الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدرسة الانتصار

صلاح عبد العاطي

2004 / 9 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


راودتني أفكار كثيرة كموج بحر عاصف في شتي مناحي الحياة التي نعيش ، القومية والوطنية والاجتماعية والديموقراطية ونما معي سؤال كبير إلى أي مدرسة نحن ننتمي ؟؟ إلى مدرسة الهزيمة أم مدرسة الإرادة والانتصار ؟؟
وإذا كنا ننتمي الى مدرسة الهزيمة فما جدوي الحديث والكتابة في هذا الزمان ؟ وما جدوي الفعل ؟ وما جدوي المعاني والايدولوجيا طالما نحن مهزمين ؟؟؟ فمن الهزائم العربية الكبرى التي تناقلتها الأجيال جيل بعد جيل، الى هزيمة القيادة بشتى تلاوينها الفكرية والسياسية والاجتماعية، والسؤال الأكبر عن جدوى الفعل في مجتمع الهزيمة , وجدوى الفعل في مجتمع الانتصار ؟؟
ان الموضوع الذي نحن بصدده كبير كبر الهزيمة ولكنني سأحاول جاهدا البحث فيه عسي ان نقدم اجتهادا فكريا يسمح لنا وللآخرين من أبصار الطريق الذي نعمل فيه , وعلنا نستطيع ادراك عوامل الانتصار والنجاح لتحمينا من الانحدار في زمن الهزائم , فالفجوة تزداد اتساعا بين الواقع والحلم الذي نريد , فنحن في مجتمع يبحث عن خبزه وقوت يومه وحريته نبحث عن وجودنا مع كل ما يترتب علي ذلك من نتائج و مفارقات التذبذب بين الموقف وعكسه ويصدق قول الشاعر احمد مطر في ذلك :
"مئتا مليون نملة أكلت في ساعة جثة فيل ولدينا مئتا مليون إنسان ينامون علي قبح المذلة ويفيقون علي الصبر الجميل مارسوا الإنشاد جيلا بعد جيل وحين خاضوا الحرب عجزوا عن قتل نملة"
يكاد يتفق الجميع في مجتمعنا العربي عموما علي ان هناك أزمة شاملة يعاني منها مجتمعنا في ظل الواقع الراهن وفي سياق التحولات الدولية والإقليمية والمحلية ، والتي تزايدت ترجماتها في السنوات الأخيرة وبعد احتلال العراق واستمرار الصمت علي ما يحث في فلسطين ،وأصبحنا نشعر بتجليات وتفاقم هذه الأزمة بحيث باتت تشكل معلما بارز في الحياة السياسية والاقتصادية والمجتمعية العربية وفي خطاب كل القوي الاجتماعية والسياسية , الا أن لكل واحد منا ووفقا لنموذجه التحليلي الذي يعتمده تفسيره الخاص لهذه الأزمة وما تحمله من أبعاد.
ما لا شك فيه بأن الأزمة هي نتاج تظافر مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التربوية والفكرية الداخلية والخارجية والتي يمكن ان يحيط بها نموذج تحليلي واحد ونورد عدد من العناوين لابرز هذه العوامل التي سبق وان أشرت الى أجزاء كثيرة منها في كتاباتي السابقة والتي تتجلي في تعثر مشاريع التنمية وتفاقم البطالة وتراجع فرص العمل لا سيما في صفوف الشباب وتنامي الشعور بالإحباط وانتشار الفساد وغياب سيادة القانون واتساع مساحة الفقر والعولمة والأمركة وتراجع الأخلاق والعلاقة الغائبة بين التعليم والثقافة وعناوين أخري كثيرة كلها تؤكد بأن الأزمة مستحكمة في مجتمعنا العربي .
فهناك هزيمة طالت كامل المجتمع العربي التي تعرضت يقينيا ته ووحدته الداخلية للتفتت بسبب عوامل كثيرة يدفع كلفتها المجتمع من مستقبل اجيالة وقوته وثقافته والتي لن يبقي منها شي اذا ما استمرت هذه العوامل , فكل ما حولك من الأشياء يشير الى الهزيمة , فالكمبيوتر لم نصنعه والأجهزة لم نصعنها والفكر السائد , مهزوم ومحبط , ويفاجئك الجميع بأنك أنت وقلة فقط من الوطن العربي الكبير من تفكرون بهذه الأشياء فقط .هل لأنك لم تدرك قوانين المرحلة .. والسؤال .. هل نسقط كما سقط الجميع ... ولماذا ؟؟ للأسف تتجه الأمور نحو المزيد من التأزم، بحيث يتم صرف نسبة عالية من الجهود في محاولات لترقيع وتغطية الأزمة ويصر البعض المتنفذ علي تبديد الوقت وممانعة كل أشكاله التفكير والبحث في عمق الأزمة وكشفها ومواجهتها, ان المجتمع المأزوم يستخدم أدوات مأزومة و أفعال مأزومة بحيث يسير الجميع نحو نهاية مأزومة معروفة سلفا كما يبدو.
فنحن مدفوعون بأسباب ونوازع لا مصير لها الا نهاية باتت معلومة – متألمين ومستمتعين بالدور المناط بنا فكانت الحصيلة واحدة بدورها ومجموعها شكلت الأزمة البنيوية الشاملة التي انتهت بها التجربة الوطنية والاجتماعية العربية , ازمة لم تعد من الماضي بل تتحكم في الحاضر الذي لم ينجح حتي اللحظة في العبور نحو المستقبل.
وكلما خرج بديل من الخارج هذه التجربة سرعان ما يجد نفسه داخلها وفي أحشائها, وتجد المتفائلين ينادون بالصمود وعدم الهزيمة دون تحريك ساكن وآخرين مهزومين يروجون منهاج الهزيمة ويعترونه نصرا عظيما او يعدونه امرا واقعيا لا يمكن العمل علي تغيره, ان المفقود هو الأداة المناسبة لتأدية المهمة المناسبة والأداة المناسبة هنا هي مدرسة الانتصار والمواجهة والمهمة المناسبة هي الديمقراطية باعتبارها مفتاح الانتصار .
ان كارثة تنتظر الجميع والمجتمع اذا ما جري وضع الأمور كلها في سلة واحدة لان الحصيلة هي حتمية هزيمة الجميع وبالتالي لا توجد خيارات أمامنا الا الصمود فقط او الهزيمة .
ان البديل المطلوب هو الانتصار وعلي قاعدة وقف أسباب الانحطاط كوننا لا نملك ترف الخطأ ،لذا علينا التأسيس من اجل أيجاد مدارس الانتصار , مدرسة تؤسس للايجابي في الفعل و تراكم عوامل الانتصار وهذا يبدأ أولا بضرورة المراجعة النقدية الشاملة للنظم علي كافة الجوانب السياسية والحياتية المطلبية و تفعيل كل الطاقات في مجتمعنا ويحتاج الى دور حقيقي وفعل نضالي تراكمي يؤسس لثورة ثقافية وتنموية شاملة . ليفهم الجميع بأنهم جميعا في موقع الخطر الداهم وان كلفة الخطأ ستكون قاسية جدا .
من البديهي الان ان نستثمر آليات الدفاع والصمود في العمل والفعل وان نمارس الممانعة لما هو ضد مصلحتنا ومصلحة شعوبنا التي يجب ان تشرك في القرار . فما نحتاجة اليوم هو التأسيس للانتصار والنجاح أولا وأخيرا وليس الاستكانة والتسليم بالهزيمة , التأسيس لبدايات الانتصار في وسط مجتمع مهزوم ويعاني من الهزيمة يبدا بمعالجة أسباب لهزيمة ومغادرتها وكل تبعاتها وعقليتها واحبطاتها , وعلينا جميعا ان نتقدم وأعيننا شاخصة نحو الانتصار عبر توفير كل مقومات الديموقراطية والعقلانية والعلمية والتقدمية.
ان الجميع مدعوين لمغادرة عقلية الهزيمة ،والثورة علي كل مظاهرها من إحباط وفساد واتكاليه وانتهازية وانهزامية وكل أشكالها المريضة المستفحلة في مجتمعنا, لأننا لا نملك خيارا أخر وليس من باب الارادوية ولا من باب الوهم بل من باب الفعل , والفعل المنتصر والمدروس الواعي , الفعل الذي يؤسس للإنسان المناضل الواثق بحتمية الانتصار , ولمجتمع النجاح والانتصار .
وليبدأ الجميع بذلك فكفانا هزائم !!!!
وان نضيء شمعة خير ألف مرة من ان نلعن الظلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-