الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقارنة الحرية والإعلام لدينا و لديهم

خليل الفائزي

2010 / 12 / 23
الصحافة والاعلام


* بقلم لسنا بصدد التطبيل بهدف إرضاء او تهديد اي من الحكام و المسئولين ولا ننوي مزاحمة جوقة المهرجين الإعلاميين الذين يطبقون دوماً القول المعروف "الإعلاميون على دين ملوكهم!" و لا نريد الوقوف في طوابير استجداء المزايا و الهرولة وراء عطايا الحكام والمسئولين و لكن نذكرهم فقط من ان جميع القادة التاريخيين و أئمة المسلمين لم يركزوا قط على أخطاء خصومهم و لم يشهروا بعيوب منافسيهم و لم يغطوا على ضعفهم بتضخيم معضلات أعدائهم او انهم وراء جميع الكوارث و الأخطاء و لم نسمع عنهم لا في خطبة و لا حديث انهم ظلوا يفضحون مساوئ معارضيهم و لا الزعماء من نظرائهم في جبهة الأعداء بل كانوا يدعون دوماً لاصلاح أنفسهم و الآخرين و يعملون لخير شعوبهم و أوطانهم و يبذلون مساعيهم لاستقواء ذاتهم و لعزة الأمة و لم يستخفوا بقدرة أعدائهم و لم يستهينوا بإمكانيات خصومهم بل كانوا يحترمون اصل التنافس و الندية معهم و لم نسمع عنهم انهم أضاعوا أوقاتهم بالتكابر والتحدث عن ضعف منافسيهم او الانتقاص من قدرتهم و التشهير بهم بهتانا او بعيداً عن الواقع

ربما ان الخصوم والأعداء قد يسلكون شتى السبل الخبيثة للتشهير و التشويه و الإساءة لمنافسيهم و خصومهم الا ان هؤلاء ليسوا أسوة لنا و لا يمكن التعامل معهم باقتباس خبث سلوكهم و لا دناءة مواقفهم و بذاءة خطابهم

و نظراً لعقيدتنا و أخلاقنا و تربيتنا تعودنا دوما على قول الحق حتى و ان كان ضدنا او لا يرضى أنفسنا و لا يحقق مصالحنا، فلا تأخذنا بقول الحق لومة لائم و لا نخشى المساوئ والانتقادات التي قد تثار ضدنا. .

فمن المفارقات اننا في الدول العربية و الإسلامية ندعي دفاعنا عن حقوق الإنسان و نتهم الآخرين بالوحشية والضلالة و الاستبداد و قد أقمنا الدنيا و لم نقعدها في أجهزة إعلامنا بهذا الشأن واتهمنا مثلا الحكومة البريطانية بقمع الحركة الجامعية التي اندلعت اعتراضاً على رفع رسوم الجامعات 3 أضعاف مما كانت عليه في السابق
و نقرأ في الأخبار ان الشرطة البريطانية نشرت 1300 عنصراً فقط لاحتواء و مواجهة الاعتراضات الجامعية التي قدرتها أجهزة أعلامنا بـ 300 الف جامعي و ان العديد من الجامعيين تمكنوا من مهاجمة السيارة الملكية التي كانت تنقل ولي العهد الأمير تشارلز و تمت مهاجمة مكتب رئاسة الوزراء و العديد من الوزراء بعد وصول الجامعيين الى المكاتب والمباني الحكومية
و الأكثر من ذلك نتهم في أجهزة إعلامنا الحكومية البريطانية بقمع الجامعيين وانتهاك حقوق الإنسان! و تجتمع حكوماتنا و مجالسنا التشريعية ليس لدراسة انتهاك الحقوق في بلداننا و البحث في أمور دنيانا و آخرتنا بل للدفاع عن حقوق الجامعيين و انتقاد قمعهم في بريطانيا!

قطعاً ان الدفاع عن حقوق جميع الناس مطلوب و هدف إنساني و رسالي و لابد من إدانة قمع اي حركة جامعية او نهضة مدافعة عن الحقوق القانونية والجماهيرية، و لكن نتساءل بالمقابل لماذا لا تعترف دولنا و أنظمتنا بحقوق الإنسان و لا حقوق الجامعيين في بلداننا و مجتمعاتنا و إذا ما اندلعت اي حركة جامعية يشارك فيها حوالي الف جامعي في بلداننا فان أنظمتنا التي تتباكى على حقوق الجامعيين في بريطانيا و كندا و اليونان و إيطاليا تنشر في شوارع و ساحات بلداننا اكثر من 300 الف عنصر أمنى و حرس جمهوري او ملكي اي 300 عنصر أمنى لكل طالب جامعي واحد لمحاصرة و قمع الجامعيين و جميع هؤلاء مدججون بأنواع الأسلحة من الرأس حتى أخمص القدم و يتم قمع و الجامعيين و قتل العديد منهم و دهسهم بالشاحنات بذرائع مختلفة و توجه ضدهم التهم بالكيلو و بالجملة و يتهمون بمحاربة الله والأنبياء و الأوصياء و لا يسمح لهم حتى بحق الاعتراض و لا بحق بيان وجهة النظر و لا حتى بأخذ شهيق من أنفاس الحرية . . و يا ترى هل يستطيع الجامعيون او المواطنون العاديون و ليس أنصار السلطة المنظمين في بلداننا من رؤية او مخاطبة اي من المسئولين في الدول العربية و الإسلامية من اجل مهاجمة سياراتهم بالحجارة او حتى إطلاق الشعارات ضدهم او الاعتراض عليهم حتى بالنظرات و كبت الاعتراض على الخطأ والمنكر من أفعال المسئولين في القلوب و هو اضعف الأيمان؟!

و في دولة مثل الكويت التي تزعم إنها الأولى في الديمقراطية بين دول المنطقة يتم قمع نواب المعارضة بشكل وحشي و تكسر أضلعهم و تقطع أوصالهم بواسطة قوى الأمن الحكومية، و ظن الكثيرون ان أمير الكويت سوف يعتذر من النواب المعتدى عليهم و يعامل الجميع من منطلق أبوي، لكنه يتفاخر من انه القائد العسكري و السياسي العام و التام وهم في الواقع من اصدر شخصيا قرار مهاجمة النواب و قمعهم و تكسير عظامهم لانهم كانوا قد انتقدوا الحكومة بشكل سطحي جدا، و بعد ذلك نقرأ في الصحف من ان الأمير حاكم البلاد الوحيد الأوحد هو فوق القانون و لا يجوز الاعتراض عليه هما فعل ومهما انتهك من بنود الدستور . . و يصفق له المهرجون الإعلاميون و عبدة الدينار و الدولار و تنتهي القضية و يغلق ملف قمع النواب بهذه السهولة..

و في السويد يرد ناكرو الجميل على الدولة التي أعطت من خيراتها و احتوتهم في احلك الظروف ومهدت لهم ظروف العيش الكريم في وقت فقدوا هذه الظروف في أوطانهم ، ردوا عليها بعمل إرهابي حقير و جبان حاول من خلاله الإرهابي العميل لتنظيم القاعدة " تيمور عبد الوهاب" تفجير سيارته المفخخة بمئات كيلوغرامات من المتفجرات وسط العاصمة استكهولم ، لكن الله كان دوماً مع الحق و الإنسانية و افشل هذا العمل الإجرامي الذي ان كان قد تحقق لقتل فيه مئات من الأبرياء و العزل باسم الدين، و الدين براء من الجهلة و القتلة و الإرهابيين، و يقول بعضنا في بلداننا رحم الله هذا البطل الشهم شهيد الدين الذي خطط لقتل آلاف من خلق الله الأبرياء و العزل في الغرب!

و في مصر يفتخر رئيس الجمهورية حسني مبارك ان نظامه و بفضل التزوير و التلاعب بنتائج الانتخابات أوصل جميع أعضاء الحزب الحاكم الى عضوية مجلس الشعب و كافة مراكز السلطة ليضمن من جهة استمرار حكمه دون معارضة واقعية داخل المجلس و من جهة أخرى يهيئ الظروف لقمع المعارضة وانتهاك حقوق الإنسان و عدم السماح لاي من المنافسين السياسيين لاسيما الدكتور محمد البرادعي من ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة و تهديده حتى بالقتل و دس السم له في حالة إصراره على التنافس السياسي و الانتخابي حيث ان جميع الحقائق تؤكد تفوق البرادعي على جميع المنافسين و المرشحين بما فيهم جمال مبارك حيث يسعى مبارك لفرض ظاهرة التوريث في الحكم على النظام الجمهوري المزعوم في مصر

و بالمقابل نرى و نسمع عبر قنوات الأخبار اندلاع الاعتراضات العارمة في اليونان حيث شارك في هذه الاعتراضات على خلفية سياسة التقشف الحكومية ملايين المعترضين الذين اشتبكوا مع قوات الأمن و الشركة لعدة ايام متواصلة، و تقر هذه القنوات من ان حصيلة هذه الاشتباكات و المواجهات العنيفة بعض الجرحى الذين عولجوا سطحياً و اعتقال 5 او 9 أشخاص و نقلهم الى مخافر الشرطة للتحقيق معهم، لكن من جهة اخرى نسمع و نرى القمع الرهيب الذي تقوم به أنظمة عربية و إسلامية ضد مجموعات قليلة من المعترضين حيث يتم قتل او قمع او اعتقال معظم المعترضين على بعض الأمور السياسية او الاقتصادية او حتى الثقافية و الاجتماعية و نلاحظ بعد ذلك ملاحقة قوى الأمن و القضاء و الاستخبارات للمعترضين و ذويهم و أقارب أقاربهم و أصدقاء أصدقائهم و محاصرة محل سكنهم و طردهم من الجامعات وإقصاؤهم من العمل و إلصاق شتى التهم بهم و تكفيرهم و الزعم انهم حاربوا الله و رسوله و وقفوا ضد إرادة الحكام المنتخبين من قبل الله مباشرة لمجرد انهم شاركوا في اعتراضات عادية جداً او انهم طالبوا بحقوقهم الدستورية

و نقرأ في التقرير الدوري للأمم المتحدة ان الدول العربية و الإسلامية و للأسف هي الأولى و الأبرز في مجالات انتهاك الحريات الشخصية و غياب حرية الصحافة واتساع ظاهرة تكميم أفواه المعارضة و عدم احترام حتى القوانين و الدساتير التي سنتها و أصدرتها تلك الأنظمة و الدول، و بالطبع ان مبررات القمع و الاستبداد و الدكتاتورية تكون دوماً الدفاع عن الدين او الحفاظ على الوحدة الوطنية و ضرورة احترام شأن و مكانة الزعماء و المسئولين ، في حين انه لا يوجد اي دليل و لا وثيقة و لا مستند و لا مبرر واحد لكي يكون اي نظام او حكم أحادي التوجه او أحادى السياسة و يتحكم في مصيره شخص واحد و حتى ان جميع الأنبياء و الرسل كانوا يستشيرون غيرهم و لا يستبدون بحكمهم مطلقا، و خير ما ننقله عن الرسول الأكرم (ص) قوله الشهير: اختلاف أمتي رحمة. اي انه كان يعتز و يطالبنا جميعاً باحترام و جهة نظر و رأي الآخرين و يؤكد لنا انه من خلال تضارب الأفكار و نضوجها عبر احتكاكها بعضها ببعض يولد نهج الحقيقة و تنار طرق الصواب، و خلاف ذلك فان احتكار السلطة و التفرد بالحكم لا ناتج عنه سوى الاستبداد و الجهل و ارتكاب الأخطاء و مصادرة حقوق الناس

اننا دعاة إرساء المجتمعات المدنية لا نطالب قادة أنظمة الدول العربية و الإسلامية باقتباس مناهج الحريات غير المحدودة او تطبيق الديمقراطية الغربية في دولهم او التعامل بالمثل في مجال احترام القانون و حرية الصحافة و الحريات الشخصية و السماح للجميع بالتعبير عن أفكارهم و آرائهم وفقاً للقانون ، بل ندعو هذه الدول على الأقل لاحترام حقوق المعارضة و عدم قمع المعترضين بشكل استبدادي حتى و ان كانوا على خطأ بل السماح لهم بامتلاك أجهزة إعلام مثل الصحافة و الأجهزة المرئية للتعبير عن آرائهم و بيان وجهة نظرهم و من حق المواطنين اختيار مواقف النظام او مطالب المعارضة و لا يمكن لاي نظام مهما كانت قدرته و سلطته ان يستمر بالتفرد بالسلطة و تكميم أفواه المعارضة لفترة طويلة، وان مثل هذه الأنظمة قطعا ستشهد اعتراضات جماهيرية حاشدة ضدها نظراً لحالة الكبت و القمع و الإرعاب و ان مصير هذه الأنظمة التي تمارس الظلم و الاستبداد و مصادرة حقوق الآخرين و التفرد بالسلطة قطعاً سيكون و السقوط و الاندثار و الزوال تطبيقاً لارادة القدر المحتوم و في إطار القول المأثور:
الملك (الحكم) يبقى مع الكفر و لا يبقى مع الظلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو