الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الملثمون

سعدون محسن ضمد

2011 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


اضحكتني نبرة زين العابدين بن علي رئيس تونس وهو (يعتذر) لشعبه، فهذه النبرة الشرقية الإسلامية العربية أعرفها جيداً، وأخاف منها كثيراً، لأنها تنذر بحمّام دم قادم وخراب وشيك. عندما يؤدي الفساد والحكم السيئ والمؤسسات غير الممؤسسة بشكل مهني إلى تجويع الشعب وخروجه غاضباً وحدوث أعمال عنف يذهب ضحيتها الأبرياء، فهذا يعني بأن على الحكومة أن تعي خطورة الموقف، وتكاشف شعبها مكاشفة حقيقية وشجاعة ثم تتخذ قرار الاستمرار أو قرار الاعتذار، أقصد الاستقالة. أما إذا ماطلت وسوفت فهذا يعني بأنها انتحرت.
نبرة زين العابدين ذكرتني بنبرة صدام قبله عندما خاطب الناس على أثر الانتفاضة الشعبانية، فهو الآخر كان بمواجهة شعب مروع ومذبوح وخائف وجائع وفي النهاية منتفض، بالتالي كان عليه أن يكون شجاعاً ويواجه الأزمة قبل أن تستفحل، لكن الرجل هو الآخر راح يستخدم ذات النبرة المضحكة فقسّم المحافظات إلى بيض وسود واتهم مجهولين و(كشف) عن مؤامرة تستهدف الشعب والأمة والمصير ووووو الخ.
نبرة من يريد أن يضحك على الذقون مفضوحة، فإذا كانت هناك مؤامرة فهي مؤامرة الانقلاب على الدستور، والتفرد بالقرار، وهي مؤامرة مارسها كل من صدام وزين العابدين. فعندما يتفرد شخص ما بالتحكم بمصير بلد فسيحوله إلى بيئة مناسبة لانتشار الفساد والجريمة والجوع. وعندما تنتشر مثل هذه الجرائم فأن مجرمها واحد فقط، هو الذي انتهك الدستور وعرض البلد للخراب. أما (الملثمون أو المتآمرون أو العملاء أو حتى حملة كواتم الصوت) فهؤلاء طفيليات ينتشرون حيث ينتشر ظل عدم الشفافية وتزداد رطوبة الفساد.
نبرة صدام وزين العابدين تشبه نبرة المسؤولين العراقيين اليوم، فهؤلاء يكذبون ذات الكذبة عندما يغطون على انتهاكاتهم وفسادهم من خلال لعن الملثمين من حملة الأسلحة الكاتمة أو الأحزمة الناسفة. والحقيقة ناصعة وبسيطة، تنكشف بمجرد أن نجيب على السؤال التالي: هل يمكن أن يختفي الملثمون من تونس والعراق قبل أن يختفي الفساد الحكومي؟ الجواب لا. إذن الملثم الحقيقي هو المسؤول الفاسد. وعلى حكومتنا ممثلة برجالها ترك الاتهامات التي تكيلها لهذه الجهة أو تلك ومكاشفتنا بحقيقة قدرتها على مواجهة التحديات (السياسية والأمنية والاقتصادية) التي تعرضنا وتعرض تجربتنا للمجهول. هل هي قادرة على تجاوز الأزمة أم أننا مقبلون على الخوض في وحل الخراب الذي تخوض فيه تونس الآن؟ هذا هو السؤال الذي يجب على الحكومة أن تجيب عليه وتترك النبرة (التمويهية) الشرقية اللعينة والممسوسة بمس التخريب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة الزمان، الخميس، 13-1-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية
مازن البلداوي ( 2011 / 1 / 15 - 04:45 )
أنفرح ام نبكي على انفسنا؟
شعب تونس يضرب المثال الرائع ويزيح المتشبث، الذي لم يكن يحلم ولا حتى اي تونسي بان يزاح بهذه السرعة
ولكن، اين هم محبوا الحياة؟ واين هم محبوا اوطانهم؟

هكذا ومنذ اقل من شهرين، صمموا واتفقوا فأسقطوا، فهل يفقه غيرهم ما هم فاعلون؟

تحياتي


2 - مازن البلداوي
سعدون محسن ضمد ( 2011 / 1 / 16 - 18:08 )
شكرا لك صديقي على المرور وفعلا انا اتسائل معك اين هم محبوا الحياة ومحبو التغيير، يبدوا أننا بحاجة ماسة لهم الآن إذ توشك عاصفة هوجاء أن تعصف بحريتنا وديمقراطيتنا.. آمل أن لا يحدث ذلك، وإذا حدث فآمل أن يكون الشعب على قدر المسؤولية
محبتي


3 - اذ الشعب يوما- اراد الحياة؟؟؟؟
حسين خلف حمزة ( 2011 / 1 / 18 - 08:50 )
الملثمون والمبرقعون والقادمون من وراء الحدود ليسو هم اكبر همومنا واعظم مصائبنا ولا حتى الحاكمين بأمر مواليهم وساداتهم .بدانا نخاف من شعب آلف الهزيمة والانكسار يتشدق بشعارات الوهم والسراب شعب يرىالتخندق خلف العقيدة والطائفة والالقاب هو هاجسه الوحيد . للاسف لن نكون تونسين ولو بعد انفجار كبير اخر للكون


4 - حسين خلف حمزة
سعدون محسن ضمد ( 2011 / 1 / 18 - 20:37 )
صديقي العزيز ما ادق ملاحظتك، نعم اكبر همومنا هو هذا الشعب الذي تلاقفه المنافقون والدجالون حتى حولوه إلى خربة لا تجد فيها إلا الغبار ورائحة العفن وانفاس الاشباح.. بعض الأحيان لا يخيفني ان هذا الشعب غير قادر على الانتفاض بوجه الفساد بل اخاف من لحظة تهور تدفعه إلى الانتفاض على التنوير والمدنية والديمقراطية..
شكرا لك وتقبل محبتي


5 - شرنقة السراب
حسين خلف حمزة ( 2011 / 1 / 19 - 12:30 )
في صحرائك (بوذا) ابحث عن المعنى من فلسفة الخوف والالم,,احرقت اقدامي نار الهجير وانا اتبع اثارك,صوتك يواسيني ,لاتتآلم !!!فهذا الآلم وهم ,وذاك االخوف وهم , وكل مايؤذيك وهم وكل مايخيفك وهم انظر اترى السراب ؟؟؟هذا هو الحقيقة الوحيدة !!!وكل مالايؤلمك هو الحقيقة الوحيدة(سارضى بذالك موقتا - واعيش في شرنقة سراب ,لعلي اتوقف ان اتنفس الالم والخوف من الالم

اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة