر القذافي – الشهير بحبه للخيام ، وقد اثبتت وثائق ويكيليكس ان القذافي يعاني من الخوف من الأماكن العالية ، لذلك نستطيع تفسير حبه لنصب الخيام – .
في احدى اللقاءات مع الشاعر احمد فؤاد نجم سألوه عن بيت حسني مبارك ضحك وقال ( هو حد يعرف حسني مبارك بينام فين ؟؟؟) واذا قسنا هذه الرد على باقي الرؤساء العرب نؤكد انه لايوجد مواطن يعرف اين رئيسه ينام ! وهناك رؤساء يغيبون عن الوطن والمواطن لايعرف بغيابهم !
شافيز يوسع قصره لاحتواء شعبه ، ونحن نضيق الوطن حتى يتحول الى فتحة في بنطلون قد تكون فقط للتبول .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقارنة
مارا الصفار ( 2010 / 12 / 21 - 11:11 )
اختي شوقية
هل تريدين مقارنة المجاعات المتأصلة والحرب في دارفور واغتصاب النساء هناك ومشكلة جنوب السودان وانعدام فرص العمل وهجرة الكفاءات من العقول السودانية وووو غيرها من المشاكل في السودان
مع ارتداء البنطلون ؟؟؟

البنطلون بدعة من الغرب الكافر لا نريد لبناتنا ان تقتدي به
فهو يقسم الساقين بشكل واضح وسافر
وربما يؤدي تدريجيا الى الانسياق وراء الرغبة الجنسية
فيجب ان تجلد عليه المرأة - لان الرغبة الجنسية من حق الرجل فقط

اما المشاكل اعلاه
فهي ابتلاء من رب العالمين ليرى قدرتنا على التحمل
وقوة ايماننا
وليس لنا استطاعة على تغييرها - فهذا قدرنا الازلي الابدي

اخر الافلام

.. هل يمهد ماكرون الطريق أم يقطعه أمام لوبان إلى الإليزيه؟ | ال


.. مجموعة السبع تسعى للتوصل لاتفاق حول استخدام أصول روسية مجمدة




.. إنتر ميامي الأمريكي آخر ناد في مسيرة ميسي الاحترافية؟


.. حماس تؤكد أن التعديلات التي طلبتها على خطة وقف إطلاق النار ف




.. ردود الفعل متواصلة على طرد سيوتي من رئاسة حزب الجمهوريين في