الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينَ تعرَض الشهادات والرسائل العلمية كسلعة في أسواق البيع الرسمية والأهلية ..وتبعاتها الكارثية

عبد علي عوض

2010 / 12 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أضحَت مسألة إقتناء الشهادات الدراسية ورسائل الدراسات العليا ( الدكتوراة والماجستير ) من الظواهر الطبيعية الملازمة لآفة الفساد السياسي والأخلاقي في الظروف الراهنة ، التي ألقت بظلالها وتأثيراتها السلبية الكارثية على مجمل عملية التنمية الإقتصادية والعلمية والثقافية والإجتماعية ، وأفرَزت واقعاً جديداً من الخراب والإنهيار ، تكمن خطورته في تبنّي هذا النهج رسمياً مِن قِبل القوى السياسية المهيمنة على السلطة .
لقد أفاض د . سيار الجميل في مقالته المعنونة ( متى نحرق شهادات الدكتوراة في ساحة الفردوس ؟! ) وعبَّر بما فيه الكفاية عن معاناة الأكاديميين وما يدور في خلدهم وشعورهم بالمرارة بسبب الإستخفاف بالشهادة العلمية الرفيعة وطُرُق الحصول عليها . أقول أن الجماعات التي حصلت على تلك الشهادات بأساليب رخيصة ومبتَذَلة ، ما هي إلاّ { سَقط المِتاع } .
إنَّ الإنهيارالعلمي لم يكن وليد الصدفة في السنوات الأخيرة ، وإنما كانت بداياته في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ، عندما أصبح المعيار الرئيسي لقبول الطلبة في الدراسات العليا ، هو الإنضمام الى حزب البعث الفاشي ومنظمته الطلابية الإجرامية ( الإتحاد الوطني ) ، وليس التفوق الدراسي ، وإزداد الإنهيار أكثر حين أصبحت تُضاف عشر درجات أو عشرين درجة الى المعدل العام لكل طالب يؤمن بالبعث ويقدم خدمات
( جليلة ) له عن طريق كتابة التقاريرالأمنية بحق الطلبة الأبرياء ، الذين بسبب تلك التقارير، منهم مَن تمّ تنفيذ حكم الإعدام به ومنهم مَن إعتُقل وطُرِد من الكلية . عندما عاد كَتَبة التقارير الى العراق بشهاداتهم والتي تُسمّى دكتوراة ( الإتحاد الوطني ) ، أزاحوا الأساتذة الأكاديميين الفضلاء المستقلين على التقاعد وحلّوا محلهم وعاثوا خراباً بالقطاع العلمي والعملية التدريسية في الجامعات العراقية وبقية مؤسسات الدولة . والمشكلة الأخرى هي أنّ عدد كبير من أولئك ( الدكاترة ) أنهوا دراستهم في جامعات ومعاهد ليست رصينة ، متصورين أن إسم الدولة التي أنهوا فيها دراستهم يكفي لتزكية شهاداتهم الدراسية ، أي أنّ ذِكر إسم الولايات المتحدة أو أي دولة أوربية يكفي للإعتراف بشهاداتهم ، ونحن نعلم جيداً أن كثير من المؤسسات التعليمية لا يُعتَرف بشهاداتها حتى مِن قِبل حكوماتها ! .
لكن ماذا فعل وزير التعليم العالي ( العجيلي ) لهم ، والذي هو واحد منهم وبنفس طريقتهم حصل على الدكتوراة ! ..إستمر هذا الشخص بإبعاد الكفاءات العلمية المستقلة وفََرَض محلهم قسم من جماعته والقسم الآخر أرسلهم بصفة ملحقين ثقافيين ، كي ينعموا برواتب عالية وراحة الضمير والبال !!! .
أما ما جرى ويجري بعد سقوط البعث ، وخاصة بعد الإنتخاب العشوائي للجمعية الوطنية التي دامت تسعة أشهر ، وبسبب الرواتب العالية لأعضائها ، أطلَّ علينا كثير من أولئك الأعضاء بلقب ( دكتور ) ، الذي إبتاعوه بالمال ، فهل يُعقَل أنهم أنجزوا رسائلهم العلمية خلال بضعة أشهر وهم في ذات الوقت مرتبطون بعمل حكومي ، أي أنهم لا يملكون الوقت الكافي وغير متفرغين لكتابة أطروحاتهم .
لذا من الضروري القاء الضوء على درجات التزوير من السيء الى الأسوأ :-
1- يقوم الشخص الراغب بالحصول على الدكتوراة بدفع مبلغ من المال الى واحد أو أكثر من القادرين على كتابة الأطروحة ، ثمّ تتم عملية تلقينه مِن قبَل الذي كتب تلك الأطروحة قبل موعد مناقشتها وبالإتفاق ( مالياً ) مع أعضاء لجنة المناقشة .
2- يدفع المعني مبلغاً من المال لجهة معينة ، تقوم تلك الجهة بانجاز الأطروحة ومناقشتها من دون حضوره ، وبالتالي إستلامه لوثيقة الدكتوراة ، وهو لايعرف اسم وعنوان رسالته.
3- يتم دفع مبلغ معيّن مقابل الحصول على الشهادة ، من دون أطروحة ومناقشة .
أن الطرق الثلاثة هي التي سادت في داخل وخارج العراق ، وحَمَلَة تلك الشهادات أخذوا مواقعهم كأعضاء برلمان و وزراء ووكلاء وزراء ومستشارين ومدراء عامّين وأعضاء مجالس محافظات ...والخ . الكارثة أنّ السيد رئيس الوزراء يحاول أن يغطّي عليهم ويحميهم من المساءلة القضائية ، بتشكيله لجنة العفو عنهم !! .
إنّ الوزير التكنوقراط النزيه ( إذا توفر ) ضمن الحكومة الجديدة لايستطيع إحداث تغيير في وزارته ، لكونه لايمتلك صلاحية فصل أو عزل أو طرد أي واحد من المدراء العامّين ، لأن تلك الصلاحية بيد رئيس الوزراء حصراً ، وبالتالي بقاء أصحاب الشهادات المزورة في مواقعهم الوظيفية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً