الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرجئة!

سعد هجرس

2011 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


طرت العمللية الإرهابية الإجرامية قلوب المصريين جميعاً بعد دقائق معدودات من بداية عام ،2011 وبعد عشرة أيام، وبالتحديد يوم الاثنين الموافق 10 يناير 2011 طالب مجلس الشعب بسرعة ضبط مرتكبي الحادث والمخططين له وتقديمهم إلي محاكمة عاجلة لينالوا جزاءهم الرادع.
وبالطبع.. أدان المجلس بشدة هذا الحادث الإجرامي، مؤكداً أنه لن يفلح في شق صف الوطن، ودعا إلي »بذل الجهود« لاجتثاث الإرهاب الذي لا يعرف وطناً ولا ديناً.
حسناً.. لكن ماذا عن »الجهود« التي يجب أن يبذلها مجلس الشعب ذاته؟!!
الإجابة هي: لا شيء الآن.
لماذا يا سادة؟!
الإجابة كما وردت علي لسان الدكتور زكريا عزمي هي أنه »إذا كانت هناك مطالب تتعلق من قريب أو بعيد بالحادث فهي مطالب مشروعة لكن وقتها ليس الآن«.
وسرعان ما التقط الدكتور فتحي سرور بداية الخيط معقباً علي ما قاله الدكتور زكريا عزمي فيقول »إنه لا يجوز الحديث عن بعض المشكلات التي يعانيها الداخل لأن في ذلك إيحاء بأنها كانت سبباً للحادث«، وهذا في رأيه »يعد قلباً للأوضاع ومصادرة علي المطلوب«.. وأكد أنه »إذا كانت مشكلات فإنها تناقش في زمان وموقف مختلفين«.
وهو نفس ما ذهب إليه الدكتور مفيد شهاب الذي رفض ما أسماه »خلط الأوراق والربط بين المطالب القبطية والحادث«، قائلاً إن »الوقت الحالي ليس هو المناسب لطرح مثل تلك المشكلات«، ومؤكداً أن »الدولة لا تعرف التفرقة بين مسلم وقبطي«.
>>>
ومن هذه المقتطفات السابقة التي وردت علي لسان ثلاثة من أقطاب الحزب الوطني في مجلس الشعب »المنزوع من المعارضة أصلاً« يتضح لنا أمران أساسيان:
أولاً: أن أقطاب الحزب الوطني يعترفون بأن هناك »مشكلات« و»مطالب« للمصريين الأقباط.
ثانياً: انهم يرفضون الحديث عن هذه المشكلات وتلك المطالب في الوقت الراهن، لأن في ذلك »خلطا للأوراق«، و»قلباً للأوضاع«، وإيحاء بأنها كانت سبباً للحادث الإرهابي.
وهذا يعني ــ بعبارة أخري ــ أن بحث هذه المشاكل وتلك المطالب مؤجل لحين إشعار آخر، وأجل غير مسمي.
>>>
ومع كامل الاحترام للحزب الوطني وأشخاص أقطابه فإن »نظرية الإرجاء« و»التأجيل« التي عبروا عنها تحت قبة المجلس تزيد تعقيد المعضلة ولا تساهم في حلها، وأخشي أن أقول إنها تدفع المصريين إلي الإحباط علي الأقل، إن لم تكن تلقي مزيداً من الزيت فوق النار السارية تحت الرماد.
صحيح أن عملية كنيسة القديسين الإرهابية التي وقعت ليلة رأس السنة الجديدة بسيدي بشر بالإسكندرية هي عملية إرهابية بامتياز.
لكن المقصود من وراء هذه العملية الإرهابية يتجاوز قتل وإصابة عدد يزيد أو يقل من المواطنين المصريين المسيحيين، ويستهدف في المقام الأول إذكاء نار الفتنة الطائفية التي هي التحليل النهائي محصلة تراكم تاريخي لعدد معلوم من المشكلات المزمنة التي باتت معروفة للجميع ومحفوظة عن ظهر قلب، بخاصة القيود المفروضة علي بناء الكنائس، والتمييز الديني في شغل الوظائف العمومية وغيره الكثير من أشكال التمييز التي يعاني منها الأقباط في الكثير من المرافق، بما في ذلك التعليم الذي يفترض أنه المدرسة الأولي للمواطنة وبوتقة الانصهار لجميع مكونات وروافد الجماعة الوطنية لكنه تحول في العقود الأخيرة إلي بؤر للفرز الطائفي وتربية الأطفال المصريين علي ثقافة الكراهية منذ نعومة أظافرهم.
لذلك نشأ ما يقرب من الاجماع بين عقلاء هذه الأمة ــ بما في ذلك نسبة معتبرة من المنتمين إلي الحزب الوطني ذاته ــ بأن تفويت الفرصة علي الإرهابيين لن يتحقق إلا بفتح ملف التمييز الذي يتعرض له الأقباط منذ سنين وعقود، والانتقال به من مرحلة التشخيص إلي مرحلة العلاج، خاصة أن »الروشتة« أصبحت معروفة ومحفوظة عن ظهر قلب، وتطبيقها ممكن جداً، ولا يستغرق وقتاً، إذا ما خلصت النوايا وتوفر الحد الأدني من الإرادة السياسية بعيداً عن »منطق« المواءمات والموازنات الخائبة التي حكمت التعامل مع هذا الملف المزمن منذ سنوات طويلة فلم تزده إلا التهاباً وتعقيداً.
و»منطق« الحزب الوطني، وأقطابه، يقف عند نفس النقطة، فهو يعترف بوجود مشكلة، لكنه يتذرع بأن هذا ليس وقت الحديث فيها أصلاً.
حسناً.. ما هو الوقت المناسب؟!
قولوا لنا توقيتاً محدداً أو جدولاً زمنياً واضح المعالم.
وقولوا لنا لماذا مرت كل السنوات السابقة دون أن يحدث تقدم فعلي علي أرض الواقع رغم تكرار الاعتراف بوجود مشكلة؟
وقولوا لنا لماذا يرتفع شعار »التأجيل« إلي أجل غير مسمي دائماً؟!
أليس من حق الرأي العام أن يفسر هذا »الإرجاء« المستمر باعتباره تمييعاً للقضية، الأمر الذي يتسبب ــ بقصد أو دون قصد ــ في إبقاء النار تحت الرماد، مع احتمال اشتعالها في أي لحظة رغم ما يتضمنه ذلك من أخطار علي وجود الوطن ووحدة الأمة؟!
أليس من حق الرأي العام أن يستنتج من ذلك أن هناك »مستفيدينَ« من إبقاء الوضع علي ما هو عليه، خدمة لأجندات غير معلنة؟!
>>>
وللتدليل علي فساد منطق »الإرجاء«، فربما يكون من الحكمة استدعاء موقف فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب فيما يتعلق ببناء الكنائس.
حيث قام الشيخ الجليل بتنفيذ كل الحجج التي يتذرع بها »الطائفيون« لعرقلة بناء هذه الكنائس.
وكان التنفيذ »الشرعي« لهذه الحجج درساً عظيماً للكافة.
فإذا كان هذا هو موقف أكبر مرجع إسلامي في مصر، وإذا كانت مواثيق حقوق الإنسان وكل مبادئ العدالة تؤيد هذا الموقف.. فلماذا التلكؤ والقول بأن الوقت غير مناسب؟!
أما إذا كان السبب هو الخوف من »الإيحاء« بأن تلبية هذه المطالب بمثابة اعتراف بأنها سبب للحادث.. فإن هذا تخوف لا محل له من الإعراب.
فقط.. افعلوا شيئاً ملموساً ونتعهد لكم بأن أحداً لن يربط بين العملية الإرهابية وتقديم حل عادل لمشكلة مزمنة، وإعطاء الحق لصاحبه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أؤيد
محمد بن عبد الله ( 2011 / 1 / 13 - 14:04 )
أؤيد التعليقات الأولى الثلاث حتى ولم تظهر كاملة


2 - التأجيل الي ان يأتي عزرائيل
عمرو اسماعيل ( 2011 / 1 / 13 - 14:12 )
هم يريدون الاحتفاظ بمناصبهم الي إخر نفس في العمر والطريق الوحيد هو التأجيل .. كل شيئ في مصر مؤجل منذ ثلاثين عاما


3 - الى صاحب التعليق 1,2,3,6
مكارم ابراهيم ( 2011 / 1 / 13 - 20:19 )
اريد فقط التنبيه اخي الكريم كي تضمن نشر تعليقك يجب ان يكون اسمك باللغة العربية وغير رمزي وانسخ لك هنا قواهعد النشر كي تطلع عليها وتضمن نشر تعليقك
وهذه هي جزء من قواعد النشر فقط للمساعدة
-يجب ان يكون اسم وعنوان ونص التعليق باللغة العربية فقط، أي تعليق باللغات الأخرى او باللهجات العامية لا ينشر-
مع فائق احترامي وتقديري
مكارم


4 - عملية عناد فقط لا غير
محمد زكريا توفيق ( 2011 / 1 / 13 - 21:16 )
شكرا أستاذ سعد على هذا المقال المميز
المرجئة هم ناس للأسف ليسوا أهلا لتولي سلطة. فهم أجبن من أن يتخذوا قرار شجاع يعيد الحق لأصحابه. الأقطاب الثلاثة الذين ذكرتهم في مقالك، يتكلمون بلسان كبيرهم المعروف عنه أنه لا يفعل شيئا يطلبه الناس، ويعتبر أن هذا نوعا من الضعف أو نقص الكرامة. المسألة مسألة عناد ووقوف ضد التيار. مسألة إعطاء الأقباط حقوقهم العادلة، تتساوى مع مطالب الشعب المصري كله الخاصة بتعيين نائب للرئيس وإالغاء قانون الطوارئ وإجراء إنتخابات نزيهة ورفع الزبالة من الشوارع وحل مشكلة المرور والتعليم ومحاربة الفساد، إلخ. ليعلم الإخوة الأقباط أنهم ليسوا وحدهم ضحايا عملية الطناش التي يمارسها المسؤولون. أعتقد أن السبب الرئيس هوالرغبة في قتل أي أمل في الإصلاح. وعندما تيأس سوف تهمد وتنخمد وتتوقف عن المطالبة بباقي الحقوق أو بأي شئ آخر. أو ربما يكون العناد خوفا من إغضاب دولة شقيقة يهمها زيادة المد السلفي الوهابي في بلادنا، لا نقصانه. أو ربما يكون عامل الجبن لا أكثر أو أقل.

اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة