الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة دحلان...... الى اين؟

مهند عبد الحميد

2011 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ظاهرة دحلان ..الى أين؟
مهند عبد الحميد
خضع موشي قصاب الرئيس الاسرائيلي السابق للقانون وجرت محاكمته والحكم عليه، الجميع –في الداخل والخارج- رأوا المسؤول الاول يخضع للقانون، وكان ذلك يعني انه لا يوجد من هو فوق القانون. ولكن عندما يتصل الموضوع بالفلسطيني يداس القانون، ويتم تبرئة المتهمين او تخفيف العقوبة الى اقل القليل. يخضع الاسرائيليون لمعايير واحدة ويتحول القانون الى درع للنساء وينتصر لحقوق الانسان كما قالت افتتاحية هآرتس.لكنهم كما نرى ونلمس ينقلبون على القانون وينحاز قضاؤهم ضد ابسط حقوق الفلسطينيين وينتهكون حقوق الانسان الفلسطيني اشد انتهاك، ويجهضون كل محاولة لمقاضاتهم في المحاكم الدولية. وبهذا فإنهم يتعاملون بمعايير قانونية مزدوجة. ولما كانت حقوق الانسان والديمقراطية لا تتجزءان، فإن سلطة القانون الاسرائيلية التي انتصرت للنساء الضحايا تظل مشروخة.
كان لا بد من هذه المقدمة التي تقذف امامنا نوعا من التحدي عنوانه: ان المسؤول الاول في اسرائيل يخضع للقانون ولا يوجد من هو فوق القانون عندها. اما نحن فلم يخضع اي مسؤول للقانون، المسؤولون فوق القانون. هل سنبدأ الان بوضع المسؤولين امام القانون قولا وفعلا؟ إن تشكيل لجنة تحقيق من داخل اللجنة المركزية لحركة فتح واتخاذ إجراءات احترازية ضد عضو اللجنة المركزية محمد دحلان مؤشر يبعث على التفاؤل. هل نشهد بداية الانتقال من العلاقات العشائرية والابوية والزبائنية الى سلطة القانون؟ هل نمسك بالحق العام ونضعه في المقدمة دائما، وهل نعيد طرح قضايا المس بالحق العام وبالمال العام وبالمصالح العامة العالقة لدى آخرين والتي لا تسقط بالتقادم.
كلما اقتربنا من بداية طريق المساءلة والمحاسبة كنا نبتعد ولا نصل الى المحاسبة وانتصار القانون للحق العام، دائما يتغلب التدخل السلبي المضاد التبريري على كل المحاولات، يتغلب منطق "بوس اللحى"، ودائما ينجح اصحابه بتبييض المتهمين وبشطب الاجراءت وبقطع الطريق حتى على محاولات الحفاظ على ماء الوجه، لنعود في خط التراكم السلبي غير النظامي الذي يبني اكواما من الازمات غير القابلة للحل.
الذين يقاومون المحاسبة والمساءلة ينطلقون من حبكة تقول" إذا مُسِسْنا سنكشف اوراق الاخرين وليعم الخراب". هؤلاء يدفعون الامور باتجاه القبول والتعايش مع الفساد وبناء النفوذ ومراكز القوى والدخول في اجندات اخرى، واعتبار القبول "خير وأبقى" من انهيار الوضع برمته". كم هي بائسة هذه المساومة وتلك الحبكة التي تدفع الوضع الفلسطيني برمته نحو الانهيار. ولا يهم هؤلاء النتائج الوخيمة التي ستلحق بالشعب جراء استمرار هذا النهج لطالما ان مصالحهم الشخصية ستكون في مأمن قبل وأثناء وبعد الانهيار. وبهذا المعنى فإن انتشار الفساد مفيد لهؤلاء، فساد اقل او اكثر لدى الاخرين يحمي ويعاظم بناء المصالح الخاصة لمراكز القوى.
مراكز القوى ظاهرة تشكلت في مناخ شهد نموا للمصالح الفردية على حساب المصلحة العامة، بل شهد عملية تحويل المصلحة العامة الى مصلحة فردية، عملية قل نظيرها في شروط حركة التحرر الوطني وفي شروط شعب تحت ابشع اشكال الاحتلال. المناخ اصبح يوما بعد يوم اكثر تلاؤما لبروز مراكز القوى واجنداتها الخاصة في غياب المساءلة والمحاسبة والنقد الموضوعي وفي ظل سيادة منطق "الشاطر وشطارته"ومعايير وثقافة فساد. امتلاك الاموال ومراكمتها الى اقصى مستوى بقطع النظر عن شرعية او عدم شرعية الامتلاك. بالاموال يستطيع المسؤول خلق النفوذ ودغدغة المصالح، يستطيع استقطاب وبناء اتباع وزلم ووكلاء وحاشية. والعنصر الذي لا يقل اهمية هو بناء القوة الامنية او المليشيا التي تدافع وتهاجم وتهدد وتحسم السيطرة إذا اقتضى الامر.
لا أحد يستطيع التكهن بالنتيجة التي ستتوصل لها لجنة التحقيق بشأن مشكلة دحلان.هل ستضع النقاط على الحروف بعد تمحيص المعطيات؟ وإذا ما توصلت اللجنة الى تشخيص موضوعي دقيق، هل يتم التعامل مع توصياتها بجدية، ام ان مصيرها سيلحق بمصير توصيات لجنة التحقيق إبان انهيار السلطة واجهزتها في قطاع غزة عام2007.
خلافا للتهم المطروحة من قبل قيادة التنظيم والتي بموجبها جرى تكليف اللجنة بالتحقيق ثمة اسئلة يتداولها كثيرون ابرزها:
* تكوين الثروة من خلال الوظيفة والمنصب الحكومي وقيادة الجهاز، وتحويل المشاريع العامة ومردودها من المال العام الى ملكية خاصة، وفتح مشاريع خاصة من موقع الوظيفة العامة، ثم لماذا لم يؤخذ بالتقليد العالمي الديمقراطي الذي تسجل بموجبه الاموال والممتلكات الخاصة قبل تولي المنصب الحكومي والعام، من اجل رصد كل تراكم غير شرعي وكل كسب غير مشروع؟
* حول تلقي المعونات الخارجية وفتح قنوات الاتصال الخارجي السياسي والامني من موقع شخصية عامة، بمعزل عن الحكومة والمنظمة والتنظيم؟
* بناء النفوذ الجماهيري والسياسي للمسؤول على حساب التنظيم ومن خلال استخدام التنظيم، لماذا نجح دحلان في محافظة خانيونس ولم ينجح المرشحون(دوائر) من تنظيم فتح في انتخابات المجلس التشريعي، لماذا لم يربط دحلان نجاحه بنجاح مرشحي فتح ويدمجهم بآلالية التي حققت له الفوز الكبير، لماذا توزعت الاصوات بين دحلان ومرشحي الدوائر من تنظيم حماس؟
* هل يجوز بناء "مركز قوى" وتكتلات استنادا للمصالح الشخصية واستخدام الجهوية واستخدام تنظيم فتح بما يتناقض مع انظمته الداخلية وأطره التنظيمية وديمقراطيته؟
* لماذا تعامل المشرف الامني الأول وقادة الاجهزة الامنية مع انهيار اجهزتهم في غزة كأن شيئا لم يكن، لماذا برروا ولماذا غادروا قطاع غزة قبل الحسم، ولماذا تناقض خطابهم المتشدد مع انسحابهم ومع تركهم قاعدة التنظيم تواجه المحنة الاقسى الناجمة عن اول احتراب داخلي فلسطيني؟ لماذا لم يتوقف مؤتمر فتح عند هذه التجربة المريرة التي تسببت في خسائر سياسية وبشرية ومعنوية وقيمية كبيرة ولماذا لم يحاسب المسؤولين عنها؟
اسئلة كثيرة متراكمة تحتاج الى إجابات والى معالجة موضوعية مسؤولة. وسواء انطوت المعالجة على تبرئة المتهمين او إدانتهم والحكم عليهم. لا بديل عن احترام الحق العام، ولا بديل عن وقف التدهور القيمي والاخلاقي الذي يعصف بتماسك المجتمع. لا نريد تكريسا لعلاقات نظام ابوي عشائري تعصبي مقيت، لا نريد زعامة تشتري الولاءات والنفوذ، لا نريد بشرا فوق القانون، ولا نريد تفتيتا إضافيا يضعف صمودنا ونضالنا ويدخلنا مرة أخرى في اجندات خارجية. لا نريد العصف بمقومات الديمقراطية والتغيير عبر الانقلاب. لا نريد ابتزازا يقطع الطريق على الإصلاح بذرائع لا تقنع احدا من نوع ان "الوضع الداخلي لا يحتمل"، و"اللحظة السياسية غير مواتية" وبخاصة في ظل احتدام الصراع مع الاستيطان والاحتلال. الواقع يقول عكس ذلك، فمراكز القوى تفتت وتضعف الوضع الفلسطيني والاخطر انها وبسلوكها تفقد فتح والمنظمة المصداقية لدى الشعب ولدى الاشقاء والاصدقاء، وتستخدم لتبرير التخلي عن دعم نضال الشعب الفلسطيني. لذلك فإن محاسبة هؤلاء وفقا للنظام والقانون تعد اولوية.
ظاهرة دحلان لها امتداداتها واشكالها المختلفة داخل المجتمع وفي إطار الحركة السياسية، ظاهرة خطيرة تحتاج الى وقفة نقدية مسؤولة وشجاعة، تحتاج الى تدخل القوى الديمقراطية والنخب الثقافية والاعلامية المتنورة التي لم تحرك ساكنا سواء بالنقد والتشخيص او بالتدخل وممارسة الضغط بأساليب ديمقراطية اوبتقديم القوى الاخرى نماذج في مجال المساءلة والمحاسبة. فالاصلاح والديمقراطية لا تتحققان بقرارات معزولة ومن فوق، بل يأتيان كثمرة للسجال والنقد وتفكيك الظاهرة وبناء رأي عام والضغط والتدخل. بقي القول، إن اللحظة السياسية الحرجة تضع التحرك الاخير لمراكز القوى الفلسطينية في خدمة دوس حكومة نتنياهو على الشرعية والقانون الدوليين، وتضعف بالتالي الاستقطاب العربي والاقليمي والعالمي لتجاوز الاحتكار الاميركي للعملية السياسية، والبحث في استراتيجية جديدة لانهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
* كاتب فلسطيني/ رام الله








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 1 / 9 - 11:07 )
أخي مهند المحترم تحية لك ، صوت ضائع في البرية ، ولمن تقرع الأجراس ، إذا كان رب البيت بالدف ضارباً..الخ، مع التحية لك لصوتك الجرئ في هذا الوادي .


2 - الاخ مهند
خالد عبد القادر احمد ( 2011 / 1 / 9 - 16:17 )
اخي مهند تحية
ان الاخطر من ذلك هو في المسائلة عن وزن مؤسسات السلطة واحجامها عن القيام بواجبها كمدعي عام يمثل المجتمع الفلسطيني امام وزن وتحرك حركة فتح كفصيل في موضوع الدحلان, ونحن لا ننكر حق الفصيل في التحقيق مع اعضائه لكن ذلك لا يجب ان يلغي دور النيابة والقضاء الفلسطيني التي وصلها الادعاء رسميا باعلان حركة فتح عنه سياسيا واعلاميا
ان ذلك يشكك فعلا بمقولة ان السلطة هي ادارية عامة ويحولها الى ادارة فصائلية خاصة

اخر الافلام

.. قراءة عسكرية.. الاحتلال الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح والمقا


.. موجة الاحتجاجات الطلابية تستمر بالتنديد بحرب إسرائيل وتدعو ل




.. لماذا يهاجم كل من ترمب وبايدن المرشح الثالث كينيدي جونيور؟


.. البنتاغون: أنجزنا بناء الرصيف العائم قبالة غزة




.. رغم الدمار.. نازحون يعودون إلى منازلهم