الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنيئا للبشير بانفصال السودان

اسماعيل خليل الحسن

2011 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


"إذا أختار الجنوبيون الانفصال فسوف نطبـّق الشريعة الإسلامية في الشمال".
هذا ما قاله الرئيس السوداني عمر البشير على الملأ, قبل الانتخابات الجارية في السودان اليوم, ولسوف يطرب بعض الإسلاميين لهذا المقال, وكأن الشريعة قاصرة ولا تصلح للتطبيق في الدول ذات الديانات والمذهبيات والنحل المتعددة, فتحوّل الدين إلى مجرد مذهب وعصبية و قبلية لها ملوكها وسدنتها, وحين يصبح البشير ملكا على جزء من السودان, ستصبح له اليد الطولى و الذراع الضاربة في بناء دولة على قدّه, وسيهتف له الآلاف من الرعاع وهم يحملونه على الأكتاف وهو يهز عصاه فوقهم منتشيا.
لقد فات البشير أن انفصال الجنوب سيكون مقدمة لانفصالات لأقاليم أخرى, يصبح السودان إثرها شلوا متفرقا يحكم البشير على قسم ضئيل منه قليل المساحة و الموارد, بينما تستأثر كل قبيلة بأرض, تتجمع فيها الثروة و المياه. وربما يكون تقسيم السودان مقدمة لاضطرابات وحروب إقليمية تدور حول تقسيم المياه والثروة, تتلهى بها الدول الكبرى و الدويلات الصغرى, كما تؤجج اضطرامها القوى الدولية المتربصة.
لقد تفتق من قبل عقل سيده النميري بعد أن أفلست اشتراكيته الشعبية الديمقراطية, وأعلن عن تطبيق للشريعة في السودان, ومنذ ذلك اليوم والسودان لم تهدأ له حال, وأصبح عرضة للتدخلات الأجنبية من كل حدب وصوب, وكان أول ضحية لمقصلة شريعة النميري, الداعية الإسلامي المستنير محمود أحمد, بعد أن استتابه وحين لم (يتب) علّقه على مشنقة هرئه كابد الرجل العنيد فيها قبل مفارقته الحياة, والمشنقة هنا هي شعار و شعيرة, يمارسها المستبد عندما كان اشتراكيا شعبيا وعندما أصبح إسلاميا. لقد تلقف الانفصاليون الفرصة وأعلنوا العصيان فأرسل الخليفة المؤمن إليهم العقيد (جون غارنغ) يفاوضهم فسرعان ما انضم غارنغ إلى الانفصاليين وأصبح قائدهم, وللحقيقة فإن الرجل ظل, حتى نهاية حياته بحادث مؤسف, يضع خيار الوحدة أولوية, والانفصال إذا تعذرت فرص الوحدة.
أما عن شريعة البشير الإسلامية, فنترك تقييمها لأستاذه وأبيه الروحي وصهره الترابي الذي وصفها "بشريعة شكلية قاصرة على بعض العقوبات وهي مجرد ستار يخفي تسلّطه وتفرّده في الحكم". عندئذ ينطبق على الترابي المثل السائر "يداك أوكتا وفوك نفخ" فقد احترقت بالجمرة التي كنت تنفخ فيها, عندما أوحيت لتلميذك الأريب بالقيام بانقلاب عسكري لكي تمارس من خلاله أفكارك وهوايتك في الحكم من خلف الستار, وفاتك حقيقة أنه لا يمكن لمدني أن يتحكّم بعسكري, ومن يفعل ذلك فشأنه شأن العجوز التي ربت ذئبا رضيعا مع شاتها وحين كبر, بعد أن ظنت أنه قد استأنس, فإذا به, بمجرد أن قويت أنيابه, ينقضّ على الشاة فيفترسها, فقالت بيتا عجزه: "فمن أنباك أن أباك ذيبُ".
وبالمناسبة فإن أولوية الكرسي بالنسبة للبشير هي فوق الاعتبارات والقيم, فقد طرد أخاه في العقيدة ابن لادن حين أصبح وجوده ثقيلا على الحكم, وسلم إلى السلطات الفرنسية أخاه المتأسلم كارلوس في صفقة استخباراتية, ننتظر من ويكيلكس أن يكشف لنا خباباها.
مازال بعض الحكام ينظرون إلى الشعوب و إلى البلاد وكأنها هديّة من الله بعثها لهم لكي يتلهوا بها, لكن ما يحدث اليوم في تونس والجزائر يقلب التوقعات, فالجياع القاصرون, والعبيد المذعنون, تهرأت جنوبهم من فعل الفساد والاستبداد, وتساوت لديهم فرص الموت والحياة, وقد تنبت للنعاج مخالب وأنياب وتصبح مرعبة للذئب الذي لا يشبع ولا يقنع.
فهنيئا لك أيها البشير النذير بالتقسيم والتفتيت, ولكن حذار أن تكون مثل الذي يذهب إلى مكة للحج و الناس قد رجعوا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عصا الترابي وفرض شريعته لا يصنعان وحدة
نقولا الزهر ( 2011 / 1 / 14 - 22:57 )
تحياتي أبو خليل وشكراً على مقالك وموقفك.ومايجري في السودان هو حق تقرير للمصير بكل ما في الكلمة من معنى ومبروك لجميع العرب انتصار الشعب التونسي


2 - جلد امراءة ســــودانية علنا
كنعـــان شماس ( 2011 / 1 / 15 - 13:10 )
لقد شاهدت على اليوتيوب مشهد بشع مقزز شــرطي سادي يجلد امراءة تستغيث بالناس حولها وهم يتفرجون عليها كان نخوتهم قد ماتت واحدهم يردد ولتشهد طائفة عذابها ... ان كانت هذه شـــريعة البشير فبوســــا لهذه الشريعة التي تسحق كرامة الانسان


3 - تحية أبو نسرين
اسماعيل خليل الحسن ( 2011 / 1 / 16 - 15:55 )
شكرا على اهتمامك أخي ابونسرين
لست ضد حق تقرير مصير جنوب السودان ولكن لو كان لدينا سودان ديمقراطي يحترم الحقوق كافة لما اختار الجنوبيون الانفصالولا أظن البشير من المؤمنين بحق تقرير المصير بل لحاجة في نفس يعقوب وهذه هي الفكرة الأساسية في المقالة

اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله