الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية

سليمان يوسف يوسف

2004 / 9 / 29
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


المؤتمر الدولي، للدراسات السريانية ينهي أعماله في بيروت
انتهت فعاليات المؤتمر الدولي التاسع للدراسات السريانية الذي أقامته جامعة الروح القدس في الكسليك ببيروت في لبنان، أيام 20و21و23من شهر أيلول الجاري. والذي شارك فيه أكثر من مائتا باحث وأكاديمي من مختلف دول العالم، من أميركا وأوربا والهند والشرق الأوسط ، سريان وأقباط ،عرب وأتراك، المهتمين باللغة الآرامية (السريانية) وآدابها، متخصصون في مجال التاريخ واللاهوت واللغات القديمة. قدموا على مدى ثلاثة أيام عشرات المحاضرات والدراسات عن السريان وتأثير حضارتهم ولغتهم وفكرهم على ثقافات الشعوب الأخرى في المنطقة والعالم.
افتتح المؤتمر، رئيس جامعة الروح القدس، الأب كرم رزق، بكلمة قيمة ومعبرة، قال فيها:(( ان حضارة الشرق الأوسط وخصوصاً الحضارة السريانية، ولغتها وآدابها وعلومها وشعبها، كانت مشبعة بثقافة الحوار والانفتاح، مما ساهم في تبادل الثقافات بين العالم الغربي(اللاتيني) والعالم الشرقي(السامي))).أما البروفسور، سيباستيان بروك، من جامعة أوكسفورد، تحدث عن مساهمات اللغة السريانية في إنعاش حركة الترجمة في العصر العباسي، وكذلك عن دور السريان في إرساء الحوار بين الشعوب والحضارات قال في كلمته: (( ان النصوص والمخطوطات السريانية ترجمت الى لغات عدة أهمها: العربية، الأرمنية، الفارسية، اليونانية، وفي مرحلة لاحقة الى اللغة اليابانية والروسية والصينية، وان معظم النصوص التي تمت ترجمتها كانت دينية وطبية مما ساعد في إرساء الحوار بين مختلف الأديان والثقافات والشعوب)). وقد استندت موضوعات بعض الباحثين الى الأساطير القديمة فقاموا بتحليل أسطورة كلكامش الأكادية في نسختها السريانية وكشفوا عن العلاقة بينها وبين علم الكلام عند الفيلسوف السرياني بارديصان، وبين قصة التكوين في العهد القديم وفلسفة افلاطون.كما خصصت العديد من المحاضرات للحديث عن ابداعات مار أفرام السرياني في الأدب السرياني في القرن الرابع الميلادي. وقدمت دراسات عدة حول أهمية الكتابات السريانية التاريخية للتعرف على بعض الجوانب المغلوطة والمجهولة من الفترات الاولى للعهد الأموي، وأخرى حول التأثيرات السريانية على اسماء القرى والمناطق اللبنانية.
اختتم المؤتمر أعماله، بعرض فلم وثائقي، بعنوان( أخر الآشوريين) للمخرج الفرنسي (روبير آلو)، المهتم بتاريخ الأديان والأقليات الدينية. استطاع آلو أن يثير، بفلمه هذا، اهتمام الرأي العام الفرنسي والأوربي عامة، بالشعب الآشوري، وبالواقع الصعب الذي يعيشه ما تبقى من الآشوريين(سريان كلدان) في دول المنطقة. بداية ادخل المخرج ، البهجة والفرج الى قلوب الجمهور، الذي اكتظت به قاعة المحاضرات، عندما بدأ الفلم بعرض لقطات من عرس آشوري جميل، لكن لا تكاد تمر دقائق حتى ساد الصمت في القاعة، وغاب الجمهور، للحظات،عن وعيه وفقد الشعور بالوجود، وهو يتألم للمشاهد و الصور المروعة لآلاف القتلى من نساء وأطفال وشيوخ آشوريين (سريان/كلدان) ضحايا المذابح الجماعية التي اقترفتها الحكومة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، في محاولة منها لابادة جميع المسيحيين الواقعين تحت حكمها. كما عكس منظر مئات القرى، السريانية/ الآشورية/ الكلدانية، الفارغة من سكانها في منطقة طور عابدين بتركيا التي تحدث عنها الفلم، حجم المأساة التي تعرض لها هذا الشعب. الفلم ، ثمرة رحلة طويلة وشاقة، للمخرج الفرنسي (روبير آلو) امتدت خمس سنوات، انتقل خلالها بين المدن والقرى الآشورية، في كل من، العراق وتركيا وسوريا وايران، التي توزع بينها الآشوريين من (سريان وكلدان) في عام 1920، وصولاً الى دول المهجر في أوربا وأمريكيا، ليتعرف على هذا الشعب العريق الذي غدر به التاريخ، وليتلمس عن قرب حجم المأساة التي حلت به. لا شك هناك بعض الثغرات والنواقص في الفلم، لكن في النهاية، نجح المخرج في رسم صورة واقعية عن حياة الآشوريين وعن تاريخهم وحضارتهم، ليقدمها للشعوب الأوربية ليتعرفوا على التحولات الكبيرة والعميقة التي طرأت على الآشوريين منذ سقوط دولتهم عام 612ق.م الى تاريخ اليوم، مروراً بالقرن التاسع عشر الذي شهد ظهور الفكر الوطني القومي وانطلاقة (حركة التحرر الآشورية) في بلاد ما بين النهرين . ولم تفت المخرج حالة الانقسامات المذهبية والكنسية التي مزقت وحدة الشعب الآشوري وقسمته الى مذاهب وطوائف، فقد حاور المخرج العديد من رجالات، دين وعلمانيين، من مختلف طوائف هذا الشعب، من بينهم البروفسور الفرنسي- وهو آشوري سوري-، جوزيف يعقوب، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الكاثوليكية في ليون بفرنسا، وقد أكدوا جميعهم على وحدة الانتماء القومي والهوية الثقافية والحضارية لهذا الشعب بطوائفه المختلفة. ولم يخف الفلم مسؤولية دول الغرب الأوربي عن مأساة الشعب الآشوري، خاصة دور البعثات التبشيرية والحروب التي نشبت في المنطقة بسبب سياساتها الاستعمارية . رغم قصر الفلم، لكن استطاع المخرج، خلال 52 دقيقة أن يبرز معالم الحضارة الآشورية في مختلف العصور في بلاد ما بين النهرين، وأن يلخص تاريخ شعب عريق، ويصور مأساة أمة، تبحث عن ذاتها وهي تصارع اليوم من أجل البقاء ومن أجل الوجود والحرية.
في حوار أجريته مع مخرج الفلم السيد: روبير آلو، قال: أن ردة فعل الأولى للرأي العام الفرنسي على الفلم كانت اكتشافه أن الشعب الآشوري القديم ، ما زال موجوداً يعش على أرضه التاريخية ومناطق أجداده.... وأضاف لا يوجد خطاب معين للفلم، لكن حاولت ، أن ألفت انتباه العالم لهذا الشعب والاهتمام به، لكي لا يلفه النسيان و أساهم، بحسب إمكانياتي، من أجل أن يبقى هذا الشعب، وهذه كانت رسالة الفلم.
هذا وقد تقرر أن يقام المؤتمر الدولي العاشر للدراسات السريانية عام 2009 في اسبانيا.


سليمان يوسف يوسف
23/9/2004
بيروت - لبنان جامعة الروح القدس في الكسليك.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة