الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صراع مع القلق- قصة قصيرة

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2010 / 12 / 31
الادب والفن


لا ادري لم أنا قلقة.
لا شيء في حياتي يدعو الى القلق. فوالدتي تحبني وتدلّلني، وخطيبي يعبدني ويلبي لي كل طلباتي. كل شيء في حياتي هادئ ومستقر، ويجب ان أكون سعيدة. لدي كل شيء يمكن لفتاة في مثل عمري ان تطلبه. ولكنني لست سعيدة. انني قلقة. قلقة دائما. مثلما انا الآن.

الساعة تشير الى الحادية عشر. مرت ساعة أخرى دون ان يرن الهاتف.

انني راقدة في فراشي وحيدة في غرفتي، أمسك بيدي هاتفي، أغطيه جيدا كما أغطي نفسي بالملاحف الدافئة، ولا أجد الدفء ولا راحة البال. أمسك الهاتف وأتحسّسه حينا، كما أتحسّس قطتي الرقيقة الحبيبة، وأضغط عليه حينا آخر كما لو كنت أود تحطيمه... وأنتظر. أنتظر منذ ثلاث ساعات، وكل ثانية تشعل في دمي جمرات. ولا صوت ولا رنة. لا شيء سوى همهمات الريح المشحونة بالعويل، وضربات المطر المدوية على زجاج النافذة.

وتضجّ في صدري أسئلة تضرب نفسي بالقلق.
لِم لا يتّصل؟ ما الذي يشغله؟
ثم يخطر لي: من الذي يشغله؟
ويكاد ينقدّ قلبي حين أفكر انه منشغل عني بامرأة أخرى... أجمل... وأذكى... ستأخذه مني، وتردني وحيدة... أصارع الحياة وحيدة.

أيمكن ان يحدث ذلك؟ أيمكن ان أفقده كما فقدت والدي منذ سنوات، دون سابق انذار؟
وأكاد أتمزّق امام هذه الأفكار التي تضنيني، وتبقيني طوال الليل دون نوم ولا راحة... كمعظم الليالي.

وفي الصباح، حين تدخل أمي الى غرفتي وتثنيني بقبلة الصباح الدافئة، ككل صباح، أعجز عن اخفاء آثار الدمع على وجهي. ترمّقني بنظرتها الهشة خلال طبقة الدموع التي تكسو عينيها طوال الوقت، وأحسّها تريد ان تسألني عما أبكاني في الليل. ولكنها تكتفي باحتضاني بشدة، تكاد تؤلمني، وتبقى على صمتها وكبتها، كما كانت منذ سنوات.

تدعوني للنهوض، وهي التي لم تنهض يوما من حزنها وأساها، حتى أخذت الحسرة تأكل من عظامها وتنهش لحمها وهي حية، وأمست حياتها أقسى حتى من موت أبي. أبي الذي خطفه الموت بغتة الى غير رجعة، مخلفا وراءه زوجة محطّمة، وبنتا قلقة... قلقة دائما.

أردّ على أمي، كما أفعل دائما، فأنهض من فراشي لمواجهة يوم جديد... همّ جديد. وبعد ان أكون جاهزة للذهاب الى جامعتي، وقبل ان أخرج بثانية، لا أملك نفسي، فاتّصل به...
ولا يرد! أحسّ بقلبي يغوص في صدري، ويتفاقم قلقي. أعاود الإتّصال به مرة ثانية وثالثة خلال الطريق... ولكن... لا رد!

أصل الى الجامعة وأسلك طريقي نحو المدخل الرئيسي مع سيل الطلبة المتدفقين من محطة الباصات. وبعد ان أدخل بقليل... أُفاجأ به!

أراه واقفا هناك ينتظرني، وفي يده وردة حمراء، كما أحبها، وعلى وجهه ابتسامته الفتية الجميلة. أجمد في مكاني مشلولة من الدهشة، فيقترب مني بخطى متينة، واثقة، ويقف أمامي. نظراته تتحسّس وجهي برقة... ويقدم لي الوردة. تغمرني موجة دافئة من الفرحة، فأنسى قلقي للحظة، وأستنفض ابتسامة مرتبكة وانا آخذها من يده.

وبعد انقضاء اللحظة... أسأله بنبرة معاتبة: "لِم لم تتصل؟ ولم لا ترد على اتّصالاتي؟"

فيجيب دون ان يأبَه بقلقي: "أردت ان أفاجئك بالوردة. هل أعجبتك؟"

أُطلق زفرة من صدري، أحرر بعضا من حملي الثقيل، وأجيب: "نعم، أعجبتني. ولكني لا أحب ان تدعني قلقة من أجل... مفاجأة."

"لا داعي للقلق أبدا. انا أحبك. وانت تعلمين ذلك. أليس كذلك؟"

"... نعم. ولكن..."

"ولكن ماذا؟"

"انتظرتك ان تتصل طوال الليل..."

"حقا؟؟" يتعجّب مني. ثم يستدرك نفسه: "انا آسف. لقد تعطّلت سيارتي بسبب الطقس، وتأخّرت كثيرا في العودة."

كلامه يبثّ في نفسي شيئا من الراحة. ثم أقول له بنبرة حزن: "ألم تجد دقيقة واحدة لتخبرني عن ذلك؟"

تتقلّص ملامح وجهه، وكأنه يستغرب من تلك الفكرة التي لم تخطر على باله قط. ثم يقول : "انا آسف. لم أفكّر في الأمر."

وأنا أفكّر بيني وبين نفسي: يا للخسارة! لو كنت تفكّر بي لما عانيتُ طوال الليل!

يمدّني بنظرة تفيض بالحرارة، ويقول بهدوء ورقة: "لا تحزني، ولا تدعي القلق يسيطر عليك. كوني سعيدة. فأنا أحبك."

أحدّق في عينيه، وانا أدرك في أعماقي انه على حق. يجب ان لا أدع القلق يسيطر علي. يجب ان أكون سعيدة بحبه. فأين سأجد حبا مثل حبه؟! انه الوحيد الذي يبعث الراحة في نفسي، وينتزع الوساوس من صدري، والوحيد الذي يمكنه ان يشفيني من القلق.

ثم نفترق محمّلين بأحاسيس جميلة وعذبة ليذهب كل منا الى درسه.

وبعد ان أخطو خطوتين، أتوقف لألقي عليه نظرة أخرى. لحظات طويلة أقف وانا أراقبه وهو يبتعد عني مع كل خطوة، وانا أحسّ بحبي اليه يتفاقم ويتعمّق ويشتدّ في نفسي يوما بعد يوم.

وفجأة... ألمح فتاة جميلة تقترب منه، تستوقفه. يبتسم لها ويكلّمها وكأنه يعرفها جيدا، ثم يذهبان معا ويبتعدان... ويختفيان.

أشعر بانفجار مبهم في رأسي، وتتولاني خواطر مزعجة. من هذه؟؟ وماذا تريد منه؟ ولماذا يبتسم لها ويكلّمها بهذه الطريقة؟ والى اين يذهب معها؟ لا بد انها التي ستأخذه مني... وستردني وحيدة... أصارع الحياة وحيدة!

وأغرق من جديد في صراع مع القلق الذي لا ينتهي. أفكار متلاطمة في سماء خيالي يضيق لها صدري، وأسئلة كثيرة تدور في رأسي، لا جواب لها، تكبر وتكبر، وتصبح ثقيلة اكثر واكثر، حتى أشعر أني لم أعد قادرة على حمل وجودي.

وليلة أخرى تنقضي دون نوم ولا راحة... كمعظم الليالي. وما زلت لا أدري لِم انا قلقة دائما، رغم أنه لا شيء في حياتي يدعو الى القلق.

كفر كما
2.11.09








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قصة عادية
هدية طارق ( 2011 / 1 / 3 - 22:10 )
بصراحة قصتك عادية جداً والاسلوب عادي , كأن هناك هالة اعلامية اكبر مما تستحق قصصك
لاجديد فيها ومتميز يشد العين


2 - عزيزتي هدية طارق
حوا بطواش ( 2011 / 1 / 4 - 08:27 )
اشكرك على ملاحظتك ولكن لا وجود لأية هالة اعلامية حول قصصي فأنا كاتبة هاوية وتلميذة اتعلم من اخطائي ومن اراء الآخرين ولم يصدر لي اي كتاب. ولكن خسارة انك لم تكتبي ماذا برأيك ينقص قصصي كنت استفدت اكثر. احب النقد البناء واتقبله برحابة صدر ولا احب المجاملات.
تحياتي الصادقة لك
دمت بخير

اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا