الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في اربعينية الراحل الفنان منذر حلمي

لطيف الحبيب

2011 / 1 / 10
الادب والفن


البارحة طل علينا منذر حلمي ,اوقدنا له شمعونا وبعض الحلوى والتمر ,ولحن له الفنان طه حسين بعض من المقاطع الموسيقية تليق برهبة الغياب . تحدث طه رشيد عن الوطن ومنذر حلمي وثنائية عشقهما. خاطبه صديقه وزميله الفنان علي فوزي " اين انت يا منذر؟" مرت عليك اكثر من اربعين ليلة وبرلين موشحة بالسواد , سرد له بعض من ذكرياتهم , ايام بغداد والمسرح, وهمس له اني فرح بهذا الحشد من الاصدقاء , و صلوا من كل مكان لتحيتك الليلة , فاسترح في المقاعد الاولى , التفت اليه صديقه الفنان على رفيق اسف يامنذر لم استطيع انجاز فلم " اغنية التم " لقد تركتني وحيدا ولم تخبرني عن رحيلك , لقد اتفقنا ان ننجز الفلم في اذار المقبل ! لكن اطمئن ساعرض الان الجزء المنجزمنه وسوف اعرضه كاملا في اذار , حمل حميد الخاقاني ذكريات ايام الجيرة وسوزان وسلام وغصة الفراق . في راحة يدي دمعة لاتريد ان تجف , تحكي حبنا لهذا الرجل وحبه لنا .
ارتقى الخشبة في ا واسط الخمسينات من القرن الماضي , فعانقه المسرح وظل عناقهما دائما حتى يوم رحيله , بكاه عراقه وبكيناه نحن . رحل عنا هادئا كما اتي الينا , نقى السريرة , صافي الروح مثل نهران بلاد ه. كان كتاب المعرفة وقاموس الشروح لحركة المسرح العراقي وتاريخها , جذّر فيها فكر واقد وروح العلم , دافع عن قناعاته الفكرية وفكره الذي امن به , وطاف مجبرا , يحمل العمر والتجربة والفكرة على اكتافه, في مدن غريبة وحبيبة, اسس فيها للمسرح العراقي, اراده ان يكون بعيدا عن خواء المعنى واختلاط المفاهيم في استلاب الانسان ( اراده ان يكون مطرزا بالمتعة والمعرفة , بالبحث والتجريب ! لا كما اراده الفرد المستبد ذو الاسماء الحسنى , موطئا للاسفاف والتهريج و و سيلة لتخريب الوعي وافساد ذائقة الجمهور . ماذا عن المسرح الذي تجرأ عليه ذوو العقول الداكنة المعممة بالجهل والصلف). اتحدث عن منذر حلمي الصديق الانسان, اما ما اجترحه في فضاء المسرح فهو محفور في طين العراق . كان الوريد النازف, يتدفق بين بقايا جسدنا المسفوح بين جبال ووديان وانهار العالم . كان الوطن حلمه الدائم في اليقضة والمنام , تحدث عن حزن الوطن ونفسه في الذكرى الثالثة لرحيل الفنان عوني كرومي ....( . لقد ادمن عشق العراق . كان عراقيا حد التخمة . اذ انك لا تستطيع ان تتبين فيه الا هوية العراق الموحد على الضد من اولئك الذين تتصدر أولوياتهم محاولة تبضيع العراق وبعثرته. كالبعض الذى اغراه التكاثر فأساء الى دينه ودنياه . استخدم دينه اداة طيعة لاهوائه ونزواته , فسر ق بيت المال وقتل النفس البريئة وضلل ناسه وحولهم الى قطيع هائم وجمهور غافل , مسلوب الارادة ومنحرف الوعي . او البعض الاخر الذي يستقوي بحليفه, ليفرض ارادته , ويحقق ما يصبو اليه , توافقا او اعتسافا . ناهيك عن اولئك الذين ما دخلوا دولة الاوأ فسدوها . وقد دخلوا العراق , بعد ان فتح لهم حلفاؤهم –قاطعوا الطرق- حدوده على مصراعيها , فعاثوا فيه فسادا وملؤوه جورا وارهابا).
ويقول عن الحضارة (.. وليس هناك من وجهة نظره حضارة خالصة , مكتفية بذاتها .اذ تندغم الحضارات فيما بينها . ترفد احداها الاخرى , وتتراكب طبقاتها , فتكون قواما حضاريا واحدا . فوحدة الحضارة الانسانية تكمن في تنوعها وثرائها . وهي تتدفق بلا توقف ولا نهاية , فالتاريخ لاينتهي , بل يسير ويتجدد بلا انقطاع , مثلما النهر الواحد الذي لا تدخله مرتين , فان مياها جديدة تجري من حولك ابدا ,بحسب هرقليطس ) .
في برلين بذل الجهد في البناء الثقافي لنادي الرافدين واشترك في هيئته الادارية واصبح في عام 1996 رئيسا له, وبدأ الفعل الثقافي في برلين يرتقي الى مستويات اخرى , لولا ضعف الامكانيات , لكنه رفد النادي بالفكرة المجددة والدعم, بمساهمته وحضوره مهرجان ايام الرافدين الثقافية كل عام . كان حضوره يضفى الطمأنينة ويمنح الهيبة لتاريخ الثقافة العراقية , وخطواته في ممرات المهرجان تستدعي بغداد وبيوتها الثقافية ومسارحها , كان عميد المهرجانات الخمس التي حضرها , يجلس لساعات متاخرة معنا اثناء التحضير للمهرجان , لم يتدخل , يوصل فكرته بحنوي اصابعه على اكتافنا وقدحة فكره . في عرس الثقافة العراقية في برلين, كان ابو سلام يسمح لنا باستباحة " قدسية قيلولته" مردادا ( تره بس هل الايام ). كان مرجعا اجتماعيا حكيم الرؤيا , ومرجعا ثقافيا مسالما حد الصمت. قال في كلمة النادي التي القاها في مهرجان ايام الرافدين الثقافية الثالث ( لقد حرص نادينا منذ انطلاقته على الاهتمام بالشأن الثقافي الذي يومن بالتنوع وبتعدد الاراء والاجتهادات , ويحترم المثقف في التعبير وحق الاختلاف , ويرفض بالتالي اى شكل من اشكال الاملاء وسيادة اللون الواحد , ثقافيا فكريا وسياسيا ). وخاطب ضيوف المهرجان , (ونحن في غمرة افتتاح ايامنا هذه , يسرنا والغبطة تملا قلوبنا ان نلتقي باعزائنا ورثة تقاليد الثقافة الوطنية و الديمقراطية العراقية , بصفوة شعبنا الخيرة المعطاءة , بامله المرتجى وكلمته الناصعة , بهامة شعبنا الشامخة وضميره الحي )
كنت مناراة تضيئ لنا الطريق , وتميمة تعمي بصر قطيع ذئاب تعوي , وتحف بنا طوال الطريق . نعلم كم عانيت من" ظلم ذوي القربى ", صمتك ووضوح رؤياك, قادك الى التنبئ بالفجعية ماسكا بعناصرها الاولى . من لنا بعدك مرجعية اجتماعية نلوذ بك من قسوة الغربة وعمى البصائر ؟ الى من نحتكم حين يختلف الندامى , من اين لنا بعدك من مرجعية ثقافية حينما تتعثر المفردة في افواهنا , وتضيق حناجرنا بالعبارة ؟ من يهش عنا غربان الثقافة وادعية التاريخ؟ ياسيدي الحاضر الغائب المسجى في تربة الغربة اسئلة تركتها مفتوحة النهايات . نم قرير العين فانت الحاضر معنا دوما .

لطيف الحبيب / 9.1.2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى