الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جورجيا والاتحاد الاوربي بعد عام من حرب اغسطس / اب

دياري صالح مجيد

2011 / 1 / 13
السياسة والعلاقات الدولية


بقلم : اوسكار باردو سييرا
ترجمة : دياري صالح مجيد

بعد سنة من حرب اغسطس التي جرت احداثها ما بين جورجيا و روسيا بدأ الوجود الاوربي في دولة جورجيا بتعزيز مكانته . وكانت النتيجة الاكثر وضوحا في هذا الصدد تتمثل في تواجد بعثة المراقبة الاوربية على الاراضي الجورجية , التي عملت اضافة الى البحث عن تنفيذ اتفاقيات وقف اطلاق النار , على تزويد صناع القرار السياسي في بروكسل بالمعلومات المباشرة الخاصة بالتطورات الجارية في جورجيا . على اية حال يلاحظ بان تنفيذ سياسة الجوار الاوربي كانت تعاني قبل الحرب من عملية التشتت اذ ان المجالات الرئيسية فيها كما هو الحال مع اعادة اصلاح الاسواق والتقارب التنظيمي داخل البلاد , قد لاقت معارضة قوية من قبل الدوائر الرئيسية في الحكومة الجورجية . الا ان هذه الحالة تغيرت بعد الحرب. لكن بالرغم من ذلك يعتقد بان سيناريو اربنة ( اضفاء البعد الاوربي على ) جورجيا سوف يقود الى مزيد من التوترات مع روسيا وكذلك سيقود الى مزيد من السياسات الروسية الاكثر حزما في مجمل دول الاقليم .
رؤية اولية .

تمثلت واحدة من نتائج حرب اغسطس الماضية في مشاركة الاتحاد الاوربي بشكل فعلي في جورجيا اضافة الى تنامي الدعم الى هذا الشريك الشرقي . اذ ان النشر السريع لبعثة مراقبة السلام وفقا للمواصفات الاوربية , وهي البعثة التي تعد الان بعثة المراقبة الدولية الوحيدة في جورجيا , قد اثارت قدرا عاليا من الامتنان في اوساط النخب السياسية والمجتمعية الجورجية . وقد قادت بدون ادنى شك الى زيادة الوجود والرؤية السياسية للاتحاد الاوربي في المنطقة .

ان الشيء المرئي بشكل اقل لكنه في ذات الوقت لديه قدر من الانعكاسات البعيدة المدى عل مستقبل جورجيا يتمثل في التقدم الحاصل في تطبيق سياسة الجوار الاوربي والتوقعات الخاصة بتعميق العلاقات مع الاتحاد الاوربي في اطار ما يعرف بمبادرة الشراكة الشرقية .

بعد قيام الثورة الوردية وما افرزته من وعود قدمتها الحكومة الاصلاحية بقيادة ميخائيل سكاشفيلي, قام الاتحاد الاوربي بوضع جورجيا وبقية دول جنوب القوقاز ( اذربيجان وارمينيا ) ضمن ما يعرف بسياسة الجوار الاوربي وروجت لالتزام منح هذه الدول مبلغا يقدر بمليار دولار امريكي خصص منها مبلغ 150 مليون دولار من قبل مفوضية الاتحاد الاوربي وذلك في مؤتمر المانحين الذي نظم من قبل المفوضية الاوربية والبنك الدولي في عام 2004 . الا انه مع وفاة رئيس الوزراء الجورجي zurab zhvania في فبراير / شباط 2005 لم تفقد جورجيا داعما قويا للتكامل مع الاتحاد الاوربي وانما قوة منجذبة بشكل كبير الى مؤسسة الرئيس والى سكاشفيلي شخصيا . مابين 2004-2005 كانت جورجيا مثالا نموذجيا لقي الثناء من قبل البنك الدولي بسبب التحرر السريع لاقتصادها وفي الوقت ذاته اعتناقها لستراتيجية الحالة الدنيا .

على الرغم من الخطاب الموالي لاوربا في ادارة سكاشفيلي منذ الايام الاولى للثورة الوردية , الا ان تطبيق سياسة الجوار الاوربي مرت بحالة من الركود وفقدان الاتحاد الاوربي لسيطرته على عملية اصلاح البلاد . ففي الحقيقة كان طريق الاصلاح الذي اخذت به الحكومة بعد 2005 يتناقض مع المنهج التنظيمي للاتحاد الاوربي ومع تبني الاجزاء الضرورية لعملية الاندماج في تكتل اقليمي . يضاف الى ذلك ان الانضمام الجورجي لحلف الناتو لم يعد امنية بعيدة المنال فحسب وانما اظهرت حرب اغسطس / اب ان الولايات المتحدة الامريكية لها امكانية محدودة في التاثير في الاقيلم , في ظل هذا المشهد يبدوا ان جورجيا بحاجة الى الاتحاد الاوربي .وعلى اية حال فان الدعم السياسي والاقتصادي المتزايد من قبل الاتحاد الاوربي يمكن له فقط ان ينجز عبر التطبيق الجدي للاصلاحات الاقتصادية والسياسية التي وضعت اسسها من قبل خطة العمل الخاصة بسياسة الجوار الاوربي . وهو ما يمثل طبيعة العلاقات الخارجية للاتحاد الاوربي . في ظل ذالك المشهد يبدو ان المواقف داخل اطر الحكومة الجورجية فيما يتعلق بتنفيذ سياسة الجوار الاوربي , قد بدأت تقل حدتها منذ انتهاء الحرب الاخيرة . اذ ان الداعمين الرئيسين للمنهج اللبرالي كما هو الحال مع وزير الاقتصاد السابق kakha bendukidze و رؤساء الوزراء السابقين zurba noghaideli و lado gurgenidze قد تم ايضا اعادتهم الى الواجهة . ويبدو ان رئيس الوزراء الحالي nikoloz gillauri اكثر واقعية في توجهه نحو تنفيذ الاصلاحات ذات التوجه الاوربي خاصة منها تلك المتعلقة بقضية التسوية التنظيمية البعيدة المدى .

التاثيرات :

ان قوة الدفع المحتملة للمصالح الاوربية في جورجيا لم تكن في اي وقت من الاوقات اعلى مما هي عليه الان . فعلى الرغم من الخطاب الحالي , نجد ان الدوائر السياسية في جورجيا مدركة بشكل جيد لاستحالة عكس الاوضاع القائمة في جنوب اوسيتيا وابخازيا في وقت قريب . في ظل ذلك فان نتيجة الحرب والحاجة الى مزيد من الدعم الاوربي للابقاء على قوات المراقبة في جورجيا , يعد بداية لتاسيس نظاما سياسيا وقوة حقيقية تمتد مصالحها المشتركة الى ما وراء واجهات المؤسسات الديمقراطية . الا ان هذا يعني ايضا ان السياسات الروسية يمكن ان تصبح خلال المستقبل اكثر عدوانية و قد يحدث ما هو اسؤ من وجهة النظر الاوربية عندما تكون تلك السياسات الروسية غير متوقعة . لقد ادت الحرب الى زيادة مشاعر العداء للروس في جورجيا خاصة بين جيل الشباب والذي تزامن مع الاعتراف الروسي باستقلال ابخازيا و اوسيتيا الجنوبية , لذا فقدت روسيا قدرتها على التاثير في السياسة الجورجية عبر سيطرتها في السابق على العمليات الخاصة بحل الصراعات هناك . لذا فان التاثير المباشر للحكومة الحالية وتلك التي ستاتي بعدها يتمثل في في التعاون بشكل متقارب مع الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية والعمل فيما بعد على كسب الدعم من المؤسسات المالية الدولية , وهو ما يعد السياسة الوحيدة الموجودة في جعبة صناع القرار السياسي في جورجيا .

كنتيجة لذلك فان مزيدا من التنفيذ الشامل للاصلاحات ذات العلاقة بسياسة الجوار الاوربي وبالذات منها تلك التي تؤثر في الاقتصاد الجورجي من اجل الوصول على اتفاقية للتجارة الحرة , اشاعة دور القانون , الحرية الاعلامية , المشاركة في السلطة واعطاء المزيد من الدعم للبرلمان , كلها امور يحتمل ان تشهد تقدما في المستقبل . وهو ما يعد الطريق الوحيد للحصول على الدعم السياسي والاقتصادي القوي من قبل الاتحاد الاوربي , ويمكن تحقيق ذلك حتى اذا ما استمرت الانقسامات داخل الاتحاد الاوربي حيال روسيا وحيال السياسات المتبعة ازاء دول الجوار الجغرافي الشرقية . الا ان العائق الحقيقي الذي يواجه اوربا هو ان عملية البدء بأربنة جورجيا سوف تزيد من التوتر مع روسيا . فعلى الرغم من مخاوف روسيا من توسع حلف الناتو الا ان توسع الاتحاد الاوربي هو امر تخشاه بشكل اكبر من ذلك التوسع للناتو , فعندما ينضم بلد ما الى الاتحاد الاوربي فهو يعد خسارة مطلقة لروسيا , وهو ما يعزز مخاوف الكرملين التي عبر عنها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف او الرئيس مدفيديف في بعض المناسبات حول ما يتعلق بالشراكة الشرقية .

النتائج :

لقد اظهرت الحرب للنخبة السياسية في جورجيا ان امن البلاد لا يمكن ان يدور فقط حول الولايات المتحدة الامريكية و الانضمام المفترض الى حلف الناتو . لذا فقد وضحت بعض الدوائر السياسية الجورجية في بروكسل امكانية وجود سيناريو شعاره المزيد من التوجه نحو اوربا في مقابل توجه اقل نحو الناتو , من اجل توفير بعض الضمانات الامنية لجورجيا بعيدا عن مسالة العضوية في الناتو . لذا شهد هذا العام نوعا" من الثبات للمواقف المتقاربة ما بين الاتحاد الاوربي وجورجيا كما هو الحال مع المحدثات بين الطرفين حول اتفاقية التجارة الحرة , تسهيلات منح تاشيرة الدخول وكذلك قضايا التسوية والشؤون الداخلية لجورجيا التي بدات تتقدم هي الاخرى . الا انه بالرغم من ذلك يلاحظ بان زخم هذا التوجه قد بدا بالتراجع في الاتحاد الاوربي لان الانقسامات ما بين اعضائه في علاقتهم بروسيا قد اصبحت الان اعمق مما كانت عليه من قبل .

لقد وجدت جورجيا والاتحاد الاوربي نفسيهما عند ملتقى طرق , اذ ان المزيد من الدعم الاوربي والعلاقة المتينة مع جورجيا يشير الى مزيد من الانفتاح السياسي لحكومة سكاشفيلي وتحجيم المخاطر التي تواجة النخب السياسية والاقتصادية . اما بالنسبة للاتحاد الاوربي فان اربنة جورجيا سوف يكون لها نتائج اقليمية فعلى الاقل ان ذلك سوف يفتح الباب اما مزيد من الديمقراطية والاستقرار لجورجيا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل