الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجمر والرصاص في مغرب الألفية الثالثة

فكري الأزراق

2010 / 12 / 31
حقوق الانسان


هل اقتربنا من الديموقراطية أو ابتعدنا عنها أكثر في السنة التي نودعها لنستقبل أخرى؟ قد يقول قائل بأننا خطونا بعض الخطوات ولو كانت صغيرة فهي جد مهمة نظرا للمناخ السياسي العام الذي يعرفه المغرب المتحرك، لكن الذين ينظرون إلى الأمور بمنظار مختلف عن منظار المخزن، ومن بينهم كاتب هذه السطور، لديهم رأي آخر، فقراءة سريعة لبعض الأحداث التي طبعت السنة التي نودعها تؤكد لنا بالملموس أننا خطونا أكثر من خطوة إلى الوراء للأسف، كيف؟
هاجمت قوات القمع المخزنية الوقفات الإحتجاجية السلمية لفروع الريف للجمعية الوطنية لحاملي الشهادات المعطلين بالمغرب، وأبرز هجوم كان للأسف يوم احتفال المغاربة بعيد الأضحى، عندما دكت قوات القمع معطلي إقليم الحسيمة دكا دكا، وهي الإحتجاجات التي تبين على أن الوضعية الإجتماعية والاقتصادية للسواد الأعظم من المغاربة تسير من السيء إلى الأسوء، وهو ما ينذر بحدوث هزات اجتماعية خطيرة.
اعتقلت السلطات القمعية عبد المنعم الموساوي أحد أعضاء جمعية "تماسينت لمتابعة آثار الزلزال" بعدما أحيت –أي السلطة المخزنية- ملف أحداث الخميس الأسود بتماسنت في شتاء 2005 التي كانت نتيجة التدخل العنيف لقوات القمع لتوقيف مسيرة سلمية لسكان "تماسينت" التي كانت معبرة عن وضعية اختناق اجتماعي واقتصادي انضافت إليه خيبة الأمل الكبيرة في المسؤولين المخزنيين الذين تؤكد كل المؤشرات أنهم اغتنو وتبرجزو على حساب معاناة ضحايا الزلزال.
اصطدم المخزن الأبارتيدي مع ساكنة "بوكيدارن" بعدما عبروا عن تضامنهم اللامشروط مع أسرة فقيرة تعاني من ظلمم مزدوج، وهي الإصطدامات التي تبين مرة أخرى مدى هشاشة الوضعية الإقتصادية والإجتماعية لفئات عريضة من سكان الريف، وهي أيضا علامة من علامات الفشل الذريع للدولة المركزية في مقاربة القضايا السوسيواجتماعية بالريف، وهو الفشل الذي شكلت أزمة السكن والعمل عنوانه البارز.
منعت سلطات المخزن الإقصائي المؤتمر الأول لمنتدى شمال المغرب لحقوق الإنسان،وهو المؤتمر الذي اتحذ شعار : "من أجل دستور ديموقراطي يقر بحق الجهات التاريخية في تقرير مصيرها الاقتصادي والإجتماعي والثقافي والسياسي" وهو ما يشير إلى أن المخزن يريد تكرار نفس خطأ الماضي، أي بلورة وثيقة دستورية مخبرية لا تستجيب لتطلعات الإنسان المغربي الذي عانى الكثير نتيجة الحكم المتسلط منذ الإستقلال الشكلي، وهو ما يعني بأن الماسكين بزمام الأمور لا زالوا يعملون لإعاقة لعبة التغيير المنتج للقلب التاريخي.
منعت نفس السلطات المخزنية جمعية تْرَنْسْبَارِنْسِي ـ المغرب من تنظيم حفل تسليم جائزة النزاهة للحقوقي شكيب الخياري الذي لا يزال يؤدي ثمن تصريحاته الجريئة، وهو المنع الذي يعود بذاكرتنا إلى سنوات نهاية الخمسينات وبداية الستينات وما تلاها حين كانت تُمنع التجمعات السياسية والنقابية والجمعوية، وبالتالي يمكن القول بأن عقلية مخزن الخمسينات لا زالت مستمرة.
إنه غيض من فيض الأحداث المؤلمة التي عشناها وتعايشنا معها في مفارقة غريبة هذه السنة، قدمنا شهاداتنا الداخلية والخارجية عنها دون أن نستطيع رد الفعل، إذ أصبحنا نعيش في زمن غدى فيه الأمل مهجورا مثل القمر في ليلته الأولى.
ومن جهة أخرى، شاهدنا كيف ملأ التلاعب السياسي ساحة الأحداث التي تأتي على رأسها عملية "تعيين" شقيق صديق صديق الخيمة عمدة لمدينة البوغاز ضدا على التحالفات السياسية المقبولة ديموقراطيا، وضد المنطق السياسي السليم، ليستمر بذلك الفساد السياسي يمشي بخيلاء في الساحة التي يريدها البعض أن تظل كما هي حفاظا على مجموعة من التوازنات السوسيوسياسية التي تحفظ لهم امتيازاتهم التي لا تعد ولا تحصى.
كما شاهدنا هذه السنة أيضا الموت المتعدد الألوان لمطبوعتين مغربيتين حملتا مشعل الحداثة والديموقراطية، الأولى تم جرها إلى مقص التعذيب وهي لوجورنال، والثانية تم خنقها ماليا لتعلن عن موتها البطيء وهي المشاكسة نيشان.
.... إنها وقائع من ضمن أخرى تبين لنا، إن قمنا بقراءتها من زواياها الشمولية، أننا نبتعد أكثر وأكثر من الديموقراطية بمعنهاها الكوني، وهي وقائع تؤكد لنا بالملموس أنه لم يبق ثمة ما يقال، الشأن العام بين المتلهفين على السلطة والمال، والمحاكم تشتغل بلا هوادة ضد حرية التعبير، أما خروق حقوق الإنسان فإنها تغرق من جديد في ظلمات سنوات الرصاص. في الوقت الذي زُودت فيه قوات القمع بعتاد متطور للتعنيف، ليستمر الدم في السيلان ، والموت تحت التعذيب يتربص، بينما عشيرة ذوي الإمتيازات تراكم الملايير في أمام، بعنف، وعلى مرأى ومسمع الجميع، مطمئة –أي عشيرة ذوي الإمتيازات- أن لا شيء يشوش على هزمها قيادة البلد في اتجاه الإخفاق.
إنها الصورة الشمسية التي التقطتها عدسة الأحداث الإجتماعية والسياسية لسنة 2010، صورة لا تختلف عن صورة الخمسينات والستينات والسبعينات القاتمة السواد، فقراءتنا لهذه الأحداث من زواياها الشمولية تجعلنا نستحضر في الزجاجة الخلفية أحداث نهاية الخمسينات، وأحداث 1987 بالريف التي نزل فيها الدم بسخاء المقابر الجماعية التي تم الكشف عن جزء منها في السنوات الأخيرة، لتضيف جراح أخرى إلى جراح الماضي التي لم تندمل بعد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تهاجم قوافل الإغاثة-.. واشنطن تفرض عقوبات على مجموعة -تساف


.. مبادرة لتعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بغزة




.. السودان: الموت في الصحراء أو الترحيل مخاطر تواجه اللاجئين إل


.. القسام للإسرائيليين: جيشكم قتل اثنين من الأسرى في القصف الجو




.. استشهاد أطفال في غزة نتيجة المجاعة واستمرار الحصار الإسرائيل