الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدافن جماعية للجوع

سهيلة بورزق

2010 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


لم تبق أزمة اٍلا وتطرقنا اٍليها، والأزمات في الوطن المغاربي الكبير تزداد على اختلاف
أضرارها، وتنوع سلبياتها. هناك قطعا مخرجا كفيلا بتقليص المعاناة الاقتصادية، لكن التهيئة اٍلى ذلك ناقصة أو منعدمة تماما، فحتى في الوقت الذي كان العالم فيه ينعم بالبحبوحة الاقتصادية، كان المغرب العربي مستمرا في معاناته على جميع المستويات.

تجدر الاٍشارة هنا أن معدل استيراد المواد الغذائية الأساسية من دول الخارج جد مرتفعة، لاسيما والأسعار تزداد ارتفاعا بسبب تردّي الوضع الاقتصادي العالمي، فعوض فتح مصانع غذائية جديدة، ومساعدة الشباب ماديا على تطويرالعمل الزراعي لتحقيق التكافؤ الذاتي، تصرّ الحكومات على توسيع بؤرة الحاجة الغذائية بعملية الاستيراد التي تكلّف الملايير من الدولارات، أمام تعطّل اليد العاملة الشبابية الكفيلة بالعمل لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولتحسين مستوى الاقتصاد في الوطن.

اٍنّ الهروب اٍلى أسهل الحلول نابع عن عجز الحكومات المغاربية سياسيا، مع عدم اهتمامها بالمستوى المعيشي لمواطنيها، بل لقد أصبحت تحفّز الشباب على المخاطرة بالفرار اٍلى أوطان أكثر أمانا، وأكثرانفتاحا، وأكثر حرية، وأكثر انتماء، بدليل أن البعض الذين عبروا الحدود اٍلى بلدان متطورة، استطاعوا رفع مستوى معيشة أسرهم الاقتصادية.

لا أعتقد أن الأزمات المختلفة وليدة الساعة، وخاصة منها أزمة نقص الغذاء، بل كان الأجدر بنا السؤال عن متى يتوقف هذا النزيف غير الانساني في قرن أصبح فيه الحيوان يمتلك من الحقوق الكثير، وتقام له المؤتمرات، وتتفاعل لأجله النقاشات على مستوى جد عال.

هل نحن بذلك نستعد لتحقير الاٍنسان المغاربي؟، ونستعد لتقليص وجوده أساسا؟، جميع الدلائل السياسية تسعى اٍلى تحقيق هذا المسعى غير النبيل بطرق غبية لا تعادل أي غباء فوق الأرض. ثم أين الفرص المتاحة للتقليل من المعاناة؟
نحن نحاول طرح أسئلة كبيرة أمام سلبية سياسة الحكومات، ونحاول البحث عن حلول غير موجودة لا بين أحلامنا ولا في أفكارنا، نحن نعاني أكثر من البحث عن اٍجابة لسؤال عالق، كان الأجدر بنا طرحه على الحكّام الذين يعلمون أن الاٍنسان في الشارع أصبح يتغدى على المزابل مثله مثل القطط والكلاب المتشردة، ومع ذلك لا يهتمون، ويرجعون كلّ الأسباب اٍلى حالة الانهيار الاقتصادي العالمي، مع أنّ القصور التي يعيشون فيها لم تتأثر بأي انهيار عالمي في أي وقت من الأوقات.

أصبحت لدى المواطن المغاربي اليوم صعوبة في الفهم من كثرة التأزّم النّفسي الذي يعيشه من جراء الأسئلة الكبيرة التي تطرح بسبب معاناته، فلا مشاكله حلّت، ولا السلطة قدّرت صبره على انشغلها الدائم بحساب الملايير من الدولارات التي تدخل خزائن الدولة، ولا جمعيات حقوق الاٍنسان تفاعلت معه، ولا خبرة الجوع والمرض والتّشرد والموت نفعوا، الموت اٍذن هو المصيدة الكبيرة الكفيلة بغربلة الشعوب، فاٍذا عاش البعض منهم فذاك دليل على بعض العنفوان لا غير.

الرجاء اٍقامة مدافن جماعية للاحتفال بالجوع في المغرب العربي، وعلى العالم تسجيل الحقيقة… القوة للشعب وحده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مزيدا من المدافن
محمد الرديني ( 2010 / 12 / 29 - 09:23 )
ادعي اولا اني احترم العناوين التي تجبرك على القراءة فحقا كان عنوان موفقا
النقطة الثانية والتي الوم فيها كتابنا المغاربة تتعلق بقلة انتاجهم في هذا الموقع ولم يعد القارىء العربي في المشرق يعرف الا النزر القليل مما يحدث في بلادكم
ليس المطلوب فقط رسم الصورة السوداوية ولكن على الاقل ان نعرف شيئا عن الناس هناك بفقيرهم وغنيهم ، بكل اطياف الحياة التي تلونهم
لايسعني الا ان اطلب مزيدا من تفاصيل الحياة رغم علمنا انها نسخة مكررة من واقع العربي في المشرق
شكرا لك ومزيدا من التألق

اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و