الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفاهيم خاطئة .... ( الاتحاد قوة !؟) الحلقة الأولى

صادق سالم

2010 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


رحم الله أبن زائدة حين قال وهو يوصي أبنائه : تأبى الرماحُ إِذا اجتمعْنَ تكســراً - وإِذا افترقْنَ تكسرتْ أفـرادا

فمنذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا استخدمت هذه المقولة مئات لا بل ألاف المرات وبمختلف الوسائل السمعية والمرئية والمقروءة بل تعدى الأمر إلى الحضارات الأخرى فالكثير من الكتاب الأجانب تناولوا هذا المعني بوسائل شتى , وهو إن القوة تكون بالكثرة العددية أي بالجماعة . وان الاتحاد قوة .

حسنا هل هذا صحيح هل فعلا القوة بالجماعة ؟
وهل صحيح انه بالاتحاد قوة ؟
وهل صحيح انه كلما زاد العدد وكلما جمعنا هذا العدد في بودقة واحدة ازدادت قوتهم ؟

لننظر إلى الأمر من قريب , لو كان الأمر والمسألة مسألة صناعة ما بالتأكيد سيكون كثرة الطبقات تؤدي إلى قوة المنتج .
لكن عندما نتعامل مع الإنسان والمجتمع الإنساني الأمر يختلف تماما , كيف !؟.

لنفترض إن هناك جماعة من الناس أَريد منهم أن ينشئوا تكتل ما أو تجمع معين بغية تسيير أمور حياتهم بمجال معين من مجالات الحياة , شيء جميل , لكن لو دققنا قليلا في صفات هؤلاء الناس سنجد ان أهوائهم ليست متشابهة و نفوسهم ليست صافية تجاه بعضهم البعض وإنهم بالمناسبات النادرة يكلمون بعض اما اذا القى بعضهم السلام فهذا من التوفيقات الربانية التي تستحق الحمد والشكر , كما انهم يدعوا الله بكرتا وأصيلا ان لا يتقاتلوا وان لم يفعلوا فلله الشكر شكرا لا يقوى على إحصائه احد . هذا بالإضافة ان كل طرف من هؤلاء الناس يريد للأمور ان تسير وفق اهوائه هو ومزاجه هو ومنافعه الشخصية هو وليس غيره لا بل لا يقبل اي نقاش في ذلك فاذا حدث وتنازل احدهم الشيء اليسير فهو يتوقع من الجميع ان يبجلوه ويقدسوه ويرفعوه في عليين , وهذا بالتاكيد لن يفعلوه لان بتنازله هذا سيقولن عنه تجابن وسيطالبون بالمزيد!!.
حسنا بعد هذا الكلام ولا اريد ان استطرد اكثر بصفات هذه المجموعة من الناس وهي يمكن ان تكون باي مرفق من مرافق الحياة وبأي مجتمع او تجمع , اقول هل ان حشر هؤلاء في بودقة واحدة ونسيج واحد وتكتل واحد وحزمة واحدة هو قوة لهم ؟ وهل ان اتحاد مثل هؤلاء الناس قوة ؟
بالتاكيد لا بل هو الضعف بعينه فعملهم سيكون مشتت مابين هذا الرأي او ذلك وسيقضون الكثير من الوقت في تصفية مشاكلهم مع بعضهم على حساب مشاكل المجتمع الذي اريد لهذا التجمع ان يدرسها ويجد لها الحلول . كما اننا ( وهنا مربط الفرس ) كلما ازدنا العدد لغرض تسهيل الامور اكثر كلما تعقد الوضع أكثر فأكثر حتى يصل لحد ليمكن فيه الاستمرار ابد , فكل شخص سيقول انا الوحيد الذي اعمل وان الكل ضدي وان سبب الفشل هو عدم تعاون البقية معي , نعم سيكون هذا كلام الجميع . وكلما ازدادوا ضعفوا اكثر , وسيضعفون اكثر واكثر اذا حدثت تكتلات داخل هذا التكتل بحيث ستكون هناك عقدة مستديمة سيكون من المستحيل حلها .
والطريقة الوحيدة لمعالجة هكذا اوضاع هو فك هذا الاتحاد القسري واخراجهم من البودقة التي حشروا فيها حشرا قبل ان تصل الامور الى ما لا يحمد عقباه .
هل نظرتنا سوداوية ربما لكن الكل يعلم ان ذلك موجود في مجالات كثيرة من الحياة تبدأ من البيت الواحد الذي يضم عائلة كبيرة وتنتهي بمجتمع باكمله .

ولكي تتوضح الفكرة التي اريدها اكثر حتى لا اوصف بالسوداوية
لناخذ شريحة اخرى من المجتمع ولنحاول ان نطبق عليها هذه المقولة
حسنا من صفات هذه الشريحة الجديدة هي ان لكل شخص اهواء تختلف عن الاخرى ( كما الشريحة الاولى ) وانهم بالنوادر يسلموا على بعضهم البعض ( كما الاولى ) وان نفوسهم ليست صافية تجاه بعضهم الاخر وانهم يحملون الكثير من صفات الشريحة الاولى ( الصفات العامة لمجتمع معين تكاد تكون متشابهة بين افراده ) لكن هذه المجموعة تتحلى بصفة جديدة وهي قبولهم بالنقاش واذا ما اتى الطرف الاخر بحجة مقنعة يقتنعون ولا يتمسكون برأيهم . والاهم ان بعضهم يرى ان مصلحتهم الشخصية لا باس ان تأتي متساوية مع مصلحة المجتمع بينما بعضهم يرى ان مصلحة المجتمع اولا , وهناك قلة تريد ان تاتي مصلحة المجتمع بعد مصالحهم الشخصية .

هكذا مجموعة لو جمعناها في بودقة واحدة ونسيج واحد وحزمة واحدة كيف سيكون الامر ؟
سيختلفون قليلا في بداية الأمر , لكن بنقاشهم وتقبل رأي الطرف الأخر ومع قناعتهم ان فائدتهم الشخصية ستتواجد عندما ينتفع المجتمع ولا يحتاج الأمر إلا بعض الصبر, في النهاية سيشكلون نسيج رائع وجميل ومتجانس يكمل بعضه الأخر . وسيفيدون أنفسهم وجماعتهم والمجتمع وكلما ازدنا عددهم ازداد تماسكم وازدادت بتجمعهم هذا فائدة المجتمع ( وبالنتيجة فائدتهم ) .
وهنا تنطبق هذه المقولة على هذا الشريحة تماما وهي إن الاتحاد قوة
وبما إنها لم تنطبق على الشريحة الأول فإذن هذه المقولة خاطئة وتحتاج إلى تصحيح.

فيجب لا نستخدمها ونعمل بها جزافا دون دراية او دراسة في هذا العمل او ذلك بل يجب دراسة واقع هذا المجتمع قبل ان نحاول أن نطبق عليه هذه المقولة .

فالاتحاد ليس شرطا للقوة .

والقوة الحقيقية ليست بالزيادة العددية وكثرة التجمعات لا بل هي بكثرة النوايا الصادقة وانفتاح التفكير والإيمان التام إن مصلحة المجتمع فوق المصلحة الشخصية هنا وهنا فقط نعم للزيادة العددية والدمج أما في غير هذه المواضع فالزيادة ضعف والاتحاد ضعف .

صادق سالم صبيح
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حكم وامثال
الان كاردوخ ( 2010 / 12 / 23 - 01:02 )
سيدي مثل هكذا المثل وحكم عربية كانت مفيدة لتلك المجتمعات البدوية الابوية لكي يتمكن الاب بالسبطرة على اولاده ويكونوا بمثابة العبيد له او رئيس العشيرة بفرض السلطة على عشيرته او قبيلته ولكي يكون راي الاب هو الرأي الواحد الاوحد ومن دون مجادلة او نقاش وهذا ماتفعله الان السلطات الاستبدادية بشعوبها بعناوين وامثال هكذا شطحات
نعم اول الدرس للاطفال الصغار في المناهج التربية تعلمنا هذا المثل , وانظر الى حال الاجيال التي تخرجت من هكذا تربية
ونعم التربية والتعلم والعلم !!!و ,


2 - نعم لكن
صادق سالم ( 2010 / 12 / 23 - 08:30 )
الاخ الان كاردوخ
نعم كلامك جميل وصحيح لكن هذا لايعني ان اصل الفكرة خطأ
فالخطأ هو في التطبيق ومحاولة الجميع فرض هذه الفكرة كبديهية تنجح في جميع الحالات
مع العلم انها تفشل في معظم الحالات مثل الحالة التي ذكرتها انت لكن الادهى والامر هو في السياسة لما لها من تأثير يشمل كل ابناء المجتمع وهم يحاولون ان يتشكلوا بكتل سياسية كبيرة تحت مسمى معين ويحاولون ن يقنعونا ان هذا هو القوة بعينها
وواقع الحال والملموس من اي مواطن بسيط هو عكس ذلك تماما

اخر الافلام

.. إمام وحاخام في مواجهة الإنقسام والتوترات في برلين | الأخبار


.. صناع الشهرة - كيف تجعل يوتيوب مصدر دخلك الأساسي؟ | حلقة 9




.. فيضانات البرازيل تشرد آلاف السكان وتعزل العديد من البلدات عن


.. تواصل فرز الأصوات بعد انتهاء التصويت في انتخابات تشاد




.. مدير CIA يصل القاهرة لإجراء مزيد من المحادثات بشأن غزة