الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


افتحوا الابواب:شبيبة المغرب الكبير قادمة

محمد المساوي

2011 / 1 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


أواسط التسعينيات كنا تلاميذ في ثانوية إمزورن، كانت فترة تراجع للمد النضالي، بالكاد كان موسمنا النضالي يُختزل في الحفاظ على الاستمرار في تخليد ذكرى الشهيدين فريد وسعيد، وقلما خضنا معارك نضالية داخل أسوار الثانوية أو داخلية إمزورن. كانت المرحلة مرحلة تيه وضياع البوصلة؛ الرفاق حائرون بين دروب موضوعات جديدة لم يكن لهم عهد بها: تجميع اليسار، الجمعيات الامازيغية ما بعد ميثاق أكادير، المجتمع المدني؛ ما حدود المفهوم ؟ وأي مجتمع مدني نريد وهل من علاقة بالمفهوم عند غرامشي؟
هي ذي انشغالات الرفاق وقتئذ، في الطرف الأخر كان النظام يرتب أوراقه جيدا حتى يتجنب السكتة القلبية، فاستقطب العديد من الرفاق، منهم من كان استقطابه علنياً يعرفه الكل ومنهم من وضع رِجلاً في حلبة النظام ورِجلاً أخرى مع الشعب...هكذا كنا نعيش نحن التلاميذ في هذه الأجواء وضع الانتظار الدائم، وضعٌ لم يكن يشفي غليلنا ويلبي رغبات اندفاعنا وعنفواننا، حتى الأصداء التي كانت تصلنا من الساحة الجامعية لم تكن تبشر بخير...أمام هذا التخبط كنتُ أعتقد أن زمن النضال ولى من غير رجعة، نهاية النضال موازاة مع "نهاية التاريخ" التي بشرنا بها فوكوياما، الصراع الطبقي استحال إلى صدام للحضارات وقتال من أجل الهوية...وَضْعٌ وَصلتُ معه إلى قناعة مفادها أن الشباب قد طلقوا النضال وهاموا بوجوههم في مسالك "الليغا" وصراع البارسا والريال...
وبعد ثورة القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية، لم تعد "أحزاب البارسا والريال" من تؤطر شبابنا فقط بل أُنشئت "أحزابا" جديدة على رأسها شاكيرة وبيونسي وأيكون براد بيت وانجيلينا جولي ومريام فارس وهيفاء..."أحزاب" تتمتع بشعبية كبيرة ويصعب كثيرا التسلل إلى قواعدها لإقناعهم بلا جدوى اختيارهم...مرت سنوات ونحن نعيش هذه الدوخة التي أفقدتنا كشباب بوصلة الطريق، وزادت الدوخة اشتعالاً مع تزايد أفواج الملتحقين بالعهد الجديد ووقع الكل في حيص بيص لا يدري المرء ما يؤخر ولا ما يقدم...
بيد أنه مع أواخر العشرية الأولى من القرن 21 بدأت بوادر أمل وتباشير فجر جديد تلوح في الأفق، قيادات الصف الأول توارت إلى الوراء فاسحة المجال لدماء جديدة...لتفجير معارك جريئة وطرح أسئلة كبيرة، حتى الانترنيت لم تعد مرتعا "للتشات" والتلصص على نوافذ الجنس المتاحة فقط، بل أصبحت آلية مهمة للتواصل والبحث عن المعلومة، وأصبحت المواقع الاجتماعية(فايسبوك، تويتر...) فضاءات رحبة للنقاش وتبادل الآراء، وهو ما ساهم في نشوء جيل جديد يسترفد ثقافته من منابع مختلفة دونما حاجة للرجوع إلى المناضلين "الآباء" الذين ألفوا إخفاء الأوراق تحت وسائد النوم حتى تكون المعلومة حكرا عليهم دون سواهم، الآن لم يعد الأمر كذلك؛ أصبحت المعلومات مطروحة في النت، وأصبح أمر الوصول إليها متاحاً للكل...
كل هذه العوامل مجتمعة ساهمت في ظهور جيل جديد مختلف؛ من مزاياه التخلص من الخوف والاستعداد الدائم للدفاع عن مصالحه دون وجل، واتساع دائرة التواصل وانتشار المعلومة...لكن من عيوبه افتقاده لأرضية فكرية وإيديولوجية متينة ينطلق منها، فما يجمع الشباب الآن هو التمرد على الظلم و"الحكرة" والسعي نحو فتح آفاق جديدة دون الانتظام على خطى خيط إيديولوجي ناظم.
كما أن"ثورة" الشباب هذه اجتاحت المنطقة ككل ولم تكن حكراً على حيز ضيق، وما فتئت الانتفاضات تتناسل الواحدة تلو الأخرى، لكن القاسم المشترك بينها جميعا هو أن المحرك الأساس لها شباب وتلاميذ الثانويات، شباب كان أصحاب"الحل والعقد" اعتقدوا أنهم قد دجنوهم ولن يستطيعوا قول لا، وهو الاعتقاد الذي انساق وراءه حتى بعض الرفاق، لكن هيهات فكل هده الأحلام تكسرت على صخرة أحداث بوكيدارن وورزازات وتنغير في المغرب وسيدي بوزيد في تونس وباب الواد وبجاية في الجزائر...من المغرب الى تونس شباب المغرب الكبير يصنع ملحمته، فمن قيض له معاينة أو مشاهدة أحداث بوكيدارن أكيد سينبهر للطريقة التي كان يواجه بها الشباب قوات القمع إلى درجة قد يُخَيل لك أنهم تلقوا تدريبات في معسكرات خاصة...نفس الملاحظة تسري على تلاميذ ورزازات الذين خرجوا في تظاهرات عارمة لمؤازرة أساتذتهم والمطالبة بحقهم في الدراسة، بل إصدار بيان تضامني باسم الحركة التلاميدية مع نقابات الأساتذة في مطالبهم المشروعة...
كذلك في الجزائر وتونس كان الشباب هو وقود الانتفاضة، شباب احتلوا الشوارع ليصرخوا بملء حناجرهم:"لا للحكرة"، فكان من الطبيعي أن توجه أنظمة القمع في البلدين قمعها إلى الشباب، وكان جل الشهداء والمعتقلين منهم؛ من المدونين ومغني الراب و تلاميذ المدارس...كما أن سلطات القمع تفطنت الى قوة الشباب فحاولت أن تقطع عنهم سبل التواصل من خلال الرقابة على النت، بل إن عسكر الجزائر عطلوا خدمة رسائل sms لقطع الطريق على انتظام التواصل بين الشباب.
هؤلاء هم الشباب وهذه "ثورتهم" لا ينقصهم إلا من يمد لهم اليد ليساعدهم على المضي قدماً نحو فتح افاق جديدة لبناء مغرب كبير كما نشتهيه ونحبه وليس كما يفرضه علينا هؤلاء اللقطاء كما يقول أحمد مطر.فهل من مجيب؟؟؟ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اتفاقية الدفاع المشترك.. واشنطن تشترط على السعودية التطبيع م


.. تصعيد كبير بين حزب الله وإسرائيل بعد قصف متبادل | #غرفة_الأخ




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - الحكومة الإسرائيلية تغلق مكتب الجز


.. وقفة داعمة لغزة في محافظة بنزرت التونسية




.. مسيرات في شوارع مونتريال تؤيد داعمي غزة في أمريكا