الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل الإجرائي و نظرية التعتيم الكلي

بودريس درهمان

2010 / 12 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


انطلاقا من الفترة الريغينية، نسبة إلى الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، حصل تغيير هائل على مستوى العلاقات الدولية جراء الانفجار الذي حصل في سيولة المعلومات عبر وسائل الاتصال الحديثة، السريعة و التي توظف فيها الصورة و الصوت. بسبب هذا التغيير أصبح من بإمكانه استقبال أكبر عدد ممكن من المعلومات، تنظيمها و توظيفها يساعد على التحكم في مجريات الأحداث و توجيهها و فق الأهداف و الغايات المسطرة. هذه الإمكانية الجديدة أبرزت إلى الوجود العقل الإجرائي المتكتم الذي أصبح هو المحدد الحقيقي لمجريات الأحداث، و ليس الحركات الاجتماعية العفوية.
نظرية حرب النجوم و الدرع الصاروخي التي أبدعتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال مرحلة الرئيس الجمهوري ريغن لكي يهيمنوا على الساحة السياسية المحلية و يهيمنوا كذلك حتى على الساحة السياسية الدولية، هذه النظرية لم تكن نظرية على مستوى الأدوات التكنولوجية فقط بل كانت كذلك نظرية على مستوى تكنولوجيا المعلومات و مستوى تكنولوجيا التمويه و الخداع الإعلامي و السياسي.
هكذا فلمن يريد أن يفهم أحداث العيون خلال السنتين الأخيرتين التي توجتا بأحداث العيون الأليمة، عليه أن يفهم بان هذه الأحداث هي ناتجة عن تداخل و تضارب عمليات إجرائية متعددة.
هذه العمليات المتضاربة سواء كانت من تخطيط هذه الجهة أو تلك فهي تخضع لعقل إجرائي واحد و هذا العقل الإجرائي الواحد لا يتعامل بتاتا مع قيم حقوق الإنسان كغاية في حد ذاتها كما تنص على ذلك النصوص الدولية لحقوق الإنسان، بل يتعامل مع قيم حقوق الإنسان كوسيلة من بين الوسائل الأخرى التي تساهم في تحقيق الأهداف المسطرة سلفا. على سبيل المثال لا الحصر الغاية المضمرة في مطلب تضمين مجال حقوق الإنسان عن طريق تكليف الإدارة الدولية لتمثيلية المينورسو بالقيام بذلك، تبرره وسيلة واحدة هي تواجد ناشط حقوقي مكسيكي بداخل مخيم "أكديم ازيك" لأن الجمهورية الفدرالية المكسيكية هي الدولة التي دعت مجلس الأمن إلى تضمين هذه الغاية عن طريق التمحيص في الوسيلة التي هي أحداث الثامن من نونبر. هكذا، فكل الأحداث التي عرفت إهدار الأرواح البشرية و اختلاق الحرائق لا تعدو أن تكون وسيلة فقط لتحقيق غاية توسيع صلاحيات المينورسو.
العقل الإجرائي يتعامل مع الأحداث كعمليات ميدانية فقط مجردة من كل العواطف و الإيديولوجيات و ما يهمه هي النتائج؛ أما الأخلاق و العدالة الاجتماعية بالإضافة إلى قيم حقوق الإنسان فهي ليست إلا مواردRessources. لقد كان الثامن من نونبر عملية معقدة تضاربت فيها عقول إجرائية عدة و كان القاسم المشترك بين هذه العقول هو التعتيم الكلي من اجل الحفاظ على نفس الرجالات و نفس الامتيازات و للتخلص فقط من بعض الشوائب. خلال هذه الأحداث ناور الذكاء المحلي المهيمن على كل الامتيازات من اجل أن يثبت للجميع بأنه هو من يستحق هذه الامتيازات. مناورة الذكاء المحلي كانت ذكية جدا لأنها استطاعت إفراغ الذكاءات الأخرى المتدخلة من كل محتوياتها.
خلال الانتخابات الأخيرة التي عرفتها مدينة العيون خلال صيف سنة 2010 تكرست بداخل بعض الأحزاب السياسية سلوكات شبيهة بسلوكات المليشيات. ذات ليلة من ليالي هذه الانتخابات الصيفية انطلق حوالي التاسعة ليلا ثلاث مأة شاب يرتدون سراويل الدجينز و عاريي الصدور و حاملي للعصي، انطلقوا من ملعب أم السعد، جابوا شارع القيروان ثم اخترقوا منطقة الفيلات إلى أن وصلوا إلى المقر المؤقت للحزب السياسي المعترف به الذي يحتويهم. كل هؤلاء الشبان ينتمون إلى قبيلة واحدة و أرادوا باستعراضهم ذلك إرسال الإشارات القوية إلى القبيلة الأخرى المنضوية هي كذلك في حزب سياسي أخر. خلال الانتخابات الأخيرة احتوت القبيلة الحزب السياسي و بدأ يتأسس على اثر ذلك تنظيمات أشبه بتنظيمات المليشيات.
بعض الجهات الذكية بداخل المملكة المغربية قسمت القبائل إلى أحزاب سياسية و جبهة البوليساريو كرد فعل منها قامت هي الأخرى بتقسيم التراب على القبائل و الضحية في كل هذا هي الشعب و الدولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا


.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ




.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت


.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا




.. إلى ماذا تؤشر عمليات المقاومة في رفح مستقبلا؟