الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدلية الذاتي والموضوعي والداخلي والخارجي في صناعة التاريخ ودور النخب الفكريه والسياسيه

ابوذر ياسر

2010 / 12 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وفقا" للفهم الماركسي للتاريخ تلعب الظروف الموضوعيه الدور الحاسم في الاحداث التاريخيه المفصليه وهو ما يطلق عليه ( الحتميه التاريخيه) الا ان الماركسيه لم تغفل ابدا دور العامل الذاتي ليس في صناعة الحدث وانما في تسريع او الابطاء في الصيروره التاريخيه للمجتمعات والشعوب.
وقد اثبتت الخبره التاريخيه ان هذه الموضوعه الماركسيه ذات طابع عام جدا وليس تفصيلي اي ان المسار العام للتاريخ يخضع بهذا الشكل او ذاك بهذه الدرجه او تلك لهذه الموضوعه.
وازاء هذه الموضوعه هناك ثلاث وجهات نظر فيما يتعلق بدور الفرد في التاريخ:
الاولى تعطي الفرد دورا" حاسما" وتروج لفكرة ان الفرد يستطيع تغيير مجرى التاريخ وعلى هذا الاساس فانه لولا لينين لما حصلت الثوره الروسيه ويقال نفس الشيء بالنسبه لماو تسي تونغ في الصين وعبد الكريم قاسم في العراق وجمال عبد الناصر في مصر.
اما وجهة النظر الثانيه فهي تلغي دور الفرد بشكل كلي وفقا" للتطبيق الميكانيكي لمفهوم الحتميه التاريخيه على اعتبار ان الظروف الموضوعيه هي التي تخلق الافراد وتهيئهم للعب الدور الذي يقود الاحداث وفقا" للمسار الحتمي المفترض . وتقود وجهة النظر هذه الى السلبيه وقتل روح المبادره وترك الاحداث تأخذ مسارها المرسوم بموجب مبدأ الحتميه.
فيما وجهة النظر الثالثه دورا" للفرد وسطا" بين الاثنين.
وعند الحديث عن العامل الموضوع تبدو المسأله اكثر تعيقدا" في عالم اليوم حيث يزداد تأثير العامل الخارجي بسبب تدخل الدول العظمى في شؤؤن الدول الصغيره وبسبب الثوره المعلوماتيه والانتشار السريع للافكار وتحول العالم كما يقال الى ( قريه صغيره) رغم ما ينطوي عليه ذلك من مبالغه.
وتلعب التدخلات الخارجيه في كثير من الاحيان دورا" حاسما" في تغيير المسار التاريخي لتطور الشعوب والمجتمعات المتعرضه لهذا التدخل لكن يبدوا ان هذا التأثيريبقى مؤقتا" طال الزمن او قصر فالشروط والظروف الداخليه ومستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي لذلك المجتمع هي التي ستنتصر في النهايه.
فالاحتلال البريطاني للعراق حاول ادخال الحداثه في العديد من مفاصل الحياة عند المجتمع العراقي وبالفعل فقد تفاعل المجتمع مع هذه التغييرات وانعكس ذلك على العديد من مظاهر الحياة الاجتماعيه والثقافيه والسياسيه لدى اوساط معينه من المجتمع العراقي.
فبعد فترة السبات الرهيب ابان الحكم العثماني للعراق ازدهردت الثقافه وازداد عدد الصحف والكتب المطبوعه وعدد المتعلمين والمثقفين ودخلت مظاهر الحياة الحديثه واخذت تعبيرها في الملبس والمأكل والنظره للمرأه واقيمت المسارح والسينمات والنوادي الاجتماعيه ونشأت الاحزاب السياسيه وانتشرت التيارات الفكريه الحدجيثه وفي طليعتها الماركسيه.
الا ان خروج العراق من السيطره العثمانيه ونظام الخلافه لم يكن فعلا داخليا يعكس تطور المجتمع العراقي وحاجاته الملحه وجهود ابناءه بل كان فعلا خارجيا" مفروضا"
ولهذا السبب حصول النكوص باسرع ماهو متوقع وتخلى المجتمع عن كل مظاهر الحضاره والحداثه فسادت النظره الدينيه المتعصبه في الكثير من مناحي الحياة واقفلت السينمات والنوادي الثقافيه ابوابها وحدث تراجع مريع في الحياة الثقافيه وقل عدد المعنين بالثقافه منتجين ومتلقين.
وجاء الاحتلال الامريكي ليطلق رصاصه الرحمه( ربما عن غير قصد) على مظاهر الحداثه فعاد المجتمع الى تنظيمات ماقبل الدوله عاد الى الطائفه والعشيره
لقد ارتكب الامريكان خطأ كبيرا" بمحاولة تطبيق الاليات الديمقراطيه في مجتمع لم تنضج فيه الظروف الموضوعيه للممارسه الديمقراطيه فكان تسليم السلطه للشعب تسليما" للقوى السياسيه المعبره عن مستوى التطور الثقافي والفكري المتراجع بعد فشل المشروع البريطاني وسنوات طويله من تسلط الديكتاتوريه.
لقد كسر الاحتلال البريطاني التطور الطبيعي للمجتمع العراقي وجاء الاحتلال الامريكي ليعيد الامور الى نصابها لكن مع تضييع مئة عام تقريبا من عمر العراق
ورغم كل شيء لاتوجد خشيه من اسئناف التطور الطبيعي للمجتمع العراقي رغم الخساره الكبيره في الوقت الا ان ذلك يجب ان لايثير الاحباط في نفوس القوى المتطلعه الى وضع افضل. فعلى هذه القوى ان لاتستلم لليأس وتتخلى عن دورها بتأثير الاوضاع المثيره للاحباط لكن عليها ان تعمل وان تقول كلمتها لكن دون الافراط في التفاؤل فالدرب لايزال طويل جدا".









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. امتحان عسير ينتظر إيران بعد وفاة رئيسي.. إلى أين ستمضي طهران


.. إجماع إسرائيلي على رفض قرار الجنائية الدولية ضد نتنياهو بصفت




.. مشاهير يوجهون رسالة إلى زوجة بايدن لحثها على اتخاذ موقف تجاه


.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استهداف الاحتلال منزلا لعائلة الكح




.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته، ماهي التبعات السياسية في