الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهوية الوطنية الحلقة الاخيرة

الاء حامد

2011 / 1 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لانشغالنا بأجواء الكرسمس وأعياد الميلاد ابتعدنا عنكم بعض الشيء. وها نحن عدنا إليكم فكل عام وانتم بألف خير وسنة جديدة تحل ببركاتها عليكم.... طبعا بالحلقات السابقة ذهبنا إلى مفهومين أساسيين في أزمة الهوية . الأول إن أزمة الهوية الوطنية ابتدأت منذ تشكل الدولة العراقية الحديثة, والمفهوم الثاني هو مفهوم الأمة التي أشار إليها الأخوة في التعليقات والمداخلات السابقة.وهما يدفعاننا القول: إن كلا المفهومين سياسي, وبالتالي إن أزمة تشكل الهوية العراقية هي أزمة سياسية ناشئة عن ثقافة سياسية للبلد, وهو ما يحيلنا بدوره إلى إن السلطة التي المستوردة أدت إلى تشكيل فكر إيديولوجي تسبب بالمزج والتداخل بين الولاء والانتماء واستثمر هذا على موروث القيم السائدة في المجتمع العراقي واستثمرها استثمارا سياسيا مزج بين الولاء والانتماء وسخر الانتماء للولاء كي يبقى مهيمنا على رأس السلطة في العراق.

وهذا أيضا ما استثمره صدام حسين بدعوى القومية حاول إن يقيم تحالفا بين السنة والشيعة لضرب الأكراد, وبدعوى المذهبية حاول إن يحالف بين الأكراد والسنة لضرب الشيعة, ثم بدعوى الوطنية جمع الثلاثة لضرب إيران. وألان نرى إن الانتصارات المزعومة لبعض ( الأحزاب الإسلامية ) كانت بدعوى الطائفية والانتصارات المزعومة لبعض الأحزاب الأخرى ( الحيتان الكبيرة ) كانت بدعوى القومية ولكن البديل لهذا كله , ينبغي ان يكون الجواب أولا على السؤال: كيف ننقذ الشعب العراقي من أزمة الانقسامات الحزبية والطائفية والقومية ؟ والبديل لهذا: هل نستطيع ألان إن نخترع له إيديولوجيا تقوم مقام الإيديولوجيات القائمة؟ بحيث يخرج العراق من التلاوين والتعدديات التي تسببت بنشوء أزمة تشكل الهوية الوطنية.

وبالتالي نستطع إن نصنع هوية وطنية متجددة مادمنا قد اتفقنا على إننا في انعطافة وطنية كبرى , ففي السابق لم تكن هنالك إمكانية في إن تصبح الهوية عقدا بين الدولة والمواطن , إن وجد هذا العقد كما اشرنا في الحلقة الأولى من موضوعنا هذا. وإذا سلمنا بالإيجاد في فترة زمنية ما, فيجب ان تكون هذه الدولة قد أتت برضا المواطن ولو بشكل نسبي , لكن عندما هذه السلطة أنزلت على المجتمع قسرا فليس هنالك عقد. ولهذا أصابه الخلل حينما فسر على هذا الأساس. لان السلطة هي التي من أخلت بهذا العقد حينما حكمت خلافا للعقد بإتباعها الهويات الثانوية والفرعية فحكمت يوما بالفرد ويوما بالعشيرة ويوما بأسم الحزب ويوما بأسم المذهب أو الطائفة او القومية . إن السلطة هي التي أخلت بالعقد فنشأت تلك العقدة التي لازمت تشكل الهوية الوطنية منذ بدايتها ولحد ألان.

قد نقع في إشكالات ثانوية ملازمة لنا منذ بداية بحثنا فلولا إن الهوية الوطنية لم تشكل على أساس الهويات الفرعية فلماذا بعد سقوط النظام عاد الكثير من العراقيين كانوا يعيشون خارج العراق وتركوا جنسياتهم وممتلكاتهم وعادوا بناء على انتمائهم إلى هويتهم الأولى العشائرية المناطقية أو الطائفية؟ قطعا هذا ما أردنا الوصول إليه حينما قلنا أنها عقد فمفهوم العقد يتضمن قيما وسلوكيات كثيرة تتغير في الزمان والمكان .هذه المفردات هي التي تتغير لمصلحة الطرفين كما يفترض .لكن في العراق كان استثار السلطة واعتمادها على الهويات الفرعية هو الذي إربك الهوية إلام أي الهوية الوطنية.

إلا ننسى إن العبرة ليست دائما في المجتمع المتجانس , لنأخذ الصومال على سبيل المثال فشعبه يدينون بدين واحد ومذهب واحد ويحملون سمات واحدة من حيث العرق وكذلك ينتسبون بمعظمهم إلى قومية واحدة ويتكلمون لغة واحدة ومع ذلك أصبح الصومال رمزا للتقاتل والتناحر, فيما الهند ذات الثقافات والقوميات والاثنيات والأديان واللغات المتعددة , نجحت في تشكيل دولة واحدة تتطور بأستمرار رغم كل ذلك التنوع, كذلك هنالك دول أخرى عديدة تتنوع فيها المجتمعات وتختلف مصادر ثقافتها لكنها تجتمع ضمن دولة واحدة.

لذلك يمكن القول: إن التنوع الطائفي والأثني في العراق ليس هو المسؤول عما حل بهذا البلد ,كما انه لن يكون عائقا أمام قيام دولة تحفظ وحدته المجتمعية والسياسية وهويته الوطنية.

إذن في الختام نستخرج من كل ما ذكر, إن أهم أسباب ما يعاني منه الشعب العراقي هو تضاد الثقافة السياسية , وليس التنوع الثقافية الاجتماعية, ولذلك فشل مشروع الدولة وحدث التباس في العلاقة بين السلطة والمجتمع , وكذلك جزئية العراق في فكره السياسي وتوجهات أحزابه وحركاته السياسية التي لم تنظر إلى الهوية الوطنية العراقية كوحدة اكتمالية في منظورها المتحقق, كما في مالها النهائي , بل كانت مشدودة دائما إلى جره خارج حدوده ومكواته , لذا تعددت ألولاءات لتشكل من ثم عبئا إضافيا على مقومات تشكل الهوية الوطنية, لكن على ذلك ما زالت هنالك إمكانية حقيقة إمام العراقيين لبلورة هوية وطنية ينظمها دستور وتحميها قوانين ,تنصف الجميع ليكون الوطن العراقي للجميع وبالجميع ,عندها سيكون الحديث عن التنوع مصدرا للمنعة والمتانة وليس عامل قلق وتوترات. تمت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل احترامي لك سيدتي
ناصر السيد ( 2011 / 1 / 9 - 13:18 )

بالبداية احب ان اهنئك بعيد الميلاد وكل عام وانتي بالف خير .. سائلا المولى عزوجل ان يبارك حياتك .. موضوع في غاية الاهمية رغم انني لم اتابع حلقاته او اجزاءه الاولى.. ابتدى بتفسير واقعي ومرحلي لازمة ربما عند الغير غير موجودة الا انها ازمة نابعة من الصميم .. طبعا لو اردنا القول بأنه لا توجد ازمة في الهوية الوطنيه وسلمنا لذلك . فبأي الامور نرجح في تشكيلها .. طبعا الهوية الوطنية العراقية عانت ما عانت من تخبط في الرؤى ولذلك لأعتماد على الموروث الخارجي المتمثل بالقومية العربية .. لاننا لو اعتمدنا على ان هويتنا هي عربيه لابد ان نلغي كل الحدود الادارية التي هي بين الدولة العربيه ونجعلها وطنا واحد وهوية واحدة الا ان المشروع مرفوض من قبل العرب انفسهم اذن ليس هنالك هوية عربية .. هذا فقط ما اردت التداخل فيه واتمنى ان تتواصلي يا سيدتي في تلك المواضيع الهادفة واليافعه وشكرا لك


2 - شكرا الاء حامد ولكن
وسن شاكر ( 2011 / 1 / 9 - 13:40 )

مشكورة على المقال الرائع الذي كان يعبر عن مشروع وطني معني به كل العراقيين لانك دعيتي الى ابتكار الهوية الوطنية للعراق بدل الهويات الاخرى الاثنيه والقومية والمذهبيه والدينية وهو مطلبا رائعا وقيما وننحني له احتراما الا انكِ من الداعين لقيام محافظة مسيحيه في مناطق نينوى وهي مقدمة لتجزئة العراق .. فأين الربط في المواقف فهنا تدعين الى تشكل هوية وطنية جامعة لكل العراقيين وان تكون هي الهوية الرسمية الاساسيه بدلا للهويات الفرعية والدينية وهنالك تطالبين وتدعين الى تشكيل محافظة للمسيحيين تقوم على اساس ديني فأين انتي من توجهاتك تلك وافكارك هنا؟؟ عموما لازلت انحني احتراما وتقديري لكل ما تكتبين. سلامي لكِ


3 - هوية وطنية وفق نهج ونظام ديمقراطي فقط
fadil rammo ( 2011 / 1 / 9 - 17:48 )
: مسك الختام والمختصر المفيد هو المثال الذي أعطيته
(إلا ننسى إن العبرة ليست دائما في المجتمع المتجانس , لنأخذ الصومال على سبيل المثال فشعبه يدينون بدين واحد ومذهب واحد ويحملون سمات واحدة من حيث العرق وكذلك ينتسبون بمعظمهم إلى قومية واحدة ويتكلمون لغة واحدة ومع ذلك أصبح الصومال رمزا للتقاتل والتناحر, فيما الهند ذات الثقافات والقوميات والاثنيات والأديان واللغات المتعددة , نجحت في تشكيل دولة واحدة تتطور بأستمرار رغم كل ذلك التنوع, كذلك هنالك دول أخرى عديدة تتنوع فيها المجتمعات وتختلف مصادر ثقافتها لكنها تجتمع ضمن دولة واحدة.)

نعم فالنظام السياسي في الهند يسير وفق النهج والمفاهيم الديمقراطية اما النظام السياسي في الصومال ومعه كل الدول التي تشاركه في نفس المحيط والعالم ، فيسر النظام السياسي هناك وفق النهج والمفاهيم الشمولية المركزية الاحادية فقوي واحد فقط يجب له ان يبقى وذلك بازالة كل من يعيقه أن كان فكرا او فئة اثنية او مذهبية مخالفة او اي شيء مشابه .
تحياتي وتقديري


4 - الاخ ناصر السيد
الاء حامد ( 2011 / 1 / 10 - 10:22 )

شكرا لك سيدي الكريم على التهنئة وياربي تنعاد عليك الاعياد وانت تنعم بالمن والبركة .. طبعا مداخلتك اكثر من رائعة واتفق معك في الرؤى التي ذهبت اليها حيث ان الاحداث السياسية المتأخرة التي حدثت بالعراق .جعلتنا ننظر الى المكون العراقي بأعتباره مؤطرا بالاطار الاداري والسياسي للعراق .. انظر عندما يكون شعب ما مجتمعا في دولة واحدة كالالمان والايرانيين مثلا فالاحساس الوطني عند هولاء يكون متضخما, لكن العرب وهم موزعون في اكثر من دولة فأن شعورهم القومي يكون اقلة حدة. لهذا فأن اي دوله تسعى على بناء هويتها الوطنيه على اساس قوميتها العربيه فأنها ستكون مبنيه على اساس الضعف والركة ولا يكتب لها النجاح فيها .. شكرا لك مرة اخرى مع تحياتنا لك


5 - الاخت وسن شاكر
الاء حامد ( 2011 / 1 / 10 - 11:02 )
تحية وتقدير لحضرتج وسعيدة بمرورك ومشاركتك في موضوعي .. لاشك عندي ان مداخلتك احتوت امرا مهما هو تأييدك لموضوعي الخاص بالهوية الوطنية الجامعة لكل العراقيين على اساس انتمائهم وولائهم لبلدهم العراق ..ولو رجعت لجل ما طرحته في الحلقتين السابقتين او في هذه الحلقة لوجدتي انني انطلقت لمشروع الهوية الوطنيه في تشكلها على هذا الاساس المتبع لدى جميع دول العالم بأعتبار الهوية عقد بين فرد ودولة ..وبالتالي عزيزتي فأن مطالبنا بأنشاء محافظة جديدة في مناطق سهل نينوى هي مطالب تتعلق بأمور اداريه جغرافية ليس لها علاقة بالهويات الفرعية التي يحملها ابناء تلك المناطق .. ثم انها لا تقطع من العراق كي تعرضه للتجزئه وانما هي محافظة تتبع اداريا وقانونينا بالدولة المركزية وتخضع لجميع قوانين الدولة والاقاليم والمحافظات وهي مثلها كمثل باقي المحافظات في بلورة الهوية الوطنية للعراق لتعدد القوميات فيها.اتمنى من الاخوة عدم اطلاق تسميه محافظة مسيحية للتي دعينا لانشاءها لاننا لا ندعو الى انشاء محافظة لدواعي دينية او مذهبيه وهو ايضا مخالفا دستوريا وانما دعينا لانشاءها حسب تلك الاساسيات التي وضحناها في مواضع اخرى. شكري لك


6 - الاستاذ فاضل رمو تحياتي
الاء حامد ( 2011 / 1 / 11 - 11:52 )

عمت مساءا اخ واستاذ فاضل رمو وتحياتي لك. واني اسفه لتأخري بالرد والتعليق على مداخلتك الكريمة لانشغالي بأمور خاصة .طبعا وجه المقارنة الذي اشرنا اليه كان من صلب الدعوة لتشكل الهوية الوطنية للبلد حيث بأعتقادنا ان النظر الى هذا التنوع قد لايكون موجودا على هذه الشاكلة في دولة اخرى في المنطقة خصوصا من حيث تعلقه بالتجانس او عدمه فأنه قد يكون عامل هدم وقد يكون من اهم عوامل البناء والوحدة لحاجة هذه المكونات الى الوحدة ولعدم قدرة احدهم على الغاء الاخر, انها والحالة هذه ستكون مصدرا للاثراء الثقافي الفكري ومن اجل الوصول بالمجتمع الى هذا المستوى. وأعتقد ان اعادة انتاج الثقافة تتم من ثنائية قبول التسلط او التمرد عليه الى ثقافة التنوع في اطار الوحدة التي تحققها الديمقراطية بدستور يختاره الشعب ويرتضي العمل بمقتضاه . وهو ذاته النموذج الهندي الذي اشرنا اليه كمثال في خاتمة موضوعنا .. شكرنا وتقديرنا لك

اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة