الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة الصحفيين في العراق

علي جاسم

2010 / 12 / 29
الصحافة والاعلام


لعلي هذه المرة الاولى التي اعترف بها على الملاً باني سئمت العمل في المجال الاعلامي رغم ولعي الشديد به ، ليس لان ابجدية هذه المهنة متعبة وخطرة لكن بسبب الشعور بعدم الانتماء او العزلة ، لانه ليس من المعقول ان اكون صحفي ولدي كل مايثبت ذلك ومازلت لا انتمي الى نقابة اشعر باني عضو فيها ولي حقوق وعلي واجبات.
منذ بدأت اعمل مراسل في احدى الصحف العراقية بعد تخرجي من كلية الاعلام عام 2004وانا اعشق كل شيء بالصحافة واشعر بسعادة غامرة عندما اصغي لاي توجيه او نصيحة من احد الاساتذة الصحفيين ممن اعمل معهم ، لاني اعي جيداً بان ذلك سيزيد من نصيبي الفكري والمعرفي باخلاقيات المهنة ويضيف الى مقدرتي الاكادمية قدرات مهنية وخبرات جديدة بما يجعلني محترف بالعمل الصحفي ، وهو امر لايدركه بعض الزملاء ممن كانوا يضجرون عندما يسمعون تلك النصائح والتوجيهات لانهم يتصورن ان الاعلام هو كتابة الخبر او التحقيق او التقرير والالتزام بقواعد كتابته اضافة الى الحصول على عضوية النقابة ، وبذلك يصبحون صحفيين او اعلاميين وهذا امر خاطئ لان الصحافة لا تتوقف على ذلك فقط انما على وجود مهارات فطرية خاصة تصقل بالتحصيل العلمي الاكاديمي يضاف اليها الخبرة والاحتكاك ،وعندما يمتلك المرء تلك المميزات يصبح بامكانه صياغة الخبر ليس وفق القواعد العامة المعروفة فحسب انما وفق انماط جديدة تقترن بالتقنيات الحديثة التي تنقل الرسالة الاعلامية وهو ما يتطلب وجود عنصرين اساسيين في الخبر هما السرعة والسبق ، المهم ان العمل في الاعلام يحتاج الى مهارات وخبرات معينة.
وحتى لا اخرج من صلب الموضوع الرئيسي الذي انا بصدده وهو قرار اعتزالي المبكر للصحافة الذي قد لا يعني للاخرين شيء بقدر ما يعنيني ، لاني اجد بالصحافة المتنفس الوحيد الذي يجعلني اطل على القارئ والمسؤول في ان واحد لانقل الحدث والوقائع كما هي بشكلها الذي حدثت به ، كما ان ثمة علاقة شديدة اشعر بها مع من يقرأ عمود او مقال انشره في احدى الصحف او المواقع الالكترونية، هذه العلاقة تنطلق من حرصي الشديد على تقديم كل ما هو جديد للقارء ومحاولة امتاعه وتزويده بالمعلومات التي يحتاجها او تقديم تحليل لبعض القضايا التي تهم الرأي العام وهي متعتي الحقيقية، وهو امر يحزنني جداً اذا توقفت عن الكتابة او تركت العمل الصحفي لاني سافقد الكثير وساكون الخاسر الاكبر من ذلك.
الاسباب التي دعتني للتفكير بانهاء خدمتي في الاعلام تكمن في نقطة رئيسية ومهمة وحساسة قد لا اكون الشخص الوحيد الذي يعاني منها، انما هناك الكثير من الزملاء يعانون ايضاً من هذا الامر وهو عدم حصولنا على عضوية النقابة التي باتت حلم يراودني اينما ذهبت ، ليس من المنطق ان اعمل في الصحافة منذ عدة سنوات واكتب مقالات في صحف مهمة واعمل حالياً في مؤسسة اعلامية كبيرة وحاصل على شهادة في الاعلام ولكني مازلت خارج نقابة الصحفيين ، عشرات الطلبات والمعاملات التي قدمتها للنقابة لا اعرف مصيرها ، اشعر ان النقابة لاتحترم الصحفيين لانها لو كانت تحترمهم لما رمت معاملاتهم في غرف تملأها الاتربة والقوارض ، امر محزن ومخجل ان يقضي الصحفي عدة سنوات وهو يبحث عن نقابة تضمه مثل سائر المهن الاخرى.
قبل ايام اخبرني احد الزملاء الاعلامين بان اعضاء النقابة بلغ عددهم "11" الف عضو وهو امر يضعنا امام عدة علامات استفهام وتعجب ، هل لدينا في العراق هذا الرقم الكبير من الصحفيين؟ ، وهناك رقم اخر مقارب للرقم المذكور للذين يعملون في الصحافة وليس لديهم انتماء ، المشكلة معقدة وكبيرة وتحتاج الى بحث تفصيلي.
الحكومة مدعوة الى متابعة عمل النقابة والتحقيق في طبيعة اصدار باجات العضوية لان الصحفيين امام استحقاقات كثيرة اولها المنح المالية التي قررت الحكومة تقديمها الى الصحفيين والفنانين والادباء والاذاعيين وغيرها من الاختصاصات ذات الشأن الثقافي والادبي والفني وحصرت توزيع تلك الاموال بالنقابات فقط ، ثانياً قطع الاراضي المزمع توزيعها على الصحفيين محصورة ايضاً باعضاء النقابة فقط ، ثالثاً المجمعات السكنية التي سيكون للصحفيين نصيب كبير فيها اضافة الى امتيازات اخرى مثل الحصول على تخفيضات في تذكرة السفر وكذلك التسهيلات التي تقدم للصحفيين عند التقديم على شراء سيارة من الشركة العامة لبيع السيارات وغيرها من الامتيازات الاخرى التي يتمتع بها الصحفي ،كل ذلك لا يمكن الحصول عليه الا اذا كان الصحفي لديه عضوية في النقابة في حين ان جميع الاعراف والقيم والقوانين تؤكد ان الانتماء الى اي نقابة هو موضوع اختياري وليس طوعي ، تنص الفقرة الثانية المادة "37" من الدستور العراقي "لايجوز اجبار احد على الانضمام الى اي حزب او جمعية او جهة سياسية، او اجباره على الاستمرار في العضوية فيها" لماذا اذاً الاصرار على حرمان شريحة كبيرة من الصحفيين الذين لا يمتلكون عضوية النقابة من الامتيازات؟
لذلك ارى من المجحف ان تحرم شريحة كبيرة من الصحفيين الذين يعملون في مؤسسات اعلامية كبيرة وبعضها مؤسسات حكومية من كل تلك الامتيازات بذريعة عدم حصولهم على شرف الانتماء للنقابة في حين يتمتع بكل تلك الامتيازات اشخاص اخرين كونهم اعضاء فيها ، مع التذكير ان عدد كبير ممن يتمتعون بالعضوية هم لا يعملون في الاعلام وليس لديهم اي دراية بالعمل الصحفي، ومن يريد ان يتأكد من ذلك فعليه ان يذهب الى موقع النقابة القديم ويسال اصحاب المحال التجارية والعاملين في تصليح المركبات "الفيترية" عن عضويتهم بالنقابة وحينها سيعرف الجميع بان هؤلاء لديهم عضوية في نقابة الصحفيين بحكم علاقاتهم مع السادة المسؤولين في النقابة وهو امر محزن جداً.
لذلك ان الشعور بالاحباط وعدم وجود من يهتم بنا نحن الصحفيون خارج اروقة النقابة لاسيما بعد ان نفذت امامنا الخيارات والسبل دفعني الى الاعتقاد باننا لانستطيع ان نعمل بفاعلية مع وجود ظلم كبير لجهودنا وتعبنا وشهاداتنا ،اتمنى ان يتغير هذا الوضع باسرع وقت ممكن حتى لا نترك هذه المهنة والى الابد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة