الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الى العمل من اجل تيار ديمقراطي عراقي

شاكر عامل

2011 / 1 / 10
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تمتد جذور النضال الديمقراطي عميقا في تاريخ العراق الحديث،فقد ظهر للوجود،وبدأ نشاطه السياسي،والاجتماعي،مع تأسيس الدولة العراقية الحديثة،بداية ثلاثينات القرن الماضي،على شكل احزاب سياسية,منظمات اجتماعية،نقابات ،جمعيات ونوادي اوشخصيات ديمقراطية.لعبت دورا مرموقا،في النضال الوطني التحرري ضد الاستعمار البريطاني واعوانه،آنذاك من الاقطاعيين والحكومات الملكية الدائرة في فلكه،ومن اجل الحرية و الاستقلال والسيادة الوطنية، واستطاعت تلك القوى الديمقراطية آنذاك وعبر النضال المتفاني من تهيئة وتنظيم القاعدة الاجتماعية العريضة التي لها مصلحة في النضال من اجل الحرية والتقدم ،ومن اجل الدفاع عن الحاجات والمطالب الاساسية الملحة للكادحين من العمال والفلاحين الفقراء، ومن ثم قيادتها وزجها في مختلف اشكال النضال،السياسي والنقابي،وانعكس ذلك في تنوع الفعاليات واساليب النضال،من الاعتصامات والمظاهرات،الى الانتفاضات الكبرى المعروفة،وقد حققت الكثير من المكاسب المهمة،لصالح تلك الطبقات والفئات الفقيرة،التي ماتزال مفخرة واعتزاز شعبنا العراقي وقواه الشريفة.وتجدر الاشارة الى ان تلك القوى والمنظمات الديمقراطية آنذاك،لم يكن يجمعها اطار او هيكل تنظيمي معين يوحد الجهود ويحدد الاهداف والبرامج والشعارات (تيار،كتلة) او غيره،ولكن النشاطات والفعاليات التي كانت تقوم بها احدى المنظمات الديمقراطيةحينذاك،كانت تحصل على الدعم والتاييد والتضامن من قبل المنظمات الاخرى ،وفي حالات كثيرة تنسيق الجهود والخطوات فيما بينها، والاتفاق على نقاط عمل مشتركة،وكان هذا من احد اسباب نجاح القوى الديمقراطية ومصداقيتها،لدى الجماهير الشعبية الواسعة.ولكن ما لبثت ان تعرضت تلك القوى الديمقراطية احزابا ومنظمات وشخصيات،الى هجوم شرس حاقد ومدمر،على يد الحكومات الديكتاتورية المتعاقبة،وبالاخص على يد البعث الفاشي بعد ردة شباط الاسود عام 1963 وطيلة فترة حكم الدكتاتورصدام حسين ،حيث حشد كل الامكانيات والطاقات والموارد المالية والبشرية والفكرية،لمحاربة ،وانهاء النضال الديمقراطي،وتقويض واضعاف،ومحاولة القضاء نهائيا على كل ما يمت الى الديمقراطية بصلة من قريب او بعيد،وهكذا تعرض الديمقراطيون،واحزابهم،ومنظماتهم،الى ضربات موجعة مدمرة،والى موجات متتالية من الاعتقالات،والسجون،والاعدامات والقتل والتشريد،وبهذا فقدت الجماهير الشعبية الكادحة،اهم مدافع عنها وحليف مخلص اثبت مصداقيته عبر عقود من النضال المتفاني،وبدأ النظام الديكتاتوري بعد ذلك بالهجوم،والغاء كل المنجزات والمكاسب التي تحققت لصالح الطبقات والفئات الكادحة،ويبدأ معه عهد من الحروب المجنونة الداخلية والخارجية،اتت على كل شيء ،وكان حصيلتها،تدمير كل البنى التحتية ومرافق الاقتصاد،وتعطل الصناعة وخراب الزراعة والتجارة،لتاتي سنوات الحصار الطويلة لتقضي على ما تبقى،ليختتم ذلك الفصل بشن الحرب ،واحتلال العراق عام 2003.وما ان استتبت الامور لصالح الاحتلال،حتى راح يرمي بكل ثقله،لجعل الديمقراطية نهجا للوصول الى السلطة والحكم،على اساس دستور دائم ينظم آليات الحكم،والمؤسسات،والحريات..وغير ذلك،كان هدف الامريكان ان هذا ما اعلنوه آنذاك،رغم عدم رضا وقناعة الكثيرين،وخاصة قوى الاسلام السياسي(الطائفي المذهبي)،اذ يتناقض ذلك مع رؤيتهم الى السلطة،وفهمهم وتفسيرهم لها حسب ما تقتضيه وتوحي به ادبياتهم وشعاراتهم،وفتاوى علمائهم،ونظرياتهم مثل نظرية (الحاكم بأسم الله) السنية، او نظرية( ولاية الفقيه)الشيعية.وبما ان الديمقراطية السياسية هي امتداد للديمقراطية الاجتماعية،فقد برزت هناك اشكالية تتمثل في ان بنية العلاقات الاجتماعية المبنية على اساس النظام الابوي القبلي العشائري ،والمدعوم من سلطة المذهب لاتعترف بالديمقراطية الاجتماعية،وهي اذ تقبل الديمقراطية في السياسة،فانها اي بنية العشيرة-المذهب،تقبلها - بما انها مفروضة من قبل الاحتلال ولابد من العمل بموجبها- في جانب واحد منها فقط (الانتخانات) كوسيلة للوصول الى السلطة،ولكن على اساس قاعدة اجتماعية،بعيدة كل البعد عن الممارسة الديمقراطية،حتى في ادنى مستوياتها. يمكن القول ان الوضع الجديد،الذي نتج بعد الاحتلال،وسقوط النظام البائد،قد خدم القوى الاكثر تخلفا ورجعية في المجتمع،حيث استقواء العلاقات العشائرية مدعومة بسلطة المذهب،كما ان الصراع على السلطة كان صراع يعبر عن حاجات ومصالح فئوية ضيقة ،ولا يعبر عن مصالح وطنية،ودخلت البلاد بسبب ذلك في دوامة ازمة لانهاية لها،وان القوى التي وصلت الى الحكم لم تتمكن من تقديم البديل الضامن لتلبية مصالح الشعب وخاصة الفئات الكادحة،كما ان الصراع المستميت على السلطة يعبر عن ازمة في بنية نظام الحكم،هذة الازمة هي الكابح لانطلاق امكانيات التطور الاجتماعي،فلا غرابة ان نلاحظ انة بعد اكثر من سبع سنوات من تعاقب حكومات مختلفة على الحكم،بعد الاحتلال،بروز واقع،سياسي واجتماعي من ابرز سماته:انعدام الامن،شيوع البطالة، توقف عملية الانتاج،انعدام الخدمات من الكهرباءوالماء،تراجع في تقديم الخدمات في مجالي الصحة والتعليم.وفي الجانب السياسي :خضوع العراق لارادة الاحتلال الامريكي،وصار العراق ساحة صراع الدول المجاورة والاقليمية،لتنفيذ اجندتها،شيوع ظاهرة الطائفية التي ركبت موجة الديمقراطية والانتخابات بطرق بعيدة عن النزاهة والمنافسة الشريفة تدعمها قوانين انتخابات جائرة،شيوع ظاهرة الاستقواء بدول الخارج والدوس على كرامة الوطن وتهميش مبدأ المواطنة،في المقابل وفر هامش الديمقراطية والحرية،الامكانية لظهور العشرات من المنظمات الديمقراطية للعمل العلني بعد سقوط الديكتاتورية،وصارت تمارس نشاطها الديمقراطي في مختلف المجالات السياسية الاجتماعية والانسانية،منظمات حقوق الانسان،منظمات للمراة،للطلبة للشباب،نقابات للعمال،اتحاد الادباءوالمثقفين وغير ذلك،وصارت هذه المنظمات تمارس نشاطا تنويريا وتعبويا،كل في مجال عمله واختصاصه،وصار هذا النشاط يجري بالضد من ارادة المتنفذين واصحاب القرار،الذين بدأوا يشعرون في ذلك خطورة على اوضاعهم وتضييق على حريتهم في الهيمنة على كل شىء على حساب كل شيء،فراحت تلك القوى ,تناصب قوى ومنظمات واحزاب الديمقراطية الحقيقية،العداء وتتخذ مختلف الاجراءات والقرارات المشفوعة بفتاوى رجال المذهب،بالهجوم والتحريم،والتحجيم والغلق والتضييق على مجالات عمل ونشاط مختلف المنظمات الديمقراطية وبذلك فان تلك القوى الظلامية الموتورة تحاول جاهدة الغاء هامش الحريات التي اتاحها الدستور،بمباركة حانية من المرجعيات المذهبية ،وتواطؤ وسكوت القادة المتنفذين،وبدعم سخي من دول الجوار، ان المشروع الديمقراطي التنويري يتعرض الى هجوم ظلامي شرس،على الرغم من هامش الحريات الضيق،كما وان الواقع الراهن ومستقبل الوطن ومصالح الكادحين تضع امام قوى الديمقراطية مهام تأريخية كبيرة ،فهي مطالبة باستيعاب خطورة الاوضاع المستجدة،والعمل بجد لتوحيد الجهود وتنسيق النشاطات،وهي مدعوة للدفاع عن مطالب الجماهير الشعبية وترجمتها الى واقع ملموس،كما يجب على القوى الديمقراطية العمل الدؤوب والمتفاني للاستفادة من خبرة الماضي،والعمل بلا كلل من اجل تأسيس هيكل او اطار يوحد جهود ونشاطات كل القوى والمنظمات الديمقراطية وتخليصها من الشللية والبعثرة،لمواجهة متطلبات الحاضر،والاستعداد لجولات المستقبل،ان البديل والمخرج من الازمة الخانقة هو اقامة ديمقراطية وطنية حقيقية تعتمد تراث شعبنا العراقي وتجاربه الغنية،انها مهمة كل الديمقراطيين العراقيين وكل الوطنيين المخلصين الشرفاء،لتحقيق تيار ديمقراطي حقيقي،من اجل عراق ديمقراطي ينعم بالحرية والاستقلال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح