الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل عام و أنتم بخير

محيي هادي

2010 / 12 / 30
الادب والفن


كل عام و أنتم بخير

يشرق علينا عام جديد آخر ليعلن لنا عن انتهاء وغروب عام قديم و ليذكرنا في نفس الوقت بأننا قد تقدمنا في عمرنا عاما آخرا أو أجهضنا على هذا العمر بعام. يقول البعض بأننا اكتسبنا خبرة و تقدمنا لنكتسب خبرة عام آخر، و يقول آخرون بأننا باستقبال عام جديد سنفقد، بنسياننا، خبرة قديمة كنا قد تعلمناها في عام ماضٍ أو عبرة مرت بنا.

أولادنا يريدون أن يكبروا كي يصبحوا كآبائهم و بهذا فهم يشتاقون أن تأتيهم أعواما جديدة سريعة و متتابعة. و نحن نريد أن نرجع في العمر إلى الماضي و نصبح كأبنائنا ، بل كأحفادنا، و كل واحد منا يكرر بيت الشعر:

ألا ليت الشباب يعود يوما
أذكره بما فعل المشيب.

عرفنا مرارة تجارب الكبر و مسؤلياته و أحزانه، فتترسب في الأذهان و الذاكرة أحزاننا و مراراتنا بينما الأفراح و السعادة تُزال بسرعة. أما أولادنا فهم لا يشعرون بعد بمسؤولية و يفكرون، ربما فقط، بأفراحهم. و في تفكيرهم في الافراح لهم الحق.
أولادنا يتسلقون جبل العمر من جانب، و لم يصلوا القمة بعد. و نحن كنا قد وصلنا إلى القمة من زمن بعيد و بدأنا، نحن الشيوخ، منذ عهد دقيانوس في النزول، بل التدحرج، من الجانب الثاني بعد أن تسلقنا الجبل من الجانب الأول. تسلقنا كان صعب جدا أما نزولنا فقد أصبح سهلا و سريعا..... سريعا نحو وادي الأمان.

و لكن، مهما يكن الأمر، فإننا ننظر إلى الحياة مثلما ننظر إلى المال الذي يقول فيه الشاعر أبو العتاهية:

ألا إن مالي الذي أنا منفق
و ليس لي المال الذي أنا تاركه

و هكذا فإن أعمارنا هي الأعوام التي مرت بنا و ليست أعمارنا هي الأعوام التي ننتظر

و نحن محسودون..
فكم من شاب يحسد الشيخ الذي يصل إلى عمر طويل؟ و يقول الشاب: من الذي يضمن لي الوصول إلى عمر الشيخ؟

نعيش الآن في مجتمع نشرب فيه الحرية بطعم الاستقرار و الأمن. و هذا المجتمع يبدأ عامه الجديد بأفراح و مسرة، بالعكس تماما لما يحدث في بلدنا، حيث تصحينا من نومنا كلاب التعسف و القهر، و حيث تبدأ الأعوام فيه بأحزان نتذكرها أو نجبر على أن نتذكرها. و إذا كانت الأفراح في هذه المجتمعات يُستغل للتجارة و الزيارة فإن الأحزان في بلدنا تُستغل أيضا في التجارة و الزيارة.

كل عام و نحن نرى شعوبنا تنظر بمنظار ديني مرجعة بنظرها إلى الوراء باحثة، في طيات التاريخ، عن ماضيها الديني "التليد"، نحو أعوام كان لها صول و حول في احتلال اراضي الغير و قهر شعوبها و نهب ثرواتها .....إلى الماضي، و ليس إلى المستقبل الذي لو استمرت شعوبنا على و ضعها الحالي، الحافل بدين الجهل، فإنها ستقاد، لا محالة، إلى الفشل.
أما هذه المجتمعات، التي نعيش في أحضانها، فإنها تنظر بمنظار علمي و إيجابي نحو المستقبل، بعيدة عن تأثير الدين فيها، نحو مستقبل غير معروف و لكنه حافل بالأمل.

و على الرغم من نزولنا السريع فإنه لدينا الوقت كي نتذكر بلدنا الأصلي الأصيل، و شجوننا فيه، و على الرغم من وجودنا هنا في بلد ثانٍ "غريب" و نعيش بين أناس طيِّبين نتذكر الأهل في بلدنا هناك و نكرر مع الجواهري العظيم قوله:

بلادي و إن جارت عليّ عزيزة
و أهلي و إن ضنوا علي كرام.


و كل عام و الجميع في خير و سعادة.

30/12/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة