الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض من أجل الحق في الشغل وفي تنمية عادلة

بشير الحامدي

2010 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


تونس ـ مدينة سيدي بوزيد في الوسط الغربي للبلاد التونسية تنتفض من أجل الحق في الشغل وفي تنمية عادلة

تشهد مدينة سيدي بوزيد منذ عشية يوم الجمعة 17 ديسمبر الجاري إنتفاضة عارمة لم تشهدها هذه المدينة منذ جانفي 1978 تاريخ الإضراب العام بالبلاد. ومدينة سيدي بوزيد هي مركز ولاية سيدي بوزيد عدد سكانها 396000 نسمة موزعين على 12 معتمدية وهي ولاية تقع في الوسط الغربي للبلاد التونسية وتحدها جغرافيا ست ولايات أخرى تمثل في مجموعها عمق الوسط التونسي وتتشابه الأوضاع في هذه الولايات السبع من حيث النشاط الإقتصادي ومن حيث أوضاع السكان حيث يعد هذا الإقليم من أكبر الأقاليم المتضررة من السياسات المتبعة والتي لم تنتج غير المزيد من الحيف سواء في الحقبة البورقيبية أو مع سلطة السابع من نوفمبر.
إحتجاجات المواطنيين إنطلقت على إثر إقدام الشاب محمد البوعزيزي وهو أصيل المنطقة من الشباب المعطلين عن العمل على إحراق جسده بإضرام النار فيه أمام مقر الولاية إثر إنسداد الأبواب في وجهه وعدم تركه يمارس مهنة بيع الغلال على عربة يدفعها بساعديه ويجول بها المدينة من أجل تحصيل لقمة عيش شريفة له ولعائلته بتعلة أنه يمارس عملا غير مرخص فيه وأنه ينتصب في أماكن ممنوعة.
وأمام هذا المشهد المروع تجمع عشية الجمعة 17 ديسمبرمئات المواطنين من مختلف الشرائح الإجتماعية أمام مقر الولاية في حركة إحتجاجية إستمرت ساعات رفعوا فيها شعارات تطالب بإيقاف المتسببن في دفع الشاب المعطل إلى إحراق جسده ومحاكمتهم كما ندد المحتجون بالسياسات القائمة والتي لم يجن منها سكان المنطقة غير المزيد من التفقير والتهميش والإستغلال ورفعوا شعارات تدين السلطة القائمة وتدين القمع والإستغلال وكل مظاهر الإستغلال والفساد والحيف الإجتماعي : التشغيل إستحقاق يا عصابة السراق ـ لا لا للقمع والإستبداد يا حكومة الفساد ـ يسقط حزب الدستوريسقط جلاد الشعب ـ.
ولئن لم تتمكن قوات القمع في اليوم الأول من تفريق المواطنين برغم شدة تدخلها فإنها في اليوم الموالي وفي الأيام الأربعة الأخيرة وبعد وصول تعزيزات كبيرة من تونس العاصمة ومن الولايات المجاورة أحكمت السيطرة على المدينة وأغلقت كل الطرقات المؤدية لها إلا أن ذلك لم يثن المحتجين من الخروج في اليوم الثاني للشارع وتنظيم المسيرات وقد دارت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات البوليس التي كان تدخلها عنيفا جدا فوقعت مصادمات وإصابات في صفوف المواطنين ونقل العديد منهم إلى المستشفى كما سجل إيقاف أكثر من 50 مواطنا من مختلف الشرائح فيهم من النشطاء السياسين وفيهم من النقابيين وأعلبهم كان من شباب المدينة المعطل عن العمل.
في اليومين الثالث والرابع إستمرت الإحتجاجات ولكنها كانت بشكل متقطع نظرا لإحكام البوليس الطوق على المدينة.
شباب المدينة تحديدا لم يثنهم القمع على مواصلة إحتجاجاتهم فقد تنظموا في مجموعات وخيروا التحرك ليلا وقد وقعت مواجهات عنيفة بينهم وبين قوات البوليس في الليل في كثير من الأحياء وخصوصا ليلة الإثنين 20 ديسمبروقد إستعمل البوليس في هذه المواجهات قنابل الغاز المسيل للدموع وعمد إلى مداهمة المنازل للترهيب وتشير الأخبار الواردة من سيدي بوزيد إلى عزم الشباب على مواصلة الإحتجاجات إلى حين تفتح السلطة معهم حوارا جديا وتنفذ مطالبهم والتي على رأسها حقهم في العمل.
الإحتجاجات على سياسات الحيف الإجتماعي واللاتوازن في التنمية وعلى التفقير والتهميش توسعت وإمتدت في اليومين الأخرين إلى معتمديات هذه الولاية حيث شهدت منطفة المكناسي وهي منظقة ليست بعيدة عن مركز الولاية مظاهراة عارمة ومواجهات بين المواطنين وقوات البوليس.وليس بعيد على بلدة المكناسي نظم أيضا مواطنو بلدة منزل بوزيان وبلدة الرقاب وبلدة بن عون في اليومين الأخيرين مظاهرات وإحتجاجات رفعت فيها نفس الشعارات التي رفعت في مظاهرات سيدي بوزيد.
ولئن مارست السلطة وكعادتها التعتيم على ما يحدث في سيدي بوزيد وفي البلدات المجاورة لها وهو أسلوب تعود به الشعب وكل المراقبين في كل الأحداث السابقة بدءا بإنتفاضة الحوض المنجمي إلى أحداث فريانة إلى أحداث الصخيرة إلى أحداث بنقردان وصولا إلى أحاث سيدي بوزيد الراهنة فإن وسائل الإعلام العالمية قد تابعت الإحداث وعرفت بها كما تمكن الناشطون في الفضاء الإفتراصي وعلى الصفحات الإجتماعية بكسر هذا الطوق والتعتيم بحيث أن العالم أصبح يتابع الأحداث لحظة بلحظة وهو كسب إعلامي كبير.

آفاق الإنتفاضة
لم تكن حادثة حرق الشاب المعطل عن العمل محمد البوعزيزي لجسده كتعبير منه عن إنسداد اللآفاق أمامه وكتنديد بما يتعرض إليه من قمع وتهميش غير تلك القطرة التي أفاضت الكأس بالنسبة لمواطني جهة تعاني من حرمان متواصل لعقود من التنمية كما يعاني شبابها من البطالة والتهميش وإنسداد الأفق إلا أن المتابع للأحداث تستوقفه عفوية التحركات وتشتتها وعدم تنظمها وهو عامل سلبي سيحكم على هذه التحركات والإحتجاجات بالضمور والتلاشي إن تواصل . مثل هذا العامل وقع تجاوزه في إنتفاضة الحوض المنجمي 2008 فقد تمكن المنتفضون هناك ومنذ بداية الأحداث من مركزة التحركات وتنظيمها والتخطيط لها فلم يقع إستنزاف الإنتقاضة كما كانت تراهن السلطة على ذلك في أيام أو أسابيع قليلة وقد ساعد على ذلك وجود قيادات مدانية نظمت النشاط وإتخذت لها فضاء للإجتماع بالناس وتعبئتهم مثل هذا العامل غائب تماما في سيدي بوزيد فالحركة هناك حركة عفوية خالصة وبرغم تكون لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد إلا أنها لم تمثل وإلى اليوم عاملا مساعدا على تجاوز واقع العفوية الذي عليه التحركات ولم تقدر على تنظيم اي تحرك أو مبادرة يمكن أن تساهم جديا في تنظيم الإحتجاجات ومركزتها ولم تفرض نفسها على الميدان كإطار يفرض على السلطة التحاور معه. وإلى حد ما يمكن القول أن مبادرات الشباب على المواجهة والتحرك في الأحياء ومحاولة تنظيم أنفسهم في وجه قوات القمع التي تطاردهم وتحاصر المدينة هي المحاولة الجدية والأصيلة إلى حدّ الأن كشكل من أشكال التنظم الذاتي في وجه آلة القمع البوليسية برغم محدوديتها إلى حد الآن.
لجنة لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد ولئن راهنت على شعار إستقلاليتها عن البروقراطية النقابية الجهوية هذه الشريحة من الفاسدين والمشاركين والتي سارعت ومنذ اليوم الأول لإحتواء التحركات وتهميشها وطرحت نفسها كممثلة للمجتجين إلا أنها منيت بالفشل لأن المحتجين سارعوا وأعلنوا عم إعتراف بثميل هذه اللجنة لهم وعن الأحزاب الكرتونية صنيعة السلطة وهذا مهم جدا فإنها لم تنجح في تحدد أولوياتها بإعتبارها ليست لحنة تفاوض في الأساس بل بإعتبارها لحنة لقيادة التحركات وتنظيمها ومحورة مطالب المحتجين. غياب هذا الوعي هو الذي حكم على هذه اللجنة أن تبقى تراوح مكانها ولا تقدر على التأثير في الأحداث وتصعيد التحركات.
إن غياب مثل هذا التصور كمهمة رئيسية من مهماتها وإن لم يقع تجاوزه سيساهم في تراجع التحركات وتلاشيها بمرور الأيام خصوصا وأن المساندة المطلوبة من الحركة السياسية الديمقراطية ومن الحركة النقابية ومن المنضمات الحقوقية والإنسانية هي إلى حدّ مساندة مازالت محدودة ولم تتجاوز واقع إصدار بيان أو موقف في وسائل الإعلام ولم ترتق إلى مساندة فاعلية تعبوية لها جدوى ويمكن أن تأثر.
إن المطروح اليوم ولتجذير الإحتجاجات في مدينة سيدي بوزيد أن تأخذ لجنة المواطنة والدفاع عن ضحايا التهميش بسيدي بوزيد على عاتقها هذه المهمة ولن يكون ذلك ممكنات إلا إذا إرتقت إلى دور الهيئة المنظمة والممركزة والقائدة للتحركات وتطور موقف الحركة السياسية والحركة النقابية ومنضمات حقوق الإنسان والمنضمات الإنسانية من موقف المتفرج والمندد إلى موقف المعبئ بالمساندة الميدانية.
لا لقمع المواطنين المحتجين في سيدي بوزيد على السياسات التي أثبتت فشلها.
لا لقمع الشباب المعطلين فالشغل إستحقاق والعمل حق من حقوقهم ولابد من الدفاع عن هذا الحق بكل الوسائل.
تسقط سياسات القمع والتهميش والإستغلال.
من أجل فرض الحق في التظاهر والتعبير.
ـــــــ
بشير الحامدي
22 ديسمبر 2010
ـــــــ
أنظر الروابط التالية حول
الإحتجاجات في سيدي بوزيد
1 ـ
http://www.facebook.com/video/video.php?v=1602918226603&comments&ref=mf
2 ـ
http://www.facebook.com/video/video.php?v=1786251459068&oid=137969316260836&comments&ref=mf
3 ـ
http://www.facebook.com/video/video.php?v=1606199868642&comments&ref=mf








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى