الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيدة النجاة..

رشيد قويدر

2011 / 1 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


«إلى شهداء كنيسة سيدة النجاة في بغداد، يبقى الأمل الطافح..
ويبقى صليب النجاة رمزاً للمحبة»..

سيدة النجاة بهالتها النورانية؛ سيدة النجاة أُم الفادي وأم الشهداء..
مُذْ كنت طفلاً، كَمْ أعجبت بهذا الاسم: ـ
سيدة النجاة...
سيدة المشيئة...
سيدة التجلّي...
سيدة الرجاء...
الآب والابن والروح القدس إله واحد.. دلالات الصليب الساميّة... تستعيد مباهج الفرح.. الأمل المتألق؛ رمزاً للمحبة والتسامح.
ها هي الألواح الوحشية للتراكم اللاهوتي.. للنار على الأرض وجيبها الإنسان.. الآلهة المفخخة جحيمها الناس.. تبتلع الأطفال.. تفقأ الأحداق.. تجرف الحدائق... آلهة الدم والخراب.
قال مولاي جلال الدين الرومي «النور واحد والمصابيح متعددة»، أكتب بقلم مولاي: «الحّي هو الذي يولد من العشق»..
لا أحد يحتمل هذا الحزن.. هذا الغضب... هذا الوجع.. هذا العجب...
لا أحد يدرك ما يكفي من الحزن كي نتفقد أحلامنا...
الدم في سيدة النجاة.. ينبوع الكلمة الطيبة.. ينبوع المحبة، يجتمع الشعراء على بابها... على مشارفها يطيب الترتيل والغناء...
وأرى ما رأى السومريون ما قبل التوحيد السماوي.. أولئك الذين يوصفون بـِ «الوثنية»: ـ
«مآسي البشر.. بعد أن انفصلت السماء عن الأرض.. قامت السماء باستعبادها»...
يبكي الناقوس.. ويبكي الزيتون المقدسي في جبل الزيتون.. تبكي كنيسة أمُ الأحزان.. ويبكي الحلم والجمال والخلاص..
تقام الجريمة بالحزام الناسف والرصاص.. يقيم الشُّر "القصاص".. الدم على قصائد المحبة.. على جدائل الطفولة المسترسلة حتى أخر مقطع في النشيد... على تمادي الطفولة بالأدعية بملابسها الملائكية.. على أمنيات البراءة و«على الأرض السلام، وبالناس المسّرة»... يأتي على صورة خلقنا.. على مرايا الروح.. على الحزن المعتق في مرايا الوجوه..
يبكي الناقوس... حقاً... حقاً
صدقاً... صدقاً
على رهبة المؤمنين في خشوع الليل.. على المجرم في تيههِ الوحشي.
على الحزن الموحش في هارمونية الموت... ويبكي ابن عربي... ويبكي الحلاج..
لا أحد ينقذنا إلا أن نرتل معاً في قداس الحياة.. الحياة... ونردد مع شكسبير:ـ
«احترس من الإنسان الذي ليست في روحه موسيقى»..
الدم على بيانو سيدة النجاة.. على الناي.. على الحنجرات الصادحة..
أعداء معجزة الخلق وإنجيل الإنسان .. أعداء فن الحياة وشيفرتها السحيقة.. أعداء الموسيقى وما حمله الإنسان معه من فردوس السماء.. وتراً ما زال ينبض في القلب... الموسيقى التي تسكنها الأرواح جاءت مع الإنسان من هناك... مُذْ علمنا الغراب كيف نواري الدماء.. كيف نعيد الروح المخطوفة إلى فردوسها..
إلى روض تمردها بتفاحة المعرفة.. الروح التي تفلت من معابدها القديمة...
أكتب «ايميلاً» للسماء.. لا نريد أن تكون الحياة حائط مبكى.. أو معبداً للصلاة على الموتى، نريدها عرساً في الأرض لنسترد ما فاتنا من خُطى.. لنسترد ما فاتنا من عبور نوراني.. في سندس الأرض وسندس السماء.. نريدها أن تخرجنا من بريتَّنا.. كما نريد تفاحة أخرى لآدم..
في هذا الحزن الجارح.. لا أحد ينقذنا إلا أن نرتل معاً..
لا أحد نستغيث به إلا سيدة النجاة.. المحبة في مواجهة الحقد والعماء..
كي لا يمتصنا الظلام... كي لا نوغل في عمق بحر الشهقة...
كي لا نُسْفَحُ على حافة أمنية.. كي لا يأكلنا الإرهاب من القدم إلى الرأس ...
ويبقى الحلم الإنساني الذي لا نملك غيره.. لنعيد للسماء تراتيلها...
هلليلويا ... هلليلويا.. هلليلويا
ويبقى صليب النجاة رمزاً للمحبة والتسامح..
رمزاً للندى والمطر على صحاري العقول الخالية..
كاتب فلسطيني








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سلامات
غسان المفلح ( 2011 / 1 / 11 - 22:33 )
سلمت يداك رشيد...وكل عام وعائلتك كلها بألف خير..

اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال