الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتنة الطائفية صناعة محلية

محمد البدري

2011 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


كما في العراق حدث ذات الامر في مصر. كنيستين وفي مناسبات دينية لا تخطئها عين. انها الفرحة التي يريد الفاعل اطفائها. يريدون الذعر من التواجد في دور عبادة لدين غير دينهم. يسعون لجعلها اماكن مهجورة بزرع الخطر والخوف فيها وجعله قرينا لها.
جاءت حكاياتهم في زمن تحطم الاصنام الموغل في القدم خالية من قتل النفس التي تقدس شيئا قال عنه المعتدي انه صنما. ولم يصوب اللاحقين الامر بكونها عدوانا بل تمادواا في غيهم واعتبروا فعل الاجداد فخرا فانشدوا ورتلوا ايات التحطيم. لكن المشترك بين مرتكب الجرم والراوي وبين المعتدي عليه ان هناك خلافا دينيا. هكذا زرعوا الخلاف لكن الزمن تكفل بتضميد الجروح بالتحام جديد للبشر تعايشا في مجتمع واحد. كانت ضرورات الحياه اقوي من أن تشقها خلافات دينية وحكايات واساطيرتتحدث عما لا علم لنا به. ورغم زرع الخلاف علي ذلك الخفي الذي لا أحد يدري عنه شيئا الا ان الاصنام ظلت موجوده وتعايشت وتعايش معها البشر. فحياة البشر والشجر والحجر اقوي من ان تهزمها نوازل الطبيعة وتشنجات البلهاء وافكار التوحيد.

وتعلم اللاحقون درسا بان تحطيم الحجر غير مجد بل ولا يكفي، فصنوعوا احجارهم وتولوا مهام اخري جديدة - قتل البشر، لعلهم يفلحون. بهذا الفعل الاجرامي خانوا اجدادهم مرتين. مرة بخلق الصنم وصيانته وخدمته ومرة باستحداث الجريمة التي لم تكن من سنة الاولين – القتل.
في زمن التابعين صدعوا ادمغتنا عن الخلاف الفكري عن طبيعة المعبودات ومن هي وما اسمائها وصفاتها. تجلت كل بلاغتهم في كيفية الوصف. فعبدوها في بيوت وقدسوا احجارها نسبوها الي معبودهم، ولم يعد سوي تصفية من لا يعبد علي طريقتهم. فالهتهم لا تحيا وتتضخم الا بحشد البشر لها. ورغم ذلك تواجدت كل المعبودات وكل البيوت وكل التراتيل وكل الكتب شاهدة علي التعدد وليس التوحيد.

التوحيد يصفي به طرف باقي الاطراف وفي التعدد يتسامحوا جميعا بالمساواه والتآلف والتعاون والمشاركة. في التعدد يجتمع الجميع ليختلفوا ثم يتفقوا بالا يتحاربوا ينصتوا لبعضهم ويتدبرون امر انفسهم بل ويصحح بعضهم اخطاء بعض فما اكثر اخطائهم جميعا. وفي التوحيد لم تعد هناك من فرصة لمعرفة الصواب من الخطا فيصبح الخطا دستور الجماعة والجميع. وهل ارتكب احد في العالم من الخطا ما يرقي الي حجم الاخطاء في منطقتنا التعسة.

يقول ديكارت: "انها جريمة ان يتجنب المرء الصواب ويسعي الي الخطأ، ويبرره باواهم ايمانه الذاتي فتسعد نفسه بما في خيالاته من مرض، لذا ارتايت أن معرفة الحقيقة من واقع الاشياء سترقي بنا الي اقصي الكمالات حتي ولو كانت في غير صالحنا. وتبين لي ان من الافضل ان نكون اقل مرحا واكثر معرفة" ... انتهي الاقتباس

منذ زمن ذلك الفيلسوف العظيم سعت الانسانية لتاسيس نظام جديد تعافه وتكرهه نفوس المؤمنين من اهل منطقتنا التوحيدية من مروجي التحطيم، واكتشفوا هناك بعدها كم كان ديكارت مقصرا، لانهم اصبحوا هناك اكثر معرفة واكثر مرحا ايضا. وظلت منطقتنا التي تعج باديان التحطيم والتي مولت اهلها بالفئوس قديما ثم بالمفخخات حديثا مستعصية علي المعرفة ولا تعرف للمرح سبيلا، فحولت الاعياد والبهجة الي دموع وعويل.

التشابه واضح في هوية الفاعل فيما بين كنيسة سيدة النجاه البغدادية والقديسين السكندرية الفاعل يسعي للنكد لا للمرح وللجهل بدلا من المعرفة. لكن المسرح فيما بين العراق ومصر يتسع لديكورات اكبر وسيناريوهات متعددة وشخوص وكومبارس اكثر تتحرك بخيوط ممتدة من مناطق لا يدخلها الموطن الرعية. ففي الحالة المصرية هناك سباق بين حراك اجتماعي وسياسي له سقف زمني محدد ومعروف، وبين فتنة يراد لها البلوغ بالامر الي حد تسكين الامور بالقوة للنفاذ من عنق الزجاجة المسدود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ديكارت
مازن البلداوي ( 2011 / 1 / 14 - 15:20 )
اخي محمد
وكم شخصا حسب اعتقادك يعرف ديكارت وقوله؟
وكم شخصا يعلم ان خياله مريض وهو يؤذي الأخرين؟ وهل من يعرف منهم بهذا سيعترف ويعتذر ويصحح خياله؟

الكارثة تكمن بهذا الأنصياع لمن يعرف ماقاله ديكارت ويحاول ان يقلب المعنى

تحياتي


2 - مقال بليغ
توما خوري (تي خوري) ( 2011 / 1 / 14 - 17:26 )
نعم يا سيدي ديكارت قال , ولم يكممه او يقتله احد..
وهاهم احفاد ديكارت يصلون الى نهاية التاريخ بالعلمانية والديمقراطية وحقوق الانسان والاقتصاد الحر..
السؤال كم ديكارت يتم تكميمه في مجتمعاتنا وكم ديكارت نقتل كل يوم..؟؟؟؟
لماذا نقتلهم ونكممهم ؟؟؟

تحياتي للكاتب وللجميع


3 - لا يُقتلون لإختلافهم ، بل لأنهم أحسن، وبمراحل
الحكيم البابلي ( 2011 / 1 / 15 - 08:38 )
العزيز محمد البدري
تقول في مقدمة مقالك حول كنيستي العراق ومصر : ( إنها الفرحة التي يُريد الفاعل إطفائها ، يُريدون الذعر من التواجد في دور العبادة لدين غير دينهم ، يسعون لجعلها أماكن مهجورة بزرع الخطر والخوف فيها وجعله قريناً لها ) . إنتهى
كلام صحيح ، وأضيف عليه بأن أكبر أسباب حقد الإسلام على المسيحيين في السنوات القليلة المنصرمة هو لأن الدول غير المسلمة تملك تحت سيطرتها كل ما هو جيد وجميل ومتطور ورائع وحضاري ومتقدم ونظيف ومتميز وعلمي ، وبإختصار تملك العالم وما فيه ، وأكثر ما يُثير غيرة الإسلام هو أن هذه الدول تملك القوة المدمرة التي لو كان يملكها الإسلام لما تردد في فناء ثلاثة أرباع العالم
كل هذه الأمور تخلق في كيان الإسلام شعور واحد مدمر هو الحسد
وتجاربنا تُثبت بأن أقبح شرور العالم ممكن أن تندلق من فم الحسد
وحوادث كالتي حصلت للكنيستين المذكورتين تقول بأن الفاعل حسود ، لأنه لا يستطيع أن يرقى بدينه وقومه وطائفته وعشيرته ودولته .. والأهم من كل هذا بنفسه ، ليصبح في مستوى الضحية التي كل جريمتها إنها أعلى من دونية الإرهابي الذي أوقف دقات قلبها متصوراً بأنه سيوقف العالم بأسرهِ
تحياتي


4 - لما انت مقل ؟
سميرة حسن السويسي ( 2011 / 1 / 15 - 23:20 )
الاستاز الرائع محمد البدري

لما انت مقل جدا في مقالاتك هنا ؟

انك تكاد لا تكتب سوى مره واحده بالشهر فقط !

ارجوك اكتب علي الاقل مقال او اثنين في الاسبوع
جهاد علاونه ونضال نعيسه الرائعين ليسو افضل منك

اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام