الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اللقمة السورية و الفم الأمريكي

أحمد مولود الطيار

2004 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ان مجلس الأمن الدولي ليس جمعية خيرية , هو أرضية للتعاطي السياسي , كذلك من المهم للنظام السوري , أن يفهم أ ن الدول صغرت أم كبرت , سياساتها تتحدد على ضوء مصالحها الاستراتيجية و الاقتصادية , و لا تتحدد على أساس أعمال خيرية , وتحسين نمط حياة شعب ما أو اسداء جميل هنا , ومعروف هناك؛ هذه ليست سياسة , سمها ما شئت ( ...)
لم يستطع النظام السوري , حتى صدور قرار مجلس الأمن الأخير / 1559 / الخروج من قمقم " سياساته السابقة " , ويبدو أنه حتى هذه الساعة , لم يستطع , استيعاب ثلاثة دروس مهمة زلزلت العالم هي :
1- سقوط وتفكك الاتحاد السوفيتي .
2- أحداث الحادي عشر من أيلول .
3- سقوط بغداد .
و على ضوء فهمنا " للسياسات السورية " نستطيع فهم ما حصل أخيرا , فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي اللبناني , وكما عبر عنه كثيرون: "السقوط السوري المدوي"
هل يصح أن نقول هنا: أن غلطة الشاطر بألف , و الشاطر هنا هو الرئيس الراحل حافظ الاسد و كما هو معروف , الرئيس رحل عن هذه الدنيا , وترك لمن بعده , ما يسمى " بالورقة اللبنانية " وهي كانت وعلى الدوام تلعب بذكاء . الآن هذه الورقة تحترق باليد السورية و الحريق سيصل الى اليد وربما كامل الجسد , ان لم يسارع النظام السوري , الى قذفها بعيدا . الانذار هذه المرة جدي , ولا مجال للتسويف و المماطلة .
سابقا و أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد كانت هناك حرب باردة , بين القطبين , الولايات التحدة الامريكية و الاتحاد السوفيتي , ويوجد هامش للّعب و ثغرات , ضمنهما , تلعب أنظمة وظيفية اعتمدها الغرب , تمارس مهامه و ما يريده بالوكالة
بعد حرب الخليج الثانية عام 1991 , كانت سوريا , ضمن التحالف الدولي " ضد العراق لتحرير الكويت " , وبينما أنظار العالم كله متجهة الى منطقة الخليج , وطائرات التحالف الدولي و مدافعه و بوارجه تعيد العراق الى القرون الوسطى , كانت القوات السورية العاملة في لبنان , في مهمة خاصة .
أختبأ العماد ميشيل عون في السفارة الفرنسية و تحت جنح الظلام , غادر لبنان متوجها الى فرنسا , و لايزال , و طويت مؤقتا صفحة العماد التي أرّقت النظام السوري كثيرا .
من دون ضوء أخضر أمريكي , ما كان ليحصل ذلك , ويبدو أنه الثمن الوحيد ( الصفقة ) لدخول سوريا النظام , ضمن التحالف الدولي لـ" تحرير الكويت ": القبض المستمر على الورقة اللبنانية .
لو أردنا التدليل و البرهنة , أن النظام السوري , غير قادر على فهم ومواكبة التغيرات الدولية , لقدمنا الكثير , فبنية النظام , أصبحت عصية على الانفتاح و خطوط العودة لديه , قد نسفها منذ أمد بعيد , وهو إن أراد التغيير و التلائم مع متطلبات واقع داخلي ودولي معقدة , فهذا يتطلب منه ثمنا باهظا , قد يكلفه رأسه . لذلك لا يزال يعمل ضمن استراتيجيته السابقة و هنا في موضوعنا: القبض المستمر على الأوراق الأمنية و اللعب بها و المساومة عليها (المنظمات الفلسطينية – حزب الله – حلفائه اللبنانيين) وفي سبيل التدليل على ما نقول , لا بأس ؟أن نأخذ مثال هو نموذج عن ذهنية و عقلية سائدة على نطاق واسع في النظام السوري و هذا النموذج له كلمته العليا في رسم السياستين الداخلية و الخارجية.
لا بأس من العودة الى مقال سابق لمسؤول أمني كبير هو السيد بهجت سليمان المنشور في صحيفة السفير اللبنانية بتاريخ 15 / 5 / 2003
في ذلك المقال يعدد السيد سليمان فوائد الوجود السوري في لبنان , من حيث أنه قوة الضبط الوحيدة , وصمام الأمان لتنظيمات تلصق بها أمريكا صفة الارهاب , وما بين السطور , لا يصعب لفطن فك الشيفرات و الرموز المرسلة لأمريكا و لأطراف لبنانية عدة ...
لو قلنا أن مقالة السيد سليمان , تعبر عن رأي شخصي و هذا حقه , لكن هذه القراءة المترجمة فيما بعد سياسة على أرض الواقع , تغدو كارثية و هنا ما حصل فيما يتعلق بتعديل الدستور اللبناني لتمديد ولاية الرئيس اميل لحود. هل نستطيع أن نستنج هنا , بأن التعديل و التمديد جاء منسجما مع القراءة الخاصة للسيد بهجت سليمان حول أهمية الوجود السوري ؟ و هذا الاستنتاج يحيلنا الى النتيجة التي آلت اليها الأمور فيما يتعلق بالوجود العسكري السوري برمته في لبنان , والقرار /1559 / و القراءة الخاطئة , لما يعتقد , أنه وجود عسكري مهم لأمريكا و حماية لحدود اسرائيل.

العالم اختلف ما قبل 11 أيلول عما بعده ؛ لاعبون دوليون كبار ضربت أمريكا بمصالحهم عرض الحائط والاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي يمثلها المحافظون الجدد في الادارة الامريكية تقول : باسقاط الأوراق الأمنية من يد الأخصام , و الاستراتيجية السورية , هي القبض المستمر على الأوراق الأمنية و المساومة بها , لتحسين الموقع التفاوضي أملا في شئ ما ( ........ )
سابقا كانت هناك تفاهمات أمريكية سورية ومشاغبات فرنسية , فيما يخص لبنان . الآن هناك تفاهم أمريكي فرنسي , وذهنية سياسية سورية , تعيش عسل الماضي , أسيرة تلك التفاهمات السابقة , غير قادرة على الخروج من إسارها.
النظام السوري يدرك أن خروج قواته من لبنان , سيرتب عليه أعباء و أزمات اضافية هو غير قادر على حلها , سياسيا و اجتماعيا و اقتصاديا.
الثلاثون يوما , المهلة المعطاة من قبل مجلس الأمن , لتنفيذ قراره المتضمن انسحاب القوات السورية (ضمنا) > و يدعم عملية انتخابية رئاسية > و يطلب تقريرا من الأمين العام <<حول تنفيذ الأطراف لهذا القرار>> بعد انقضاء المهلة , و يعلن استعداده للنظر في اجراءات اضافية , لمتابعة تنفيذ هذا القرار حين مراجعته للتقدم الذي تم تحقيقه .
التقرير الذي سيعده الأمين العام سيتضمن ثلاثة نقاط رئيسية و الى أي مدى وصل تنفيذ هذا القرار ؟
النقاط هي :
1- وجود قوات أجنبية
2- حل الميليشيات
3- ظروف التعديل الدستوري
فيما يتعلق بالنقطة الأولى "وجود قوات أجنبية " كثرت التصريحات لمسؤولين سوريين كبار , عن الاتنصار السوري لعدم ادراج اسم سورية صراحة و اكتفاء القرار بـ"قوات أجنبية " و المتابع لتلك التصريحات يلحظ اللغة الخشبية لمطلقيها و الانتصارات الوهمية التي يزينها خيالهم المسكون بعنتريات , سيفها الوحيد , شعارات جوفاء ملّها الزمن .
ان مزارع شبعا المحتلة من قبل العدو الاسرائيلي , هي في مجلس الأمن اراض سورية احتلت عام 1967 , وحلها يجري ضمن حل نهائي بين سوريا واسرائيل .
أما فيما يتعلق بحل الميلشيات : فلقد نص اتفاق الطائف صراحة على حل الميلشيات , لضمان أمن البلد و انهاء الاقتتال الطائفي , وقد تم حل الكثير منها , وبقي البعض منها ( حزب الله – اسلحة المخيمات الفلسطينية ) لوجود اسرائيل في الجنوب , اسرائيل هزمت و انسحبت من الجنوب , ومزارع شبعا اشكالية قانونية ما بين لبنان وسوريا حولها .
اذن من وجهة نظر " الشرعية الدولية " ممثلة بمجلس الأمن , لا مبرر لوجود تلك الميلشيات و يجب حلها
أما النقطة المتعلقة بظروف التعديل الدستوري , فالتصريحات اللبنانية بكل تلاوينها و أطيافها قبل التعديل , كيف كانت و بعد التعديل , كيف أصبحت ؟!
حتى أن حلفاء سورية كانوا محرجين و ساخطين أكثر من معارضيها , فيما يتعلق بالكيفية التي تم بها التعديل والتمديد. فكل وكالات الانباء العربية و العالمية و كذلك شبكات التلفزة نقلت هرولات المسؤولين اللبنانيين الى عنجر ودمشق، ومن وجهة نظر الشرعية الدولية , لا يصح الحديث هنا عن ارادة لبنانية و قرار مستقل , و أنهم هم اللبنانيون من عدّل و مدّد .
ما يهمنا هنا وما يجب أن يفهمه النظام السوري , أن قرار مجلس الأمن الأخير /1559/ قد نزع عن قواته الموجودة في لبنان صفة الشرعية الدولية, وتركها بلا أي غطاء شرعي أو قانوني , كذلك فأن مجلس وزراء الخارجية العرب المنعقد أخيرا , قد عبر أكثر أعضائه صراحة و بدون مواربة ( الاردن – مصر – دول الخليج ) أنهم مع القرار الدولي و يجب على سوريا أن تسحب قواتها و هذا مؤشر مهم لسحب الغطاء الشرعي الآخر , غطاء جامعة الدول العربية , الذي دخلت بموجبه القوات السورية الى لبنان عام 1976 .

أمريكا فاتحة فمها غيرمستعجلة , تنتظر نضوج الثمرة لابتلاعها , هل سيترك النظام السوري سوريا لقمة سائغة للوحش الامريكي الهائج ؟؟
كل المؤشرات لاتطمئن ...
*كاتب سوري








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال