الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة إنشاء قناة تنويرية

زكرياء الفاضل

2011 / 1 / 5
ملف مفتوح – أهمية و إمكانيات إطلاق فضائية يسارية علمانية


لوسائل الإعلام دور خطير في تكوين رؤية المجتمع في القضايا المصيرية للشعوب حيث أنّ عملية دمقرطة المجتمع والنهوض به اقتصاديا واجتماعيا وحتى سياسيا مرتبطة بعامل ذاتي يتمثل في مدى اهتمام ووعي الفرد بقضاياه الاجتماعية والوطنية. لذلك ليس من الغريب أن تسيطر أجهزة الحكم الاستبدادية في مجتمعاتنا وحليفتاها الإقطاعية والبرجوازية الطفيلية على هذه الوسائل لوعيها بقوة تأثير الإعلام في وعي المواطنين وتفعيل عواطفهم تجاه قضية من القضايا. من هنا أصبحت وسائل الإعلام في بلداننا بنية مؤسساتية تعمل على ديمومة الأنظمة المستبدة وجعلها القوة الواحدة والوحيدة في المجتمع. لن أغالي إن قلت إنّ من يملك وسائل الإعلام يملك السلطة في المجتمع. والدليل هي تلك الحرب العشواء غير المعلنة على قناة الجزيرة، رغم أني متحفظ بشأن هذه القناة بسبب نهجها سياسة المعيارين في خط تحريرها ولذلك أسباب ستظهر أسفله.
لماذا قناة فضائية دون وسائل الإعلام الأخرى؟
لا أحد يجهل أنّ الأمية تكتنف في طياتها السواد الأعظم من مجتمعاتنا الشرقية والحديث هنا عن الأمية الكلاسيكية، أما إن تطرقنا إلى الأمية المعرفية فالنسبة ستصبح كارثة. هذا الوضع يستغله أعداء شعوبنا من أنظمة رجعية وحلفائها الطبقيين ويستثمرونه لتشويه المفاهيم العلمية وتسميم عقول المواطنين. لذلك هناك ضرورة ملحة لإنشاء قناة تلفزيونية نظرا للدور الخطير والهام الذي تلعبه هذه الوسيلة الإعلامية دون غيرها حيث أنها غزت كل بيت واستحودت على فكر كل فرد من المجتمع كبر شأنه أم صغر. فالتلفزيون اليوم لم يعد ترفا كما كان عليه الحال في بداية النصف الثاني من القرن الماضي، بل أصبح في متناول الجميع. إنك تجده في القصور الفاخرة كما تعثر عليه في الأكواخ داخل مدن الصفيح والمخميمات. كما أن التلفزيون أحد أهم أسلحة عولمة العم سام المنبنية على ثقافة الكوكاكولا والهامبورغر ولابد من مناهضتها بسلاح فعال.
هناك جانب آخر يدفعنا للحث على إنشاء قناة تلفزيونية فضائية وهو كون التلفزيون، كإحدى أهم وسائل الإعلام، أصبح اليوم جزءا لا يتجزء من النظام السياسي للمجتمع، فهو المرآة العاكسة لحقيقة طبيعة الأمور في المجتمعات، لأنّ خط تحريره يكشف عن مدى طبيعة النظام القائم كما يعري عن مستوى النضج الفكري لهذا المجتمع أو ذاك. إنّ التلفزيون لا يقتصر دوره على إخبار المشاهد بما حصل ويحصل على الصعيد الوطني أو الدولي، بل يتعداه إلى دور أخطر يتمثل في وظيفته الدعائية حيث يروج لفكر أو موقف سياسي ما دون غيره. هذا ما يجعله شريكا فعالا في إدارة أمور المجتمع. كما أنه يساعد في تشكيل الرأي العام اتجاه قضايا المجتمع المطروحة على المستويين الوطني والدولي وبالتالي هو من يفرض على المشاهد تصرفا معينا في حلها. هذا لا يعني أن باقي وسائل الإعلام الأخرى لا تملك هذا الدور الخطير في تأطير المجتمع، لكن حسب اعتقادي فإن التلفزيون أهمها وأخطرها لأن مشاهدته لا تتطلب معرفة القراءة والكتابة كما لا تستوجب مستوى فكريا معينا كما هو الشأن بالنسبة لبعض وسائل الإعلام المقروؤة مثلا، حيث يعتمد بالدرجة الأولى على الصورة التي كثيرا ما تكون مفبركة كما حصل في الماضي مع قناة TV5 الفرنسية التي عرضت فيلما مفبركا عن ديكتاتورية تشاوشيسكو في رومانيا لتعود للموضوع مرة أخرى، بعد إعدامه وزوجته وسقوط بوخارست في قبضة الإمبريالية العالمية، معتذرة هذه المرة وشاكية من وقوعها "ضحية لفيلم ملفق. لذلك أرى ضرورة ملحة في إنشاء قناة فضائية تغطي كل مجتمعاتنا حسب المستطاع لتخرجها من الحصار المضروب عليها من قبل القنوات الرسمية حيث أنها تعمل على الدعاية لإديولوجية الأنظمة السائدة وتربية الأجيال على تبني هذه الإديولوجية والوقوف في وجه كل من يعارضها.
كيف ينبغي لهذه القناة أن تكون؟
في ظل هيمنة القنواة الرسمية في مجتمعاتنا واستحوادها على عقول المواطنين لا بد من أن تعمل القناة الجديدة على:
1. توفير المعلومات اللازمة للمشاهد وبالوفرة المطلوبة
2. عكس الرأي العام الوطني كما هو
3. عدم نهج سياسة المعيارين
4. التمتع بالمصداقية في الخبر
5. التشبث بمبدأ التعددية الفكرية
6. الاستقلالية التامة ماديا حتى تتجنب التعرض لضغوطات مؤثرة في خط تحريرها
7. ابتعاد قيادتها عن سياسة القطب الواحد تجنبا لديكتاتورية الرأي الفردي
8. الاعتماد على معيار الاحترافية في اختيار الكوادر بعيدا عن الحزبية والرفاقية
9. عدم التركيز فقط على المواضيع السياسية بل الاهتمام بالبرامج الترفيهية والمسلسلات والأفلام الهدافة
10. الاستفادة من أخطاء قناة الجزيرة وعدم السقوط فيها. فالجزيرة على دورها الإجابي في توصيل حقائق للمشاهد تغيبها عنه قنواته الرسمية لها جانب سلبي يكمن في تعاملها مع الأحداث من منطلق سياسة المعيارين وذلك لعدم استقلاليتها ماديا عن الأسرة الحاكمة بقطر وخضوعها لقيادة أحد أفراد عائلة آل ثاني، لذلك فهي لا تتطرق لسياسة قطر لا من بعيد ولا من قريب فذاك خطها الأحمر الذي لا يمكنها تخطيه لتضمن بقاءها على الساحة الإعلامية، على أني لا أقف موقف عداء من قطر وأميرها.
11. العمل على توجيه القيم الاجتماعية والدفع بها نحو المستقبل مع مراعاة الطابع الشرقي لمجتمعاتنا
هذا هو تصوري باختصار شديد للقناة الجديدة التي أتمنى أن لا تخيب آمالنا شكلا ومضمونا وإن أخطأت في شيء فليقومني الرفاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتشار الجيش الكوري الجنوبي وتظاهرات: ما حقيقة صور انتشرت بع


.. إسرائيل تحذر: انهيار الهدنة قد يشعل لبنان بالكامل | #التاسعة




.. كلمة أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمام البرلمان ا


.. مشاهد توثق عودة صحفي سوري إلى منزله في ريف حلب الغربي




.. مسار الأحداث| حراك في إدارة بايدن من أجل التوصل لاتفاق لوقف