الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المضمر من علامات الترقيم

ناصرقوطي

2010 / 12 / 25
الادب والفن


سأحمل وزر هذا البوح إلى القبر ان نجوت من ميتة مجانية على أحد الأرصفة بمفخخة نصبها أحد الظلاميين فمنذ أربعة عشر يوماً ومازلت انطوي على مكنون هذا السر الذي ستنتفي سريته خلال قراءة السطور اللاحقة من هذه الورقات وأرجو منك أيها القارئ أن لا تتنصل من مسؤولية افتضاح هذا الأمر إذا كان صاحبه على قيد الحياة ونجا بأعجوبة من الانفجار الأخير في ذلك اليوم المشئوم صباح الخامس من آذار 2007 حين غادرت المقهى إلي البيت حاملاً معي كتاب السيمولوجيا وقد عثرت بين صفحاته على طرد أبيض فضضت المظروف فوجدت داخله ثلاث ورقات كتب في أول صفحة قصة قصيرة دون أن يثبت كاتبها اسمه عليها مع عبارة موجزة يرجو فيها إبداء وجهة نظري بما كتبه لكوني اعمل في مجال نقد النصوص الحديثة كما يأمل مني التعامل مع مخطوطته بسرية تامة وعليّ إعادتها ـ في حال تثبيت ملاحظاتي عنها ـ إلى حيث يلتقي الأدباء في مقهى "الشابندر" وأسلمها لصاحب المقهى وهو الأمين والكاتم على أسرار جميع رواد مقهاه من الأدباء والمتقاعدين.


ملاحظة: فاتـني ان انوه إلى ان صاحب القصة قد كتب مقدمة قبل نصه لابد من ذكرها للأمانة الأدبية.

المقدمة:
لست ضلعاً من ظهر أحد، ولا ضليع لغة ما حتى أتبارى مع "عظام" الآخرين في مسلخ الكلمات، بين قبور المفاهيم الكثيرة التي فقدت ملامحها وتداخلت مسمياتها من كثرة التداول والطرق تحت سنادين المعرفيين. ولكنها لحظات تجلي الصمت في الزوايا الخبيئة حين يصيب لساننا العي جراء ما يحدث على ارض الوطن، وتكون الرصاصة أكثر وقعاً على السامعين من الكلمة حين يبغي أحدكم إخفاء خيباته الكثيرة وهو يروي حلمه ليطلق طائره الوحيد في الضباب. وها انذا احني قامتي لجلال سحر الكلمات وسطوتها، مجرباً وعابثاً ببارود ما اعتاد عليه الآخرون ضارباً في عراء الورقة بإقدام بدوي يقتفي اثر كثيب رمل في تخوم رمال متحركة، نائياً عن جنس ـ القصة الحكاية ـ ، فان تطوحت على الجهتين فستسعدني لذة الاكتشاف والطواف بغابات تتداعي ثمار حروفها بين مسارب تيه لم تطأها قدم ، وان أصبت فستمد إلى شغاف الروح سراج ضوء آخر، سيدفع عيني الكليلتين على تعلم الإبصار والانبهار في اشد المناطق عتمة وحراجة. وفي الحالتين سيتوجني الوهم بأكاليل نصره عرفاناً لشرف المحاولة؟ أليس الشروع بالكتابة انغمار في الوهم، ولذة لكشف غموض المسميات في انتفاء الثوابت.





القصة:

ظل القلم يهتز بين السبابة والإبهام وراح يجيل النظر في الورقة البيضاء. منذ أيام عدة وهو يفكر بكتابة قصة عن وطنه الجريح والمستباح. فالكتابة في هذا الظرف العصيب تقتضي قوة إرادة هائلة لكنه حين يستغرق في التفكير وتطير به غمامات الأحداث بعيداً يرفع كفه عن الورقة حائراً وشاعراً بلا جدوى الكتابة. كان لا يري تحت عينيه على البياض الناصع للورقة إلا علامة استفهام كبيرة وعلامة تعجب وقوسين ونقطة حائرة في صمت الورقة. اطرق لحظات قبل ان يغرق في لجة اليأس رسم دائرة حول النقطة وكتب أمامها:

. تلاشي.. ألم.. وخزة دبوس.. رصاصة تخترق جمجمة وتحدث ثقباً في الجبين. أشنة رحم الكون.. بدء الخليقة.. صيرورة.. النطفة التي تخلق الجنين.. ذرق ذبابة.. قناع الظلاميين.. ذرة سوداء لحظة تكاثرها تغمرنا بالظلام.. نهاية المشوار.. خاتمة كل شيء إلا الكلمة فهي تقفز عليها.. تناورها لتخلق سطوراً أخرى لبداية جديدة لتكون الكلمة هي البدء الذي لن يتلاشي.
! اعتدال!! الإنسان اللغز!! قطرة مطر تهمي على أديم ورقة عطشى!! نصل يقطر منه دم الضحية!! حس الاندهاش بالأشياء!! طعنة خنجر بسويداء القلب!! دمعة امرأة تحفر أخدودا علي الوجنة!! زورق طوى شراعه!! فنار مقلوب!! صقر الوطن ينتصب على الشفير في ذروة الهواء الطلق يطل على عالمه الجديد ويذرق على هامة الظلاميين!
؟ اعوجاج؟؟ كهولة؟؟ عصى الأرمل؟؟ آلة سحب السفن والعجلات العاطلة؟؟ غرابة السؤال؟؟ عدم الفهم؟؟ ضمير المفخخ فوق رصيف الوطن؟؟ انف معقوف؟؟ قبر البعوضة في لسان الضفدع؟؟ شيخوخة غصن الشجرة؟؟ ذيل الكلب؟؟ الانحناء أمام الآخر؟؟ تملق ذوي الشأن؟؟ انطواء؟؟ انحناء الأم في مقبرة جماعية؟؟ حبل أنشوطة لم يكمل دورته؟
( ) كفان تطبقان على عنق المذنب ( ) سجن الآخرين ( ) قطبان متنافران ( ) أساور ( ) قيد المحكوم عليه ( ) شاربان مقلوبان
( ) فم ذكر الضفدع ( ) عصى قفز المسافات الطويلة ( ) زيجة فاشلة بين عنصرين ( ) تنافر ( ) جرحان غائران على بياض وطن الورقة ( ) كساح الساقين ( ) كهلان يهمسان لبعضهما بنزوات الشباب الغابرة ( )
. أنا أصل الأشياء.. بدوني لا تعنون شيء يذكر..
! لا تنسي من انك صفر وأنا أدوس بقدمي على هامتك!
؟ كلاكما مغرور ولا يقدر على نكران ذاته؟
! اصمتي! فما أنت إلا انحناء لظهري وتكرار لهذا الصفر النكرة!
( ) أنا الحضن الدافئ ( ) سجنكم جميعاً وحنوي عليكم ما هو إلا حفاظاً على أسراركم فأنا أقرب منكم إلى الوطن وكفاكم هذراً ( )
. ما الوطن بسجن يا كماشة العقرب.. الوطن منتهى.. منتهاي.
! اذا كان الوطن كلاكما فما أنا إلا شمعة مقلوبة على مائدة الورقة لما ترى من تخاصمكم!؟ ما الوطن إلا انحناء ظهري وسألتف على عنقي واشنقها جراء خزي صراعكم على الأولوية في المواطنة؟
لم يذكرني احد منكم وانتم تدورون في فلكي أنا طوق الذهب خاتم العروس وحبل مشنقة أنا أولكم بأحقية الحكم
. ما أنت إلا دوران أبله يبدأ من حيث انتهي وتكرار لجزء مني. أنا النقطة وليسقط الجميع .
دعوني أقل كلمتي أنا الورقة التي ألقيتم على ظهرها ثقل خلافاتكم أنا استصرخكم إليكم ففي بياضي تزدهون وعلى أديمي تمرحون سألفظكم ان لم تنصتوا ألا تذكر أحدكم صمت وحيرة رفيق دربي القلم الذي لم ينبس ببنت شفة ..
همس الكاتب حائراً:
ـ لا اقدر على كتابة حرف واحد من القصة أمام هول ما يحدث. / واتجه صوب النافذة على اثر صوت دوي انفجار هائل.
قالت الورقة:
ـ سأحترق وستحرقون معي جميعاً.
قال القلم:
ـ لن اكتب كلمة ولن يصدح فمي بمداده ما لم نمد اكفنا لبعض. فبالنقطة. والدائرة وعلامة التعجب! والاستفهام؟ والأهلة ( ) نقهر الظلام ونرسم أزهى صورة للوطن الجديد.
حين انتهيت من قراءة القصة ورأيت الرسمة كما تراها الآن ازددت حيرة أكثر من قلق وحيرة كاتبها المجهول فما جدوى الكتابة إذا كان صاحبها غدا رماداً في شارع "المتنبي" ومن ذا الذي سيغفر لي صمتي خاصة ان هناك من المنافسين الكثر ممن يرصد خطواتي كما ان لي العذر بعدم الرجوع إلي المقهى الذي غدا خراباً ونكب صاحبه بأولاده الخمسة جراء الانفجار الأخير من قبل أحد الدخلاء على الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع