الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس أيا خضرا .. - محمد أيوب

محمد أيوب

2011 / 1 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


تذكرت أغنية فريد الأطرش وأنا أشاهد دماء الشباب التونسي وكأنها أصبحت أرخص من دماء تلك الغزلان التي غنى لها فريد الأطرش والتي تصعب على الصياد، فهل تصبح تونس طليعة التغيير القادم في الوطن العربي، وهل يستلم الشعب التونسي قيادة المد الجماهيري في الوطن العربي الكبير، منذ قام محمد بولعزيزي بإشعال النار في جسده أصابني حزن شديد، ولكني رأيت فيما حدث نقطة ضوء في آخر النفق العربي المظلم والمصاب بعفن حكم العائلات المستغلة والأحزاب التي استشرى فيها الفساد ونهبت البلاد، فقد سخرت هذه الأحزاب كل مقدرات الوطن لخدمة المتنفذين فيها والمرتبطين بأجندات أجنبية وجهات استعمارية يعملون في خدمتها، هذه الجهات الأجنبية سرعان ما تتخلى عمن يخدمونها إن خسروا الرهان، أملا من هذه الجهات في إنقاذ ما يمكن إنفاذه وفي إعادة عجلة الزمن إلى الوراء.
إن من واجب التونسيين أن يشيدوا نصبا تذكاريا لذلك الشاب الذي احترق دفاعا عنهم وعن حقهم وحقه في الحياة، والذي فجر غضبهم المكبوت من زمن بعيد فأحرق قلاع الفساد في تونس، ذلك أن شعوب الأمة العربية لها من طبيعة الصحراء ما للجمل من هذه الطبعة، فالجمال تتحمل العطش وتصبر على المتاعب والمشاق، ولكنها تختزن الغضب إلى حين، وسرعان ما ينفجر هذا الغضب ليكتسح الظالم حتى ولو كان الظالم هو مالك الجمال نفسه.
كثيرا ما تحدثت الأنباء عن الفساد المستشري في تونس وعن هيمنة زوجة رئيس الجمهورية على مقدرات البلاد، وعن فساد العائلة الحاكمة التي لم تعتقد أن هذا الشعب قد يثور، وأن قشة صغيرة يمكن أن تقصم ظهر البعير وتكسر صمته فيندفع بركانا هادرا يقدم الضحايا دفاعا عن حقه في الحياة الكريمة والعمل وفي توجيه دفة الحكم بما يخدم مصالح أوسع الجماهير، فقد استبد الحكام العرب، وهيمنت عائلات هؤلاء الحكام على مقدرات البلاد وعاثت فسادا في الأرض، وقد بلغ الأمر ببعض هذه العائلات أن تتوارث الحكم وتورثه لأبنائها، وكان الشعب والوطن تركة توارثوها أبا عن جد، فقد أعادوا الأنظمة الملكية في ثياب جمهورية مخادعة.
لقد وصل الأمر ببعض الحكام إلى درجة التفكير بتغيير الدستور في بلدهم بما يتيح لهم أن يحكموا بلدهم مدى الحياة حتى ولو أصيبوا بالخرف أو الزهايمر، أو حتى لو احتاجوا إلى حفاضات " بامبرز" تمنع الناس من الشعور بما يخرج منهم بعد أن يفقدوا السيطرة على مخارج البول والغائط.
لقد وضعنا هؤلاء الحكام بتسلطهم وجشعهم وإهمالهم لمصالح الناس ، وعدم رغبتهم في رصد الأموال خدمة للبحث العلمي من أجل تطوير البلاد والنهوض بها، وضعنا هؤلاء الحكام على هامش الحياة الإنسانية ، وعزلونا عن المشاركة في تطوير وبناء النهضة الحديثة، حتى أن كثيرا من العقول العربية أصبحت تهرب من الوطن إلى الخارج لتشارك في البحث العلمي أو للبخث عن عمل أو حياة كريمة باتوا يفتقدونها داخل الوطن، لقد أصبحت الأمة العربية مثارا للسخرية والاستهزاء من تخلفها بسبب تفاهة هؤلاء الحكام الذي يصرون على تقييد إرادة شعوبهم متذرعين بفزاعة الأمن ، وكان الأمن لا يتحقق إلا بحرمان شعوبهم من لقمة العيش ومن الحق في العمل ، والحجر على الرأي الآخر، إن القمع عمره قصير، والجيوش التي تستخدم في قمع إرادة الشعب سرعان ما تنهار أمام إرادة الشعب كما سبق وأن انهارت أمام الغزاة ولم تستطع الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن، من المؤسف أن جيوشنا تحاول التنفيس عن عقد نقصها وضعفها بالانتقام من الشعب وإراقة دماء أبنائه في الشوارع، دون ان يتذكروا قول الشاعر :
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق
لقد دق ناقوس الحرية في تونس ، وسيسمع صداه في كل أرجاء الوطن العربي ، فويل لكل الظالمين والطغاة من يوم الحساب الذي بات وشيكا وأقرب مما يتوقعون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع