الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتقان بين الخارج والداخل

فريدة النقاش

2011 / 1 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لارتباط منظمات الإرهاب والتكفير بالامبريالية تاريخ طويل بعضه معروف منذ قامت المخابرات الأمريكية والسعودية والفرنسية وبالتعاون مع المخابرات المصرية في ظل حكم الرئيس «السادات» بتدريب وتمويل منظمة طالبان لمحاربة الشيوعية والجيوش السوفيتية في أفغانستان في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وفي أحضان طالبان نشأت منظمة القاعدة وتوسعت في تدريب آلاف الإرهابيين في العالم أجمع وهي تسدي للامبريالية خدمة كبري حين تحول الصراع الشعبي ضدها إلي نزاع ديني.
وبعد قصف البرجين في نيويورك ومبني وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن في 11 سبتمبر 2001 فتحت الولايات المتحدة الأمريكية معتقل جوانتانامو في كوبا الذي كان ومايزال مدرسة لتدريب وتخريج الإرهابيين بدعوي مكافحة الإرهاب وفيه تربي العشرات منهم لخدمة نفس الهدف وهو تشويه وعي الشعوب بأخطار الامبريالية وتفجير النزاعات داخل هذه الشعوب.
ففي شهادة بجريدة الشرق الأوسط لأحد المعتقلين السعوديين الذي اطلق سراحه مؤخرا من معتقل «جوانتانامو» ويدعي جابر الغيضي يقول إن التعذيب هناك قد أودي بحياة الكثيرين، كما أدي إلي غياب العقل ثم الجنون، كما كان هناك من يؤصل لفكرة التكفير من مختلف الجنسيات والذين كانوا يكفرون بعض الدول الإسلامية، ويأخذون في هذا الجانب منحي تدريجيا لكي يصدموا البعض بدولهم وأممهم، وأتتني قناعات وتأثرت بفكرة تكفير الدولة الذي كان يملي علي في المعتقل ويدعونني لعدم الاعتراف بالعلماء».
وفي التجربة المصرية ساند نظام الرئيس «السادات» الجماعات الدينية المتطرفة وسلحها لمحاربة اليسار الشيوعي والناصري في الجامعات وفتح لها السكك لتتوغل في المجتمع إلي أن دبرت هذه الجماعات لاغتياله هو نفسه ونفذته.
والتقت الأهداف المحلية مع الأهداف الاستعمارية حين استهدفت خطة «السادات» في ذلك الحين تشويه الصراع الطبقي الذي احتدم بعد الانقلاب علي السياسات الناصرية وبناء مفهوم للجماعة علي غير أساس العلاقات الطبقية فوق الطائفية مما أدي إلي تلويث الوعي الاجتماعي وإعاقة نضجه علي أسس صحية، ليسهل التلاعب به من جهة، ووضع العراقيل من جهة أخري أمام عملية تنظيم الجماهير علي أساس من مصالحها الفعلية لا المتوهمة، وتفريغ طاقاتها في النزاعات الدينية دون أن يتوجه غضبها لسلطة الفساد والاستبداد.
وفي الحالة المصرية كانت العوامل الداخلية دائما هي الحاسمة في انطلاق موجات التطرف والعنف الطائفي منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي ووقوع أحداث الخانكة، ولم يعد ممكنا مواجهة حالات الاحتقان في البلاد التي وصلت لحد الإجرام الوحشي كما حدث في «نجع حمادي» قبل عام، وما حدث في كنيسة القديسين بالإسكندرية قبل أيام والمشترك الأول بينهما هو التراخي الأمني في حماية الكنائس. وحتى لو كان مدبرو ومنفذو تفجير الإسكندرية مدفوعين من الخارج، وكما يقال من منظمة القاعدة فإن البيئة المحلية بمكوناتها تظل قادرة علي الدفع بمئات المتطرفين والإرهابيين إلي أفعال إجرامية إذا لم نتناد بمنتهي الجدية والصرامة للتعامل مع جذور الاحتقان الطائفي في البلاد الذي أصبح ظاهرة وليس مجرد حالات فردية.
ففي المؤسسة التعليمية هناك تمييز ضد المسيحيين وإهمال لتاريخهم فضلا عن حصة الدين في المدارس التي تعزلهم عن المسلمين ولطالما دعا مفكرون وتربويون إلي حصة دين واحدة يجري فيها إضاءة القيم العليا المشتركة في الديانتين وتكون أساسا لخطاب ديني مستنير وجديد عي الجانبين ولتعليم التلاميذ الاحترام المتبادل والاعتراف بحق الآخر في الاختلاف ، وفي هذه الحالة ستكون القيم العليا ملهمة للجميع وخطوة علي طريق التحضر والاستنارة ، والقضاء علي تهميش المسيحيين الذي يغري بالعدوان عليهم.
ولم يلتفت القائمون علي الإعلام إلا مؤخرا جدا لتلك القنوات التليفزيونية التي تبث خطاب الفتنة والفرقة والتحريض الأسود، وما تزال البرامج الدينية في مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة في حاجة إلي إعادة نظر واستراتيجية جديدة تقوم أيضا علي المشترك بين الديانات كافة، وأبناء هذه الديانات هم أبناء أمة أهل الكتاب كما علمنا القرآن الكريم.
ولعل الاتجاه الذي تتبناه مؤسسة الأزهر في الحوار بين الأديان أن يكون أداة للمؤسستين الدينيتين الكبيرتين في البلاد لخلق بيئة منفتحة تقوم علي الحوار بين أبناء الوطن الواحد.
ومن المهم في هذا السياق أن يتكاتف المفكرون والكتاب والمثقفون لتبيان الارتباط بين مبدأ المواطنة الذي جري النص عليه في الدستور المصري وبين العلمانية حتي يحرروا الأخيرة من ارتباطها الزائف بالإلحاد، بينما هي تعني فصل الدين عن السياسة وعن الدولة.
هناك إذن طريق طويل علينا أن نقطعه حتي نقضي علي الاحتقان من الجذور.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من اول السطر يا استاذة فريدة
محمد البدري ( 2011 / 1 / 7 - 20:18 )
لماذا تبدأون من منتصف السطر، الم يقم الانجليز باقامة منظمة الاخوان المسلمين وجاء الامريكان بعدهم ليكملوا مشوار التآمر باكتشاف المواهب فاتوا بعبد الناصر ليكمل المشوار رسميا وحقوقيا وسياسيا بشرعية ثورية. لم يكن ممكنا لمن تضعون تمثالا لراسه في مقر حزبكم ان يتحول اسلاميا بين يوم وليلة لكنه تحول ببساطة الي ارهابي سياسي بوضع نهاية للاحزاب والرؤوس السياسية عدا الاخوان ثم اطاح بهم ايضا بعد اقل من سنتين لينفرد بمصر ويصل بها الي هزيمة 67. الان وبعد ان جدد النظام جلده في مرحلتي السادات ومبارك اصبحت الاسلمة السياسية واضحة عبر اعلام ديني مكثف علي ايقاع الوهابية السعودية وتعليم فاسد عبر مناهجد لا تصلح الا لتخريج الجهلاء.


2 - الاحتقان بين الخارج والداخل
Emile Wahba ( 2011 / 1 / 8 - 02:01 )
الاستاذة فريدة النقاش
اشكرك علي مقالتك وقد اصبت كبد الحقيقة لاختيارك عنوانها... وانا اري ان الاحداث الاخيرة هي نتاج عوامل داخلية وخارجية ...قرأت مقالا تحت عنوان
Creating an Arc of Crisis in the Middle East and Asia-
أثارة الفتن والحروب الاهلية في دول العالم الثالث (وبالتالي تفكيكها وتقسيمها الي اشباه دويلات كما حدث في يوغسلافيا كما يحدث الان في العراق ..) اصبحت ضرورة لتمكين الامبريالية من احكام سيطرتها علي هذه البلاد وموار دها الاولية وكلك مواقعها الاستر اتيجية وكلك استغلال شعوبها في حروبها التوسعية ... علي الطبقة الواعية في مصر ان تكثف جهودها لتوعية الجماهير
حتي لا تقع فريسة للحملات التي من شأنها تحطيم مصر.
مع عظيم شكري وتقديري لجهودك


3 - ولكم في السودان عبرة يا أولي الألباب
محمد زكريا توفيق ( 2011 / 1 / 8 - 15:30 )
الحل في تعديل الدستور بما يؤكد المساواة في المواطنة للجميع. إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي. اصدار قانون بناء دور العبادة الموحد. إلغاء قانون الخط الهمايوني. تجريم كل عمل يفرق بين الأديان. إلغاء القنوات الفضائية والبرامج الدينية في كل أجهزة الإعلام. إلغاء حصة الدين في المدارس. تعليم الأطفال أن الدين لله والوطن للجميع. إذا لم تتحقق هذه الأمور بأسرع ما يمكن لأنقاذ الوطن، سوف نكون مثل السودان ثلاث أو أربع دول، كانت دولة واحدة يحكمها ويسكنها أغبياء اسمها مصر. هكذا تفعل كل الدول المحترمة. ولا تحتاج فهامة صلاح جاهين حتى نفهم الخطر المحدق بنا.


4 - سلمــت يداك
وليـــد مهـــدي ( 2011 / 1 / 9 - 10:21 )
من النادر ان نجد مثل هذه المقالات الموضوعية في توجهها
والتي تكشف الحقيقة موثقة ببراهنية حرفية سهلة وواضحة بأن اميركا هي التي تحرك الإسلام التكفيري اليوم
وبالتالي الإرهاب اميركي بامتياز
والإرهاب الاإسلامي المعروف اليوم إعلامياً كتبت عبارة صريحة على علبته الكرتونية المضحكة
Made in U.S.A
****
هناك من يحاول في الحوار المتمدن ان يلفق الحقائق ويقلبهـا فوق على تحت
الف شكر لك

اخر الافلام

.. جماهير ليفربول تودع مدرب النادي التاريخي يورغن كلوب


.. ليبيا: ما هي ملابسات اختفاء نائب برلماني في ظروف غامضة؟




.. مغاربة قاتلوا مع الجيش الفرنسي واستقروا في فيتنام


.. ليفربول الإنكليزي يعين الهولندي أرنه سلوت مدرباً خلفاً للألم




.. شكوك حول تحطم مروحية الرئيس الإيراني.. هل لإسرائيل علاقة؟