الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وظيفة بعنوان كلب

شذى احمد

2011 / 1 / 5
الادب والفن


وظيفة بعنوان كلب

قصة



يقول المفكر الاسلامي / غالب حسن الشابندر ....
في إيران (الاسلام!) وفي مدينة مشهد بالذات تأسست جمعية باسم (كلاب الإمام الرضا)، وهذه الجمعية لا تضم كلابا حقا، بل بشر بكامل آدميتهم، يعرضون أنفسهم للناس بانهم بمثابة كلاب الامام علي بن موسى الرضا، الامام الثامن في عقيدة الشيعة الامامية، وهناك (كلاب الزهراء) و (كلام الإمام الحسن) وهكذا، وبالتالي، فإن القضية دخلت مرحلة الجنون الطقوسي.







تركت الأحداث المريرة الناس في العراق متشرذمين. لا يتقاسمون هما مشتركا.أو سرا من الأسرار. الكل يخاف الكل. والشك هو الطابع الأغلب. فرقوا بينهم حتى ضمنوا سيادتهم على البلد. مدن يلونها الفقر والدمار. الجائعون يتوزعون في كل مكان. يكتظون بالمناسبات الدينية التي ازدادت وازدهرت ، وفرخت لتصبح طقوسا شبه يومية.
التقاه في المقهى منهكا. خائر القوى. لم يقوى على الصمت رغم تخوفه من رده بادره: ما بك . هل أنت مريض. سلامتك. رفع الثاني رأسه تطلع به كمن يبثه خبر كارثة رد عليه: أكثر من مريض. أنا ميت.
ـ سلامتك سلامتك يا رجل. ماذا حصل
ـ أخي..أخي الصغير . الذي اختفى من البيت منذ شهرين ظنناه قد قتل أو خطف. كان للوالدة أمل بان يكون مخطوف. مسجون فنستدل عليه لكن .. يا ريت لو مات.
ـ ما به . هل أصابه مكروه لا سامح الله؟. بفضول صادق سأله
ـ لقد صار مسخ .. صار مسخ
تطلع إليه بدهشة كبيرة تحثه على التفسير.
.....

امضيا أكثر من ساعة معا . سرد له القصة مصحوبة بالزفرات والدموع الحرى، كيف نزل البلاء عليه وعلى العائلة. فأقترح عليه الذهاب لإنقاذه.
ـ هل من فائدة .. هل يمكن إعادة الماء المسكوب
ـ لما هذا التشاؤم لا شيء في الدنيا لا يمكن إصلاحه.
ـ مثل هذه الكسور يتعذر إصلاحها.
ـ أنت تقول ذلك دون تقديم حل أو حتى محاولة إيجاده.

أمام باب عتيق استأذنا بالدخول. كان المكان مزدحما بفتيان بأعمار مختلفة. يتوشحون السواد . ويفترشون أرضية غرفة واسعة. وضع في صدرها كرسي خشبي قديم بقوائم بدت متآكلة في الأجزاء التي ظلت عارية من القماش الأخضر الذي غطى الكرسي بالكامل.
تأملا الوجوه الخاملة المسلوبة الحياة إلا من عيون تتطلع ببلادة لما حولها. وفي إحدى الزوايا لمح أخاه. ناداه لكن الأخ لم يستجيب. فاتجه إليه وهو يشق طريقه بصعوبة بين جموع الحاضرين. سحبه بقوة من رداءه إلى الخارج. كان الحاضرون يفسحون المجال لمرورهم دون مقاومة أو كلمة اعتراض كما لو كان يسحب شاة مبتعدا بها.
في فسحة الدار هز أخاه بقوة صارخا: أيها اللعين . التافه ماذا فعلت بنفسك . كلب تريد أن تصير كلبا ..
فرد عليه بصوت مأخوذ بما يفعل ـ بل أنا كلب .. كلب الأئمة الأطهار. كلب أصحاب الكرامات ..كلب الأمام الشريف.
ـ أي أمام يريدك كلبا. أي إمام
ـ إنهم الأئمة الذين فضلهم الله على العالمين. الأئمة الأخيار. الأئمة الذين سنحرسهم ونحميهم ونتجول في رحابهم في الآخرة ، وهم يتنزهون في رياض الجنة.
ـ أيها التعيس . هل يرضى الله أن يتحول احد من عبادة إلى كلب ينبح من اجل عبد أخر.
ـ الأئمة ليسوا ككل العباد. إنهم المعصومون. المبجلون . المختارون . الأنقياء . الأتقياء. الشرفاء. من اجلهم خلق الله الأرض ومن عليها.
ـ لتصيروا كلابا لهم.
ـ لنتشرف بحراستهم. لنذوق من اجلهم ذل الأرض وننعم برفقتهم بالسماء.
بدا كمن يخاطب مخلوقات في عالم لا يراه سواه. عيناه متجمدتان. وجمله صبت كالفولاذ في صهاريج مستعرة لا تجرؤ يد على مسها والتفكير في نقلها من مكان لأخر.أما أخوه المسكين فلقد انتابته رعشة وانهمرت الدموع من عينيه واحتقن وجهه. أراد قول شيء ما فخرجت كلماته مقطعة.. و .. ك... كي... ا... ا... ثم اختفى صوته. جمع ياقة ثوب أخيه بيده اليسرى وراح يلكمه بيده اليمنى وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة وينوح باكياً. تسمرت أقدام الصديق المرافق لم تقويان على حمله كان المشهد مؤلماً. قاسياً. لا يمكنك إنقاذ اقرب الناس إليك . وداءه عصي عن الشفاء. يمزقك العجز وتخونك المحبة.
ظل يضربه. والثاني بين يديه يتلقى الضربات باستسلام عجيب. حتى إذا ما كلت يداه رماه بعيدا. واستدار إلى صديقه : ستموت أمي إن رأته.. ليته يموت ولا يعود إليها.. ستموت قهراً. ثم التفت إليه من جديد : إياك والعودة للبيت . سأضع طلقة في رأسك لو رأيتك تنبح أمام بابنا.
خرجا بعدما هال الصديق ما رآه . خيبة أخرى تضاف إلى كم خيباته وبيت أخر يهدم من بيوت مدينته الجميلة.وشاب أخر يغتاله الضياع.
أمسك قلمه حاول أن يستجمع قوته وقدرته على الكتابة. كان قلبه ينوح يجهش ببكاء مر. انتظره . مرت الساعات ثقيلة. حاول إغماض عينيه لكن الأحداث التي جرت كانت اقرب إليهما مما كانت عليه في ذلك البيت. ففتحهما فزعا. ليس لي سوى الكتابة. لن ينقذني من وجعي سواها. .. حث نفسه ..سأكتب عن الكلاب. اعد نفسه . أثناء ترتيب أفكاره تذكر آخرين ارتضوا لأنفسهم أدوارا لا تقل دونية وذلا من هؤلاء الفتيان المغرر بهم. كلاب من أنواع متعددة ولمهام مختلفة. أقربهم ذلك الذي ينبح بالقرب من نافذته التي يطل بها على الآخرين كل مرة. ينبح نباحا ادميا بكلمات معدودة تنحصر بذكر أسماء معروفة. يهز كبرياء ذكراها ويدنسها مثلما تفعل كلاب الأئمة في الذاكرة الجماعية.اسماء مثل العنبري. ابن حاسد... ويعرج إلى اسم من هنا وأخر من هناك . باركر .. ساركر.. شمليون.. سلمون.. اسماء عاشت عالمها، وحياتها ومضت تاركة بصمتها في زمنها. لكنه اختار تدنيسها بنباحه، وعجزه عن الآيتان بجديد له ولغيره. لا يطفئ بنباحه حتى نار حقده على الآخرين. تذكر صفعات صديقه لأخيه المستكلب. لكن للمفارقة لم يشعر إزاء من ينبح قرب شباكه إلا بالشفقة. الشفقة التي يستحقها كلب شريد طريد. لا يملك إلا أن يعوي. كان تهديد صديقه لأخيه الكلب القتل إن شاهده بالقرب من بابه. أما هو فلا يقوى على قتل احد .. القتل يحتاج إلى قسوة وجلد لا يملكه لكن على النقيض أحس بعطف خاص إزاءه . وشعر به خطيه ..

ملاحظة: الخطيه .. في العراقية الدارجة ترادف المسكين . أو الشخص الذي يستحق الشفقة. وقد قالها الشاعر الكبير بدر شاكر السياب ذات مرة في عبارته الشهيرة... الموت أهون من خطيه.



شــــــذى
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فراغ
مازن البلداوي ( 2011 / 1 / 5 - 17:01 )
فراغ روحي وعقلي يستحوذ على عقول آيست من الحياة، فتوجهت الى المجهول ترتجيه عسى ان يداها على حقيقة ينشدها الكثير من الناس، وبذات الوقت هو مصدر يعود على صاحبه بما لم يحلم به.
كم ارجو من كتّاب السيناريو اي يصيغوا سيناريوهات لأفلام ومسلسلات، قد لاتتسع لها ادراج ورفوف المكاتب الجافة من ندى الكتابة القصصية القريبة من الواقعة والتي هي بحد ذاتها ستكون ارشيفا تأريخيا.

تحياتي


2 - الثرى والثريا
د.رامي حماد حسين ( 2011 / 1 / 6 - 00:19 )
ياريت لو مات...فقيرة وكان الاجدى قول...ياليته مات..تقولي كلماته المتقطعة وسقتي احرفا بل انها لم تحمل دلالات وهنا القارئ يتركها دون ان تستقيم فلقد كتبت عرجاء...سأضع طلقة في رأسك خاوية المعنى الطلقة لاتوضع ...وهذه الجملة كسيحة...تتناولي القصة من رؤيا ضبابية وتسوقي الكلمات بترابط غير مفهوم نصا والواقعية مفقودة والخيال عقيم..تذكري السياب وكأنك تريدي ان تنالي منه فلا يجوز تشبيه الثرى بالثريا


3 - الدكتورة شذى
شامل عبد العزيز ( 2011 / 1 / 6 - 08:20 )
تحية وتقدير - شكلت الأساطير عقول الغالبية وخصوصاً في مجتمعاتنا - الغرب استطاع أن يجعل من تلك الأساطير فلكوراً شعبياً لا باس من استعادته بين فترة وآخرى .عدم التفريق بين التاريخ والأسطورة والمزج بينهما وقف حائلاً أمام أي فرصة نحو الأحسن , المجتمعات المتخلفة الغارقة بالأوهام هذه هي افرازاتها كلاب للأئمة , هو يريد أن يكون كلباً , أي عقل وأي تفكير وأي فهم هذا الذي نعيشه وتعيشه شعوبنا , الدين ليس أصل الشر كما يقول داوكنز ولكنه أحد الشرور , مجتمعاتنا تفتقر لتيارات علمانية , هناك أفراد علمانيين تنويرين ولكن كتيار مضاد لقوى الظلام غير موجود وهذا من واجب النخبة .. خالص تحياتي
لا يوجد مُلاك للحقيقة ولا يوجد وصياً عليها عليكِ أن تقولي رأيكِ ثم تمضين
مع خالص التقدير


4 - بلاك ووتر فرع الجنة
يونس حنون ( 2011 / 1 / 6 - 13:00 )
اللعنة على اي فكر يهبط بالانسان الى دون مستوى الادمية
مافرق النظم الدكتاتورية التي تفرض على مساجين الرأي ان يزحفوا وينبحوا كالكلاب عن هذه الايديولوجية الظلامية التي اخزت الدين والمذهب؟
لماذا يحتاج الائمة الى كلاب حراسة في الجنة؟
وهل توجد في الجنة عمليات اغتيال او اعتداء او عصابات خطف ليحتاج الائمة الى كلاب تحميهم؟
وهل سيتم تاسيس شركات حراسة مثل البلاك ووتر فرع الجنة؟
اذن فالعراق اليوم جنة الله على الارض
ولاعزاء للعقول


5 - الكاتب الزميل مازن البلداوي
شذى احمد ( 2011 / 1 / 7 - 07:25 )
قد يكون يا صديقي خواءا فكريا ولكنه في جانب اخر تغييب وسياسة مدروسة لتعطيل طاقات الشباب وادمانهم الوهم وهوادمان لا يقل خطورة على ادمان المخدرات. دعوتك للمشتغلين في الاعلام المرئي رائعة خصوصا وانهم لم يخرجوا لنا من مأساي العراق الاخيرة الا بالقليل من الاعمال الجادة التي تؤرخ لهذه المرحلة من حياة العراق. كل التقدير لك مشاركا وكاتبا كبيرا اتعلم من اطروحاته المهمة


6 - الشامل القدير
شذى احمد ( 2011 / 1 / 7 - 07:27 )
مضيئة دوما مساحة مشاركتك بالمحدد والواقعي من المطالب ولا ادري لما هي عسيرة عمليا . ربما بتضافر وتكاتف الجهود . عندها تتعود الاذن على اصوات اخرى اقل عدائية وظلامية ويستطيع التيار العلماني والفكر التنويري ان يأخذ مكانه الصحيح .مقالك الاخير القيم سلط الضوء على الكثير من ذلك تعلمت منه فشكرا لك


7 - الدكتور الاخ يونس حنون
شذى احمد ( 2011 / 1 / 7 - 07:33 )
سيكون من السهل علي دراسة الطب وفتح عيادة بالقرب منك عن ان اتمكن من مجاراة روحك الساخرة والتعلم منها ومجاراة براعتك اللغوية في الكتابة الساخرة. لما قلته منطق سليم. ثم ان الأئمة بسيرهم وما ينقلوه عنهم يدعون الى مكارم الاخلاق والقيم النبيلة فكيف يرتضي احدهم بالتالي ان يهدر الانسان كرامته. هذا تناقض لا يقره العقل. اما عن جنة الله على الارض.لو كان هذا حال الجنة فستحرض الاخيار على اتباع طريق الشيطان للهروب منها في الحياة الابدية التي يؤمنون. لا عزاء للعقول ربما لانها اساسا تعيش حالة عزاء دائم


8 - كلاب لا تكتفى بالنباح
مصباح جميل ( 2011 / 1 / 8 - 12:02 )
اااااااااااااااه زفره من القلب لاحوال الناس وما يؤمنون به
اما ان الاوان ان يبزغ الفجر وبنجلى الظلام
سيدتى شذى ان عقولا تحجرت من الالاف السنين لا تزال لها الصوله والجوله ولا زالت تسرح وتمرح وتتحكم بنا وبشعوبنا وبابنائنا وبناتنا
سيدتى ارجو ان لا احبط من عزيمتك او عزيمه الاخرين ولكن فعلا لا ارى مجالا للتغيير فى المدى المنظور
وقلبى مع جميع الامهات اللواتى يرين اولادهن كلابا لا يكتفون بالنباح بل يعقرون


9 - النباح المسلفن
عبد الوهاب المطلبي ( 2011 / 1 / 9 - 10:52 )
ارق التحايا الى الكاتبة القديرة وهي تلخص بجدارة اصناف من النباح فمنهم من ارتضى ان يكون كلبا ومنهم من استعوى الكلاب بنباحه
انها ويكيليكس آخر


10 - الاستاذ مصباح جميل
شذى احمد ( 2011 / 1 / 11 - 13:27 )
دعني بالبداية اسلم عليك مضى وقت طويل لم اتشرف بحضورك وكل عام وانت بخير.. الاخبار تحبط معك كل الحق كل الاخبار التي تصل من ارض الوطن تحبط وهناك من يكابر ويتشدق ويسب ويلعن ويعلن الكراهية والعداء. لكن علينا ان نقول بانها محبطة . اما عن الامل يكاد يضيع مثل طفل بريء في زحام خانق. اتمنى له ان يرى النور ويستدل الى هدفه. لك كل تقديري


11 - الاستاذ عبد الوهاب المطلبي
شذى احمد ( 2011 / 1 / 11 - 13:30 )
بالغ تقديري لمرورك واعتزازي بتقيمك وكل منا يحاول المهم ان لا يخاف ولا يستفزه نباح من اي نوع من الانواع التي ذكرتها. وعليه ان يشير الى الشر والعبث بالانسان وقدره. وقد قالوا سابقا الكلاب تنبح والقافلة تسير.. وارجو ان يردع المقال ولو صبيا او شابا من الانزلاق في هاوية الذل والامتهان يكون بذلك قد نجح في تحقيق هدف ولو بسيط


12 - To Dr Shatha
Ommar Ahmed ( 2011 / 1 / 19 - 18:32 )
الرائعه
انا اعرف سيده دخلت مستشفى الامراض العقليه بالعراقي يعني الشماعيه في ثمانينيات القرن الماضي لانها كانت تعشق صدام علما انها كانت طالبه جامعيه.العقل قد يغيب عند المثقفين فكيف هو الحال بالجهله


13 - عزيزني الدكتورة شذى
ليندا كبرييل ( 2011 / 1 / 19 - 20:45 )
كل عام وأنت بخير , يؤسفني أني ما تمكنت من إجابتك على رسالتك الأخيرة نظراً لسفري الذي كلفني جهداً وقلقاً . أسألك عزيزتي : ما الذي يملأ حياة الشاب إلا العلم والثقافة والنشاطات الفنية والرياضية ؟ العلم نور للعقل , وتغييب الأئمة للعقول السابحة بالخرافة مقصود للقضاء على القلب النابض للحياة , يا لحسرة أهاليهم وهم يرون فلذات أكبادهم بين أيدي غير أمينة يديرونهم حسب أهوائهم. هل الجنة تحوي مثل هؤلاء المهابيل ؟تشكري على إثارة هذا الموضوع

اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي