الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان ... ولعبة الأمم

قاسم محمد يوسف

2011 / 1 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تميّزت الأسابيع القليلة الماضية بتوالي الأحداث في أكثر من دولة عربية وإقليمية تزامناً مع المسعى السوري السعودي لتهدئة الوضع اللبناني, وتشهد هذه الأحداث ترابطاً نوعياً على صعيد السياسة العامة في المنطقة برمتها وتدخل في سياق شد الحبال وعض الأصابع بين المشاريع الدولية والإقليمية والعربية ولاحقاً المحلية, فالمسعى السوري السعودي القائم لا يتعدى كونه مجرد أفكار للمناورة بغية كسب الوقت بإنتظار القرار الإتهامي المرتقب بهدف تهدئة الأوضاع السياسية المتأزمة وخفض مستوى التوتر الخطابي والإعلامي بين الأفرقاء وقد يأتي الحديث الأخير للرئيس السوري بشار الأسد في السياق عينه حيث إعتبر أن المحكمة الدولية بمثابة إتفاق 17 أيار جديد, بعدما إعتبر في تصريح سابق أبان لقائه أمير دولة قطر أن أحداً لن يرفض قراراً مبنياً على وقائع وأدلة دامغة لا مجال فيها للريب.
هذا التمايز الرشيق في الكلام الرسمي السوري يأتي ضمن الركائز السياسية الجديدة التي تعتمدها دمشق مؤخراً والتي تتمثل بإضعاف الدور الإيراني على الساحة العربية والإقليمية وسد الفراغات الناجمة عن التوتر السياسي والطائفي في المنطقة لخلق حالة عربية مهيّأة للسلام الشامل مع إسرائيل برعاية أمريكية فرنسية, لذلك فإن التسوية القائمة حول المحكمة لا تعدو كونها مناورة إلتفافية (بأقل الخسائر) لتهدئة الأوضاع المحمومة تمهيداً لتقليم أظافر حزب الله وضبط حركته على إيقاع المحكمة الدولية وقرارها الظني المرتقب والإستعاضة شيئاً فشيئاً عن الدور "المقاوم" والمظاهر العسكرية بصيغة جديدة تؤمن توازناً إستراتيجياً يضع المنطقة برمتها على سكة السلام الشامل أو بالحد الأدنى على طاولة المفاوضات المباشرة, وقد لعبت فرنسا دوراً كبيراً في هذا المجال من خلال الضغط المباشرعلى إسرائيل للإنسحاب من القسم الشمالي لقرية الغجر ووضعها في عهدة اليونيفيل ما وجدت فيه إسرائيل فرصة سياسية لإثبات حُسن نيتها تجاه عملية السلام أمام المجتمع الدولي (بعد إعتراف بعض الدول الغربية بالدولة الفلسطينية ورفع نسبة التمثيل الدبلوماسي في دول أخرى ونية بعض الدول الأوروبية للإعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية) وأيضاً سحب الورقة الأخيرة التي يتمسك بها حزب الله (بعد عودة الأسرى والرفات) للإبقاء على شرعية "المقاومة" والإحتقاظ بسلاحه.
التعاظم الكبير في قدرة حزب الله التنظيمية والعسكرية خلال السنوات الخمس الماضية تخطى السقف المسموح به سورياً وتجاوز في شكله ومضمونه الوظيفة الأساسية لقيامه كورقة ضغط مشتركة تلعب دوراً أمنياً وعسكرياً محدوداً في الجنوب اللبناني على مقربة من الحدود الشمالية مع فلسطين المحتلة, ولهذا فإن سوريا (بمباركة عربية وغربية) تعمل على إعادة ترويض حزب الله (وقد تكون عملية إغتيال القائد العسكري لحزب الله عماد مغنية في منطقة كفرسوسة السورية دفعة كبيرة على الحساب) وضبط السلاح الفلسطيني داخل المخيمات وخارجها تمهيداً لإعادة إحياء عملية السلام في المنطقة بعيداً من الرؤوس الحامية ومن التأثير الإيراني المباشر, ما إستدعى تلقفاً أمريكياً مباشراً للرساله السورية النوعية, ليأتي الرد سريعاً عبر قطع الرئيس باراك إجازته ليوقع قراراً رئاسياً يقضي بتعين سفير لواشنطن في دمشق بعد قطيعة طويلة وخلافات كبيرة وصلت حد العمل على إسقاط النظام.

القطيعة بين الغرب وسوريا أبان إغتيال الرئيس الحريري لم تكن من أجل لبنان بل لأن سوريا سارت في الركب الإيراني, وبالتالي فإن التواصل بين سوريا والعالم لم يحدث لإن سوريا غيّرت نظرتها إلى لبنان وباتت تحترم حريته وسيادته وإستقلاله بل لأنها تُمهد الطريق نحو السير في ركب أخر بعيداً عن إيران, ويبقى أن لبنان هو دائماً ضحية الحروب والتسويات وأن الشعب اللبناني سيبقى قطعة الجبنة التي يتقاسمها العالم, وما بين هذا وذاك يبقى بناء لبنان الوطن والكيان حُلماً لا يرقى إلى مرتبة اليقين وستبقى قمة ما نصبو إليه هو إتحاد الطوائف وزعاماتها حتى لا نلامس الدرك الأسفل في قعرالتاريخ, فاللبنانيون الذين يفتحون مظلاتهم حينما تُمطر في عواصم قرارهم (القريبة والبعيدة) يصح فيهم قول ياسين الحافظ " أنا لست شيئاً لكن وجودي يتطلب أن أكون كل شيئ, أي أن لي الحق, عليّ الواجب, لي القدرة, أن أصبح كل شيئ. سأعمل, انا الشعب (اللبناني) لكي أكون كل شيئ, ولا يمكن أن أفعل غير ذلك. هذا قدري, وإلا إستحققت الطمر في مزبلة التاريخ. سأكون كل شيئ عندما أعي لماذا كنت في حقبة معينة لا شيئ وعندما أتعب وأعرق لكي أكون كل شيئ, سأدخل العصر عندما أتصبب عرقاً, أنظف دماغي, أوتّر عضلي, أكزّ على أسناني, أحفر بأظافري, لكي أكون كل شيئ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا