الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجيش والشّرطة للقمع في تونس:هل يفلح؟

السموأل راجي

2011 / 1 / 8
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لا تزال الهبّة الشّعبيّة على حالها في تونس متوقّدة كما بدأت ولا تزال بين كرّ الجماهير ميدانيًّا وفرّ الأمن ومن وراءه للاّشيء عبر إستخدام أرعن للقمع في إزدياد خاصّة بعد تنامي الحركة التي إنطلقت في سيدي بوزيد منذ السّابع عشر من كانون الأوّل/ديسمبر الفارط إلى اللّحظة الحاليّة راسمة أفقًا جديدًا تتوضّح معالمه أكثر فأكثر في إتّجاه القضاء على الفاشيّة وردّ المافيا كما سمّيها حلفاء اللّواء بن عليّ على أعقابها،لا تزال على حالها بموجة مسيرات تلمذيّة ومواجهات للطّلبة مع قوّات الأمن التي لم تتورّع عن الإعتقال والمداهمة ولم تتخلّى عنه منذ اليوم الأوّل للإحتجاجات ولم تتوقّف عن إطلاق الرّصاص الحيّ إمّا للقتل أو التّحذير الأجوف.


لقد أعلنت جهات عديدة في البلاد التّونسيّة إلتحاقها بالإنتفاضة منذ بداياتها مشاركة محافظة سيدي بوزيد في ألمها وإحتجاجها ونضالها كما شاركتها التّفقير المنهجي والبؤس بفعل فاعل وحرمانها من حقّ التّعبير وترسانة حرّيّات تمثّل حدًّا أدنى لحفظ الكرامة المواطنيّة وأهمّها الحقّ في العمل والعيش الكريم حيث تمّ تدمير مرسوم بدقّة في مكاتب صندوق النّقد الدّوليّ والبنك الدّوليّ وجهات أخرى كلّ مقوّمات الحياة وتكرّست البطالة كواقع معمّم على محدودي الدّخل وعمّ الفساد مع تسارع وتيرة لبرلة إقتصاد في أساسه مرتبط بالدّوائر الإحتكاريّة العالميّة لتتضّح الخنادق وتفرض المواجهة نفسها وكانت لحظات مضيئة في إنتفاضة الحوض المنجمي الباسلة معيارًا لردّ الإعتبار للنّضال الجماهيري وصفع السّلطة وتعريتها لتظهر كما هي:سلطة ورقيّة لولا القمع ودعم مافيات واشنطن/باريس الحاكمة وعواصم أخرى تماثلها لإحترقت من تلقاء نفسها عوضًا عن الشّابّ محمّد البوعزيزي.


أثناء كتابتي هذه الأسطر،ورد إعلام من قناة العربيّة يقول أنّ الخارجيّة الأمريكيّة إستدعت السّفير التّونسي في واشنطن لإبلاغه قلقها حول ما يحدث لتصطفّ في نفس مرتبة اللّواء زين العابدين بن عليّ الذي لم يعبّر عن "إنشغاله"بالتحرّكات الإجتماعيّة ويبدي أسفه إلاّ بعد حوالي أيّام عشرة حصد فيها الرّصاص ما حصد وتعالت أخبار الإنتحار وعمّت صور ومقاطع المسيرات ومظاهرات الدّعم وبيانات الغضب والتّنديد وبلاغات الإضراب فملأت المشهد مثلما ملأت الشّوارع أفواج جماهير ضجّت من حاكمها المطلق بأمر الخارجيّة الأمريكيّة.




كما بدأت الإنتفاضة لا تزال شعاراتها كما هي ولم تتغيّر إلاّ نحو التجذّر:"التّشغيل إستحقاق يا عصابة السٌّرّاق"،شغل،حريّة،كرامة وطنيّة"وهتافات أخرى كلّها موجّهة نحو اللّواء وعائلته وأثناء كلّ هذا،ترتسم ملاحم بكلّ ما في الكلمة من معنى فهذه مدينة تالة من محافظة القصرين منطقة الوسط الغربي على الحدود مع الجزائر المنتفضة هذه الأيّام ضدّ طغمتها الحاكمة المتلبرلة(من اللّيبراليّة قديمها وجديدها)تتعالى في هذه المدينة الصّغيرة نسبيًّا زغاريد النّساء فمنذ الصّباح الباكر إستعدّ شباب لم يعرف النّوم لموجة مواجهات جديدة لكنّ قوّات الأمن زعقت في مكبّرات الصّوت مطالبة سكّان المدينة بوقف أيّ إعتداء يوجّه لهم مقابل وقفهم الحملة الأمنيّة المسعورة وعودتهم لثكناتهم ومقرّاتهم وسحب إنتشارهم وبالفعل،عادوا لكن ليس كما جاؤوا غزاةً وإنّما مدحورين لتملأ شوارع المدينة وأزقّتها الغير الرثّة أفواج مناضلي المدينة هاتفين محتفلين بنصرهم ورفع حالة الحصار التي دامت من الأيّام ثلاثة توقّفت فيها حتّى المخابز عن العمل واعين بأنّ نصرهم جزئيّ لا غير فمنذ مساء اليوم تتناقل صفحات المنتديات الإجتماعيّة أخبارًا وفيديوهات عن توارد قوّات الجيش للمدينة بعد عجز الأمن عن إحتواء إنفجارات إجتماعيّة متفاقمة.في مدينة سوسة بالقرب من مسقط رأس اللّواء بن عليّ،خاض طلّاب عدد من الجامعات ملحمة إثر محاولتهم الخروج لتمتّع بحقّ مهضوم في التّظاهر السّلمي لتواجههم قوّات معزّزة بمسيلات الدّموع وقنابل الغاز والهراوات ليتحوّل حرم الجامعة لساحة مواجهة وحصار وما يتبعه من إعتداءات طالت الكادر الأكاديمي وإختطاف لنشطاء الإتّحاد الطلاّبي وإيقافات جديدة مضافة لإيقافات سابقة والقائمة مروّعة لتضمينها طلبة منهم من كان سجينًا بتهم تتعلّق بممارسة الحقّ النّقابي والإجتماع وما إليه من تهم تحترفها"المافيا"لتحوّل بها جامعات المفترض فيها أن تكون منابر علم وديمقراطيّة لأبو غريب على النّمط التّونسيّ.


بموازاة القمع الميدانيّ وتقدّم الحركة النّضاليّة وسيطرتها على المشهد السّياسي والإجتماعيّ،تقوم وزارة الدّاخليّة بإستعانة أفضل الخبراء في المجال وخبرات الولايات المتّحدة بحملة مسعورة يؤكّد كلّ التّونسيّين أنّها غير مسبوقة رغم هول القمع،حملة إستهداف صفحات ومواقع وعناوين بريد إلكتروني وقرصنة موصوفة الهدف منها الحدّ من سيل الفيديوهات والإعلام المتدفّق والذي عرّى نهائيّا السّلطة من زيف خطابها الإيديولوجي القائم على تحقيق المعجزة الإقتصاديّة والدّيمقراطيّة واللّيبراليّة الإقتصاديّة فإذا بها مافيا لا غير وإذا بحالة من التّفقير بلغت مداها وإذا بكلّ الفئات المنهوبة تهبّ في وجه جلاّديها وإذا بقوائم لا متناهية من المعذّبين في السّجون والمعتقلات وحملات تمشيط منها ما لا يزال جاريًا للآن وإذا بالحجب عنوانًا لحريّة الإعلام والتّخريب التّقنيّ.


لا تزال المسيرات والمظاهرات والإضرابات على قدم وساق وخرجت الإنتفاضة من موطنها لتكون كلّ المدن إمّا بؤرًا جديدة لها أو مشاريع بؤر توتّر إجتماعيّ لم يفلح خطاب الوعيد للّواء بن عليّ ولا فضفضاته في التّلطيف منها ولن تكون البلد كما كانت قبل السّابع عشر من الشّهر المنتهي عزبةً ترتع فيها مافيا النّهب المنفلت مدعومةً من مافيا أكبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: مزارعون في الهند مصممون على إلحاق الهزيمة بالحزب ا


.. السباق إلى البيت الأبيض: حظوظ ترامب | #الظهيرة




.. ماهو التوسع الذي تتطلع إليه إسرائيل حالياً؟ وهل يتخطى حدود ا


.. ترامب: لم يتعرض أي مرشح للرئاسة لما أواجهه الآن | #الظهيرة




.. -كهرباء أوكرانيا- في مرمى روسيا.. هجوم ضخم بالصواريخ | #الظه