الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الوحل- لــ دليار ديركي -رؤية شعرية دونكيشوتية للهم الوطني- 2من 3

مسعود عكو

2004 / 9 / 29
الادب والفن


ثانياً- طريقة المعالجة الشعرية للقضية:

لن أكرر ما قلته مسبقاً. لكن يجب ذكر ما يفيد فطريقة تناول قضية الوطن - أي قضية – شعرياً نفحة خاصة يتوجب على الشاعر أن يكون ملماً بجميع جوانب القضية أن يكون مناضلاً سبق له أن خاض تجارب قاسية ولاقى عذاباً من قبل المستبد ولكن النقطة الطريفة في المجموعة إن الشاعر لم يعاني من كل شيء ذكر ربما نسمع صوته من بعيد يتفوه بكلمات كلاسيكية مضى عليها الزمن حتى أننا نتصوره في بعض قصائده محرراً لكوردستان ولن ننسى أنه لم يعاني فهو من يكون أمام قضية وطن بأكمله يملك تراثاً وثقافة وفلكلوراً خاصاً به ولكنه لم يقاسي مثل ما يقاسيه الآن حتى طفل صغير.

لم يمض مثل ناظم حكمت حياته في السجون بسبب أشعاره ودفاعه عن قضية وطنه بأظافره وأسنانه والأمثلة عن هذا الشيء عديدة ولا يمكن تعداداها.

ولكن شاعرنا يعيش في الغرب الآمن ويتفوه بكلمات وطنية كبيرة اعتبرها مجرد ضرب على الوتر الحساس للمتلقي وهو وتر القضية والاستعباد وهو الأشبه بالواقف خلف جدار بمفرده يرغد ويزبد ويتوعد ويترك قافلة المعذبين خلف الجدار من الجانب الآخر يلاقون جميع أنواع التعذيب والظلم ربما يقول متقول: إن هذا تجني فها هو جكر خوين كتب عن الوطنية سأقول أن حالة جكر خوين حالة شعرية نادرة ضمن الشعر الكوردي فهو صاحب الثورة والذي حرض على مفهوم الثورة وعدم الصبر على الذل والهوان وطبق مقولة دعك من الذكريات وهيا بنا نعمل. أما شاعرنا فقد عمد إلى الذكرى تاركاً خلفه جحافل الكورد يعانون.

من المجحف بحق المقولة الشعرية التي تعالج قضية وطن ما أن تكون خارجة عن الإطار الواقعي أو أن تسرح في خيال شعري باهظ بل العكس يجب أن تحقق المقولة الشعرية الوطنية هدفاً ثورياً معيناً يهدف إلى تحرير شعب ما من الاضطهاد والمغلقة حول رقبته ويديه وقدميه بحيث شله عن حركة مقاومة يدافع عن نفسه يجب أن تكون الكلمة الوطنية سلاحاً فمن المعروف إن الشعر الوطني أشد من الطلقة "فمحمود درويش" يلاحق حتى الآن من قبل السلطات الإسرائيلية محاولة مجاهدة لإسكات بركانه الشعري الثوري.

ولكن كل ما سبق لا يعني إن ديركي قد فشل في رسم الخطوط العريضة لقضيته ودرس في مواضيع عديدة مسائل دوخت الأكراد ومنها مسألة الأجانب والتجنيس والسجون وغيرها.

ووفق ديركي في إخراج وإبراز حنينه للوطن ونجاحه خاصة كما في قصيدة "ديرك" ونجاحه في استخدام الشخصيات الأسطورية الكوردية وأيضاً بعض الأغاني مثل: "سه ريليه" والتي أشار الشاعر إليها في الهامش بأنها نمط غنائي من الفلكلور الكوردي وهذه نقطة إيجابية تسجل للشاعر بالطبع لأنه سعى جاهداً في قصيدته أن يبلغ العالم وبخاصة ذلك الشق العربي منه عن طريق كتابته باللغة العربية أبلغهم على أن هناك شعب له قضية هي القضية الكوردية شعب يملك كل مقومات الدولة والحضارة ولكنه لا يزال قابعاً تحت وطأة وظلم حاكميه ومستبديه.

نعود إلى مسألة الحنين والشوق إلى الوطن وطريقة معالجة ديركي لهذا الموضوع المهم نستطيع القول إن ديركي قد فشل ونجح في آنٍ واحد في معالجة هذه الإشكالية.

لنقرأ معاً مقاطع من قصيدة "ديرك" الصفحة (140)

ديرك ... أيتها الناعسة استيقظي
ديرك ... يا مغتالة الوالدين لحظة الولادة
يا طفلة أضاعت لعبتها يوم العيد...

إلى أخر القصيدة نجد بوحاً جميلاً وهمساً ينم عن حنين واشتياق جارف للولادة وللجدران والنوافذ وكل شيء ويلبس القصيدة لباساً كوردياً في قصيدة أخرى وهو لباس كوردي حنون فيقول في "تحف" الصفحة (120) :

لكي لا نكون..
تماثيل روما
ولا نكون..
في متحف اللوفر
دعينا نكون..
أرغفة في تنور ضيعتنا

هنا أعطى صورة شعرية فنية رائعة رغم ركاكة المفردات المستخدمة في المقطعين الأول والثاني ولكن المفاجأة الشعرية تكمن في المقطع الأخير حيث تفاجئ بذكره للتنور هذا المخلوق الطيني الذي يحمل بين دفاته حنيناً أبدياً ونار شوق لا ينتهي حتى وإن أصبح نارها رماداً تظل حية إلى الأبد وهذه اللقطة الشعرية تؤثر في المتلقي أيما تأثير وهذا بدوره نجاح لديركي يسجل ضمن قائمة النجاحات فقد نجح في التقاط اللحظة التي تخلب العقول ونعيش معه أجمل فسحة يخلقها الشاعر.

بقي أن نشير مجملاً إلى القصائد على الرغم في إن هناك فجوات عديدة ضمن المجموعة إلا إن هناك بشائر خير تبشر ربما بولادة شاعر جديد مغترب عن مجتمعه وهذه النقاط تتلخص في ما يلي:

1- استخدام الشاعر مفردات لا تمس بصلة لفن الشعر بل تصلح لرواية أو مقالة سياسية.

2- نجاحه في بعض القصائد مثل متسول, محطة, ميلاد.

3- جنوحه إلى العادية وعدم استخدامه المفيد للغة.

فالجميل والعنصر الرائع في القصيدة ويعتبرا من مقومات وأركان نجاح القصيدة هي اللغة والاستخدام الذكي.

4- بالنسبة لقصائد الحب في بسيطة للغاية تندرج في قائمة فن الرسائل العشقية مثل :ميلاد, أقبلك هذا كل شيء.

ولكن لا يعني إن الشاعر فشل في إيصال الصوت إنما هو أخطأ بعض الشيء وربما لو تسنح له الفرصة في قادم الأيام أن يقدم شيئاً جديداً بعيداً عن الركاكة واستخدام المفردات التي طائل تحتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكة خاصة من آدم العربى لإبنة الفنانة أمل رزق


.. الفنان أحمد الرافعى: أولاد رزق 3 قدمني بشكل مختلف .. وتوقعت




.. فيلم تسجيلي بعنوان -الفرص الاستثمارية الواعدة في مصر-


.. قصيدة الشاعر عمر غصاب راشد بعنوان - يا قومي غزة لن تركع - بص




.. هل الأدب الشعبي اليمني مهدد بسبب الحرب؟