الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إرهاب وكلاب

مصطفى حسين السنجاري

2011 / 1 / 1
الادب والفن


قصة قصيرة

إرهاب و.. كـــلاب


**مصطفى حسين السنجاري

تأكّد الرجل الآن أن عطل سيارته يعود الى نفاد الوقود..وهو العطل الأكثر
صعوبة في مثل هذا المكان النائي..فإن نسبة الحصول على المساعدة
ضئيلة جداً..لا سيما أنه لا يجد على حدود البصر أثراً لما يسهم في
زيادة نسبة التفاؤل لديه ..من قرى أو سيارات ..أخذ يدقق في وجه مرافقه
في يأس ، وأشعل
النار في سيجارة مرتعبة بين شفتيه.. وهمّ بالجلوس على مقدمة السيارة
حين انتبه مسرورا وهو ينظر الى أحد جانبي الطريق ,إذ لمح خيالاً لبيتين
عربيين طينيين..يبعدان مسيرة نصف ساعة تقريبا, سيرا على الأقدام..ولكن
سرعان ما
انقبض وجهه ثانية ,وتقطبت أساريره واستغرق مليا ..فإنه أصبح أمام
خيارين, أسهلهما صعب..إما أن يذهب هو بنفسه الى البيتين لجلب البنزين ,
ويترك رفيقه
الصغير مع السيارة..أو العكس وهو الخيار الأكثر إيجابية ..
وناول إبنه ذي السنوات العشر وعاء, ولقنه بضع كلمات تكفي
لمعالجة الأمر..وأخذ الصبي الصغير يبتعد شيئا فشيئا ..وهو يلتفت إلى والده
متأمّلاً منه العدول عن فكرة إرساله ..حتى أصبح شبحه يتضاءل وغاب
في البعد السحيق..
أشعل الرجل سيجارته الرابعة, منذ انطلاق رفيقه الى البيتين اللذين يراهما الآن
أبعد مما كان يتصور..تفاءل قليلا فقد كان الوقت ليلاً عندما تعطلت السيارة
بهما ,قبل أكثر من ثلاثين عاما وهو برفقة والده .. وبإشارة من مصابيح السيارة
سرعان ما وصلت اليهما
النجدة((الفزعة)) من قرية قريبة.. فالعرب هم أهل نخوة وشهامة، في مثل هذه المواقف..
رمى بعلبة سجائره بعنف, وهو يسحب منها في يأس السيجارة الأخيرة,
وبدأ نبضه بالتسارع ..فقد مرت ساعات طوال ولم يعد الطفل من مهمته الصعبة
ماذا عليه أن يفعل ؟؟ ووجد نفسه ينهب الأرض خلف ولده ..ونسي أمر السيارة
والوقود..بدأ نبضه بالتسارع من جديد ..حين اقترب من البيتين الطينيين..فلا يجد
أثرا للحياة حولهما..فلا دواب ولا دجاج ولا ... هناك كلبان يتقاسمان شيئا على
مقربة من البيتين..هدأ لرؤيتهما قليلا..فهما أيضا دليل على وجود الحياة ..
واقترب من البيتين واستحالت نبضاته مطارقا , فها هي الأبواب موصدة بالحجر ,
والشبابيك كذلك ..وجد نفسه يصرخ: (هل من أحد هنا..؟؟) ..ولكن يرتطم صوته
بالصمت القاحل الذي يؤجج المكان ..مما زاد في وحشته
ارتطم قدمه في شيء أجوف ..فتعثّر ,وكاد أن
يهوي.. إنه الوعاء اللعين ..صرخ باسم ولده مرتعبا , مذعورا.
نظر ناحية الكلبين وجدهما يتقاسمان فريسة ..فهما ملطخان بالدماء..
يا ويلتاه كأنهما مسعوران.. أراد الأسراع نحوهما لكنه سقط أرضا ..رجلاه
ما عادا يحملانه,وكيف وهو يبصر فيما لا يصدق
ملابس ولده بين أقدامهما الملطخة..؟؟ صاح بأعلى صوته باكيا : ولدي..
لكن صوته لم يجد منفذا للخروج .. وبدأ يزحف بقوة وكأنَّ ألف تيار يمنعه .

2009/8/8سنجار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يرسم برج إيفل في حقل زراعي احتفالا بدورة الألعاب


.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024