الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحلقة العشرون من سيرة المحموم(20)

عبد الفتاح المطلبي

2011 / 1 / 5
الادب والفن


الحلقة العشرون من سيرة المحموم(20)

قالت زوجتي الصقر التي لا أتوقع منها الا لوماً او تقريعاً او لا مبالاة ما لأخويك لا يأتون لعيادتك وانت محموم أم انهم كأخوة يوسف، وصلتني الجملة الاخيرة مثل اسفين ، ثم اردفت جملة اخرى حول الموضوع لا اتذكرها ولكنها كانت كالمطرقة، شعرت انها ارادتني ان ادق هذا الاسفين بتلك المطرقة بيني وبين اخوي هذه اليتيمة والوحيدة التي أوصاني بها صديقي الذي التزم بدوره بوصية والدته عفا عنها الله، لكن تداعيات بدأت تنهار كرشيش من الحصى حول قضية يوسف النبي واخوته وعلى وجه الدقة قضية الجب، الذي حضر امامي مجبراً اياي على التفكير بمغزاه، لقد حيرني هذا الجب، هل هو الجب الذي كان اخوة يوسف يدلون بدلائهم فيه ينتحون منه الماء، ام غيره فلو افترضنا انه هو كيف يلقون برجل فيه يحتمل ان يموت ويصبح جثة تلوث الماء الذي يشربون منه، ستقول ربما كان هناك جب آخر. ولو كان كذلك فلابد انهم حفروه خصيصاً لهذه المهة وهذا يتناغم مع روعة نسيج القصة لقد آمنت دائماً ان يوسف النبي قد القوة في الجب، لا نقاش في هذا ابداً ويبدو ان اخوة يوسف قد حفروا جباً وسط طريق القوافل لانهم ناقشوا المسألة مسبقاً وقرروا ان لا يقتلوه بل خططوا لان تأخذه السيارة ، لكنهم كيف ضمنوا ذلك، لاننا افترضنا ان اخوة يوسف لم يرغبوا بتلويث جبهم كان لزاماً عليهم ان يحفروا جباً وسط طريق القوافل بحيث لا يمكن للقافلة ان تواصل طريقها الا بالمرور من فوق هذا الجب لكن القضية ليست هذه، انما كيف حفروه لاخيهم.. في الليل ام في النهار، لو كان في النهار لسألهم سالكي الطريق، لماذا تخربون الدرب، وتحدث مشكلة، ربما على الاغلب حفروه ليلاً تحت ستار الظلام، جعلوه سراً من الاسرار ولكي لا تطلع عليهم الشمس قبل اكمال يحتمل انهم استعانوا بفؤوس جيدة من مملكة دلمون او مجاريف من الربع الخالي من نوع تلك المجاريف التي يزيحون بها الرمال هناك، صنعت في اوكلاهوما، أو ربما استعانوا بكنعاني خبير، او استأجروا بعض بقايا العرب البائدة لكي يتمنكوا من اكمال جبهم قبل طلوع الفجر ثم يلقون باخيهم في الجب وينتهون من الموضوع، لقد كانوا يحسدونه هو وبنيامين الصغير، مشاعر موتورة وإحن قديمة حثتهم على فعلتهم، لقد القوا اخاهم في الجب والسلام، أي سلام بعد هذا..
صدقوني الموضوع لا يمت ليوسف واخوته باي صلة لكن زوجتي الصقر كانت تعني اخوي انا الا انني بفعل الحمى وكثرة كوابيسها تدرب عقلي على التصور بل وأدمنه، وعليه أحب التخيل ومقاربة ما يشعر به مع مصائب حلت على اصحابها في عمق التاريخ، لانني شعرت ان مصيبتي لا توازيها مصيبة في الوقت الحاضر لذا الجأ مضطراً الى تلك المقاربات التاريخية.
انا الآن شبه متيقن انكم قد استطعتم ان تخمنوا ايضا اسباب استعانتي بالحمى.. اخدع نفسي احياناً مدعياً تصديق ماتقول عن مصالحي.. ذلك لانه الخيار الوحيد.. لهذا تذكرت ان يوسف النبي اعتمد بشكل كامل على فرعون وهو عدوه، ولجأ اليه لمحاولة اعادة ترتيب بيت يعقوب المخرب ولم شمل الاخوة اللئماء الذين لا يتمنون خيراً لأخيهم حسداً منهم حتى انه اقترح على فرعون وهو عدوه ان يكون وزيراً لاقتصاده لانقاذ فرعون من ورطة المجاعة المحدقة به، عجبت كيف كان فرعون رباً أي رب هذا الذي لا يحسن اخراج نفسه من ورطة.. لقد كان فرعون رباً بليداً.. لذلك هادن يوسف عدوه كما تعلمون وكما اراد الله ليعود ليعقوب بصره ويلم شتات بيت يعقوب لذلك ولما ذكرت آنفاً اعتبرت نفسي شريكاً للحمى في ادارة ازمتي.. والتغلب على حيرتي وانهيار كياني الذي سببه الاساس كان من داخل بيتي جهل أخي الكبير المتسلط وغباءه وعدم قدرته بل جهلة بالوضع الدولي وكان الموضوع يتعلق بعملية لصوصية بحته لا غير، اوهموه ان نتائجها مربحة، ولان الحمى هي القوة الوحيدة التي استفحلت وفتكت بكياني وأودت باحلام الاخرين المريضة، سأقبل بملازمتها لي كظلي لذلك صرت اسعى لبث روح الحرارة في الحمى نفسها وذلك
من غريب الامور، كيف لي انا المحموم ان ابث روح الحرارة في الحمى.. لعلها تنتشلني مما أنا فيه وانقاذي من العيون التي تنظر الي شزراً من حولي، ليس لانهم يكرهونني بل لانهم مرتعبون من الحمى التي تلازمني ، اذا ولغت بدمائهم ستطرحهم ارضاً لذلك هم خائفون مني كمصاب بها.. يريدون احراقي بفرن مغلق وتحويلي الى رماد لكي يتنفسوا الصعداء ويرتاحوا.. وانا اريد البقاء حياً حتى وان تلازمني الحمى.. لعلي اكتسب مناعة ضدها يوماً ما.. انا احب الحياة لا استطيع تخيل نفسي محترقاً بفرن..
لهذا ولأنني لا استطيع طرد الحمى التي تقول دائماً انها ستغادرني وقت تشاء هي وذلك ما لا اصدقه وعلي ان اعد العدة لبقائها طويلاً لانني في الواقع غير قادر على أي حل آخر.. وتلافياً لدفعي من قبل اخوتي وجيراني الخائنين الى الفرن سأتعكز على الحمى لأخيفهم واجعلهم يفرون من امامي عندما اقبل عليهم، الحمى المخيفة معي فأين يذهبون قال حكيم صيني قفز الى ذهني تواً: مجاراة العدو الغاشم القوي خير من مواجهته وانت ضعيف، هذا ما فعل يوسف بالضبط رغم مؤامرة زليخة، فهل كان يوسف عميلاً لفرعون، قطعاً لا.. لكنه فد امتلأ قلبه قيحاً من اخوته، وزاد شوقه لابيه واخيه بنيامين الصغير فوجد نفسه كما اجد نفسي الآن مجبراً على تقبيل اليد التي لا استطيع ان الويها، لقد اراد من اراد ان تصفعني هذه اليد اليابسة القاسية والمرتبطة برأس لا يعرف الشفقة، ولا يحسب حساباً لشيء، اراد ان تسحقني وتمحقني لكنني فهمت اللعبة.. ولقد مللت قلبي الصفيح اريد استعادة عافيتي اريد قلباً من لحم ودم بعين ثالثة فيه، قالت الحمى، اليد التي لا تستطيع رد صفعتها اذا صفعتك صافحها ، فالمصافحة خير من تقبيل اليد..
تذكرت صفعة حمزة على خد ابي جهل المنتفخ.. وتغاضي ابو جهل عن الرد الا بعد ان ذهب حمزة صياد الاسود الى الصيد.. ردّ ابو جهل صفعة حمزة بقتل الابرياء سمية وياسر.. والاخرين..
وكل بائعي الخضار في الاسواق والخبازين والحلاقين والمتسكعين على الطرقات.. لقد كان ابو جهل يجهل ما يفعل كحيوانٍ مستفز.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتب مسلسل -صراع العروش- يشارك في فيلم سعودي مرتقب


.. -بمشاركة ممثلين عالميين-.. المخرج السعودي محمد الملا يتحدث ع




.. مقابلة فنية | المخرجة ليليان بستاني: دور جيد قد ينقلني إلى أ


.. صانع المحتوى التقني أحمد النشيط يتحدث عن الجزء الجديد من فيل




.. بدعم من هيئة الترفية وموسم الرياض.. قريبا فيلم سعودي كبير