الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماينقصنا؟؟؟

صلاح عبد العاطي

2004 / 9 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


لو تساءل أي شخص سيقرأ هذا المقال عما ينقصه ؟ باعتقادي قد يكون أول ما يتبادر إلى ذهنه مصالحه الخاصة أولا ؛ وعندما نحيل هذا السؤال إلى واقعنا العربي تحديدا سنجد أن الكثير الكثير ينقصنا لكي نصل إلى المجتمع العربي والإنسان العربي الذي نريد، مجتمع العدالة والمساواة والتعددية والقانون -المجتمع الديمقراطي المدني الحر والإنسان العربي الذي يتبنى ويمارس العقلانية والديمقراطية، الإنسان المبدع القادر على التصدي لكل عوامل الإحباط والهيمنة.
ولو تسألنا عن سبب تفكير الجميع الآن بالمصالح الذاتية، سنجد الكثير من التشخيصات المتعددة والمختلفة لعل أبرزها مما يعنينا هنا أن الإنسان العربي كفرد يمتلك قدرات واسعة، ولكن هذه القدرات تبقى قدرات فردية أن لم يتم بلورتها واستغلالها في بوتقة العمل الجماعي المتسم بروح الفريق تحت أهداف ينتمي الجميع أليها ويعمل جاهدا لتحقيقها .هذا يدعوني إلى تجزئة ما ينقصنا إلى محورين الأول الأهداف والرؤية المطلوبة ، والثاني الانتماء لها والعمل وفقها. فما ينقصنا الآن رؤية واضحة وخطة استراتيجية تنموية لتحويل القيود الى فرص؛ ولكي تتحول القيود الى فرص مطلوب أولا التغلب عليها وعملية التحويل هذه لن تتم إلا إذا ما قررنا أن نعيد رسم وتحديد القواعد والأسس اللازمة. وهذا يستدعي بالضرورة جهد جماعي منظم، يضع الأسس التي ينبغي الولوج فيها لحماية الذات من الطوفان والغرق في غابة العولمة والأمركة وصولا الى بر الأمان الذي يلبي احتياجات هذا الشعب ؛ هنا اوجه الدعوة لكل المتهمين والمختصين والمثقفين في شتى المجالات بالتوحد والعمل الجماعي لإنتاج خطة سياسية واقتصادية واجتماعية تربوية وثقافية وصحية تعالج الإخلالات القائمة تبني وفق رؤية تنموية انعتاقية ترسم لنا معالم مستقبل أفضل . فأي عملية تغير لن تؤدي ثمارها إلا إذا كانت مخطط لها تنمويا . وعلينا مغادرة عقلية جلد الذات والتشخيص فقط والتي تدور في ورش العمل والمؤتمرات والقاءات علي أهميتها والانتقال الى حالة العلاج والعمل الفعلي والبناء للمستقبل.
إن النفسية العربية بتقديري تعاني من فقدان الأمل والنجاح والذي هو ضروري الآن للغاية من أجل ا الانتصار ف50% من سكان الوطن العربي دون العشرين من العمر.
نظرة الى واقعنا ومشكلاتنا في الوطن العربي سنجد القوي المراهن عليها مستقبلا تعيش في ظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية بالغة المرارة والقسوة و الإحباط والقهر الشديد. هنا نتساءل ؛ هل التبعية والقمع والقهر يسيران معا في وحدة طبيعية يقبلها الكل ولماذا ؟
إن الآفاق المستقبلية لمجتمعنا ستكون قاتمة إذا ما حلت في سياق اللعبة التي حددتها الولايات المتحدة وإسرائيل.
فنادرا ما ابتلت أي حركة تحرير وطنية خلال القرن العشرين بظروف تشبه ظروفنا فنحن موزعين بين ممارسة الثورة ومتابعتها، وبين الانشغال بنضال دبلوماسي يتعلق غالبة بالفهم الخاطئ والغامض للقوى المحلية والإقليمية والعالمية، وبالرغم من ضراوة الظروف فنحن ألان في حاجة ماسة الى إلقاء نظرة عميقة الى داخلنا العربي من اجل إعادة فحص الأولويات وتقويم الاستراتيجيات والتمييز بين الرؤية والسياسة .
فما ينقصنا / رؤية إستراتيجية تنموية مستقبلية ومتخصصة نحدد فيها أولويات العمل بدقة رؤية تؤهلنا فعلا لامتلاك الأدوات العقلانية والديمقراطية أول هذة الأدوات التنمية الانعتاقية الشاملة ،وهذه مسؤولية الجميع وتحديداً أصحاب القرار في الفعل السياسي والمدني .
أن السبيل الوحيد للخروج من الواقع الصعب الذي نعيشه هو العمل المنظم حتى نتمكن من استثمار ما لدينا من طاقات مهملة ولن يكون ذلك إلا من خلال وضع قانوني ودستوري مستتب يحكم حياة المجتمع وينظمها على أن تكون للجميع حرية مطلقة للتعبير عن إرادة المجموع مما يبرز دور الصحافة في تحقيق حرية الكلام والبحث والتعبير في حدود القانون ،مع التأكيد على ضرورة وجود جهاز قضاء مستقل فاعل وقوي وأهمية وجود نظام صالح وشفاف لصرف المال العام حتى يكون في خدمة المجموع وليس الأفراد أو المصالح الشخصية.
ان مؤشرات الحياة في المجتمع العربي تكشف بأن الواقع الديمقراطي في حالة من التراجع ومن هذه المؤشرات التقليدية وهي عدم وجود فصل واضح بين السلطات ،وعدم خضوع السلطة التنفيذية لمراقبة ومحاسبة السلطة التشريعية بالإضافة لعدم وجود استقلالية للقضاء، وعدم خضوع السلطة ومسئوليها للقانون في تصريفهم لشئون الناس، واستمرار حالة التبعية الاقتصادية للاقتصاد الإمبريالي المعولم ،وعدم تداول السلطة وعدم إجراء انتخابات دورية في ظل عدم وجود مطالبة جدية بإجراء انتخابات ،مما يعطل مبدأ المساءلة والمحاسبة والشفافية في المجتمع، كما لم تسجل السلطة التشريعية والمعارضة والمنظمات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني أي إنجازات على صعيد التحول الديمقراطي ،والمجتمع يعود رويداً للأبوية المجتمعية والسياسية فالمختار والعائلة أهم من القاضي والمحكمة أو الوزير وليست الأسرة بمعزل عن هذه الحالة السائدة، أن بقاء الوضع على ما هو عليه يزيد من حالة التفكك الداخلي والتشرذم وقد يؤدي إلى حرب أهلية في بعض مجتمعاتنا العربية ،لذلك لا بد من حركة واعية نحو التغيير الذي لن يأتي إلا من خلال الضغط والتحرك الديمقراطي المشروع للدفاع عن حرية المواطن وحقوقه ويجب ألا يكون التهديد الخارجي من الاحتلال ذريعة تحرف انتباهنا عن البناء الداخلي ، فالديمقراطية لن تقوم إلا بإيجاد تيار ديمقراطي في المجتمع العربي ويحب علينا استخلاص العبر من التجارب المجتمعية العربية والتاريخية السابقة في هذا المجال ، علي أن يحمل التيار الديمقراطي قضايا الناس وأن ينحاز للفقراء، وأن تكون القوى والشخصيات القائمة على هذا التيار مؤمنين بالديمقراطية وبقضايا العدالة الاجتماعية ،وفصل السلطات وسيادة القانون، يجب أن يكون التيار الديمقراطي تياراً علمانياً ،ويحمل ملامح وطنية سياسية واضحة تميزه عن التيارات الأخرى، لأن تطوير الحالة الديمقراطية في كل قطر عربي يرتبط بالحالة الديمقراطية في العالم العربي، ، وأننا نري بضرورة التنسيق العربي العربي المشترك بين ومع التيارات الديمقراطية في الوطن العربي ،مع أهمية ربط القول والفعل وربط الأفكار بالواقع بشكل مسئول .
وبرغم وجود أزمة واسعة بين النظرية والتطبيق في العالم العربي،وعدم ممارسة من ينادون بالديمقراطية للديمقراطية ،كما أن التجربة اثبتتت تراجع دور قوي وأحزاب ومنظمات " المجتمع المدني في العالم العربي" كونها لم تستطع أن تصل للجماهير لذلك نحن بحاجة لتفعيل وتكوين أحزاب جديدة يقودها مثقفين وشباب واعين وكوادر سياسية مؤمنة بالديمقراطية،
فهناك ضرورة لتفعيل العمل الوطني والقومي الديمقراطي بما يخدم بناء مجتمعات حرة ديمقراطية مدنية، وبناء المؤسسات العربية الديمقراطية وتفعيل جميع الممارسات العملية التي تشكل القدوة للمواطن العربي وتعزيز الثقة ما بين المواطن و السلطة والأحزاب السياسية التي آن الأوان لها لكي تعيد النظر في برامجها وممارساتها.

وختاما لنبدأ العمل الجماعي من اجل بلورة هذه الرؤية والجميع مدعو للإسهام فيها ولنغادر عقلية الهزيمة استعدادا للانتصار.
معا ويداً بيد نشق الطريق ……..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR


.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما




.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟


.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح




.. إسرائيل تقدم ردها لمحكمة العدل الدولية على طلب جنوب إفريقيا