الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضائية الحوار المتمدن

منعم زيدان صويص

2010 / 12 / 30
ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية


يواجه العالم العربي مشاكل عديدة، منها السياسية ومنها الاقتصادية ولكن أهم من كل هذا هي المشكلة الثقافية الفكرية والاجتماعية والتي هي سبب كل المشاكل الأخرى. لا شك أن تأسيس فضائية علمانية لبرالية متحررة تنطق باللغة العربية هي أمنية كل مخلص يهدف إلى تخليص الشعوب العربية من الجهل والمرض ووضعها على طريق الحرية والتقدم. إن الاكتفاء بمواقع الكترونية حرة مثل الحوار، على أهميتها، لن يحدث التأثير المطلوب. ففي الوقت الراهن لا تزال الأمية تضرب أطنابها في العالم العربي ولا يزال كثير من الشباب، حتى المتعلمين والجامعيين منهم، يذهبون إلى الشيوخ ليستشيروهم في أي مشكلة يواجهونها بدل أن يستشيروا المثقفين المستنيرين أو يبحثوا عما يريدون معرفته على الإنترنت وفي بطون الكتب. الذين يقرؤون مواقع حرة مثل الحوار هم في الحقيقة قله نسبيا وكثير منهم غير مقتنعين لا بالعلمانية ولا باللبرالية ولا بالفكر الحر الذي يبشر به كتاب الحوار. وهم في الحقيقة ترعبهم الافكار الحرة.

إن تغيير طريقة التفكير في المجتمعات العربية هو واجب العلمانيين وأصحاب الأفكار النيرة، ولكن هذه مهمة صعبة للغاية، وإذا بقي كتاب الحوار معتمدين على مقالاتهم على الإنترنت فستبقى جهودهم صرخة في واد وسيبقون يجترون أفكارهم ويقرؤون لبعضهم دون فائدة أو نتيجة مثمرة، فالعرب في القرون الحديثة ليسوا الأمة القارئة التي درسنا عنها في عصور العرب الذهبية، فهم يتأثرون أكثر بما يرون بعيونهم ويسمعون بآذانهم وليس بما يقرؤون. فالأقمار الصناعية مليئة بالقنوات الفضائية الكثيرة الناطقة بالعربية والتي تساعد على التأخر ولا تسمح لأحد أن يقرأ شيئا مفيدا، فهي تعطي المشاهد جرعته من الأفيون بانتظام ولا تسمح له أن يستفيق من سباته. وكل ما يفهمه المشاهد العربي هو أن كل الأمم تحسده على ثقافته وتراثه ومعتقداته وما عليه ألا التمسك بها لكي يمنع رياح التغيير من إحداث أي تأثير عليه.

ولذلك فإن وجود قناة علمانيه حرة هو حلم كل شخص مثقف يتوق إلى تحرير هذه الأمة وخلاصها. وليسمح لي قراء الحوار المتمدن أن أقدم رأيي المتواضع وأذكر بعض النقاط التي يجب أن تراعى في هذه القناة واتجاهاتها وسياستها التحريرية:

1. إن وصف هذه ألقناه بأنها "يسارية" واستعمال هذه الكلمة في اسمها لن تكون خطوة موفقة. ففي المجتمعات العربية، التي تتأثر باللفظ وليس بالمعنى، كلمة يساري تعني متطرف أو راديكالي، وبالنسبة لمعظم المتكلمين بالعربية اليسارية لا تعني العلمانية أو اللبرالية أو التحرر، علما بأننا نحن العلمانيين أو اللبراليين لسنا متطرفين على الإطلاق. فمؤسسة الحوار المتمدن تصف نفسها بأنها "مؤسسة مجتمع مدني تطوعية غير حكومية وغير نفعية وغير ربحية تعنى بقضايا الثقافة والإعلام، و نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي الإنساني و التقدمي الحديث" وهذا ما ينطبق عليها تماما.

2. إن الهدف الأسمى لهذه القناة يجب أن يكون إقناع الشعوب والمجتمعات بمبدأ فصل الدين عن الدولة أو السياسة، فالخلط بين السياسة والدين في العصر الحديث سيقود إلى تلويث الدين كشيء روحاني نظيف يلجأ إليه معظم الناس الذين يبحثون عن راحة النفس المتعلقة بالخالق والذين يحبون التأمل والتفكير ويلجئون للعبادة والصلاة ويطبقون المبادئ السمحة التي تتبناها الأديان، بغض النضر إذا اتفقنا معهم أم لن نتفق. والعلمانية ليست إلحادا كما يحلو للمتزمتين والمنغلقين تصويرها. فالإيمان بالله والغيبيات يجب أن لا يخلط مع المناورات السياسية التي لا يرضى عنها الدين كما نعرفه في كل الثقافات. فالتكتيكات السياسية تفسد المعتقدات الدينية وتُفصٌل الدين على مقياسها، وهذا ما نراه الآن في العالمين العربي والإسلامي والذي ينعكس في الانقسامات والآراء السياسية المبنية على المعتقدات الدينية. فكل فريق ديني وكل شرذمة دينية تعتقد أنها هي الممثل الحقيقي للإسلام والمسلمين. ومن الثابت إن ما يسمى الديانات السماوية الثلاث قد خلطت الدين مع السياسة في العصور القديمة ونجحت في بعض الأحيان ولكن هذا غير ممكن، لا بل ضار، في العصر الراهن.

3. هذه القناة الحوارية لن تحاول الاستهزاء بالدين، الذي هو معتقد شخصي، ولا أن تقارن دين معين مع دين آخر بقصد الانتقاص من قيمة احدهما على حساب الآخر. نحن لا نريد أن نُنشى قناة مثل القنوات التي تبشر بدين معين بقصد تشويه ديانات أخرى. فالباحث يمكن أن يجد أشياء كثيرة في جميع الأديان لا يفهمها ولا يعتبرها منطقية ولكن عندما يتم فصل الدين عن الدولة يصبح البحث في هذه المواضيع على نطاق ضيق محدود ولن يتأثر المجتمع بها.

بعد أيام قليلة من الغزو الأمريكي للعراق عُقد مؤ تمر في بغداد لبحث مستقبل العراق، ووقف رجل الدين الشيعي الشاب المتميز إياد جمال الدين واقترح على المؤتمرين أن يتبنوا مبدأ فصل الدين عن السياسة، شارحا الفوائد الكبيرة لهدا الفصل. ووقف احد الحضور و قال له وهو يبتسم ابتسامة صفراء: "انك تحلم، هذا لا يمكن أن يحصل." وكانت هذه آخر مرة تُطلق مثل هذه الدعوة في العراق، فالسياسيون يعرفون أن غالبية الناس لن تتقبل هذا المبدأ. ونحن نعرف ماذا حدث ولا يزال يحدث في العراق منذ ذلك التاريخ، والذي يثبت ما حذر منه جمال الدين.

إن مهمة قناة الحوار المتمدن ستكون مخاطبة الناس العاديين وليس السياسيين الذين يحرصون دائما على إرضاء الناس وعدم إغضابهم. فالسياسي المحترف دائما يراقب الناس ويتعرف على رغباتهم ويتبناها لكي يتمكن من قيادتهم. فالسياسي يعرف انه إذا أراد أن يقود الناس فعليه أن يعرف رغبة الأغلبية ويعلن انه يؤمن بهذه الرغبة ولتذهب المبادئ ومحاولات التغيير والإصلاح إلى جهنم. والحوار المتمدن ليس انتهازيا وإنما هدفه حث الشعوب على التفكير الحر. برامج القناة سوف تقدم، بإخلاص وبطريقة مقنعة، الرأي والرأي الآخر بكل حياد وليس كما تفعل بعض الفضائيات التي تتبنى هذا المبدأ. وستشرح للناس آراء العظماء ذوي الأفكار الحرة أمثال أبي العلاء المعري وبرتراند راسل وبرنارد شو وكثيرين غيرهم والذين يحترمهم المشاهدون رغم أنهم لم يسمح لهم بقراءة جزء هام مما كتبوه.

أما قضية التمويل فهي أيضا قضية شائكة ولكنها يمكن أن تُحل. صحيح أن معظم المثقفين المستنيرين لا يملكون سوى الكمبيوتر الذي يستخدمونه ولكن هناك الآلاف من الكتاب والمثقفين الأحرار وهم بلا شك سيدعمون قناة كهذه، كل سب مقدرته. إننا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي يصبح فيه هذا الحلم حقيقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد.. تدافع مميت خلال مباراة كرة قدم في غينيا يسفر عن سقوط


.. هذا ما قالته رائدة فضاء ومهندسة طيران في الإمارات عن قصة نجا




.. لمساندة الجيش السوري.. ميليشيات موالية لإيران تدخل سوريا


.. ما مدى جدية الطرف الإسرائيلي في إحراز تقدم بالمفاوضات؟




.. الدفاع المدني بغزة: لا توجد أي خدمات طبية أو إسعافية في القط