الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا كانت الوحدة نقمة.. ربما يكون الانفصال نعمة!

طلال سعيد يادكار

2011 / 1 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


انتقد بعض الكتاب سواء في الصحف أو في مواقع النت الجنوبيين السودانيين على ماأظهروه من علامات الفرح والسرور عند مراكز التصويت للادلاء لصالح الانفصال. وتعجبوا كيف يمكن لمواطن أن يفرح لفصل وطنه , أو أن ينسلخ عن الوطن الأم؟؟!! وطبعا من حق الكتاب أن ينتقدوا وأن يتعجبوا لأنهم لم يذوقوا طعم الحروب الاهلية ولم يشموا رائحة الموت ولم يفقدوا فردا عزيزا عليهم ولم يشردوا ولم تنتهك أعراضهم في تلك الحروب القذرة على أرض الوطن الواحد وبين الشعب الواحد!! فلاسمح الله لو ذاق هؤلاء المنتقدين والمتعجبين طعم الحرب الاهلية وذاقوا ماذاقه الجنوبيين لكانوا أول المصوتيين للانفصال وأول الكافرين بالوحدة الوطنية!!
فلاعجب إذا أن أغلب السودانيين الجنوبيين قد رقصوا طربا عند الادلاء بأصواتهم في مراكز التصويت. ولاعجب أن رأيناهم وهم يصوتون لصالح الانفصال. فهؤلاء قد ذاقوا مرارة الحرب الأهلية أو الحروب الأهلية لعقود طويلة , وذاقوا مرارة البؤس والشقاء التي خلفتها تلك الحروب والتي لم تبقي ولم تذر لهم من وطنهم الغني بثرواته سوى شبه وطن ! الوطن الذي لم يعطيهم بوحدته المزعومة سوى الجوع والتشرد والحرمان والموت!
فقد خلفت الحروب الاهلية في جنوب السودان للسنوات مابين 1955 - 1972 و السنوات مابين 1983 - 2003 أكثر من ( 2 مليون ) قتيل إضافة الى أعداد كبيرة من المعوقين وأربعة ملايين نازح في داخل السودان وخارجه ! ولاننسى الاثار السلبية لتلك الحروب على النواحي النفسية والاجتماعية والاقتصادية للشعب السوداني.
فلانعجب عندما نرى جنوبيا يرقص ويفرح بالانفصال المرتقب , فهو لم يذق طعم الوطن بالرغم من مساحته الكبيرة , فهي أكبر دولة عربية من حيث المساحة ! ولانعجب عندما يفرح بالانفصال , لأنه لم يشبع قط من سلة غذاء بلاده بالرغم من أن بلاده هي سلة غذاء العرب وربما سلة غذاء العالم ! ولانعجب عندما يرقص طربا وهو ينفصل عن الوطن العربي الكبير الذي وقف متفرجا على مآسيه وآلامه ولم يحرك ساكنا لاسابقا ولاحاليا للتخفيف عن معاناته ! فهو بجنوبه لاهو عربي ولا هو اسلامي فلماذا يتعرب ولماذا يتأسلم!!
بل العجب كل العجب من الدور العربي الشبه معدوم في السودان حتى ان أغلب الاتفاقات والمعاهدات المهمة التي وقعت بين الشمال والجنوب تم توقيعها في دول أفريقية غير عربية ! رغم أن مصر لديها حدود بطول 1273 كيلومتر مع السودان ولديها نهر النيل المشترك معها إلا أنها غائبة عن الساحة السودانية ولم تكن لها أي دور إيجابي فيها !
فالذي ذاق كل تلك المرارة ولسنوات طويلة من أجل الوحدة المزعومة , كيف لا يرقص فرحاً وهو يرى أن خلاصه في تلك الورقة الصغيرة وباشارة صغيرة على كلمة ( الانفصال ) ! كيف لايرقص طربا وهو يرى أن الوطن المنقسم على الارض أصلاً سوف ينقسم على الخريطة أيضا!! وبذلك ينتهي معاناته وآلامه وربما يحقق وحدته النفسية التي مزقتها رصاصات تلك الحروب ! فاذا كانت الوحدة نقمة عليه فربما يكون الانفصال نعمة له !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل نجح الرهان الإسرائيلي في ترسيخ الانقسام الفلسطيني بتسهيل


.. التصعيد مستمر.. حزب الله يعلن إطلاق -عشرات- الصواريخ على موا




.. تركيا تعلن عزمها الانضمام إلى دعوى -الإبادة- ضد إسرائيل أمام


.. حراك الطلاب.. قنبلة موقوتة قد تنفجر في وجه أميركا بسبب إسرائ




.. لماذا يسعى أردوغان لتغيير الدستور؟ وهل تسمح له المعارضة؟