الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استفتاء جنوب السودان ، يروه انفصالا، ونراه نحن : تقرير مصير ..

ربحان رمضان

2011 / 1 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


نحن ، واسمحوا لي أخاطب الناس بصفة النحن لأن قضايا حركات التحرر الوطني العالمية متشابهة ، و لأن لكل شعب من شعوب العالم طموحاته في تقرير مصيره بنفسه ، وكما للوطنيين العرب طموحاتهم ، هناك طموحات لشعوب تأخرت في نيل استقلالها ، أو أنها لم يسأل أهلها ماذا تريدوا أن تكونوا .
من تلك الشعوب مكونات جنوب السودان القومية ، والأمازيغ والأكراد الذين ورغم الإختلاف اللغوي والأثني مع الشعوب التي تجاورهم يرتعب قومجيوا تلك الشعوب من هذا السؤال ، وحتى القوى الأخرى من (شيوعيين واشتراكيين ديمقراطيين ) وأيضا من متدينين أصوليين تمثلهم جماعة الإخوان المسلمين الذين يبذلوا كل جهدهم لإلصاق صفة القومية العربية بالدين الاسلامي ، ُمشيعين نظرية اعتبار كل مسلم هو عربي ، وبما أن الأكراد غالبيتهم مسلمين ، إذن فهم عرب .. !!
جميع هذه الأطراف تتجنب جوهر المشكلة، تتجنب الإقرار بحق تقرير المصير للشعب الكردي معتبرين أن المطالبة بحق تقرير المصير انما هو خيانة للعرب ، رغم أن الكورد شعب أصيل في المنطقة ، لم يفد من أية بقعة أخرى من العالم ، ولم ينزل من السماء .
تعتقد تلك الأطراف أن التقسيم الآستعماري للمنطقة الذي ألحقت على أساسه أراض و شعوب وأثنيات مختلفة بالدول الحديثة إنما هو ثابت لامحالة ، وأنه دستور مقدس " .. لايمسه إلا المطهرون .. !! " .
هذا الإلحاق سبب حروبا وخسائر كبيرة في المال والأرواح ولا تزال الحكومات الديكتاتورية المتسلطة تمارس العنف ضد كل من يطالب بتحقيق تقرير المصير ، وتوجه صحافتها القومجية أن تكتب ضد هذا المطلب الشرعي للشعوب .

إن الإلحاق والضم حسب المفهوم " الأممي " اللينيني إنما هو انتهاك لمبدأ حق الأمة في تقرير مصيرها، إنه تأسيس لحدود الدولة بما يتعارض مع ارادة السكان ، في حين أن الوقوف ضد سياسة الاحتواء القهري يعني تأييد مبدأ حق الأمم في تقرير مصيرها .

في هذا المجال أرى أنه لمن المهم ، ومن الضرورة بمكان أن يتمكن الكورد من إقناع الشعوب التي يتعايش معها بهذا الحق ، لاسيما وأن حكومات البلدان الغاصبة لكردستان تشيع ثقافة الاحتواء القهري بمسميات مختلفة منها أن : " الكوردي ليس له الحق في المطالبة بتقرير مصيره بنفسه " ، وأن " الكوردي عربي لأنه مسلم " ، وأنه " أخ للتركي في الاسلام ليس له الحق بالإنفصال عنه " ، وأنه عميل للأمبريالية إذا طالب بحقوقه القومية ،
ذلك بالرغم أن مبدأ حق تقرير المصير لايعني بالضرورة الإنفصال وتكوين دولة .
فمن الممكن أن يرى الشعب " المضطهد " بضم الميم ، أن الاتحاد الكونفدرالي أو الفيدرالي هو حل لمعضلته القومية ، وهذا فعلا ما حدث في كردستان العراق حيث رشح الرئيس العراقي "مام جلال " نفسه لرئاسة العراق كدليل واضح على قبوله ، وقبول حزبه والبارتي الكردستاني كحزب حليف بمبدأ التعايش القومي بين الشعبين الكردي والعربي ، والأقليات القومية والدينية في بلد واحد هو العراق .

وعندما يستفتى سكان جنوب السودان حول تقرير المصير سواء أكان في البقاء داخل السودان والتمتع بحكومة كونفدرالية، أو في اختيار حق الانفصال، وتشكيل دولة مستقلة، ذات سيادة، وفق شرعة الامم المتحدة " فإنهم يمارسون حقهم الشرعي من خلال عملية ديمقراطية يوافق عليها النظام قبل غيره ، حيث أعلن الرئيس السوداني السيد حسن البشير موافقته على الانفصال في حيال أن شعب الجنوب اختار الانفصال ، مما سيفوت الفرصة على الغرب والأمريكان غيرهم لألا يتدخلوا ويفرضوا هذا القرار عليه بالقوة ، هذا الفرض الذي لاتقبله الأمة الحاكمة ، أو وعلى رأي الماركسيين "الأمة الظالمة" .
الذي أتخوف منه هو فرض هذا المبدأ الشرعي على الأنظمة فرضا من خارج البلاد ، سواء أكان من دول ، أو من شخصيات ، أو من هيئات كهيئة الأمم مثلا ، لألا يصبح تقرير المصير عالة فينفـّر الأمة الحاكمة من الشعب الذي يطالب بتقرير مصيره ويتحول إلى عداء قد يدوم سنين طويلة كما حدث لقبول العرب بوجود اسرائيل بالقوة ، مما جعلها عدوة تاريخية من الصعب قبولها بين دول الشرق الأوسط ، والعربية بشكل خاص .
الحقيقة أن هذه البادرة من جانب البشير مبادرة تقدمية ، ووطنية ، تثمن وتقدر ، خاصة وأنها ستكون خطوة نوعية من أجل بناء السودان بعيدا عن الحرب ومآسيه وويلاته ، ومن أجل أن تكون مثالا تحذوه بقية أنظمة الدول التي تتعايش بها أكثر من قومية ، أو اثنية ، منها العراق ، الجزائر ، المغرب ، وسوريا التي يتواجد فيها شعبان هما العرب والكورد إضافة إلى أقليات قومية أخرى ، والبحث عن حلول للقضية الكردية فيها أولها إطلاق سراح معتقلي الحركة الوطنية الكردية ، وإلغاء المشاريع العنصرية المطبقة تجاه الشعب الكردي فيها .

ومن ناحية أخرى تعتبر الصيحات التي يطلقها القومجيين العرب في اعتبار تحقيق تقرير المصير لشعب جنوب السودان وحتى حقه في الانفصال إنما هو نجاح " للمؤامرة الدولية " التي تهدف إلى تفتيت السودان " بروباغندا " و شعارات جاهزة دائما بوجه أي مطلب قومي للشعوب التابعة والمضطهدة إلا شعارات فارغة تهدف إلى الاستمرار في ضم والحاق شعب لايمت إلى العروبة ولا إلى الاسلام بصلة .

بل أن الأنظمة التي توالت على حكم السودان منذ الاستقلال عمدت الى اتباع سياسة تمييز واضحة ضد العناصر غير العربية، مع إنكار لهويته القومية ، ومارست سياسة الحظر على لغاتها وثقافاتها، في الوقت الذي استغلت فيه خيرات مناطقها الغنية بالمواد الخام ..
إزاء كل هذا نحن ننتظر بفارغ الصبر نتائج الاستفتاء، وما سينتج عنه ؟
الأيام القريبة القادمة ستحسم الأمر .
= = = = = = = = = = =
* افتتاحية العدد 100 بعد الصفر من مجلة الخطوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات في جامعات عراقية للمطالبة بوقف الحرب في غزة


.. مشاهد من لحظة وصول الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى قصر الإليزيه




.. فيضانات وسيول مدمّرة تضرب البرازيل • فرانس 24 / FRANCE 24


.. طبول المعركة تُقرع في رفح.. الجيش الإسرائيلي يُجلي السكان من




.. كيف تبدو زيارة وليام بيرنزهذه المرة إلى تل أبيب في ظل الضغوط