الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى الصحفيين العرب.. بوح عراقي بما يشبه رسالة

علي شايع

2004 / 9 / 27
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


ذات يوم، حطمَ اشهرُ نحاتٍ مصري نصباً أنجزه كرمز للمقاومة!،لا لشيء الا لقول احد أصدقائه من ان ما وضعه مجسدا بهيأة امرأة مصرية يشبه "جان دارك" بطلة المقاومة الفرنسية التي أعدمها المحتل الإنكليزي حرقاً.. فاخذ النحات محمود مختار فأسه،وبدلا من ان يقول للتمثال ما قاله مايكل أنجلو ان انطق..قال : أريد مصريّـتي فيما افعل واعمل..وأنجَزَ بدلا منه تمثال نهضة مصر المقام حالياً أمام جامعة القاهرة.
تذكرت شاهد هذه الحكاية يوم أمس وكم كان بودي لو أسعفني الوقت لألقيها في نفس رئيس تحرير صحيفة الشعب المصري السابق حيث قاطعني في مداخلتي على برنامج الاتجاه المعاكس،مزايدا على ما يسمى بالمقاومة العراقية؛ بوعظ فرعوني عتيق سأمنا منه طويلا..فللعراق مثلما كل بلد عربي آخر خصوصية لا يفهمها طلعت رميح او غيره من كتبة المزاد. تلك الخصوصية تفرقنا في التفاصيل ونجتمع الى إنسانيتنا خارجها بالخطاب الثقافي العربي الذي ما أنولد بعد،وتفتش الأقلام النبيلة عن افقه المستقبلي القريب.
قلت: عجبي. بألم جم و بلهجة مصرية تداعب في الألم العميق ذكرى الشاعر الرائع صلاح جاهين:
اعجبْ ما تعجبْ... كل شيء له سبب
ولو الكلام كان فضة والسكوت ذهب
والدموع لهب
يحق لك تعجب وما عليك عتب
حقا لا عجب ،فربتما للصحفي طلعت رميح أسبابه فيما يقول ويفعل،ولا أجده يناقض نفسه ما دام يعلن البغضاء الكبرى التي يؤمن بها نصحا ثقافيا يبيح ذبح الرهائن أيا كانوا..فالصحافي مشروع ذبح على الطريقة الإسلامية ما دام قد دخل العراق..وكأن العراق لم يكن محتلا طيلة الزمن الصدامي البغيض،أيام كان زبائن الكوبونات من صحفيين ومرتزقة إعلام وباعة أحرف يجوبون بغداد صحبة العسس البعثي..
وليت السكوت ما كان ذهبا على طريقة جاهين،بل ضميرا يلقي سلام الكتابة..ولكن لمثل كلام طلعت رميح يحمد السكوت.
عجبي، قلتها بالأمس، مضيفا: لقد أخطأ الرمح بيد رميح،كما تقول العرب، فالرجل كشف عن بغضاء ما عرفها صحفي قبله ولا خالطت قلب صاحب عمود شريف في صحيفة..فهذا الصحفي ابتدأ حديثه بالاعتراض التصحيحي لمن يسميهم الإعلام العربي بالمُختَطَفين، فهم أسرى في نظره،وثمة مؤامرة تحيق بالأمة العربية الإسلامية!! وعلينا التنبه وعدم التفريط بحصتنا من الأسرى في زمن الذبح الإسلامي!.
قالها مبررا لجرائم القتل ،ومدافعا بشدة وهو يحلل دم المختطفين،متناقضا كصحفي يهدر أرواح من يشاركهم شرف اللقب والمهنة،لا المحنة.. عجبي.
ومتناقضا كان مع ما يحمله من لقب منذ بدء القول: ان كل من يدخل العراق مطلوب دمه لأنه يلج ساحة حرب..فمن ذا يصحح لنا كي لا يختلط الأمر علينا لنميز بين الصحفي الشريك في الألم الإنساني وبين الآخر الشريك في قتله.
ربما يريد الان رميح و من يزايد بهذه الطريقة ان يعزّز نجوميته في سواد الغوغاء،فينالها مشفوعة الرضا من سدنة فتاوى الرعب ليس الا. حتى لتجدنه غير آبه بالقول ان المثقف في رهان آخر الزمان هو وحده من يصبح القابض على جمرة استمراره كأنها كلمته قرب أيادي يتقافز منها لمعان السيف..فالقتل في يدٍ وفي الأخرى حرف لمثقف عربي يناصرهم، فيعبدون ربهم عليه.
ان رهان المثقف العربي خاسر بالقطع ان كان هو رهان المجد القادم زيفه من مجاميع أولئك السيّافين،وسيشجعهم على المضي غيا وعدوانا فيه هذا الصمت الذي تكاثر ذهبه حتى أصبحنا أغنى الأمم صمتا،فنحن امة مأمورة في التعبد بالصمت!. والى الآن لم يحن أوان ان يفرز المثقف العربي نفسه عن قطعان القتلة.
عجبي..فإذا كان صحفي بحجم الهرم يريد منا بعض العروبيين ان نجابه به الهيكل الإسرائيلي يرى فيما يحدث من خطف للصحفيين تفهما سياسيا،فمن حقنا أيضا ان لانعتب على رميح ولا نعجب.
و من بوح شاعر عراقي اكرر: هذه ليست الشمس كلها..
وابحث عمن يشارك الشاعر أمل دنقل أمله النبيل في قول "لا"،ملتفة ً على فجيعة التوحد في:
"المجد للشيطان.. معبود الرياح
من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)
من علم الإنسان تمزيق العدم
من قال (لا).. فلم يمت
وظل روحا أبدية الألم"

بأبدية المتاعب والألم الصحفي أتسائل: بمَ ينتمي هؤلاء الى هذا الرافض المصري الفذّ في رهانه الإنساني على المستقبل؟!.
ام هل ينتمي هؤلاء الى ألم صحفيٍ شهيد لمتاعب الوضع العربي ؟!.
اني لا أراهم ينتمون لغير ما يذهب جفاء..

فنيت ما أسهلها من كلمة؛ نعم،في فم انتحاري ليته أبدل عينها دالا..ليستدل على الإنسان في ظلمته.
و ربما لا أحير جوابا شافيا لحظة اسأل:هل وجدت ال"نعم" ليبيح بها مفكر عربي ذبح متطوعة في منظمة إنسانية او صحفي.. ما لم يطلق سراح سجينة مثل رحاب جرثومة؟!.. بل افصل في الاجابة بين السلطوي الهالك في غيّ نعمه( بكسر العين ورفعها يكتمل المعنى)،وبين عَظَمَة بقاء البعض على قيد حرمانهم وفجيعتهم في مطاردات التعسف المرير والعزلة الشاقة. و لن أعجب بعدها ..حتى لكأن سليمان بن يسار حين قال لابنه قبل أكثر من ثلاثة عشر قرنا قالها لي: " أي بني، لاتعجب ممن هلك كيف هلك، ولكن إعجب ممن نجا كيف نجا".
لكل الناجين أقول: فليكن كلّ ناج حكيما مثلما تمناها الصوفي ولم ترها عين حياته..لنكن جميعا حياة كلمة هذا العارف في موته..
ليتوحد الجميع في موقف وإجماع كما لم يحدث من قبل في التاريخ ولتعلن الآن مواقف ألفية لمثقفين عرب علّها تيقظ مواقف مليونية في رفض ما آل اليه الوضع من هدم إنساني وتجهيل فجيع يجعل السيف كحقيقة عربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الأوروبية: من هم نواب البرلمان الأوروبي... وما ال


.. الوزير بيني غانتس يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية ويدعو إل




.. دراسة إسرائيلية: جبهة حزب الله لا تحتمل الانتظار. فهل تشتعل


.. ما المشهد بين عائلات المحتجزين وأقطاب السياسة الإسرائيلية؟




.. رئيس لجنة الطوارئ برفح: توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات س