الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى حرب الفرقان -الرصاص المصبوب-

محمد داود

2010 / 12 / 27
القضية الفلسطينية


يصادف اليوم السابع والعشرون من ديسمبر 2010 الذكرى السنوية الثانية للحرب الصهيونية على قطاع غزة والتي استمرت اثنين وعشرين يوما اقترف خلالها العدو الصهيوني النازي جرائم إبادة بحق الإنسانية، ذهب ضحيتها ما يزيد عن ألف وخمسمائة شهيد وخمسة الآف جريح وأكثر من خمسمائة آخرين انضموا إلى جيش المعاقين بعد أن بُترت أعضاءٌ من أجسادهم قد سبقتهم إلى الجنة جراء القصف المركز للمدنيين الآمنين في بيوتهم، وقد استخدمت أنواعاً مختلفة من الأسلحة المحرمة دولياً عرف منها الفسفور الأبيض واليورانيوم فحرقت البشر والحجر والشجر، حتى الأجنة لم تسلم من التشوهات، وعاثت الآلة الإسرائيلية المدمرة فساداً في الأرض تقتل وتحرق وتقلع وتهدم حتى طالت الأخضر واليابس، و"البنية التحتية برمتها مدارس وجامعات ومستشفيات والآف البيوت وتدمير مساحات واسعة من الحقول الزراعية".

كانت جريمةً بشعةً بدأت لحظاتها بغارات غادرة لتحصد مئات الشهداء الذين تناثرت أشلاءهم، خلفت ورائها نساءً ثكلى أرامل وأيتام، وقد قدرت حجم القذائف التي سكبت على القطاع المنكوب والمقهور بما يزيد عن مليون كيلو جرام من المتفجرات فأبيدت على أثرها عائلات وأزيلت قرى وأحياء عن الخارطة الغزية فأعادتها عقوداً إلى الوراء.

لقد كان عدواناً شرساً في شتاء ملتهب بأيامه الثقيلة، الموحشة، والحزينة بفعل مئات الأطنان من حمم الدبابات والصواريخ التي أسقطت من الطائرات الحربية، وأحالت غزة إلى بؤرة من الجحيم والقهر استهدفت الأطفال والنساء والرجال والشيوخ على حد سواء لتهز كل ضمير ووجدان، حتى بات المشهد يروي قصصاً مع الموت والنجاة، مع الحزن والألم، والرهبة التي تسببت عن أصوات الانفجارات وهدير الطائرات التي غطت سماء القطاع، المحاصر جواً وبراً وبحراً في مشهد إرهابي مجنون من دولة الإرهاب الأولى في العالم، تشتد مع سكون الليل المعتم دون كهرباء فتضيء بريق قنابلها وصواريخها فتزلزل الأرض والجدران، يتبعها صراخ سيارات الإسعاف فيجافي النوم عيون الجميع، فندرك أن هناك شهداءٌ وجرحى وتناثر شظايا وأشلاء متفحمة على الجدران أو بين الركام والتراب تُعبقه الدماء فأصبغته باللون الأحمر.

غزة الدموع والآهات والآلام ، صرخات المصابين والعالقين من كتب لهم النجاة بين الركام تستغيث لتروي لنا حكايات ومعجزات إلهية عن الصمود والبقاء وإرادة الحياة، ازدادت الفاجعة بعد أن وضعت الحرب أوزارها لتنكشف معالم الجريمة عن شهداء بالجملة تُركوا أياماً في العراء نُهشت أجسادهم لتعيدنا الذاكرة إلى مجزرة صبرا وشاتيلا.
غزة رمز العزّة والشموخ، مضى عامان على المحرقة ولايزال الجرح الفلسطيني ينزف، ولايكاد يمضي يوماً إلا ونودع فيه شهيداً وقد أخذ الحصار الجائر والفقر مراحلاً من الشدة، ولا تزال العائلات مشردة في العراء يفترشون الأرض ويلتحفون السماء لتقيهم برد الشتاء، وبضع خيام صنعوها وعلقوا عليها أمنيات الإعمار التي لا تزال حتى اليوم وعوداً وحبراً على ورق، ولم ترتقِ لمستوى المسؤولية التي تقع على عاتق العالم، خاصة العالم العربي والإسلامي الذي يقف متفرجاً. وبين الحصار والعدوان لايزال الجسد الفلسطيني يمزقه الانقسام الذي قتل مشروعنا الوطني.

لايكفينا في هذه المناسبة أن نتضامن ببعض العبارات المؤثرة وبيانات الشّجب ونطويها بعد لحظة ولكن يجب أن نحول هذه الكارثة التي طالت الإنسانية بفضح جرائم الاحتلال ومحاكمتهم كمجرمي حرب على جرائمهم الوحشية بحق البشرية وملاحقتهم من خلال إدراج هذه المجزرة وغيرها ضمن صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية والعمل على إبقاء هذه المجزرة وغيرها حيه في أذهان العالم وأروقته المتآمرة لاسيما بعد إدانة الجريمة في تقرير غولدستين .

وفي الختام أناشدكم واستحلفكم بالله وتكريماً لدماء الشهداء، أستصرخ فيكم ضمائركم الحية بأن نقف دقيقة صمت نقرأ خلالها معاً وسوياً الفاتحة على أرواح شهدائنا الأبرار وفاءً لهم منا جميعاً أينما دفنوا.
كاتب وباحث








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج