الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أدبية في ..جريمة حب ..؟!!

سلام كوبع العتيبي

2010 / 12 / 31
الادب والفن


قضية شغلت الرأي العام الغربي شهورا طويلة كان فيها المتهم ( رغم اعترافه بما ارتكب ) محط عطف للجميع خاصة تعاطف الجنس الرقيق ماعدى اصحاب المصارف وعشرات الضحايا .. ضحايا البارون كران فاني .
ترى من هذا الرجل الذي خرج الان من أحد مصارف باريس الشهير ؟. انه يمشي مثل الطاوس متجها الى الشاطيء لنهر السين . الجو بارد ؛ ونحن في نهاية الخريف عام 1905 يقف الرجل امام بيت انيق من طابق واحد ؛ يخرج المفتاح من جيب الصدر الانيق و.. يفتح الباب . ولا أحد في الدار . انه متعب جدا . بثيابه يستلقي على الفراش ويغوص فى نوم عميق . في الخامسه تماما وكأنه ساعة من صنع الطبيعة ؛ يستيقظ . ياخذ حمام سريع ثم يبدأ في التعطر ؛ ويسمع طرقات سريعة كثيرة .. يفتح الباب للطارق .. الطارقة جميلة وانيقة . عندما دخلت سبقها عطرها المميز . عندما تراقب هذين الحبيبين تشعر ان الحب الكبير جميع بينهما بالرغم من فارقن السن الواضح . فالرجل في الاربعين من المعر والحلوة الرقيقه في العشرين . قالت .. اوه ياعزيزي .. انك تغرقني في بحر كرمك مثلما اغرقتني في بحر حبك .. حقا ؟ . عرفنا بحر الهوى ؛ فماذا عن بحر الكرم ؟. المبلغ ؛ الذي اضفته الى حسابي اليوم في البنك . هذا اكبر مبلغ أودعته منذ .. منذ تقابلنا . أوه ! . لقد صرات ثرية . هذا اقل مايجب ان افعله لك يا حبيبتي أنطونيا . واين سنتناول العشاء الليلة .؟ أ .. الليلة عيد ميلادك .. وعلى هذا .. فأنني أ .. أوه ياحبيبي الغالي ها انت تتذكر عيد ميلادي قيما نسيته انا تماما .كل ما يخصك ياحبيبتي مثل قلبي وعقلي فكيف انساه وعلى هذا فبرنامج الليلة كله مفاجأة وغدا مفاجأة المفاجأت ؛ لحظه حتى ارتدي ثيابي وأعود اليك ياحبيبتي .
******
وانتهزنا فرصة دخوله غرفة النوم ؛ لنحصل من الكونتيس ميريللي على كل مانريد من معلومات عن الرجل .. عن البارون كران فاني سألها :
• كيف عرفتيه ؟.قالت :
• في غابة بولونيا هذا الصيف . حب من النظرة الأولى . انا متيمة به وهو مولع بي . أنه أنيق كما رأيت . وثري .. ثري جدا .. جدا جدا .
• وما عمله ؟ .
• يعمل في مجال السيارات ونصف مصانع سيارات ايطاليا ملكه .. وأستأجر هذا البيت ليقاك فيه ؟.. ولما لا ؟. هو يحبني . أي عيب في هذا ؟... وما عيب الزواج ياسيدتي ؟. .. اه لا يستطيع ؛ انه متزوج في روما . وسوف يحصل في يوما ما على الطلاق . فلم العجله ؟. انه يعيش معها في روما ولكنه يأتي الى باريس خلسة من أجلي .
• و.. بالمناسبة . هل يعرف ماضيك ياصوفيا . كيف عرفت اسمي ؟. ارجوك لا تتكلم في هذا . ثم .. ثم لاشيء في حياتي يسيء الى الفتى .. هل عيب ان اعمل في المسرح الغنائي ؟. . انا لا اعني هذا ؛ اعني ذلك اللقب الذي تنتحلينه الكونتيس ميرللي . بحق السماء لاتفضحني . لااريده ان يعرف انني مجرد فتاة عاديه من فتيات نابولي . انا .. انا ايطالية مثله . هؤلاء الأثرياء مولعون بالالقاب . لايقعون في غرام الا من كانت بارونة او كونتيس أو .. أو اميرة .
• وغادروا الدار . انتقى اشهر مطعم في باريس . فور دخوله ؛ اسرع اليه كبير الخدم في حفاوة بالغة ؛ وقادهما الى غرفة منفردة اسدلت ستائرها بباقات الزهور .
• تماما حسب طلبك ياسيدي البارون . ان سيدتي البارونه ستذوق الليلة الذ طعام صنعه من اجلها خصيصا كبير الطهاة . نفس الاطباق التي قدمناها للامير زوج الملك فكتوريا يوم جاء الى باريس .... شكرا ياجاك .. شكرا أ .. لاتنسى الموسيقى . سيدي البارون ؛ فرقة خاصة للمناسبة الخاصة . لا اقل من هذا .
• *******
• و ..اكلا . في جو من نسج كيوبك ؛ أخذ يتراقصان . الموسيقى ؛ تدير رأسيهما ؛ وكبير الخدم يقوم على خدمتهما في براعة وحرص وأبتسامة ذات معنى . يدخل ويخرج جاك كبير الخدم على اطراف الأصابع وعينه على السقف فقط .رئيس الخدم يريد لنا فيما يبدوا ان نتزوج .. لماذا لاتسعده ياعزيزي ؟. أ .. أنت تعرفين موقفي من الزواج الآن . .انه لايكف عن ان يناديني في كل مناسبة سيدتي البارونه .. سيدتي البارونه . هه هه . لقد اعتاد ان يفعل هذا مع أية سيدة أتى بها الى هنا .ماذا ؟.انا بارون ياسيدتي ؛ فيجب ان تكون معي بارونة ايضا . اذا ؛ فانت تصطحب الكثيرات الى هذا المطعم ؟... كان ذلك قبل ان اعرفك ياعزيزتي . الآن ؛ لا احد بعدك ياأنطونيا .وطوق معصمها الرقيق يسوار ماسي رائع . أو أوه يا الهي أوه هذا يساوي ثروة ! .. أ .. انه لاشيء في الواقع ياحبيبتي . .. هو لاشيء .؟ ثمنه لايقل عن عشرة الاف فرنك !. ..بل ثلاثين الفا ياعزيزتي !. اوه !. هه هه .. ولكن ماقيمة مبلغ تافه كهذا ؟. بالنسبة للكونتيس مثلي اوه ! . لاشك انك ثري جدا جدا يابارون كران فاني . كم تبلغ ثروتك ؟ عشرة ملايين ؟ عشرين ؟ . ثلاثين ؟. ..كران فاني ومصانعه وشركاته ؛ تحت قدميك ياحبيبتي ؛ من اجل رضا عينيك الجميلتين !.
• ********
• اتما السهرة في احد المسارح . وفي صباح اليوم التالي كان كران فاني ؛ يعد لصاحبته المحبوبة مفاجأة جديدة . مفاجأت المفاجات . مفاجأة ؟. اين ؟. في ميناء الهافر . أوه !. جولة حول العالم ؟. الم تتمني هذا مرة ونحن في غابة بولونيا ؟.
• في ميناء الهافر ؛ رأت انطونيا اجمل يخت وقعت عليه عيناها فأخذت تتجول في غرف السفينة الانيقة وممراتها ذاهلة مسحوره وفتحت الدواليب . ثياب رائعة حديثة ثمينة من كل طراز تماما على مقياسها . اخذت تحصي ثروتها الجديدة . 28 قبعه . 37 ثوب سهرة 40 ثوبا للصباح وبعد الظهر . 30 حذاء واعداد لاحصر لها من ادوات الزينة وقوارير العطر وفوق كل هذا خادمة خاصة وطبيب شاب للعناية بالعاشقين طول الرحلة البحرية حول العالم . لغرقها البارون العاشق في محيط حبه وحدبه وشغفه . واحست بصدق عاطفته وأنها لاتستحق مثل هذا الحب الكبير . يجب ان تعترف له بكل شيء . بكت على كتفيه ذات مساء واليخت يقترب من سواحل امريكا الجنوبية . قالت له : ياعزيزي . لااستطيع ان اخدعك بعد الان لانك الاطف واعذب رجل ويجب ان تعرف الحقيقة . ياعزيزتي انا اعرف كل شيء . تعرف ؟ تعرف ؟ ومع هذا صمت وغفرت لي .؟ كل شيء قبل ان اعرفك ؛ غفرته لك منذ زمن بعيد . تعرف انني مجرد فتاة عاديه من شوارع نابلي ؟ . نعم اعرف واعرف ايضا انك تزوجتي بحارا سكيرا هجرك بعد اسبوع من الزواج . لاشيء يهم ياحبيبتي طالما كنت الوحيدة في حياتي منذ تقابلنا . انت اشرف واعظم انسان في الدنيا كلها . اه ياحبيبي انت حبي الاول والاخير . لاشيء في الدنيا يساوي ساعة معك .
• كانا صادقين في كل كلمة ؛ في كل همسه . في كل نبضة قلب رغم فارق السن والمركز والثراء . محبان في جنة الغرام .
• حين اقتربت السفينة الانيقة سواحل البرازيل ؛ اعتكف البارون في غرفته . وحين اراد الطبيب الشاب فخصه . قال له لاداعي لهذا ياعزيزي كابلا . اعتن بالبارونه من فضلك . وحين رست السفينة في ميناء كومومو ؛ كان اول ماطلب البارون هي كل صحف اليوم وامس . ومرة اخرى اعتكف في قمرته . وتقدمت البارونة نحو الطبيب وسالته . ماذا جرى يادكتور كابلا ؟ . لعله مريض ؟.
• لا انه ليس مريضا .
• لماذا طلب كل الصحف ؟. أنه يفتش في كل جزء منها ؛ عن ماذا ياترى ؟.
• اعتقد انه افلس منذ ابحرنا !. صفى اعماله واخترع لعبة الرحلة البحرية حتى يهرب من دائنيه .
• لا اصدق هذا . سانزل واساله . لكن الطبيب سبقها الى الباب وناداها : انطونيا ! .أ ..
• كونتيس من فضلك !.
• انطونيا ؛دعيني اخبرك بصراحة ؛ اني أحبك !. انت في مثل سني والمستقبل لنا . ومستثبلك معي وليس مع البارون كران فاني . لا زواج معه ياانطونيا . أمن أجل المال تضيعين حياتك ؟.
• ليس من اجل المال ؛ اني احبه .
• هراء !. انك تحبين فكرة الحب لا اكثر ولا اقل . هاهو الحب امامك ياأنطونيا في ثياب شاب في سني .
• ارجوك لاتخاطبني هكذا بعاطفتك . ارجوك ياكابلا .. اعطني وقتا لافكر .
• ولانها كانت تحب الحب ؛ غيرت مسار عاطفتها في بحر الاوهام وارادت ان تكون صادقة مع البارون . دخلت عليه الغرفة لتطلعه على حقيقة شعورها نحو الطبيب الشاب كابلا وتطلب اليه ان يحلها من عهودها . وجدته يكتب كلاما كثيرا في ورقة طويلة . قال لها : هذا التماس سأقدمه الى محافظ الميناء . سأطلب اللجوء السياسي . الم اخبرك ياعزيزتي ان السلطات في بلدي صادرت كل املاكي لاسباب سياسية . يجب ان اعيش في البرازيل بما استطعت ان اخرج به من مال .
• عزيزي البارون كنت اود ان اخبرك اني ....
• اعرف ؛ اعرف ؛ ستقاسميني حياتي في المنفى . اعرف ياعزيزتي . سانزل الآن الى الميناء لمقابلة المحافظ .
• على رصيف الميناء ؛ اقترب من البارون رجل صارم التقاطيع قال له : اني المفتش بيشوك . بأسم القانون ؛ اقبض عليك ياجان كاليه !!. واقتاده الى قسم الشرطة . في القمره على اليخت كانت انطونيا تقلب الصحف التي كان البارون يقرأها . رأت صورته في احدى الصحف وقرأت :
• جان كاليه ؛ الموظف البسيط في بنك القسم الباريسي ؛ يختلس مليونين من الفرنكات من حسابات العملاء . التحريات تؤكد انه انتحل شخصية بارون وتسمى باسم كران فاني الاقتصادي الايطالي الشهير ؛ وانه هرب على يخت اشتراه من المال المختلس ومعه صديقته المغنيه أنطونيا . ينتظر ان يتم القبض عليه في اول ميناء يرسو فيه اليخت !.
• وقبضوا على انطونيا أيضا . وفي التحقيق اعترف جان كاليه أو البارون المزيف بكل شيء وانكر تماما ان لصديقته العزيزة اي دخل في الجريمة حتى حين علم انها وقعت في حب طبيب اليخت وقال : المهم ان تكون سعيدة . كان يحبها حقا . ولم يكف طوال المحاكمة من ان يردد : لقد اردت اسعدها . هذا هو دافعي الحقيقي الى الاختلاس . واقسم على انها لاتعلم اي شيء بما دبرت .
• تعاطف الراي العام الفرنسي تعاطفا كبيرا وذلك بسبب انها جريمة من النوع الذي تميل اليه جريمة الحب .
• انهالت عليه عروض الزواج من الكثيرات ؛ بعضهن من ثريات باريس . وكانت احدهن كريمة احد وزراء ذلك العهد الجميل .
• وحين صدر الحكم ببراءة انطونيا مالت عليه في القفص وهمست بين شهقات البكاء : لن انساك ابدا ... لن انساك ابدا عزيزي . ساسمي أول اولادي كران فاني ..وذهبوا به الى السجن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من فترة طويل لم تكتب هكذا
فتاح حميد حسن ( 2010 / 12 / 31 - 11:12 )
عزيزي الاستاذ سلام
منذ فترة طويلة وانا اراقب كتاباتك فاراك مرة مستمرا ومرة اخرى كسولا باردا اتمنى ان لا يكون برد الغرب اصاب عظامك القوية ؛ ماكتبته اليوم شيء جميل جدا وبالمناسبة كثير هنا في العراق من اشباه البارون السارق ونتمى يلقى القبض عليهم مثلما حدث للبارون
اتمنى لك كل الحب والاستمرار وكل عام وانت بخير.

اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب