الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنظمة العربية على حافة الهاوية

عبدالوهاب حميد رشيد

2011 / 1 / 15
حقوق الانسان


من الوضح جداً أن الأنظمة العربية، في معظمها، على الحافة بالعلاقة مع احتمالات انتشار الاحتجاجات القائمة في تونس والجزائر. كُتاب الأعمدة العرب ومقدمو البرامج التفلزيونية صاروا يُناقشون بحماس الأسباب الحقيقية للاحتجاجات، وما قد تعنيها في الواقع، في حين هناك تحذيرات مسموعة تنتقل من بلد عربي لآخر بشأن احتمال تكرار "سيناريو تونس". ليس من الواضح تماماً، فيما إذا كانت هذه الاحتجاجات ستتكرر، في حين أن هذه الأنظمة (الفاسدة) في حالة تأهب قصوى حتى لا تؤخذ على حين غرة في ظروف تدهور الأحول الاجتماعية/ المعيشية للناس.
أثارت الاحتجاجات بالفعل مناقشة حامية على نطاق المنطقة بخصوص آفاق التغيير وتكاليف القمع السياسي والركود الاقتصادي "سيناريو تونس".
في الأردن، حذّرت جماعة الأخوان المسلمين من أن رفع الأسعار المخطط من جانب الحكومة الجديدة سيؤدي إلى انفجار لا مثيل له على طريق نموذج أحداث الشمال الأفريقي.. بينما استبعد وزير التجارة والصناعة المصري حدوث "سيناريو تونس" في بلده بالعلاقة مع الظروف الاقتصادية الصعبة للأغلبية المصرية، رغم اختلاف العديد من كُتاب الأعمدة والناشطين السياسيين معه. يبدو أن بعض كتاب الأعمدة السعوديين الذين يمثلون صوت السلطة السعودية (الفاسدة) قلِقون دون أن يكونوا متحمسين، ذلك أن المحتجين قد كسروا حاجز الخوف من السلطات ضد المظاهرات، وفي سياق طرح ومناقشة "نظرية الدومينو domino theory"، متضمنة، بأنه رغم الهدوء الظاهري في الأنظمة العربية، فقد تواجه التهديد قريباً.
تجري المناقشات من قبل وسائل الإعلام المجتمعية والفضائيات، رغم الجهود الضخمة من قبل معظم الأنظمة لإسكات أية وسيلة إعلامية تقع تحت سيطرتها. تحركات هذه الأنظمة من الكويت لغاية تونس أخذت طريقها بفرض الحظر على قنوات معينة، وقمع الصحفيين المحليين ولغاية محاولات إقفال مواقع للنت، في مبادرة منها السيطرة على/ وتطويع هذه المناقشات لصالحها. ولكن يبدو أن هذه المحاولات لم تحقق أغراضها، فصارت وسائل الإعلام حتى المؤيدة لهذه الأنظمة مجبرة على مناقشة هذه الأحداث والأسئلة المقلقة بشأنها.
لا يزال من غير الواضح تماماً بأن هذه الاجتجاجات ستكون قادرة على الاستمرارية وصيانة ذاتها، ولتقود إلى انفجار ثورات أو حتى لتشكل قوة تفرض إحداث تغييرات جوهرية في سياسات أنظمتها، لكنها صارت، في الواقع، تشكل واحدة من قنوات الخطاب السياسي العربي. المدافعون عن هذه الأنظمة يحاولون تحديد أحداث الاحتجاجات بالعلاقة مع الغذاء والأسعار أو ربطها بعوامل وتدخلات خارجية أو "الإرهاب". قلّة من كتاب الأعمدة المستقلين أو الناشطين يتفقون على أن هذه الأحداث ترتبط بمشكلة الغذاء والأسعار أو "الإرهاب الخارجي"، ويشيرون إلى المشاكل السياسية الأساسية نتيجة سوء الإدارة الاقتصادية والفساد العام وانعدام الفرص. إن كيفية تأطير الأحداث، سيحدد المغزى الحقيقي للإجابة.
وفي هذا السياق، من المفيد طرح مسألتين لإثارة الاهتمام بشأن تطورات هذه الأحداث.. الأولى- يلاحظ أن هذه الاحتجاجات تفتقر إلى أي شكل من أشكال التوجه السياسي أو القيادة.. السبب المبدئي هنا يتمثل في أن هذه الأنظمة دمّرت تكامل المؤسسات السياسية المجتمعية بحيث قطعت الطريق أمام المواطنين التعبير عن مظالمهم من خلال القنوات السياسية الرسمية. ويبدو أن الأحزاب السياسية القليلة المتوجدة على الساحة، بضمنها تلك الإسلامية، غير قادرة على ممارسة أي دور ذات أهمية في هذا المجال.. هل تتطلب الاحتجاجات أن تكون مرتبطة بمنظمة سياسية أو حركة اجتماعية من أجل تمكينها تقديم مطالب سياسية واضحة؟ إذا استمرت هذه الاحتجاجات تصاعدياً في مواجهة قمع النظام، وفي غياب أي شكل من أشكال القيادة، فما هو التغيير الممكن تحقيقه؟ أكثر أمل قد يمكن بلوغه هنا يتمثل في استجابة (عارضة محدودة) للأنظمة العربية، كما فعلت في الثمانينات، حيث قادت الاحتجاجات الاقتصادية في بلدان مثل الأردن إلى ما يسمّى بالانفتاح الديمقراطي، لكن أنظمة عديدة تشير إلى حالة الجزائر في التسعينات عندما قاد الانفتاح السياسي إلى انتصار الإسلاميين والانقلاب العسكري، وسنوات مرعبة من إراقة الدماء..
الثانية.. من الملفت للنظر كم كان دور الجهات الدولية الفاعلة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي ضئيلاً في هذه الاحتجاجات، في حين أن هذه الجهات تورطت عادة وتدخلت في كل أمور المنطقة. فقد كان دور هذه الأطراف هنا حذراً بالعلاقة مع رد فعلها. الأمريكان يميلون عادة إلى المبالغة في أهمية الخطاب الأمريكي على الحركات الشعبية والحكومات العربية. ربما كان لخطاب إدارة بوش "الحرية والديمقراطية 2004-2006" بعض الأثر الهامشي، لكن الدافع الحقيقي للسياسات المثيرة للجدل في تلك السنوات تحقق نتيجة عوامل داخلية: زخم الاحتجاجات والشبكات التي شكلتها تظاهرات دعم الفلسطينيين(2000-2002) والحرب ضد العراق 2003)، والفضائيات ووسائل الإعلام الجديدة المعتمدة على الانترنيت، وتوقيت الانفتاح السياسي بالعلاقة مع سلسلة الانتخابات التي تقررت بدءاً من مصر ولغاية اغتيال الحريري.
إن موجة الاحتجاجات المتصاعدة اليوم تتحقق في غياب شبه كامل من الولايات المتحدة أو الدعم الخارجي، وهذا ما يُشكل متغيراً مثيراً للفضول intriguing variable. ليس التونسيون والجزائريون في حاجة لخطاب اوباما حتى يبدأوا احتجاجاتهم وإن كانوا اليوم يراقبون واشنطن بقلق لصدور أية علامة على الدعم. ربما كانت الوسيلة الفضلى حالياً لدعم الخارج هو أن يكون لها أثر في كبح جماح القمع العنيف الذي تمارسه الأنظمة الاستبدادية المتحالفة معها.. على الرغم من أنهم إذا شعروا بأن هذه الاحتجاجات تهدد وجودهم، عندئذ لن يستمعوا.. (بل ومن الوارد أن ينقلبوا ضدها لصالح الأنظمة العربية الاستبدادية)!
ممممممممممممممممممممممـ
Arab regimes on edge,Marc Lynch,uruknet.info, FP, January 12, 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حاكم المسلمين يجب أن يكون منهم
عبد الله بوفيم ( 2011 / 1 / 15 - 21:43 )
حالة تونس كانت حالة شادة بما تعنيه كلمة شادة من معنى, فقد حارب الطاغية التدين وأمعن في الهرولة أمام الغرب معطيا لهم نموذجا في حرب الاسلام والمسلمين
لغبائه وهو العسكري الذي ينظر للشعب نظرته للجنود, ظن أن الشعب ومن كونه رئيسا له يجب أن يطيعه طاعة عمياء كالتي اعتاد عليها في تعامله مع الجنود
العسكري لا يصلح أن يكون سياسيا لأنه سياسي قامع , إن الذي ألف أن يصطف له الجنود فيعطوه التحية, ويصدر لهم الأوامر والتعليمات فيقبلونها حتى وإن كانت حمقاء, ذلك لا يصلح رجل سياسة
زين العابدين بن علي هو من حرض شعبه عليه بمنعه كل مظاهر التدين, وإعلانه الحرب على الاسلام, ظن المسكين أنه سيسكت التدين في تونس وهو أنما دفعهم للعمل في السر حتى خرجوا عليه كالأسود, والشباب التونسي الذي كون لجانا لحماية الساكنة ينادي الله أكبر, وعليه فالحكومة المقبلة إن سعت بدورها لقمع التدين في تونس, فمؤكد أنها ستوسع مجال عمل القاعدة في المغرب الاسلامي وستعطي إسلامي تونس المبرر لحمل السلاح في وجهها
لا أظن أنه في المستقبل القريب سيهب شعب آخر ما لم يمعن حاكم الشعب في الهرولة أمام الغرب
تتمة اسفله


2 - تتمة
عبد الله بوفيم ( 2011 / 1 / 15 - 22:00 )
دور الدول العظمى في المستقبل سيكون سلبيا متفرجا محرضا بالسكوت, ومقتنصا للفرص. الغرب والصهيونية لا حرج لديها إن انقلب فلان على علان, أو شنقه أو طرده, المهم عندها هو أن لا يرجع الشعب المسلم إلى دينه ويتولى متدينوه أموره, لأن الأعداء عندها مدركون أنه سيقودهم إلى التنمية الحقيقية ويوحدهم ويشجعهم على العمل والتفاني في خدمة الوطن
قد يكون مستقبل الأنظمة العربية كالحا خاصة منها التي تسير عكس التيار وتمعن في حرب الشعوب وتفقيرها ودفعها نحو الحافة
حكام العالم العربي, أغلبهم مشغول عن الشعب بالتوافه, مشغول بتلقي التعليمات من الغرب ظانين أنهم محميون وأنهم سينالون رضى الغرب عنهم, والحال أنهم لا قيمة لهم في أعين الغرب, بل يحضى قادة المعارضة لدى الغرب بقيمة أجل وأعلى شأنا من قيمة الحكام, لأن الذي يبيع شعبه ودينه, لا يستحق التقدير
إن الذي لا يجد فيه اهله وذويه الخير, ويكون عاقا لوطنه ولدينه, ناهبا لأموال الفقراء واليتامى والأرامل, لا يستحق التقدير

اخر الافلام

.. الأونروا: ملاجئنا في رفح أصبحت فارغة ونحذر من نفاد الوقود


.. بعد قصة مذكرات الاعتقال بحق صحفيين روس.. مدفيديف يهدد جورج ك




.. زعيم المعارضة الإسرائلية يحذر نتنياهو: التراجع عن الصفقة حكم


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - مسؤول الأغذية العالمي في فلسطين:




.. تغطية خاصة | إعلام إسرائيلي: الحكومة وافقت على مقترح لوقف إط