الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير الجديد . . و وثائق ليكيليكس 2

مهند البراك

2011 / 1 / 3
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


و سخّرت الإحتكارات موضوعة و اهمية " التفكير الجديد " المنطلق موضوعياً من الواقع الذي استجد، للتبشير بديمقراطيتها الجديدة، القائمة على استثمارها لتداعي الإشتراكية القائمة، لتحقيق المزيد و المزيد من الأرباح لأقطابها و لشركائها الجدد، و ليس استثماره للأنتصار لقضايا الشعوب و الديمقراطية التي سخّرت اعلامها للتبشير بها. . و برز رأس رمحها في تشكيلة و آليات عمل "المحافظين الجدد "، المبشرين بـ (الديمقراطية الجديدة) في الفراغ الذي تشكّل مادياً و فكرياً و روحياً، بسبب تأخر و عدم مواكبة تطبيقات نظريات العدالة الإجتماعية و دعواتها للتقدم و الإصلاح الإجتماعي لصالح اوسع اوساط شغيلة اليد و الفكر، و بالتالي عدم مواكبتها لتغيرات الواقع و الحاجات في عالم اليوم .
و سخّرت ذلك الفراغ للهيمنة و لفتح الأسواق الجديدة لبضائعها التي اخذت تقطع الطريق امام عمليات الإنتاج في الدول النامية و الدول الأضعف، التي تدور من جهتها لصالح التطور الإقتصادي ـ الإجتماعي الطبيعي لشعوبها . . محاولة جعلها تدور بشكل اوثق في افلاكها او بالشكل الذي ترسمه هي لها، لتلبية لمصالحها . . مستغلة لذلك الفراغ القانوني الذي نشأ اثر انهيار النظام القانوني الدولي الذي كان معمولاً به وفق توازنات فرضها واقع القطبية الثنائية الذي انتهى .
مؤدية بذلك الى المزيد من تمركز الإحتكارات عابرة الجنسيات و الثقافات، و الى صعود رأس المال المالي المصرفي الإحتكاري العسكري النفطي، لتأمين الخامات و الطاقة و الحماية لعجلاتها، دون الإهتمام بقضايا الشعوب و امنها و حقها في العيش و الرفاه و تقرير المصير (1) كما تدّعي، محاولة تعزيز قبضة احتكاراتها على اقتصاديات العالم، في صراعات لاتعرف الرحمة بين اقطابها ذاتها ـ و بين تلك الأقطاب و الأقطاب العملاقة الناشئة حديثاً في المناطق الإقليمية، التي تداخل بعضها في مصالح معها، و تكتّل قسم آخر منها في مواجهتها بدرجات ؟ و متّبعاً نفس آلياتها بدرجات متفاوتة كما في ايران و السعودية و تركيا و غيرها ـ .
في زمان يتغيّر فيه مفهوم القوة التقليدي الذي كان العنف المتطور فقط، و تحوّل الى: تكنيك، علوم و نوهاو ـ know how ـ ، خامات، اموال و اعتمادات مصرفية، اسواق سوداء و جريمة منظمة دولية و اقليمية . . حتى صارت القوة المسلحة النظامية المتطورة على اهميتها في الحسم، صارت لوحدها لاتكفي لتحقيق النجاح و استثماره .
لقد بشّرت الإحتكارات الكبرى و جنّدت و اغدقت اموالاً اسطورية . . لتسويق اهدافها و الدعاية لها، بآلاف الصحف و القنوات الفضائية و جيوش " الديمقراطية الجديدة "، وعملت على التبشير بالشفافية و بانهيار نظرية المؤامرة ؟! لأن كل شئ سيكون مكشوفاً ببناء مؤسسات الديمقراطية الداعية لها ؟! حتى صارت الأمم و مسير مصائر الشعوب و كأنها لعبة او مسرحية لابد منها لأمتصاص النقمة، و لوصم كل اعتراض عليها بكونه (جهل بأصول اللعبة) او بكونه (ارهاب)(2)، فعملت بنشاط متنوع ـ مباشر و غير مباشر ـ على تعميق الفوضى الناشئة اصلاً بسبب الخلل في القطبية العالمية الجديدة معتبرتها " فوضى خلاقة " ، حيث شجعت العنف و حروب التدخل بما اصطلحت عليه بـ (الضربة الإستباقية)، للبدء بتاريخ جديد بعد ان انتهى التاريخ ـ وفق نظرية نهاية التاريخ ـ . . امام ذهول و عدم استيعاب ما جرى و يجري في اللحظة المعينة . .
فقام القطب العسكري الدولي الأساسي الذي تمثله الإدارة الأميركية و من يتحالف معها في الهدف ، بتعميق الفتن و التمزيق بدل السعي لوضع حلول اكثر ثباتاً لها، سواء كان علناً و سرّاً بغطاء (انتهاء نظرية المؤامرة ) . . يشهد على ذلك مصير و واقع جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق ـ التي اعاد قسم منها تشكيل اتحاده على اسس اقتصادية في GUS ، يوغوسلافيا و صراعات البلقان التي ازدادت، القضية الفلسطينية و الصراع الإسرائيلي ـ العربي، السودان، الصومال، اليمن، افغانستان و باكستان، اضافة الى الصراعات الدينية و الطائفية و العرقية في العالم العربي الستراتيجي و غيرها الكثير .
حيث ان (الديمقراطية الجديدة) لم تحقق النتائج التي تم التبشير بها منذ اكثر من عقدين، بل انها ادّت الى ازدياد البؤس بؤساً . . و كشفت الأحداث الكبرى ان تشجيع الإنقسامات و الفتن الدينية و العرقية لم تكن دوائر الإحتكارات هي البادئة باشعالها دائماً. . بل باعطاءها ايّاها ضوءاً اخضراً او تشجيعها بدعمها اللامحدود سراً او عن طريق وسطاء، لتحقيق اهدافها التي متى ما بدأت بالتحقق تعمد الى تغيير سياستها . . وذلك ماتم و يتم بين دوائر اميركية و اخرى عائدة للناتو في تعاملها مع منظمات كانت قد وضعت على قوائم الإرهاب و الممنوعات، ثم صارت طرفاً في مفاوضات مع جهات اميركية او وسيطة، كما حدث و يحدث مع طالبان و عدد من منظمات القاعدة و منظمات للجريمة المنظمة في العراق اضافة الى منظمات كحماس و غيرها
و ادّت الى تداخل السياسة بالإقتصاد بشكل صارخ فظ قائم ليس على الكفاءة بقدر ماهو قائم على التحكّم المباشر لرجال السوق و الإحتكارات بالدولة، يشهد على ذلك ذهاب شخصيات دولة الى السوق من اعلى ابوابه و بالعكس، كمديري احتكارات قزوين ديك جيني ، كونداليزا رايس، زالماي و غيرهم، في تجسيد علني لتجيير اي نجاح تجاري سياسياً و بالعكس، كما صار تجار الخردوات حكّاماً في بلداننا.
حتى صار رجال الحكم هم رجال السوق في ابتذال رخيص للعلوم السياسية و لمفهوم الدولة و للكفاءة . . في عمل تنتجه فوضى السوق و الركض وراء الأرباح اليومية دون النظر الى الستراتيج، و في سعي لتحقيق ضربات الأرباح في الحروب و المضاربات و البورصات و تشجيع تواصل الأزمات و المغامرة بحياة الشعوب على مذبح الأرباح في " اقتصاد الأزمات " الذي انجب قططاً سماناً عملاقة و غيلان وحشية بعيدا عن ضجيج اعلامها الهائل عن . . مصالح و حقوق الشعوب ؟!
من ناحية اخرى و فيما قفز تكنيك دول قفزات عملاقة عن طريق سرقة المعلومات و الإستنساخ الذي حققت به الصين مثلاً قفزات تكنولوجية هائلة، بآليات ما انكشف منها لاتطاله القوانين الدولية لأنها غير منصوص عليها (3)، حيث ان القوانين السابقة رسمت وفق المصالح الأوربية الغربية و الأميركية الشمالية في فترات زمنية سابقة . . و بدأ يعاد النظر بها اثر عمليات 11 ايلول ضد بنك التجارة العالمية و بضغط قوانين الطوارئ التي اطلقتها و صارت تشمل الحياة الأميركية ذاتها !
ومن جانب آخر، فإن سعي الإحتكارات لتوظيف عامل الوقت (الزمن) للتسابق على المعلومات و للدعاية و لعقد اربح الصفقات التي احتاجت السرعة، في الأسواق الهائلة التي انفتحت دفعة واحدة كما مرّ . . دفع اوساط تجارية متنوعة كثيرة لفتح شبكة ثم شبكات الأنترنت لتحقيق تلك الأهداف. حيث ان توسع الأنترنت بالبرامج و التكنيك المعلن المعمول به، دفعت اليه حاجة السوق الرأسمالية، بعد ان كان الأنترنت بتكنيكه الأولي محصورا بحاجات و اتصالات و سائل دفاع القوات المسلحة الأميركية، ثم انفتح جزئياً لتلبية حاجة مؤسسات الأبحاث (4).
حتى صارت وسيلة سريعة بل و فورية شبه مجانية لتبادل المعلومات و للإتصالات، و لزيادة النشر و الدعاية، و كوسيلة سريعة لأبرام العقود و للتفاعل و احكام السيطرة على البورصات العالمية المالية و النفطية و الدخول عليها بشيفرات من اي مكان بالعالم، واتمام التحويلات المصرفية و الودائع و رؤوس الأموال المصرفية . و صارت بتكنيك اكثر تطوراً وسيلة ميدانية هائلة للمشاركة و للإدارة المباشرة للعمليات العسكرية و شبه العسكرية و لعمليات التدخل العسكري، بالترابط مع شبكات الأقمار الصناعية و مشاريع الفضاء، التي صارت تجتاز حدود الدول بدون أذن او سماح من حكومة ما او حتى دون شعورها بها، كما صار يظهر مؤخراً !
اضافة الى استخدام الصواريخ بعيدة المدى السابحة في اعلى طبقات الجو التي تصيب اهدافها بدقة عالية، ولاتقف امامها اية حدود دولية . . كما حدث في العراق سواء في سنوات الحصار او خلال الحرب، اضافة الى ما حدث في افغانستان
بعد ان صار اكتشاف مكنونات الأرض و حجم مخزوناتها من المواد الأولية، يعتمد على ابحاث الفضاء و الرصد الفضائي بواسطة اقمار و محطات و مختبرات الفضاء، بدون اذن من الدول عدا الدول المتقدمة و الأكثر تقدماً في صناعات الفضاء و الرصد . . حيث تولدت من تلك التكنولوجيا المتطورة برامج حرب النجوم للسيطرة على المناطق الستراتيجية في العالم من الفضاء بوسائل الكتروتكنيكية ـ مغناطيسية . . التي عكست صراعات و تناقضات انكشف منها شيئ من المخفي و بقي الغالب منها في نطاق السرية المطلقة لأقوى الإحتكارات العالمية المتعددة الجنسيات .
و اضافة لما تقدّم، فإن تعزز سيادة الدولار على التبادل التجاري الدولي ـ بآليات ترابط اسعاره المعروفة ـ في مناطق شاسعة جديدة من العالم . . عملت كلها على اسقاط الحدود بين الدول عملياً امام حركة رأس المال، و ادّت الى تخلف منظومة القوانين الدولية و الوطنية المعمول بها عن واقع التطورات العالمية و تأثيراتها الهائلة على الواقع الداخلي للبلدان . . لعدم وجود نصوص تغطيّ ما صار يجري، و بالتالي صارت القوانين تنتج عما تفرضه القوة و المنتصر، بمفاهيمهما الجديدة، التي اخذت توظّف ذلك النقص لمصالحها. و من جهة اخرى صار كل ذلك يفرض نشوء " تفكير جديد " لابد للأحزاب و القوى المناضلة من اجل العدالة الإجتماعية ان تأخذ به، في سبيل انجاح برامجها، كما سياتي . .
و يرى متخصصون و علماء نفس و باحثون، ان كل ما تقوم به الدوائر العليا للإحتكارات من محاولات للتعتيم و الكتمان على المعلومات، الاّ انها لابد و ان تواجه الإنكشاف يوماً كما تقوم به " ويكيليكس " و مصادرها و غيرها، لأن وجود ارقى انواع التكنيك هو في النهاية بيد بشر، و البشر لايمكن ان يكونوا كلهم اشرار مثلاً، اضافة الى ابدية صراعات المبادئ الإنسانية و التقدمية التنويرية مع قوى الظلام التي يعيشها الإنسان، ففضائح ماجرى في معارك الفلوجة و سجن ابو غريب وغبرها انكشفت عن طريق كاميرات و موبايلات و رسائل شخصية بحوزة جنود اميركيين عاشوا الكذب و الخداع، او غرر بهم، وآخرين ارتكبوا الفضائع و صارت تؤرقهم . اضافة الى ماينكشف بسبب الخللات التكنولوجية، عوامل البيئة، و غيرها .
الأمر الذي يدفع الدولة الصينية، الدولة الروسية ـ التي اعلنت ذلك ـ و غيرها الى تأسيس شبكات انترنيتية خاصة بها، من لغتها و رموزها الكومبيوترية، وبالتالي برامجها و آلياتها، في محاولة لحصر المعلومات و الإتصالات على اراضيها لمدد قد تطول او تقصر، عوضاً عن استخدام الفلترات . . في عالم الكتروتكنيكي لاتزال ابعاده مفتوحة في مجال البحوث، يصفه باحثون بكونه عالماً مجهولاً لا زلنا في اول طريقه. (يتبع)

3/ 1 / 2011 ، مهند البراك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. كانت الولايات المتحدة قد رفعت شعار حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة وفق مبادئ الرئيس ولسون في الحرب العالمية الأولى، الاّ انها كانت اكثر الدول انتهاكاً له .
2. حيث لم يحدد مفهوم الإرهاب الى الآن .
3. و هي ذات الآليات التي اتبعتها الصناعة الأميركية في بداية قفزاتها.
4. في وقت استمرت الأنترنت بتكنيكها الأرقى محصورة في الحلقات الحكومية و العسكرية العليا للولايات المتحدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد نبيل بنعبد الله بمناسبة مشاركته في المسيرة الشعبية الوط


.. اشتباكات في روما بين الشرطة ومتظاهرين مؤيدين لفلسطين




.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”


.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م