الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموقف القانوني الدولي والداخلي من اتفاقيتي مناهضة التعذيب والاحتجاز القسري وآليات المعالجة

رزاق حمد العوادي

2010 / 12 / 21
حقوق الانسان


عرفت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية الصادرة في عام ( 1984 ) وفقاً للمادة ( 1 ) .
يقصد بالتعذيب أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد جسدياً كان أم عقلياً يلحق عمداً بشخص بقصد الحصول من هذا الشخص أو من شخص ثالث على معلومات أو اعتراف أو معاقبته على عمل أرتكبه . . . أما الاتفاقية الدولية للحماية من الاختفاء القسري المتخذة بقرار الجمعية العامة المرقم ( 61 / 177 ) في ( 20 / حزيران / 2006 ) فقـد عرفت المادة ( 2 ) من الاتفاقية الاختفاء القسري بأنه الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بأذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها . . . الخ ، واعتبرت هذه الجريمة من الجرائم ضـد الإنسانية علماً أن العراق أحـد الأطراف في الاتفاقيتين المذكورتين .
أكثر الدساتير الوطنية أوردت في نصوصها بمنع جميع أشكال العنف أو التعسف أو التعذيب والاحتجاز القسري وهذا ما ورد في الدستور العراقي وفق المادة (29/ 4 ) والمادة ( 37 ج ) .
قانون العـقوبات رقم ( 111 ) لعام ( 1969 ) وفي المادة ( 333 ) تضمنت بمعاقبة الموظف أو المكلف بخدمة عامة كل من عذب أو أمر بتعذيب متهم أو شاهد لحملة على الاعتراف بجريمة أو الإدلاء بأقوال أو معلومات بشأنها.
أما قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 ) لعام ( 1971 ) فقـد أورد نصوصاً متعـددة بهذا المجال منها المادة ( 57 ) التي أعطت الحق للمتهم أن يحضر جميع إجراءات التحقيق والاطلاع عليها . . . والمادة ( 92 ) التي نصت بعـدم جواز القبض على أي شخص أو توقيفه ألا بموجب أمر صادر من جهة قضائية مختصة وفق المادة ( 109 والمادة ( 127 ) بعـدم جواز استعمال أية وسيلة غير مشروعة للتأثير على المتهم أو للحصول على إقرار منه . . . أما المادة ( 123 ) أوجبت أن يستوجب المتهم خلال ( 24 ساعة ) من حضوره وهذا تأكيد لما ورد في النص الدستوري وفق المادة ( 29 / 13 ) .



أما موقف القانون الدولي من جريمة التعذيب والاحتجاز القسري

فقـد تناولها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام ( 1948 ) وفق المادة ( 5 ) لا يجوز إخضاع أحـد للتعذيب ولا المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة وما أشارت إلية المادة ( 7 ) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية كما أن القانون الإنساني الدولي المتمثل باتفاقيات جـنـيف والبروتوكولين الملحقين بها لعام ( 1949 ) فقـد حرمت التعذيب وفق المادة (75) والمادة ( 4 ) اعتبرت ذلك جرائم حرب وجرائم ضـد الإنسانية . . وهذا الاتجاه سار علية النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وفقاً لاختصاصها الوارد في المادة ( 5 ) . . . كما أن هناك آليات دولية أكثر فعالية في التصدي لمثل هذه الجرائم وهو محاكمة المسؤولين عن جرائم القتل الجماعي والجرائم ضـد الإنسانية في يوغسلافيا لعام ( 1993 ) بموجب الفقرة ( 6 / ج ) من نظامها الأساسي وكذلك المحكمة الجنائية في رواندا لعام ( 1994 ) وفقاً للمادة ( 4 ) من نظامها الأساسي .
أما في سياق المحاكم الدولية وأحالة المجرمين خاصة في زمن السلم فهناك عدة محاكم واتفاقيات ومنها مبادئ التعاون الدولي في تعـقيب واعتقال وتسليم ومعاقبة الأشخاص المذنبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضـد الإنسانية المتخذة بقرار الجمعية العامة رقم ( 3074 / د –28 ) في 3 / كانون الأول / 1973 ، وكذلك اتفاقية عدم تقادم الجرائم ضـد الإنسانية بموجب الاتفاقية الدولية المتخذة بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار ( 2391 / د – 23 ) والمؤرخ في 26 / تشرين الثاني / 1968 .
الاستنتاجات
1- إلزام الحكومة بتقديم التقارير الدورية والاستثنائية ووفق المعايير الدولية لأعداد هذه التقارير بعيداً عن الإطناب والأخذ بالموضوعية طالما أن العراق أصبح أحـد الأطراف في اتفاقيتي مناهضة التعذيب التي صادق عليها في عام ( 2007 ) واتفاقية الحماية من الاختفاء القسري الصادرة في ( 2006 ) وأن تتضمن هذه التقارير المعايير الدولية إبتداءً بالقواعد النموذجية لمعاملة السجناء وتوفير الخدمات الطبية والعلاجية مع ضرورة اطلاع منظمات المجتمع المدني ووسائل الأعلام والمراكز القانونية لأشراكهم في أعداد هذه التقارير لكي يطلع عليها الجميع .

2- ضرورة تفصيل التوصيات التي أعدت من قبل المنظمة العربية لحقوق الإنسان الصادرة عام ( 2009 ) والتي وافق العراق على الالتزام ببعض بنودها ومنها ضرورة التصديق على بعض المعاهدات والبروتوكولات ذات الصلة لكي تصبح جزء من القانون الداخلي والبالغة ( 6 ) توصيات الخاصة بالتعذيب وحقوق المعتقلين وضروف الاحتجاز وعمليات الاتجار بالأفراد .

3- ضرورة تفعيل القوانين العراقية وفقاً لقانون العقوبات رقم ( 111 ) لعام ( 1969 ) وقانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 ) لعام ( 1971 ) وما ورد بالدستور لعام ( 2005 ) ووفقاً لما أوضحناه من تفصيلات في بداية البحث وهذا يعني إضافة لذلك هو تطبيق المعايير الدولية في منع استخدام التعذيب ومنع انتزاع الاعترافات أو إفادة ضـد الغير وضمان السماح الاتصال بالسجناء وعدم الاحتجاز في أماكن سرية بل يجب أن تكون في أماكن معترف بها رسمياً ، وأن تقدم معلومات على الفور عن المعتقلين وأماكن احتجازهم لذويهم أو لمحاميهم مع ضرورة إلغاء جميع القوانين الصادرة التي تشكل ضرباً من ضروب التعذيب والعقوبات القاسية بالتعاون مع نقابة المحامين لما لديها من الأفق الواسع بهذه القوانين .

4- توفير الضمانات القضائية أثناء الاستجواب أو الاحتجاز . . . وأن يكون لهم الحق في تقديم الشكوى عن معاملتهم وأن يبت القضاء دون تأخير في قانونية هذه الطلبات أو الاحتجاز وأسبابة وفقاً لقواعد تحقيقية نزيهة وفعالة تتولاها هيئات مستقلة عن الجهات المتهمة وأن يكون الدور الفعال في هذا المجال لنقابة المحامين . . . مع ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية ضـد الأشخاص المسؤولين عند ثبوت ارتكابهم التعذيب وتوفير الحماية اللازمة للمعتقلين والشهود .

5- مسألة المسؤولين عن التعذيب أو الاحتجاز القسري وسوقهم الى سوح القضاء العراقي بغض النظر عن مناصبهم ومسؤولياتهم أو وضعهم القانوني مواطنين عراقيين أو أجانب . . . وأن يمارس القضاء العراقي هذه الولاية وفقاً للمادة ( 6 ) من قانون العقوبات على المتهمين بارتكاب التعذيب أو القتل وهنا يمكن الإشارة الى المادة ( 10 ) من الاتفاقية العراقية الأمريكية حيث أن النصوص الواردة فيها غامضة ومبهمة أعطت للجانب الأمريكي الحق في التقاضي لبعض الحالات مما أدى الى الأحجام عن محاسبة ( بلاك ووتر ) عن جريمة قتل العراقيين في ساحة النسور والبالغ عددهم ( (17) شخص وبرأتهم المحاكم الأمريكية من هذه الجريمة علماً أن الجريمة ارتكبت في أرض عراقية وفقاً للمادة أعلاه من قانون العقوبات كما أن اتفاقية لاهاي لعام ( 1907 ) وفي المادة ( 43 ) تلزم احترام قوانين البلاد من قبل قوة الاحتلال .

6- ضرورة أعداد خطة تشترك فيها نقابة المحامين ووزارة العدل والجهات الأخرى مهامها وضع ستراتيجية تتضمن التنمية الثقافية والقانونية لدى السجناء وفقاً لقواعد موضوعية تعتمد الأسس القانونية الدولية والقواعد والمبادئ التي وضعتها الأمم المتحدة لعام ( 1985 ) تمهيداً لأعدادهم وتأهيلهم مع المجتمع وفقاً لأسس وضوابط ، وبالاعتماد مع بعض المنظمات الدولية ذات العلاقة .

7- كما نرى ضرورة أن يوضع برنامج لإصلاح وتأهيل السجناء داخل المؤسسة وذلك وفقاً لبرامج تطبقها المؤسسة العقابية وأن تشمل أمور عدة على ضوء المعايير والاتجاهات الدولية ووفقاً لقواعد الحد الأدنى لمعاملة المذنبين لعام ( 1955 ) ومنها على سبيل المثال ضرورة توفير الخدمات التربوية والثقافية والتشغيل الداخلي والتأهيل المهني والرعاية الصحية وأن يكون هناك توجيه لإشاعة الوعي بين النزلاء وزيادة معلوماتهم وأشعارهم بمخاطر الانحرافات السلوكية والممارسات الخطرة وتشجيعهم على السلوك السوي وتنظيم التوعية على شكل محاضرات تتناول القضايا الاجتماعية والسياسية والثقافية وحتى التاريخية والدينية وبموجب برامج تعد لهذا الغرض ، وبما أن العراق أصبح طرفاً في هاتين الاتفاقيتين والاتفاقيات الأخرى الخاصة بحقوق الإنسان فلابد من تفعيل هذه الاتفاقيات بضرورة صدور تشريع من مجلس النواب وفقاً للمادة ( 61 / رابعاً ) لكي يصبح جزء من التشريع الداخلي طبقاً لقانون النشر رقم ( 78 ) لعام ( 1977 ) وأن هذا التصديق يستلزم صدور قانون لكي تصبح هذه الاتفاقيات جزء من التشريع الداخلي حتى يتسنى صدور تشريعات أو حذف أو إلغاء لبعض القوانين التي تتعارض مع هذه الاتفاقيات كذلك الإيفاء بالالتزامات العراق تجاه المجتمع الدولي طبقاً لقانون المعاهدات الذي صدر في فـيـنا لعام ( 1969 ) .




8- كنا نتمنى أن ينظم العراق الى البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيرة من ضروب المعاملة أو العـقوبة القاسية أو اللاإنسانية المهينة والذي أعتمد بقرار الجمعية العامة المرقم ( 57 / 199 ) والمؤرخ في ( 18 / كانون الأول / 2002 ) حتى يتسنى اللجوء الى اللجة الفرعية لمنع التعذيب التي تعمل وفقاً لإطار ميثاق الأمم المتحدة . . ومع ذلك تستطيع منظمات المجتمع المدني أو الأفراد أن تقدم ادعاءات الى الأمم المتحدة تتعلق بانتهاكات للحقوق والحريات وخاصة التعذيب والمعاملة القاسية والاحتجاز القسري وفقاً لآليات تقديم الشكاوى ووفقاً لإجراءات تسجيل الشكوى وخاصة ما ورد في الالتزامات الواردة في المواد ( 1- 16 ) وبموجب آليات تقديم الشكاوى المشار إليها في المادة (22) من اختصاص لجنة مناهضة التعذيب أو أن تقدم الشكاوى في إطار الأجراء ( 1503 ) ( قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي ) في 5 / آب / 1947 .





رزاق حمد العوادي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | وكالة -إرنا- نقلاً عن مصادر ميدانية: فرق الإغاث


.. ناجون من الهولوكوست يتظاهرون في بريطانيا رفضا للعدوان الإسرا




.. رغم بدء تشغيل الرصيف العائم.. الوضع الإنساني في قطاع غزة إلى


.. تغطية خاصة | تعرّض مروحية رئيسي لهبوط صعب في أذربيجان الشرقي




.. إحباط محاولة انقلاب في الكونغو.. مقتل واعتقال عدد من المدبري